في عصرنا الرقمي المتسارع، أصبح التسويق عبر الهاتف المحمول أحد الأعمدة الأساسية للوصول إلى المستهلكين. ومع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، شهد هذا المجال تحولاً جذرياً في أساليبه واستراتيجياته. إذ يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي توليد محتوى جديد، مثل النصوص والصور والفيديوهات بناءً على البيانات المدخلة. في مجال التسويق عبر الهاتف المحمول، يساعد الذكاء الاصطناعي التوليدي الشركات على توليد نصوص وصور وفيديوهات لإعلانات مخصصة بناءً على اهتمامات المستخدم.
تُعدّ أدوات مثل تشات جي بي تي (ChatGPT) من أبرز الأمثلة على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تولّد النصوص، حيث يمكن استخدامه في كتابة المقالات والأوصاف وحتى الرد على استفسارات المستخدمين. أمّا ميدجورني (MidJourney)، فهي أداة لتوليد الصور بناءً على وصف المستخدم، وقد أحدثت ثورة في مجال التصميم والإبداع.
اقرأ أيضاً: 10 تطبيقات للذكاء الاصطناعي في مجال التسويق الرقمي
استخدامات الذكاء الاصطناعي في التسويق عبر الهاتف المحمول
استخدامات الذكاء الاصطناعي في التسويق عبر الهاتف المحمول متعددة وتسهم في تحسين استراتيجيات الشركات للوصول إلى العملاء وتقديم تجربة أفضل لهم. ومن أبرز هذه الاستخدامات:
1. إنشاء نصوص تسويقية جذابة
يمكن استخدام الأدوات مثل تشات جي بي تي (ChatGPT) ومايكروسوف كوبايلوت (Microsoft CoPilot) وجوجل جيميناي (Google Gemini) لإنشاء نصوص مخصصة لكل شريحة من الجمهور. إذ يمكن مطالبتها بكتابة نصوص إعلانية تراعي لهجة المستخدمين واهتماماتهم.
مثال عملي:
نحن علامة تجارية رياضية نرغب في الترويج لأحذية الجري. اكتب نصاً تسويقياً لنشره على وسائل التواصل الاجتماعي، يجب أن يكون النص مخصصاً للعملاء في منطقة الخليج العربي.
اقرأ أيضاً: كيف يُحدِث الذكاء الاصطناعي ثورة في صناعة الإعلان؟
2. تصميم صور وفيديوهات جذابة
تصميم الصور والفيديوهات الإبداعية هو حجر الأساس لجذب انتباه المستخدمين إلى إعلانات الهاتف المحمول، خاصة مع شاشات الهواتف الصغيرة التي تتطلب محتوى بصرياً مميزاً وسريع التأثير. باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، يمكن توليد هذا النوع من المحتوى بسهولة. إليكم مثالاً عملياً:
اختيار الألوان والتصميمات المناسبة للجمهور المستهدف
يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي اقتراح أفكار بناءً على البيانات المدخلة، مع إمكانية تحديد الألوان والتصميمات التي تتناسب مع ذوق الجمهور المستهدف وسلوكه.
مثال عملي:
نحن علامة تجارية نروّج لمنتجات العناية بالشعر للنساء، صمم إعلاناً تظهر فيه امرأة حقيقية ويعكس صحة وجمال الشعر.
تصميم صور مخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي
يمكن لأدوات مثل ميدجورني (MidJourney) ودال-إي (DALL·E) إنشاء صور إبداعية من وصف نصي. يمكن ضبط الصور لتتناسب مع أبعاد شاشات الهواتف المحمولة ومراعاة وضوح النصوص والعناصر البصرية.
مثال عملي:
نحن شركة سياحة ترغب في الترويج لوجهة شاطئية. ولّد صورة لشروق الشمس على شاطئ استوائي مع كوخ خشبي ومياه زرقاء صافية، يجب أن تكون العناصر البصرية في الصورة واضحة.
إنشاء فيديوهات قصيرة
يمكن لأدوات مثل رنواي (Runway) وسورا (Sora) إنشاء مقاطع فيديو قصيرة مخصصة للهاتف المحمول. تستطيع هذه الأدوات إضافة النصوص والتأثيرات المرئية والصوتية لضمان جذب الانتباه في الثواني الأولى.
مثال عملي:
نحن شركة رياضية تروّج لأحذية الجري، أنشئ فيديو يظهر عدّاءً يجري في مدينة، يجب أن يكون الفيديو عمودياً ويملأ شاشة الهاتف المحمول، على غرار فيديوهات ريلز وتيك توك.
اقرأ أيضاً: 4 شركات ناشئة تستخدم الذكاء الاصطناعي في التسويق الرقمي
3. تحسين دقة الصور والفيديوهات بالذكاء الاصطناعي
يُعتبر تحسين دقة الصور والفيديوهات بالذكاء الاصطناعي ثورة في مجال التصميم، حيث يمكن تحويل الصور والفيديوهات منخفضة الجودة إلى عالية الدقة.
ويمكن لأدوات مثل ريميني أيه آي (Remini AI) تحويل الصورة بدقة 480p إلى دقة 4K مع الحفاظ على التفاصيل كافة، هذا يجعلها مثالية للاستخدام في الحملات الإعلانية عبر الهاتف المحمول.
4. تحسين خدمة العملاء
أحدث الذكاء الاصطناعي التوليدي ثورة في تجربة خدمة العملاء في مجال التسويق عبر الهاتف المحمول. يمكن استخدام تقنيات مثل بوتات الدردشة (Chatbots) لتقديم استجابة فورية وفعّالة للعملاء على مدار الساعة. ويمكن لهذه الأنظمة تحليل استفسارات العملاء وتقديم إجابات دقيقة وسريعة لهم، ما يقلّل الحاجة إلى التدخل البشري ويسهم في تحسين الخدمة، كما أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تخصيص التفاعل بناءً على تفضيلات العميل، وهذا يعزّز الولاء ويسهم في تحسين العلاقات التجارية بشكلٍ عام.
تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في التسويق عبر الهاتف المحمول
مع الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي التوليدي، تُثار تساؤلات حول قضايا عديدة، أبرزها خصوصية المستخدمين؛ إذ يمكن أن تؤدي عملية جمع البيانات الشخصية وتحليلها إلى مخاطر، مثل استغلال المعلومات الحساسة أو مشاركتها دون موافقة المستخدم.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء محتوى مضلل، مثل مقاطع فيديو مزيفة أو صور تبدو واقعية، ما يضعف الثقة في العلامات التجارية ويعرّضها لمخاطر قانونية.
وبما أن الذكاء الاصطناعي يعتمد بشكلٍ كبير على جودة البيانات المدخلة، فإن البيانات غير الدقيقة أو المتحيزة ستعطينا نتائج غير موثوقة، وهذا سيؤدي إلى حملات تسويقية غير فعّالة أو مضللة.
اقرأ أيضاً: كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في نمو التجارة الإلكترونية؟
أهمية دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي مع الإبداع البشري
رغم القدرات الهائلة للذكاء الاصطناعي التوليدي في إنشاء محتوى جديد، فإن الاعتماد المفرط عليه يعتبر خطيراً وغير فعّال؛ فهو يقلّل الطابع الإنساني والإبداع الفريد الذي يُميّز العلامات التجارية. لذلك، ينبغي للشركات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي كأداة مساعدة تعزّز الأفكار الإبداعية وتحسّنها بدلاً من أن تحل محلها. فالبشر يمكنهم إضافة لمسة شخصية وتحليل السياق الذي لا يستطيع الذكاء الاصطناعي فهمه بالكامل.