بعد أشهر من انطلاق المنافسة بين عددٍ كبيرٍ من المرشحين لجائزة "مبتكرون دون 35" للشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا) بنسختها السابعة، توِّجت المنافسة بالإعلان عن أسماء الفائزين بهذه الجائزة التي تقدّمها إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية، إحدى منصات مجرة.
قدّم الفائزون ابتكارات في مجالات مختلفة، منها التكنولوجيا الحيوية. وفي هذا المقال سنتعرف إلى ثلاثة من الفائزين بالجائزة في مجال التكنولوجيا الحيوية:
1- باسم الشايب مصر: من ابتكاراته أنظمة كريسبر فائقة الصغر
باسم الشايب أحد الفائزين بجائزة مبتكرون دون 35 من آم آي تي تكنولوجي ريفيو لعام 2024، يحمل درجة الدكتوراة من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وهو أحد مؤسسي شركة التكنولوجيا الحيوية آمبر بيو (Amber Bio) التي تعمل في مجال طرق تحرير الجينات الجديدة باستخدام تعديلات متعددة الكيلوباس (kilobase)، للوصول إلى مجموعات المرضى التي لم يكن من الممكن علاجها من قبل.
في أثناء دراسته للحصول على درجة الدكتوراة، كانت لباسم ابتكارات مهمة، منها أنظمة كريسبر فائقة الصغر وعناصر خارج الكروموسومات الجديدة التي تؤثّر في تغيّر المناخ من خلال التأثير في أكسدة الميثان، كما تمكّن من تحديد أكبر الفيروسات البكتيرية في العالم ومئات الآلاف من الفيروسات الجديدة، ما ساعد على تقدم فهم النُظم البيئية الميكروبية.
لدى باسم العديد من المنشورات والأوراق العلمية تشمل أكثر من 20 منشوراً تمت مراجعته من قِبل الأقران وأكثر من 12 براءة اختراع. وبصفته أحد مؤسسي شركة آمبر بيو، فقد تمكن من تطوير منصات قادرة على إجراء تعديلات كبيرة ومعالجة العديد من الأمراض الوراثية النادرة، ما جذب تمويلاً أولياً لشركته بلغ 26 مليون دولار عام 2023 بالإضافة إلى جذب اهتمام المستثمرين والمؤسسات الرائدة لشركته الناشئة.
استلهم باسم فكرة ابتكاره الفائز بجائزة مبتكرون دون 35 لعام 2024 من الحاجة المُلّحة إلى جعل الأدوية الجينية متاحة وبأسعار معقولة للمرضى الذين يعانون طفرات نادرة وأقل انتشاراً تسبب أمراضاً موجودة على مستوى العالم، ويتمحور ابتكاره في مجموعة من التقنيات الحيوية وابتكارات المعلوماتية الحيوية، بما في ذلك أنظمة كريسبر فائقة الصغر، ومنصات تحرير الحمض النووي الريبي، وطرق اكتشاف الفيروسات واسعة النطاق، هذا الابتكار يُتيح حلولاً تحويلية للأمراض الوراثية لم تكن قابلة للعلاج من قبل، فضلاً عن استخدامها في مجال الزراعة، والتخفيف من آثار تغيّر المناخ، والتحديات الصحية العالمية.
وما يجعل ابتكار باسم مهماً للغاية هو أن المنصات التي طوّرها ستكون قادرة على إجراء تعديلات كبيرة في الحمض النووي الريبي بكفاءة أول مرة، ما يوفّر حلولاً تحويلية للمرضى الذين يعانون أمراضاً وراثية نادرة، حيث تعالج هذه المنصات الحالات التي تتميز بتنوع أليلي مرتفع، التي لا تستطيع الأساليب الحالية علاجها بشكلٍ فعّال.
تدمج ابتكارات باسم التي طوّرها العديد من التكنولوجيات من ضمنها الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي المتطور، والكيمياء الحيوية، وتحرير الجينات لتحويل الطب الوراثي، والزراعة، والاستدامة البيئية، حيث تُعدّ التقنيات التي طوّرها أقل من نصف حجم الأنظمة التقليدية، ما يُتيح تطبيقات علاجية أكثر أماناً وكفاءة.
من خلال الاستفادة من التطورات في المعلوماتية الحيوية والتعلم الآلي والذكاء الاصطناعي، يهدف باسم إلى تحسين هذه التقنيات من أجل تطوير أسرع وإمكانية وصول أوسع، ما قد يؤدي إلى إحداث تحول في مجال الصحة العالمية والزراعة والاستدامة البيئية، حيث يعمل حالياً على تطوير تقنيات جديدة تعمل على توسيع القدرة على استهداف الأنسجة والأمراض المختلفة، وتوسيع نطاق التصحيحات الجينية لعلاج الأمراض التي لم تكن قابلة للعلاج سابقاً بأمان وبأسعار معقولة.
اقرأ أيضاً: إعلان قائمة الفائزين بجائزة «مبتكرون دون 35» لعام 2024
2- لمياء المحمادي من السعودية وأعمالها في مجال تحسين التحليل الطيفي
نالت لمياء المحمادي جائزة مبتكرون دون 35 من إم آي تي تكنولوجي ريفيو لعام 2024، وهي زميلة أبحاث مرحلة ما بعد الدكتوراة في جامعة إم آي تي، حصلت على درجة الدكتوراة من جامعة ألباني، جامعة ولاية نيويورك.
كما حصلت على العديد من الجوائز بما في ذلك جائزة النجم الصاعد في الكيمياء التحليلية من قسم الكيمياء التحليلية في الجمعية الكيميائية الأميركية (ACS)، وهي متخصصة في تطوير منصات الاستشعار الجزيئي والأساليب القائمة على التحليل الطيفي الاهتزازي وأجهزة الاستشعار القائمة على شريحة السيليكون الفوتونية.
تشمل خبرتها البحثية تطبيق تقنيات التحليل الطيفي رامان المختلفة، بما في ذلك التحليل الطيفي رامان المحسّن بالسطح (SERS)، والتحليل الطيفي رامان بالرنين فوق البنفسجي العميق، والتحليل الطيفي رامان عن بُعد، وتُركّز أبحاثها على استخدام التقنيات القائمة على الضوء، وخاصة التحليل الطيفي رامان لتطوير حلول مبتكرة لمعالجة التحديات في العالم الحقيقي.
نشأت فكرتها الفائزة بجائزة مبتكرون دون 35 لعام 2024 بعد ملاحظتها التخلص مما يقرب من نصف لقاحات mRNA الخاص بجائحة كوفيد-19، حيث تم التخلص من هذه اللقاحات نتيجة للعديد من المشكلات التي ظهرت مثل التحكم غير السليم في درجة الحرارة، نتيجة لذلك عملت مع فريق من المحللين والكيميائيين الحيويين لتطوير طريقة لتكون بمثابة نقطة تفتيش للتحقق من سلامة اللقاح قبل النقل وبعده، ما يضمن استقرار مثل هذا العلاج الدقيق.
ويتمحور ابتكارها في استخدام تقنية شعاع ليزر اختُبِرت بعناية لاختراق قارورة زجاجية وتحليل محتوياتها دون الحاجة إلى ثقب القارورة أو تدمير محتوياتها مع ضبط شعاع الليزر خصيصاً للتفاعل مع الخصائص الفريدة للقاح mRNA، ما يسمح باكتشاف إشارته بشكلٍ انتقائي مع تجنب التداخل من الدهون أو المذيبات أو الحاوية الزجاجية.
وتُعدّ هذه التقنية الأولى من نوعها التي تمكّن من الكشف المباشر غير المدمر عن تدهور لقاح mRNA، وتلبية حاجة حرجة مع انتشار العلاجات القائمة على mRNA بشكلٍ متزايد، كما يمكن استخدامه في مراكز مراقبة الجودة لتقييم سلامة لقاحات mRNA في أثناء التصنيع والتخزين.
في المستقبل تهدف لمياء إلى نشر التقنية في العيادات، ما يُتيح للممارسين الطبيين اختبار جودة اللقاح في الموقع قبل إعطائه للمرضى، بالإضافة إلى ذلك تتمتّع التقنية بإمكانات لمختبرات الأبحاث، حيث يمكنها السماح بالتقييم المباشر والسريع للقاح mRNA المغلف داخل الجسيمات النانوية الدهنية، ما قد يسهم في إحداث ثورة في ضمان الجودة في كلٍ من الإعدادات السريرية والبحثية.
كما أن التقنية لديها إمكانات كبيرة قابلة للتوسع والتكيُّف بشكلٍ كبير مع تطبيقات مختلفة تتجاوز لقاحات mRNA، فمن خلال ضبط معلمات الليزر وتحسين تقنيات الكشف، يمكن تطبيقه لمراقبة سلامة العلاجات الدقيقة الأخرى، مثل العلاجات القائمة على الحمض النووي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن توسيع هذا النهج لتحليل أنواع مختلفة من تركيبات الأدوية، بما في ذلك الأدوية الليبوسومية.
وفي المستقبل، يمكن أيضاً دمجه في الأجهزة المحمولة للاستخدام الميداني، ما يجعله مناسباً لتطبيقات عيادات الرعاية في المناطق النائية أو الأماكن ذات الموارد المحدودة. علاوة على ذلك، فإن طبيعة التقنية غير المدمرة تجعله مناسباً للتطبيقات في مراقبة العمليات الحيوية، ما يضمن جودة المواد البيولوجية في أثناء الإنتاج.
اقرأ أيضاً: إم آي تي تكنولوجي ريفيو تعلن لجنة حكام النسخة السابعة من جائزة «مبتكرون دون 35»
3- سمية البحيصي من فلسطين ومساهمة ابتكارها في علاج مرض الكبد الدهني والوقاية منه
سمية البحيصي إحدى الفائزات بجائزة مبتكرون دون 35 من إم آي تي تكنولوجي ريفيو لعام 2024، وتشغل وظيفة طبيبة زميلة في أمراض الجهاز الهضمي والكبد، جامعة جنوب كاليفورنيا، أكملت سابقاً إقامتها في الطب الباطني في جامعة فرجينيا كومنولث (VCU)، حيث عملت بعد ذلك طبيبة مقيمة ورئيسة مشاركة مؤقتة للأبحاث في قسم الطب الباطني، كما شاركت في العديد من الأدوار طبيبة محققة وعضوة هيئة تدريس.
تُركّز أبحاثها على مرض الكبد الدهني المرتبط بالخلل الأيضي (MASLD) والصحة الأيضية مع التركيز بشكلٍ خاص على علم الأوبئة والوقاية والعلاج، ويشمل ذلك دراسة العلاقة بين مرض الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي والأورام الخبيثة خارج الكبد، وتأثير قصور الغدد التناسلية المرتبط بالسمنة لدى الذكور في التهاب الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي (MASH)، واستكشاف المحددات الرقمية والسلوكية والاجتماعية للصحة فيما يتعلق بأمراض الكبد.
شاركت في تأليف 75 منشوراً في مجال أبحاثها، بما في ذلك 6 منشورات أولية لأبحاث أصلية، وفصلان من كتاب، وكُرِّمت بالعديد من الجوائز بما في ذلك جائزة الباحثين الناشئين في مجال الكبد (Emerging Liver Scholar Award) من الجمعية الأميركية لدراسة أمراض الكبد عام 2019 وجائزة الخريج المتميز الحديث (Outstanding Recent Graduate Award) من جامعة جونز هوبكنز عام 2024 وجائزة القائد الطبي الشاب (Young Physician Leader Award) وجائزة رواد الشباب العرب (Young Arab Pioneer Award) من مركز الشباب العربي عام 2024.
ويأتي ابتكارها الفائز بجائزة مبتكرون دون 35 لعام 2024 بعد ملاحظتها الانتشار العالمي المتزايد لمرض الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي (MASLD) ومضاعفاته، مثل تليف الكبد وسرطان الكبد، بالإضافة إلى حقيقة أن معظم المصابين بهذا المرض ليس لديهم علاج، حيث إن زراعة الكبد هي الخيار الوحيد المحتمل للبقاء على قيد الحياة، ومع ذلك لا يزال غير متاح للكثيرين.
ويتمحور ابتكارها في تطوير تقنيات للعلاج والوقاية من مرض الكبد الدهني المرتبط بخلل التمثيل الغذائي (MASLD) من خلال الجمع بين البحث السريري الرائد وحلول الصحة الرقمية المبتكرة لتطوير تطبيق مدعوم بالذكاء الاصطناعي يعمل على تغييرات نمط الحياة وتثقيف المرضى ومقدمي الرعاية حول تليف الكبد وعلاجاته.
وتهدف سمية من خلال الجمع بين هذه الأدوات إلى زيادة مشاركة المرضى ودفع التغييرات المستدامة في نمط الحياة، ويتضمن ذلك تطوير علاجات مستهدفة وتدخلات نمط حياة شخصية تهدف إلى تحسين نتائج المرضى، بالإضافة إلى ذلك تعمل من خلال دمج العلاجات المستهدفة مع الأدوات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتدخلات في نمط الحياة الشخصية والمنصات المحمولة إلى معالجة الجوانب الطبية والسلوكية للمرض، ما يوفّر حلاً فريداً لأزمة صحية عالمية.
علاوة على ذلك، تهدف سمية مستقبلاً إلى توسيع نطاق ابتكارها ليشمل مجموعات أكثر تنوعاً من المرضى من خلال توسيع نطاق التطبيق والدردشة الآلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتقديم ميزات أكثر تخصيصاً مثل مراقبة الصحة في الوقت الفعلي، والتكامل مع الأجهزة القابلة للارتداء، وخطط التدخل المصممة خصيصاً لمراحل مختلفة من تطور المرض لتلبية احتياجات المرضى الفردية بشكلٍ أفضل.