في العامين الماضيين جربنا أن نتنبأ بالأحداث والتوجهات المقبلة في مجال الذكاء الاصطناعي. قد يكون هذا المسعى غير مجدٍ بالنظر إلى سرعة التطور التي تشهدها هذه الصناعة. لكننا توصلنا إلى بعض التنبؤات الصحيحة، ولهذا، قررنا أن نكرر المحاولة.
ما عدد التنبؤات التي أصبنا بها في المرة السابقة؟ تضمنت قائمتنا المؤلفة من 4 توجهات بارزة تستحق المتابعة في 2024 ما أسميناه "بوتات الدردشة المخصصة" (customized chatbots)، وهي تطبيقات مساعدة تفاعلية تعتمد على نماذج لغوية كبيرة متعددة الأوساط [ملاحظة: لم نكن نعلم ماهيتها بعد، لكننا كنا نتحدث عما يطلق عليه الجميع الآن اسم "المنظومات الوكيلة" (agents)، حيث تمثل هذه المنظومات حالياً أحد أبرز توجهات الذكاء الاصطناعي]، والفيديو التوليدي [ملاحظة: بضع تكنولوجيات تحسنت بسرعة كبيرة خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، حيث أطلقت شركة أوبن أيه آي نموذجها الرئيسي لتوليد الفيديو سورا (Sora) وأطلقت شركة جوجل ديب مايند نموذجها الرئيسي لتوليد الفيديو فيو (Veo)، بفارق أسبوع واحد فقط في شهر ديسمبر/كانون الأول المنصرم]، والمزيد من الروبوتات المتعددة الأغراض، التي تستطيع تنفيذ نطاق واسع من المهام [ملاحظة: المكاسب الناتجة عن النماذج اللغوية الكبيرة تواصل انتشارها إلى أجزاء أخرى من قطاع التكنولوجيا، خصوصاً الجزء المتعلق بالروبوتات].
ذكرنا أيضاً أن المعلومات الزائفة المتعلقة بالانتخابات والمُوَلّدة بالذكاء الاصطناعي ستنتشر في كل مكان، غير أننا أخطأنا في تقديرنا هذا لحسن الحظ. كان هناك هذا العام الكثير من الأشياء التي تدعو إلى القلق أو الاستياء، لكن المزيفات العميقة السياسية كانت ضعيفة الانتشار بين الجمهور.
جديد الذكاء الاصطناعي لعام 2025
إذاً، ما الذي سنشهده في 2025؟ سنتجاهل الأمور الواضحة هنا، فمن الممكن أن نثق بأن المنظومات الوكيلة والنماذج اللغوية الأصغر والأكثر فاعلية ستستمر في تشكيل ملامح هذه الصناعة. وبدلاً من ذلك، سنقدم 5 بدائل اختارها فريقنا المختص بالذكاء الاصطناعي.
1- مساحات اللعب الافتراضية التوليدية
إذا كان 2023 عام الصور التوليدية وكان 2024 عام الفيديو التوليدي، فما الذي سيحدث بعد ذلك؟ إذا كان تخمينك أن هذا العام سيكون عام العوالم الافتراضية التوليدية (المعروفة أيضاً باسم "ألعاب الفيديو") فأنت محق.
لقد رأينا لمحة من هذه التكنولوجيا في فبراير/شباط، عندما كشفت جوجل ديب مايند الستار عن نموذج توليدي يحمل اسم جيني (Genie) يمكنه تحويل صورة جامدة إلى لعبة منصات ثنائية الأبعاد بنمط التمرير الجانبي، ويمكن للاعبين التفاعل معها. في ديسمبر/كانون الأول، كشفت الشركة الستار عن جيني 2 (Genie 2)، النموذج الذي يستطيع تحويل صورة أولية إلى عالم افتراضي كامل.
تعمل شركات أخرى على بناء تكنولوجيات مماثلة. ففي أكتوبر/تشرين الأول، كشفت الشركتان الناشئتان المختصتان بالذكاء الاصطناعي ديكارت (Decart) وإتشد (Etched) عن إصدار معدّل وغير رسمي من لعبة ماينكرافت (Minecraft) حيث يجري توليد كل لقطة من اللعبة على نحو مباشر في أثناء اللعب. إضافة إلى أن شركة وورلد لابز (Word Labs) الناشئة التي شاركت في تأسيسها في في لي -التي أنشأت مجموعة البيانات الضخمة للصور إيماج نت (ImageNet) والتي أطلقت شرارة طفرة التعلم العميق- تعمل على بناء ما تسميه "نماذج العالم الكبيرة" (large world models)، أو "إل دبليو إم" (LWMs) اختصاراً.
اقرأ أيضاً: ما هي مجالات الذكاء الاصطناعي التي ستشهد تطوراً عام 2025؟
أحد التطبيقات الواضحة لهذه التكنولوجيات هي ألعاب الفيديو. حيث تتسم هذه التجارب المبكرة بطابع لعوب ومسلٍّ، ويمكن استخدام عمليات المحاكاة التوليدية الثلاثية الأبعاد لتجريب المفاهيم التصميمية للألعاب الجديدة، حيث يمكن تحويل رسم يدوي أولي إلى بيئة قابلة للعب على نحو آني. ويمكن أن يؤدي هذا إلى تصميم أنواع جديدة تماماً من الألعاب.
لكن يمكن استخدام هذه التكنولوجيات أيضاً لتدريب الروبوتات. وتسعى وورلد لابز إلى تطوير ما يسمى "الذكاء المكاني"، أي قدرة الآلات على تفسير العالم الحقيقي في حياتنا اليومية والتفاعل معه. لكن باحثي الروبوتات يفتقرون إلى البيانات الجيدة التي تعبر عن سيناريوهات العالم الحقيقي لاستخدامها في تدريب هذه التكنولوجيا. ويمكن تعويض هذا النقص من خلال تصميم عدد هائل من العوالم الافتراضية ووضع الروبوتات الافتراضية ضمنها حتى تتعلم بطريقة التجربة والخطأ.
ويل دوغلاس هيفن
2- النماذج اللغوية الكبيرة التي "تفكر"
كان الضجيج الإعلامي مبرراً. فعندما كشفت أوبن أيه آي الستار عن نموذج أو ون (o1) في سبتمبر/أيلول، طرحت منظوراً جديداً لعمل النماذج اللغوية الكبيرة. وبعد شهرين، عززت الشركة هذا المنظور بكل الطرق الممكنة تقريباً من خلال نموذج أو ثري (o3)، الذي يمكن أن يُحدث تغييراً جذرياً ودائماً في هذه التكنولوجيا.
إن معظم النماذج، بما فيها النموذج الرئيسي لأوبن أيه آي، جي بي تي 4 (GPT-4)، يقدم أول إجابة يتوصل إليها. أحياناً، تكون هذه الإجابة صحيحة، وأحياناً تكون خاطئة. لكن النماذج الجديدة التي طرحتها الشركة مدرَّبة على بناء إجاباتها خطوة تلو الأخرى، حيث تعمل على تفكيك المشاكل المعقدة إلى مجموعة من المشاكل البسيطة. وعندما تفشل طريقتها في التوصل إلى الحل، تجرب طريقة أخرى. تحمل هذه التقنية اسم "التفكير" (reasoning) (أجل، نعلم تماماً مدى ثقل هذا المصطلح)، وتستطيع أن تجعل هذه التكنولوجيا أدق، خصوصاً في مسائل الرياضيات والفيزياء والمنطق.
في ديسمبر/كانون الأول، كشفت جوجل ديب مايند الستار عن منظومة وكيلة تجريبية جديدة لتصفح الويب باسم مارينر (Mariner). وفي وسط عرض توضيحي نظمته الشركة لمجلة "إم آي تي تكنولوجي ريفيو" (MIT Technology Review)، بدا أن منظومة مارينر توقفت عن العمل. فقد طلبت مديرةٌ للمنتجات في الشركة، هي ميغا غويل، من مارينر أن تعثر لها على وصفة لحلويات عيد الميلاد على غرار الحلويات الموجودة في صورة عرضتها عليها. وجدت مارينر وصفة عبر الويب، وبدأت تضيف مكوناتها إلى سلة التسوق الإلكتروني الخاصة بغويل.
بعد ذلك، تلكأت مارينر، فلم تستطع تحديد نوع الطحين الذي يجب أن تختاره. وراقبت غويل ما يحدث فيما كانت مارينر تشرح خطواتها في نافذة دردشة، قائلة:"تقول المنظومة: سأستخدم زر التراجع إلى الخلف في المتصفح للعودة إلى الوصفة".
كانت لحظة مثيرة للدهشة. فبدلاً من الجمود، بادرت المنظومة الوكيلة إلى تقسيم المهمة إلى إجراءات منفصلة واختارت الإجراء الذي يمكن أن يحل المشكلة. قد يبدو اكتشاف ضرورة النقر على زر التراجع شيئاً بسيطاً، لكنه أقرب إلى إنجاز علمي خارق بالنسبة إلى بوت غير عاقل. وقد نجح في ذلك: فقد عادت مارينر إلى الوصفة، وتأكدت من نوع الطحين المطلوب، وواصلت إضافة المقادير إلى سلة التسوق الخاصة بغويل.
تعمل جوجل ديب مايند أيضاً على بناء نسخة تجريبية من جيميناي 2.0 (Gemini 2.0)، أحدث نماذجها اللغوية الكبيرة، بحيث تستخدم هذه الطريقة التي تعتمد على الخطوات المتتالية في حل المشكلات، وتحمل هذه النسخة اسم جيميناي 2.0 فلاش ثينكينغ (Gemini 2.0 Flash Thinking).
لكن أوبن أيه آي وجوجل لا تمثلان سوى غيض من فيض، حيث تعمل شركات عديدة على بناء نماذج لغوية كبيرة تستخدم تقنيات مشابهة، بحيث تصبح أفضل أداء في نطاق واسع من المهام، بدءاً من الطهو وانتهاء بالبرمجة. ومن المتوقع أن نشهد الكثير من الضجيج الإعلامي حول التفكير (أجل ما زلنا نعلم مدى ثقل هذا المصطلح) هذا العام.
ويل دوغلاس هيفن
اقرأ أيضاً: لماذا لم تصل هذه التكنولوجيات إلى قائمة أهم 10 إنجازات تكنولوجية لعام 2025؟
3- حان وقت طفرة الذكاء الاصطناعي في المجال العلمي
من أكثر استخدامات الذكاء الاصطناعي إثارة للحماس هو تسريع عملية الاكتشاف في العلوم الطبيعية. وقد يكون أكبر إثبات على القدرات الكامنة للذكاء الاصطناعي في هذا المجال هو ما حدث في أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، عندما قدمت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم جائزة نوبل في الكيمياء إلى ديميس هاسابيس وجون جمبر من جوجل ديب مايند لبنائهما أداة ألفافولد (AlphaFold)، التي تستطيع حل مسائل طي البروتين، وديفيد بيكر لبنائه أدوات تساعد على تصميم بروتينات جديدة.
نتوقع أن يستمر هذا التوجه في العام المقبل، وأن نشهد المزيد من مجموعات البيانات والنماذج المخصصة تحديداً للاكتشاف العلمي. كانت البروتينات هدفاً مثالياً للذكاء الاصطناعي، لأن هذا المجال يتميز بوجود مجموعات بيانات ممتازة يمكن استخدامها في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
أما المجال البارز الجديد فإن البحث عنه جارٍ. ويمثل علم المواد أحد الاحتمالات الممكنة. فقد نشرت شركة ميتا مجموعات بيانات ونماذج ضخمة يمكن أن تساعد العلماء على استخدام الذكاء الاصطناعي في اكتشاف مواد جديدة بسرعة أكبر بكثير. وفي ديسمبر/كانون الأول، أطلقت شركة هاغينغ فيس (Hugging Face) بالتعاون مع الشركة الناشئة إنتالبيك (Entalpic) مشروع لوماتيريال (LeMaterial)، وهو مشروع مفتوح المصدر يهدف إلى تبسيط الأبحاث في مجال المواد وتسريعها. يتمثل أول عمل لهما ضمن هذا المشروع في مجموعة بيانات تعتمد في بنائها على أشهر مجموعات البيانات الخاصة بالمواد بعد تجميعها وتنقيحها وتوحيد هيكليتها.
أيضاً، يحرص مصممو نماذج الذكاء الاصطناعي على الترويج لمنتجاتهم التوليدية بوصفها أدوات بحثية للعلماء. وسمحت أوبن أيه آي للعلماء باختبار أحدث نماذجها، "أو ون"، ودراسة إمكانية اعتمادهم عليه في الأبحاث. وقد كانت النتائج مشجعة.
إن امتلاك أداة ذكاء اصطناعي قادرة على العمل بأسلوب مشابه لعمل العلماء يمثل أحد الأحلام التي يطمح قطاع التكنولوجيا إلى تحقيقها. ففي بيان منشور في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، سلط مؤسس شركة أنثروبيك (Anthropic)، داريو أمودي، الضوء على العلوم، خصوصاً علم الأحياء، بصفته أحد المجالات الرئيسية التي يمكن أن تساعد أنظمة الذكاء الاصطناعي المتطورة على العمل فيها. ويتكهن أمودي بأن الذكاء الاصطناعي في المستقبل قد لا يكون مجرد طريقة لتحليل البيانات فحسب، بل قد يصبح "عالم أحياء افتراضياً يؤدي المهام التي يؤديها عالم الأحياء الحقيقي كلها".
ما زال أمامنا شوط طويل قبل أن يتحقق هذا السيناريو، لكننا قد نشهد في العام المقبل خطوات مهمة نحو تحقيقه.
ميليسا هيكيلا
4- تحسّن العلاقة بين شركات الذكاء الاصطناعي والأمن القومي
يمكن لشركات الذكاء الاصطناعي أن تحقق أرباحاً ضخمة من خلال السماح باستخدام أدواتها في مراقبة الحدود، وجمع المعلومات الاستخباراتية، وغيرها من المهام المتعلقة بالأمن القومي.
أطلق الجيش الأميركي عدداً من المبادرات التي تظهر حماسته لتبنّي الذكاء الاصطناعي، بدءاً ببرنامج ريبليكيتور (Replicator) -الذي يستلهم الحرب في أوكرانيا، ويعد بإنفاق مليار دولار على الطائرات المسيرة الصغيرة- وصولاً إلى خلية الذكاء الاصطناعي ذات القدرات السريعة (Artificial Intelligence Rapid Capabilities Cell)، وهي وحدة تستخدم الذكاء الاصطناعي في كل شيء، بدءاً من عمليات اتخاذ القرار المتعلقة بميدان المعركة، وصولاً إلى المسائل اللوجستية. تتعرض المؤسسات العسكرية الأوروبية للضغوط حتى تزيد استثماراتها التكنولوجية، نتيجة المخاوف من أن تعمد إدارة دونالد ترامب إلى تخفيف نفقاتها على أوكرانيا. إضافة إلى ذلك، فإن تصاعد التوتر بين تايوان والصين يمثل هاجساً يؤرق المخططين العسكريين بشدة.
في 2025، ستستمر هذه التوجهات التي تمثل أمراً إيجابياً للغاية بالنسبة إلى الشركات التكنولوجية الدفاعية، مثل بالانتير (Palantir) وأندوريل (Anduril) وغيرها، التي تستفيد حالياً من البيانات العسكرية السرية حتى تدرب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.
إضافة إلى ذلك، ستجد شركات التكنولوجيات الرئيسية للذكاء الاصطناعي نفسها منجذبة إلى الموارد المالية الضخمة التي توفرها الصناعة الدفاعية. فقد أعلنت أوبن أيه آي في ديسمبر/كانون الأول عن عقد شراكة مع شركة أندوريل في برنامج لإسقاط الطائرات المسيرة، مستكملة تحولاً دام عاماً كاملاً للابتعاد عن سياستها الرافضة للعمل مع المؤسسات العسكرية. وبذلك تنضم إلى صفوف شركات مايكروسوفت وأمازون وجوجل، التي عملت مع البنتاغون أعواماً عديدة.
أما بعض الشركات الأخرى المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي، التي تنفق المليارات على تدريب نماذج جديدة وتطويرها، فسوف تواجه المزيد من الضغوط في 2025 للتفكير جدياً في كيفية الحصول على العائدات. من المحتمل أن هذه الشركات ستجد ما يكفي من العملاء من خارج المجال الدفاعي ممن سيدفعون بسخاء للحصول على منظومات وكيلة تعتمد على الذكاء الاصطناعي قادرة على التعامل مع المهام المعقدة، أو صناعات إبداعية مستعدة لإنفاق الأموال على مولدات الصور والفيديو.
غير أنها ستميل بصورة متزايدة إلى الدخول في المنافسة للحصول على عقود مربحة من البنتاغون. ومن المتوقع أن نرى الشركات تدخل في صراع بشأن إذا ما كان العمل في المشاريع الدفاعية سيمثل تناقضاً مع قيمها. وقد كتبت أوبن أيه آي مبررة تغييرها موقفها بأن "الدول الديمقراطية يجب أن تستمر بتولي زمام المبادرة في تطوير الذكاء الاصطناعي"، معتبرة أن سماحها للمؤسسات العسكرية باستخدام نماذجها سيسهم في تحقيق هذا الهدف. وفي 2025، سوف نشهد شركات أخرى تحذو حذوها.
جيمس أودونل
اقرأ أيضاً: ما هي أبرز الإنجازات التكنولوجية لعام 2024؟
5- ظهور منافسة حقيقية لشركة إنفيديا
على مدى فترة طويلة من الطفرة الحالية التي يشهدها الذكاء الاصطناعي، قدم جينسين هوانغ نموذجاً يمكن للشركات الناشئة المختصة بالذكاء الاصطناعي التي ترغب في صنع نموذج ذكاء اصطناعي أن تحتذي به. بوصفه الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا (Nvidia)، التي تعد أعلى الشركات قيمة في العالم، فقد ساعد الشركة على أن تصبح الشركة الرائدة دون منازع في مجال الرقاقات المستخدمة في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وإعلام نموذج معين عندما يستخدمه أي شخص، في عملية معروفة باسم "الاستدلال" (inferencing).
غير أن هذا الوضع قد يتغير بسبب عدد من العوامل في 2025. فمن ناحية، استثمرت شركات منافسة عملاقة، مثل أمازون وبرودكوم (Broadcom) وأيه إم دي (AMD) وغيرها، مبالغ ضخمة في رقاقات جديدة، ومن ناحية أخرى، ثمة مؤشرات أولية تشير إلى أنها قد تدخل منافسة محمومة مع رقاقات إنفيديا، خصوصاً في مجال الاستدلال، حيث لا تزال ريادة إنفيديا عرضة للتهديد.
أيضاً، بدأ عدد متزايد من الشركات الناشئة ينافس إنفيديا من منظور مختلف. فبدلاً من محاولة تطبيق تحسينات طفيفة على تصاميم إنفيديا، بدأت شركات ناشئة مثل غروك (Groq) تراهن بدرجة أكبر على تصاميم جديدة بالكامل للرقاقات، والتي تعِد بتوفير تدريب أكثر كفاءة وفعالية للنماذج بمرور الوقت. في 2025، لن تتجاوز هذه التجارب مراحلها الأولية، لكن من المحتمل أن يتمكن أحد المنافسين البارزين من تغيير الفرضية التي تقول إن أفضل نماذج الذكاء الاصطناعي تعتمد حصرياً على رقاقات إنفيديا.
سوف تستمر حرب الرقائق الجيوسياسية في إشعال هذه المنافسة. وقد اعتمدت هذه الحرب، حتى الآن، على استراتيجيتين؛ فمن جهة، يسعى الغرب إلى تقييد صادرات الرقاقات المتطورة والتكنولوجيات اللازمة لتصنيعها إلى الصين. ومن جهة أخرى، ثمة جهود، مثل قانون الرقاقات الأميركي (US CHIPS Act)، تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي من أنصاف النواقل.
قد يعمد دونالد ترامب إلى تصعيد ضوابط التصدير هذه، فضلاً عن أنه وعد بفرض تعرفات جمركية باهظة على أي بضائع مستوردة من الصين. وفي 2025، يمكن أن تؤدي مثل هذه التعرفات الجمركية إلى وضع تايوان -التي تعتمد عليها الولايات المتحدة إلى درجة كبيرة بسبب شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة (TSMC) لتصنيع الرقاقات- وسط هذه الحرب التجارية. وذلك لأن تايوان قالت إنها ستساعد الشركات الصينية على الانتقال إلى أراضيها لتجنب التعرفات الجمركية المقترحة.
يمكن لهذا أن يدفع ترامب إلى إطلاق المزيد من الانتقادات، حيث عبر سابقاً عن إحباطه بسبب التكاليف التي تتكبدها الولايات المتحدة للدفاع عن تايوان في وجه الصين.
من الصعب التكهن بالمحصلة النهائية لهذه العوامل، لكنها ستشجع شركات تصنيع الرقاقات على تخفيض اعتمادها على تايوان دون شك، وهو الغرض النهائي من قانون الرقاقات. فمع بدء صرف النفقات المخصصة لهذا القانون، قد يقدم العام المقبل الدلائل الأولى على تأثيره العملي في تعزيز الإنتاج المحلي للرقاقات.
جيمس أودونل