كم ساعة نمت ليلة أمس؟ إذا كان جوابك: "أقل من 6 ساعات" أو أعطيت جواباً يحدّد بالدقيقة كمية نومك، فهذا المقال لك.
"النوم سلطان"، لعلنا نلمس صحة هذه المقولة اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى؛ إذ غدت التكنولوجيا الحديثة تقضّ مضاجعنا وتغزو غرف السلطان خلسة سارقة وقته الثمين. لحسن الحظ، التكنولوجيا نفسها، أو أنواع مختلفة منها، قد تكون حليفنا في استعادة عرش النوم. سنستعرض في هذا المقال أبرز تقنيات تحسين النوم ونستكشف أحدث الدراسات وآراء الخبراء عن مدى فاعليتها.
اقرأ أيضاً: السماعات المانعة للضوضاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي تنتقي الأصوات التي يُسمح بمرورها
ما هي تكنولوجيا النوم؟ وما هي أبرز الأدوات المتوفرة اليوم؟
تشمل تكنولوجيا النوم مجموعة واسعة من الأجهزة والتطبيقات والأدوات المصممة لمراقبة جودة النوم وتحسينها. تجمع هذه التقنيات البيانات حول مواعيد النوم والاستيقاظ، ومدة النوم الكلية، وبعضها يرصد جودة النوم؛ أي مدة مرحلة النوم العميق، ومعدل ضربات القلب، ومستوى الأوكسجين في الدم، وأنماط التنفس.
ويمكن تصنيف تكنولوجيا النوم إلى 3 مجموعات متمايزة:
1- الأجهزة القابلة للارتداء (Wearables): هي أجهزة يرتديها المستخدم بهدف تتبع النوم باستخدام مستشعرات الحركة والمستشعرات الضوئية، مثل: خاتم أورا، وسوار ووب، اللذين وصفتهما نيويورك تايمز بأنهما أفضل جهازين لتتبع النوم في 2024، بالإضافة إلى سوار فيتبيت (Fitbit) وساعة آبل (Apple Watch).
2- الأجهزة القريبة من الجسم (Nearables): هي أجهزة توضع بالقرب من الجسم دون تماس مباشر معه، مزودة برادارات أو مستشعرات وزن لرصد الحركة في أثناء النوم. أمثلة عليها: فراش إيت سليب (Eight Sleep)، وفراش ويذنجز، ومصابيح فيليبس هو (Philips Hue)، وجهاز أمازون هالو رايز (Amazon Halo Rise).
3- الأجهزة المحيطية (Airables): تعتمد على الهواتف الذكية لتحليل النوم بالاعتماد على الميكروفون أو مستشعرات الحركة الموجودة في الهواتف. أمثلة عليها، تطبيق بيلو Pillow لأجهزة آبل، وتطبيق كالم Calm لمراقبة النوم وتخفيف التوتر، وتطبيق سليب سايكل SleepCycle، وتطبيق سليب روتين SleepRoutine (رابط التحميل لأجهزة أندرويد، رابط التحميل لأجهزة آي أو إس).
اقرأ أيضاً: 6 تطبيقات تساعدك على النوم الهادئ ليلاً
كيف تعمل أجهزة تتبع النوم؟
تعتمد أجهزة تتبع النوم المذكورة أعلاه على مجموعة من المستشعرات التي تجمع بيانات فيزيولوجية في أثناء النوم. تُحلل هذه البيانات باستخدام خوارزميات مدمجة لتقديم تقييمات حول مدة النوم وجودته ومراحله المختلفة. إليك بعض التقنيات التي تستخدمها هذه الأجهزة:
1. مستشعرات الحركة (Accelerometer): تعتمد أجهزة تتبع النوم على مستشعرات الحركة لرصد النشاط الجسدي في أثناء النوم. يمكن لهذه المستشعرات اكتشاف حركات الجسم الكبيرة التي تحدث في أثناء التقلب أو الاستيقاظ، بينما تشير فترات السكون الطويلة إلى النوم العميق. بناءً على هذه البيانات، يمكن للجهاز تحديد متى بدأ الشخص بالنوم ومتى استيقظ، بالإضافة إلى تقديم تقديرات عن مدى اضطراب النوم خلال الليل.
2. المستشعرات الضوئية الحجمية (Photoplethysmography): تقيس معدل ضربات القلب وتغيراته في أثناء النوم، حيث تنخفض ضربات القلب بشكلٍ ملحوظ في أثناء النوم العميق بسبب استرخاء الجسم، بينما ترتفع قليلاً في أثناء نوم حركة العين السريعة (REM) بسبب زيادة نشاط الدماغ. وتساعد هذه التغيرات على التمييز بين مراحل النوم المختلفة.
3. مستشعرات قياس مستويات الأوكسجين في الدم (SpO2): تأتي بعض أجهزة تتبع النوم مزودة بمستشعرات لتحديد مستويات الأوكسجين في الدم كجزء من تحليل جودة النوم. يُعدّ هذا القياس مهماً للكشف عن أي اضطرابات تنفسية قد تحدث في أثناء النوم، مثل انقطاع النفس النومي، حيث يؤدي انخفاض مستويات الأوكسجين إلى تعطيل النوم واستيقاظ الشخص.
4. تحليل البيانات باستخدام خوارزميات مدمجة: تجمع أجهزة تتبع النوم البيانات من مستشعراتها المختلفة، مثل الحركة ومعدل ضربات القلب ومستويات الأوكسجين وأنماط التنفس وأحياناً الأصوات مثل صوت الشخير، ثم تمريرها إلى خوارزميات لتحليلها. تعتمد هذه الخوارزميات على أنماط الحركة ونبضات القلب لتصنيف فترات النوم إلى مراحل مختلفة، مثل النوم الخفيف، والنوم العميق، ونوم حركة العين السريعة (REM). تقدّم الأجهزة في النهاية تقارير شاملة تتضمن إجمالي وقت النوم، وجودة النوم، وعدد مرات الاستيقاظ.
5. تسجيل أنماط السلوك: تسجّل بعض أجهزة تتبع النوم سلوكيات النوم مثل عدد مرات التقلب في الفراش والوقت المستغرق للدخول في النوم ووقت الاستيقاظ؛ وبالتالي تتمكن من تقديم رؤى شاملة حول عادات النوم اليومية، ما يُتيح للمستخدم تحديد التغيرات التي يحتاج إلى إجرائها لتحسين جودة نومه.
هل فوائد تكنولوجيا النوم مثبتة علمياً؟
هناك مجموعة من الأبحاث التي درست تأثير هذه التكنولوجيا وما إذا كانت مفيدة حقاً في تحسين جودة النوم. على سبيل المثال، توصل مسح شامل أجراه باحثون من جامعة كاليفورنيا ومنشور عام 2024 في دورية "تقارير طب النوم"، إلى أن عدة دراسات أثبتت أن الأجهزة القابلة للارتداء حققت أداءً مماثلاً أو أفضل من أجهزة أكتيجرافي، وهي سوار طبي مخصص يتم ارتداؤه حول المعصم تحت إشراف طبيب لتشخيص حالات مثل الأرق وأمراض أخرى مرتبطة بالنوم.
في دراسة أخرى، أجراها باحثون من عدة جامعات في كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، ونُشرت عام 2023 في مجلة أبحاث الإنترنت الطبية، قُيِّمت 11 من تقنيات تتبع النوم من الفئات الثلاث: القابلة للارتداء والقريبة من الجسم والمحيطية. واختُبِرت الأجهزة على 75 مشاركاً في مركزين طبيين في كوريا الجنوبية. توصلت الدراسة إلى أن بعض أجهزة تتبع النوم أظهرت توافقاً كبيراً مع تخطيط النوم السريري، ما يشير إلى إمكانية استخدامها في مراقبة النوم وتحليله، كما أظهرت نتائج الدراسة أن أجهزة: ساعة بيكسل من جوجل وساعة جالاكسي من سامسونج، وسوار فيتبيت حققت أداءً جيداً ضمن فئة الأجهزة القابلة للارتداء، خاصة في تتبع مراحل النوم بدقة ملحوظة. وفي فئة الأجهزة القريبة من الجسم، برز جهاز أمازون هالو رايز (Amazon Halo Rise) أحد أفضل الخيارات من حيث دقة مراقبة أنماط النوم وتحليلها. أمّا في فئة الأجهزة المحيطية، فقد تميز تطبيق سليب روتين (SleepRoutine) بأدائه في مراقبة مراحل الاستيقاظ ونوم حركة العين السريعة.
نشر باحثون من المعهد الفيدرالي للتكنولوجيا في زيوريخ بسويسرا دراسة في مجلة الطب الرقمي عام 2024، وجدوا فيها أن الأجهزة التي تعتمد فقط على مستشعرات الحركة كانت فعّالة في تحديد حالتي النوم والاستيقاظ، أمّا الأجهزة التي تجمع بين مستشعرات الحركة ومخطط التحجم الضوئي (PPG) فقد كانت أكثر دقة في تمييز مراحل النوم المختلفة (النوم العميق، النوم الخفيف، ونوم حركة العين السريعة).
أظهرت دراسة أخرى أجراها باحثون من معهد ماساتشوستس أمهيرست ونُشرت عام 2024 في مجلة سينسرز، أن معظم الأجهزة الحديثة من الفئات القابلة للارتداء والقريبة من الجسم كانت قادرة على تقدير إجمالي وقت النوم بدقة ضمن المستويات المقبولة سريرياً. ومع ذلك، وعلى الرغم من انتشار هذه الأجهزة وإمكاناتها الواعدة، فإن 5% فقط من تقنيات تتبع النوم التجارية قد خضعت لدراسة وتقييم علمي شامل.
اقرأ أيضاً: كيف يعمل الذكاء الاصطناعي الشخصي الذي تنوي آبل إطلاقه؟
إيجابيات تكنولوجيا النوم وسلبياتها
تؤكد الدراسات كلّها أهمية إدارة الصحة الشخصية للنوم، ما يمكّن الأفراد من اتخاذ قرارات مستنيرة لمراقبة جودة نومهم وتحسينها، كما تشدد على ضرورة فهم خصائص أجهزة تتبع النوم وحدود أدائها قبل استخدامها.
ويمكن تلخيص أهم إيجابيات هذه التكنولوجيا بما يلي:
- تتبع دقيق لمدة النوم: توفّر معلومات دقيقة نسبياً حول وقت الخلود للنوم ووقت الاستيقاظ وحساب مدة النوم.
- تتبع لأنماط النوم: توفّر بعض الأجهزة القدرة على مراقبة مراحل النوم العميق والخفيف.
- تحفيز الالتزام بعادات نوم سليمة: تقدّم بعض التطبيقات المرتبطة بأجهزة تتبع النوم تذكيرات مستمرة ونصائح مخصصة بناءً على البيانات التي تُجمع.
في الوقت نفسه، يجب أن تكون مدركاً لبعض السلبيات المرتبطة بها مثل:
- الاعتماد المفرط: قد يتحول الجهاز إلى مصدر قلق بدلاً من أداة مساعدة.
- نتائج غير دقيقة أحياناً: ليست الأجهزة كلّها دقيقة بنسبة 100%.
- التكلفة العالية: بعض الأجهزة المتقدمة قد تكون باهظة الثمن.
لتحقيق أقصى استفادة من تكنولوجيا النوم، من المهم اتباع بعض الممارسات الفعّالة. على سبيل المثال، يُفضل تجنب استخدام الهاتف مباشرة قبل النوم، حتى عند الاعتماد على تطبيقات النوم، حيث قد يؤثّر الضوء الأزرق المنبعث من الشاشة في جودة النوم، كما يجب اختيار جهاز يتوافق مع احتياجاتك ويتميز بالخصائص التي تبحث عنها لتلبية متطلباتك الخاصة. ومع ذلك، ينبغي ألّا تكون التكنولوجيا بديلاً عن العادات الصحية الأساسية، بل أداة مساعدة لتعزيزها. وفي حال استمرت مشكلات النوم رغم استخدام هذه الأدوات، فمن الضروري استشارة مختص للحصول على تقييم شامل وخطة علاجية مناسبة.