تعرّف إلى المبتكرتين وفاء رمضان وميرنا غمراوي وابتكاراتهما في مجال التكنولوجيا الحيوية والطب

5 دقيقة
تعرّف إلى المبتكرتين وفاء رمضان وميرنا غمراوي وابتكاراتهما في مجال التكنولوجيا الحيوية والطب
حقوق الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية. تصميم: عبدالله بليد.

بعد أشهر من انطلاق المنافسة بين عددٍ كبيرٍ من المرشحين لجائزة "مبتكرون دون 35" للشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا) بنسختها السابعة، توِّجت المنافسة بالإعلان عن أسماء الفائزين بهذه الجائزة التي تقدّمها إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية، إحدى منصات مجرة. ومن الفائزين وفاء رمضان وميرنا غمراوي، لنتعرف إليهما في هذا المقال.

1- وفاء رمضان من فلسطين وابتكارها لتعزيز الاستجابة البيولوجية لعلاج سرطان الثدي

نالت وفاء رمضان جائزة "مبتكرون دون 35" من إم آي تكنولوجي ريفيو لعام 2024، وهي حالياً تعمل باحثة مشاركة في مرحلة ما بعد الدكتوراة في معهد البحوث للعلوم الطبية والصحية بجامعة الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، وقد نالت درجة الدكتوراة في الطب الجزيئي والبحث الانتقالي عام 2021، ودرجة الماجستير في التخصص نفسه عام 2017، ودرجة البكالوريوس في التكنولوجيا الحيوية عام 2014.

عملت وفاء بعد حصولها على درجة الماجستير مساعدة بحثية في مجموعة تصميم الأدوية واكتشافها، مع التركيز على استكشاف عوامل جديدة مضادة للسرطان، ولديها العديد من الجوائز من ضمنها جائزة لوريال اليونسكو للمرأة في العلوم للشرق الأوسط لعام 2019، وجائزة الملك حسين للباحثين الشباب لعام 2021، كما حصلت على جائزة أفضل ملصق في مؤتمر ESMO Targeted Anticancer Therapy 2023.

لدى وفاء أكثر من 30 مقالاً نُشرت في مجلات محكمة وعرضت نتائجها في العديد من المؤتمرات الدولية. علاوة على ذلك، أكملت وفاء العديد من الزمالات في المركز الطبي الجامعي في هامبورغ-إيبندورف، ألمانيا، وتُركّز أبحاثها حالياً على الآليات الجينية في بيولوجيا السرطان ودور هذه الآليات في مقاومة علاجات السرطان.

وتأتي فكرة ابتكارها الفائز بجائزة مبتكرون دون 35 من واقع تجربة شخصية بعد خسارتها ثلاثة من أفراد عائلتها نتيجة لهذا المرض بمن في ذلك والدها، ما جعلها ترغب أكثر في فهم مرض السرطان على مستوى أعمق واستكشاف كيفية تأثير التغيرات الجينية في فاعلية العلاج، بهدف تطوير علاجات مخصصة لتحسين حياة المرضى.

وينطوي ابتكارها الفائز بجائزة مبتكرون دون 35 لعام 2024 على تعزيز استجابة العلاج الكيميائي في سرطان الثدي، من خلال تسخير إمكانات التعديل الجيني وتحديداً بروتين (CREB-Binding Protein، اختصاراً سي بي بى CBP) الذي يساعد خلايا سرطان الثدي على البقاء على قيد الحياة تحت العلاج الكيميائي، من خلال تسهيل إصلاح تلف الحمض النووي من خلال أستلة بروتينات الإصلاح ومن ثَمَّ تعزيز تنشيطها، ما يسمح للخلايا السرطانية بمقاومة العلاج والتكيُّف مع تلف الحمض النووي.

ومن خلال أبحاثها التي تعمل على تثبيط CBP، تهدف وفاء إلى تعطيل مسار الإصلاح هذا، ما يجعل الخلايا السرطانية أكثر عرضة للتلف الناجم عن العلاج الكيميائي. هذه الاستراتيجية لا تعمل على تعزيز فاعلية العلاج الكيميائي فحسب، بل تقلل أيضاً الجرعة المطلوبة، ما يقلل الآثار الجانبية الضارة. بالإضافة إلى ذلك، من خلال استخدام مستويات التعبير عن CBP كعلامة حيوية، يمكن تخصيص العلاجات بناءً على الملف الشخصي الفريد لكل مريض، ما يؤدي في النهاية إلى تحسين نتائج العلاج ونوعية الحياة.

وما يجعل بحثها فريداً من نوعه هو قدرته على الجمع بين التعديل الجيني والعلاج الكيميائي لإنشاء استراتيجية علاجية أكثر دقة وقابلية للتكيُّف. على سبيل المثال، من خلال استهداف CBP يمكن التأثير في استجابة الخلايا السرطانية للعلاج دون تغيير تركيبتها الجينية بشكلٍ دائم.

هذا النهج الجديد من شأنه أن يقدّم حلاً مرناً وقابلاً للعكس، وهو ما يتناقض مع العلاجات القائمة على الجينات التي قد يكون لها تأثيرات طويلة الأمد وغير قابلة للعكس. بالإضافة إلى ذلك، فإن القدرة على تعديل التعبير عن CBP مؤقتاً يمكن أن تعزّز فاعلية العلاج الكيميائي، وتقلّل الآثار الجانبية، وتمهّد الطريق لخيارات علاج أكثر ديناميكية وشخصية تتكيف مع احتياجات المريض المتغيرة بمرور الوقت.

علاوة على ذلك، يمكن توسيع نطاق العلاجات المستهدفة لـ CBP من خلال استكشاف تطبيقها في مجموعة أوسع من أنواع السرطانات بخلاف سرطان الثدي، وخاصة في تلك التي تعاني مقاومة عالية للعلاج الكيميائي، مثل سرطان المبيض والرئة والبنكرياس، كما أن فهم دور CBP في تنظيم بيئات الورم والاستجابة المناعية يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة لتحسين نتائج العلاج المناعي، ما قد يؤدي في النهاية إلى علاجات أكثر تخصيصاً وأقل سمية للسرطان مع إمكانية تحسين معدلات البقاء على قيد الحياة ونوعية الحياة لمجموعة أكبر من المرضى.

وتهدف وفاء مستقبلاً إلى إجراء المزيد من الأبحاث للتحقيق في دور تثبيط CBP في التغلب على مقاومة العلاج الكيميائي، مع التركيز على التآزر المحتمل مع علاجات السرطان الحالية، كما تهدف أيضاً إلى توسيع نطاق بحثها ليشمل أنواعاً أخرى من السرطان، مثل سرطان المبيض وسرطان الرئة. علاوة على ذلك، من خلال التعاون مع شركات الأدوية تأمل في تطوير مثبطات CBP المستهدفة وأدوات التشخيص لتحديد المرضى الذين قد يستفيدون أكثر من هذا العلاج.

اقرأ أيضاً: إعلان قائمة الفائزين بجائزة «مبتكرون دون 35» لعام 2024

2- ميرنا غمراوي من لبنان وابتكارها المساعد للتحقيقات الجنائية

تعمل ميرنا غمراوي الفائزة بجائزة مبتكرون دون 35 من إم آي تكنولوجي ريفيو لعام 2024 مديرة لقسم الأحياء في مركز أبحاث وتعليم علوم الطب الشرعي ومديرة برنامج الماجستير في علم الأحياء الشرعي في جامعة توماس جيفرسون (CFSRE) في بنسلفانيا، الولايات المتحدة الأميركية، وقد حصلت على درجة الدكتوراة في الكيمياء الحيوية من جامعة فلوريدا الدولية عام 2022، ودرجة الماجستير في علوم الطب الشرعي من جامعة بيردو ودرجة بكالوريوس العلوم في علوم المختبرات الطبية من جامعة هايجازيان.

خلال مسيرتها العلمية والعملية حصلت ميرنا على العديد من الجوائز من ضمنها جائزة الانتصارات الحقيقية (Real Triumphs award) من جامعة فلوريدا الدولية، وأسهمت في إصدار العدد الخاص من دورية علماء شباب وملهمون (Young and Inspiring Scientists) التي تصدرها مجلة إليكتروفوريسيس (Electrophoresis)، كما حصلت على منحة فولبرايت المرموقة.

ميرنا متخصصة في علم الوراثة الشرعي وعلم الوراثة فوق الجينية، وتُركّز أبحاثها على تطوير منهجيات الطب الشرعي المبتكرة، بما في ذلك اختبارات التسلسل البايرو لتحديد الأنواع، والتحليل فوق الجيني لسوائل الجسم، ودراسة ميكروبيوم الأعضاء التناسلية في تحقيقات الاعتداء الجنسي، وقد عُرض عملها في مؤتمرات رئيسية مثل الجمعية الدولية لعلم الوراثة الشرعي (ISFG) والأكاديمية الأمريكية للعلوم الجنائية (AAFS) ونشرت في مجلات تمت مراجعتها من قِبل الأقران.

جاءت فكرة ابتكارها بعد مشاهدتها التحديات في التحقيقات الجنائية، حيث غالباً ما تفشل الأساليب التقليدية في تقديم أدلة قاطعة، لذلك جمعت بين خبرتها في التكنولوجيا الحيوية والعلوم الجنائية لتطوير نهج مبتكر يعتمد على التسلسل الذي يجمع بين العلامات الجينية والوراثية لإحداث تحول جذري في تحليل الأدلة البيولوجية الجنائية.

ويتمحور ابتكارها في تطوير حل جزيئي للتسلسل المتزامن للعلامات الجينية والوراثية ذات الصلة بالطب الشرعي. يستفيد هذا النهج من تقنيات التسلسل المتوازية بشكلٍ كبير ضمن سير عمل واحد وتحويل إنزيمي، ما يعزّز دقة تحليل الأدلة البيولوجية في قضايا الطب الشرعي المعقدة، فمن خلال تسلسل تكرارات مترادفة قصيرة جنباً إلى جنب مع علامات مثيلة الحمض النووي، فإنه يسمح بالتعرف إلى الأفراد وتحديد سوائل الجسم والتنبؤ بالعمر من عينة واحدة.

هذا النهج الفريد من نوعه من شأنه أن يقلّل استهلاك العينة ووقت المعالجة، ما يحسّن الكفاءة في التحقيقات الجنائية ومن ثَمَّ توفير أداة متقدمة وموثوقة لمختبرات الجرائم لإجراء تحليل جنائي أدق وفي الوقت المناسب.

الجدير بالذكر أن هذا الابتكار يمكن توسيعه ليشمل حل العديد من القضايا المعقدة مثل تحليل النمط الظاهري، وتحديد القرابة، والتحقق من الهوية، ما سيعمل على زيادة تنوع وقوة الابتكار لمجموعة أوسع من التطبيقات الجنائية، كما يمكن أيضا تبنّي الابتكار بشكلٍ أكبر في مختبرات الجرائم من خلال نقل التكنولوجيا وبرامج التدريب المتخصصة.

بالإضافة إلى ذلك، من خلال التعاون مع شركات التكنولوجيا الحيوية، يمكن أن تطوّر مجموعات تجارية مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات مختبرات الطب الشرعي، بما في ذلك الاختبارات المعقولة التكلفة والقابلة للتطوير للمختبرات الأصغر حجماً. علاوة على ذلك، يمكن تكييف الابتكار للاستخدام في مجالات أخرى مثل تحديد هوية الإنسان في أحداث الإصابات الجماعية، أو حالات الأشخاص المفقودين، أو تحقيقات الاتجار بالبشر.

وتهدف ميرنا مستقبلاً إلى إجراء من الأبحاث للتحقق من صحة ابتكارها للاستخدام الروتيني في مختبرات الجرائم مع توسيع تطبيقاتها في تخصصات الطب الشرعي الأخرى، مثل تحديد هوية ضحايا الكوارث، كما تخطط لإنشاء برامج تدريبية متعددة التخصصات لتزويد علماء الطب الشرعي بالمهارات اللازمة لتطبيق هذه التقنيات.

وعلى المدى الطويل تهدف ميرنا إلى عقد شراكات مع وكالات الطب الشرعي العالمية لتوحيد استخدام الأساليب القائمة على التسلسل وضمان إمكانية الوصول إليها في المناطق التي تعاني نقص الموارد، بالإضافة إلى ذلك تخطط لاستكشاف دمج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي مع بيانات التسلسل لأتمتة وتعزيز تفسير الأدلة الجنائية.

المحتوى محمي