الذكاء الاصطناعي سيفاقم مشكلة النفايات الإلكترونية فكيف يمكن حلها؟

3 دقيقة
مصدر الصور التوضيحية: سارة روجرز/إم آي تي تي آر | فوتوز غيتي

وفقاً لدراسة جديدة، يمكن أن تصل كمية النفايات الإلكترونية الناتجة عن التجهيزات الخاصة بالذكاء الاصطناعي التوليدي إلى 5 ملايين طن متري بحلول عام 2030.

وهي نسبة صغيرة نسبياً من الإجمالي العالمي الحالي الذي يتجاوز 60 مليون طن متري من النفايات الإلكترونية كل عام. غير أنها لا تزال تمثّل جزءاً ملحوظاً من مشكلة متفاقمة، كما يحذّر الخبراء.

يعبّر مصطلح "النفايات الإلكترونية" (E-waste) عن المخلفات الناجمة عن التخلص من أشياء مثل مكيفات الهواء، وأجهزة التلفزيون، والأجهزة الإلكترونية الشخصية مثل الهواتف الخلوية والكمبيوترات المحمولة. غالباً ما تحتوي هذه الأجهزة على مواد خطيرة أو سامة يمكن أن تضر بصحة البشر أو البيئة إذا لم يجرِ التخلص منها على نحو صحيح. علاوة على الأضرار المحتملة المذكورة أعلاه، فإن بعض الأجهزة التي ينتهي بها المطاف إلى القمامة، مثل الغسالات وأجهزة الكمبيوتر العالية الأداء، تحتوي على معادن قيّمة، ولهذا فإن التخلص من هذه الأجهزة يعني هدر هذه المعادن الثمينة وخروجها من سلسلة التوريد، بدلاً من إعادة تدويرها.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي التوليدي يصل إلى مرحلة جديدة: من التجارب الفردية إلى التطبيق المؤسسي

بناءً على وتيرة تبنّي الذكاء الاصطناعي التوليدي، يمكن أن تؤدي هذه التكنولوجيا إلى إنتاج كمية إضافية إجمالية تتراوح من 1.2 مليون إلى 5 ملايين طن متري من النفايات الإلكترونية بحلول عام 2030، وفقاً للدراسة المنشورة مؤخراً في مجلة "نيتشر كومبيوتيشنال ساينس" (Nature Computational Science).

زيادة في إنتاج النفايات الإلكترونية بسبب الذكاء الاصطناعي

يقول الباحث أساف تساكور، المؤلف المشارك في الدراسة، في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "ستؤدي هذه الزيادة إلى تفاقم مشكلة النفايات الإلكترونية الحالية".

يقول أحد كبار العلماء المختصين في معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث، كيس بالدي، الذي شارك في إعداد أحدث نسخة من "تقرير المرصد العالمي للنفايات الإلكترونية" (Global E-Waste Monitor) وهو تقرير سنوي، إن هذه الدراسة جديدة من نوعها من حيث المحاولات التي تتضمنها لإجراء قياسات كمية لتأثيرات الذكاء الاصطناعي في النفايات الإلكترونية.

تمثّل المكونات المادية للحوسبة العالية الأداء المصدر المساهم الرئيسي في النفايات الإلكترونية الناتجة عن الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهذه المكونات مستخدَمة في مراكز البيانات ومزارع الخوادم، وتتضمن الخوادم ووحدات المعالجة الرسومية ووحدات المعالجة المركزية ووحدات الذاكرة وأجهزة التخزين. وتحتوي هذه التجهيزات، مثل غيرها النفايات الإلكترونية، على معادن قيّمة مثل النحاس والذهب والفضة والألومنيوم، وعناصر أرضية نادرة، إضافة إلى مواد خطيرة مثل الرصاص والزئبق والكروم، على حد قول تساكور.

تمثّل السرعة التي تتقدم بها تكنولوجيا المكونات المادية أحد الأسباب التي تجعل شركات الذكاء الاصطناعي تنتج الكثير من النفايات الإلكترونية. عادة ما تتمتّع التجهيزات الحاسوبية بعمر افتراضي يتراوح بين عامين إلى 5 أعوام، وتجري الاستعاضة عنها بأحدث الإصدارات من هذه التجهيزات بصورة متكررة.

اقرأ أيضاً: تكنولوجيا جديدة لإعادة تدوير النفايات البلاستيكية وتحويلها إلى وقود

تغيير النظرة إلى كيفية التعامل مع النفايات الإلكترونية

وعلى حين تتجاوز مشكلة النفايات الإلكترونية نطاق الذكاء الاصطناعي بكثير، فإن النمو السريع لهذه التكنولوجيا يمثّل فرصة للنظر ملياً في أسلوبنا في التعامل مع النفايات الإلكترونية، ووضع الأساسات الصحيحة لحل هذه المشكلة. ما يدعو إلى التفاؤل هو أنه ثمة استراتيجيات يمكن أن تساعدنا على تقليل الكمية المتوقعة من النفايات.

يقول تساكور إن إطالة العمر الافتراضي للتكنولوجيات من خلال استخدام التجهيزات فترة أطول تمثّل إحدى أهم الوسائل لتقليل كمية النفايات الإلكترونية. ويمكن لتجديد مكونات التجهيزات وإعادة استخدامها أن يؤديا دوراً مهماً أيضاً، إلى جانب تصميم المكونات المادية بطرق تجعل ترقيتها وإعادة تدويرها أسهل من ذي قبل. وتوقعت الدراسة أن تطبيق هذه الاستراتيجيات قد يؤدي إلى خفض إنتاج النفايات الإلكترونية بنسبة تصل إلى 86% في أفضل الأحوال.

وفقاً لتقرير المرصد العالمي للنفايات الإلكترونية لعام 2024، يجري جمع نحو 22% فقط من النفايات الإلكترونية وإعادة تدويرها اليوم بناء على تقارير الجهات الرسمية. يجري جمع كميات أكبر بكثير من النفايات الإلكترونية واسترجاع مكوناتها من خلال أنظمة عمل غير رسمية، بما في ذلك أنظمة عمل في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل التي لا تمتلك بنية تحتية قائمة لإدارة النفايات الإلكترونية. يقول بالدي إن أنظمة العمل غير الرسمية هذه يمكنها استرجاع المعادن القيمة، لكنها لا تتضمن أساليب آمنة للتخلص من المواد الخطيرة في أغلب الأحيان.

أيضاً، تشكّل المخاوف بشأن أمن البيانات عائقاً رئيسياً آخر أمام الحد من النفايات الإلكترونية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي؛ فتدمير التجهيزات يضمن عدم تسرب المعلومات، بينما تتطلب إعادة استخدام المعدات أو إعادة تدويرها استخدام وسائل أخرى لحماية البيانات. يقول تساكور، إن التأكد من إزالة المعلومات الحساسة من المكونات المادية قبل إعادة التدوير أمر بالغ الأهمية، لا سيما بالنسبة إلى الشركات التي تتعامل مع بيانات سرية.

اقرأ أيضاً: العوامل المؤثرة في إعادة تدوير الهواتف الذكية في الإمارات

من المرجّح أن تكون هناك حاجة إلى المزيد من السياسات لضمان إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، بما في ذلك النفايات الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، أو التخلص منها على نحو صحيح. يمكن لاسترجاع المعادن الثمينة (بما فيها الحديد والذهب والفضة) أن يساعد على تبرير الجدوى الاقتصادية لمثل هذا التحرك. لكن إعادة تدوير النفايات الإلكترونية من المرجّح أن تظل عملية باهظة الثمن، بما أن التعامل مع المواد الخطيرة الموجودة في الأجهزة على نحو آمن يتطلب تكاليف مرتفعة، على حد قول بالدي.

يقول تساكور: "بالنسبة إلى الشركات التجارية والشركات المصنعة، يتسم تحمل المسؤولية عن الآثار البيئية والاجتماعية لمنتجاتها بأهمية قصوى. وبهذه الطريقة، يمكن أن نضمن أن التكنولوجيا التي نعتمد عليها لا تؤثّر سلباً في صحة البشر وسلامة الكوكب".

المحتوى محمي