شركة ناشئة تحاول التقليل من الغثيان في السيارات ذاتية القيادة

3 دقائق
جان بوكتشزك

يمكن للسيارات ذاتية القيادة بشكل كامل أن تزيد من إنتاجية الوقت المخصص للتنقل بشكل كبير في السنوات المقبلة، ويكفي أن تفكر بكل الأشياء التي يمكنك فعلها إذا لم تكن مضطراً للتركيز على القيادة. ولكن بطبيعة الحال، لن ينفعك هذا بشيء إذا كنت تتقيأ طوال الوقت.

صحيح أن هذه السيارات لم تنتشر بشكل كبير بعد، ولكنها بدأت تنتقل نحو نطاق الاستخدام الاستهلاكي، حيث بدأت شركات مثل وايمو، التابعة لجوجل، باختبارها على الطرقات العامة. غير أن هذه السيارات ستتسبب على الأرجح بتفاقم مشكلة دوار الحركة، والذي يحدث نتيجة إرسال إشارات متضاربة من العين والأذن الداخلية إلى الدماغ، حيث تحس الأذن بحركة المركبة، على حين لا ترى العين سوى المنظر الداخلي الثابت.

تساعد القيادة على التخفيف من هذه الآثار، نظراً لضرورة مراقبة الحركة في الخارج بشكل دائم، ولكن الوضع سيكون مختلفاً في السيارات ذاتية التحكم. فبدون الحاجة إلى سائق، قد يكون من الصعب على الركاب توقع حركة السيارة، كما أنهم سيكونون جالسين على الأغلب بشكل جانبي أو نحو الخلف بدلاً من وضعية الجلوس الأمامية المعتادة، وكلا السببين كافيان لنوبة غثيان شبه مؤكدة.

قد تكون مصاباً بشكل خفيف من دوار الحركة بدون أن تعرف. هل أحسست يوماً بدوخة أو صداع أو إجهاد في العين داخل السيارة؟ يقول جيم لاكنر، وهو بروفسور في الفيزيولوجيا في جامعة برانديس، أن هذه على الأغلب أعراض دوار حركة خفيف، ويمكن أن تتفاقم إذا بدأت الشركات بإطلاق سيارات تقود نفسها بنفسها بدون أي تدخل بشري. تعتبر الشركة الناشئة كليرموشن أن هذه المسألة مشكلة ضخمة توشك على الوقوع، ولكن الحل المحتمل موجود، وهو تقنية تقوم بإلغاء حركة السيارة التي تعطي إحساس الحركة للأذن الداخلية.

لتحقيق هذا الهدف، تعتمد هذه الشركة التي تعمل في بوسطن على شيء يسمى أكتيفالف، وهو جهاز كهربائي هيدروليكي يتم تركيبه على مخمدات الصدمات للدواليب الأربعة، ويقوم بتوقع حركة السائق وتغيرات الطريق لإيقاف الاهتزازات قبل أن تحدث. تعمل الأجهزة معاً على معاكسة الحركة بعد أقل من 5 ميلي ثانية من بدء حركة الدواليب، بحيث تفلتر الاهتزازات التي تثير دورا الحركة، وتتيح للركاب التمتع برحلة هادئة.

ليست هذه المرة الأولى التي درس فيها الباحثون كيفية إيقاف الغثيان عن طريق التعامل مع حركة السيارة، ولكن الجهود السابقة كانت تركز على الاهتزازات منخفضة التردد. غير أن كليرموشن تعتقد أنه يجب إلغاء الترددات العالية والمنخفضة لإيقاف دوار الحركة، وصممت أكتيفالف لهذا الغرض بالضبط.

يظهر البحث أن هذه الطريقة فعالة على ما يبدو. فقد نشرت الشركة بحثاً في 2016 يبين أن الجهاز نجح في تخفيف الغثيان إلى حد كبير أو القضاء عليه تماماً لدى 9/7 من الأشخاص الذين يعانون من أحد أشكال دوار الحركة والمشاركين في التجربة. كنت راغبة بتجريب الجهاز بنفسي، ولكنني لا أصاب بدوار الحركة. ومن حسن الحظ أن زميلتي مصابة به: جويس تشين، مديرة علاقات الشراكة في إم آي تي تيكنولوجي ريفيو، ومن المخضرمات في مجال المعاناة من دوار الحركة.

بما أن تقنية كليرموشن لفلترة الاهتزازات تعمل حالياً فقط ضمن منظومة مخبرية لمحاكاة السيارة، فقد ذهبت مع تشين إلى مكتب الشركة في ووبرن، ماساتشوستس، للاطلاع عليها. وهناك، جلسنا داخل سيارة BMW 535xi بيضاء عادية الشكل تحاكي حركة سيارة تسير على طريق مثير للغثيان في نيوهامبشر، مع وبدون تشغيل فلتر كليرموشن. وفي كلتا الحالتين، تبادلت الأدوار مع تشين في قراءة ورقة تقنية حول دوار الحركة –يا للمفاجأة- في المقعد الخلفي.

كان الاختلاف في نعومة حركة السيارة واضحاً لنا بشكل فوري، وأحسست بأن هذه التقنية ستجعل الركوب في السيارة تجربة أكثر راحة، حتى بالنسبة لأشخاص مثلي. وعلى الرغم من أنني احسست ببعض الاهتزازات عند تشغيل الفلاتر، فقد قال زاك أندرسون، المؤسس المشارك في كليرموشن، أن الشركة الناشئة لا تحاول أن تخفف منها أكثر من ذلك، لأن الركاب على ما يبدو يفضلون الإحساس ببعض الاهتزازات الخفيفة، وتحاول كليرموشن أن تضمن بقاء هذه الاهتزازات ضمن المجال الذي لا يتسبب بدوار الحركة.

عندما خاضت تشين الاختبار الأول لبضعة دقائق، بدون تشغيل الفلاتر، أحست ببعض الضيق، واعتقدت بأنه قد يتفاقم مع مرور الوقت. أما في الاختبار الثاني مع تشغيل الفلاتر، فقد أحست بأنها أفضل حالاً، ولكن ليس بشكل مثالي. وتقول: "أنا مستعدة لدفع مبلغ مالي كبير لشراء هذه التقنية إذا تمكنت هذه الشركة من الإيفاء بوعودها".

ما زالت التقنية في مرحلة الاختبار، وما زالت كليرموشن تعدل الخوارزميات التي تراقب وتلغي الاهتزازات المثيرة للغثيان، ولكن من المتوقع أن تدخل الميدان العملي قريباً، حيث تعمل الشركة مع ستة شركاء لاختبار جهازها على عدة أنواع وأشكال من السيارات.

يتوقع أندرسون أن تكون هذه التقنية متاحة للجميع خلال سنتين. كما تعمل الشركة على زيادة راحة السيارات العادية أيضاً، وهو أمر معقول، بما أن السيارات ذاتية التحكم ستستغرق بعض الوقت حتى تنتشر على نطاق واسع.

المحتوى محمي