هل تواكب قيادة السيارات عن بُعد معايير السلامة؟

4 دقيقة
هل تواكب قيادة السيارات عن بُعد معايير السلامة؟
حقوق الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية. تصميم: إيناس غانم.

في بداية العام الحالي، أعلنت الشركة الألمانية الناشئة فاي (Vay)، إطلاق تكنولوجيا جديدة للتنقل في ولاية لاس فيغاس الأميركية تُسمَّى القيادة عن بُعد. وتتمحور فكرتها في توفير سيارات لمَن يطلبها في مكانه، ولكن بدلاً من وجود سائق فعلي خلف عجلة القيادة، سيقود السيارة عن بُعد أحد سائقيها المؤهلين، ثم يتولى المستأجر زمام القيادة. وبمجرد الوصول إلى وجهته يمكنه ركن السيارة وسيتولى السائق الذي يوجد في مركز التحكم قيادة السيارة مرة أخرى لتوصيلها إلى مستأجر آخر أو ركنها في مرآب السيارات.

وتصفُ الشركة التكنولوجيا بأنها نهج بديل للسيارات الذاتية القيادة ويمكن أن تكون مساراً بديلاً للنقل الآمن دون سائق، حيث إن السائق البشري هو المسيطر دائماً، فما هو مفهوم قيادة السيارات عن بُعد؟ وكيف تعمل؟ وما هي أبرز عيوبها وفوائدها؟

ما هو مفهوم قيادة السيارات عن بُعد؟

هو قيادة السيارات دون وجود سائق حقيقي خلف عجلة القيادة، بعبارة أخرى القيادة عن بُعد (Remote Driving) هي عملية التحكم في سيارة من مسافة بعيدة مثل مركز التحكم، وتستخدم مزيجاً من موجزات الفيديو في الوقت الفعلي وأجهزة الاستشعار والواقع المعزز للسماح للمشغل عن بُعد بالتحكم في السيارة.

وتأتي السيارة مجهزة بوحدات مختلفة توفّر للسائق إمكانية الوصول إلى أدوات التحكم في المركبة، مثل التوجيه والفرامل ودواسة الوقود، بالإضافة إلى توفير بث فيديو في الوقت الفعلي للطريق حتى يتمكن السائق من قيادتها جنباً إلى جنب السيارات التي يوجد بداخلها سائقون خلف عجلة القيادة.

وعلى عكس السيارات الذاتية القيادة التي صُمِمت لاتخاذ قرارات القيادة بشكلٍ مستقل دون أي تدخل بشري في أثناء القيادة، فإن السيارات التي تُقاد عن بُعد يتحكم فيها سائق بشري بشكلٍ كامل.

اقرأ أيضاً: لا تغضب كالبشر ولا ترى في المطر: هذه مزايا السيارات الذاتية القيادة وعيوبها

كيف تعمل تكنولوجيا قيادة السيارات عند بُعد؟

تُتيح تكنولوجيا القيادة عن بُعد للمشغل التحكم في السيارة من مكانٍ بعيدٍ باستخدام مركز تحكم ووحدة تكنولوجية على متن السيارة، وتتضمن عدداً من المكونات هي:

توفير عرض مرئي في الوقت الفعلي

توفّر الوحدة التكنولوجية الموجودة في السيارة عرضاً مرئياً في الوقت الفعلي لحالة الطريق للسائق في مركز التحكم، من خلال استخدام أربع كاميرات على الأقل عالية الدقة، لنقل بيانات الفيديو إلى مركز التحكم عبر شبكة الاتصالات.

واجهة التشغيل والقيادة

يتمتّع السائق في مركز التحكم من خلال لوحة التحكم بالوصول إلى عناصر التحكم في السيارة، مثل الفرامل ودواسة الوقود والتوجيه بالإضافة إلى ميكروفونات مدمجة لنقل أصوات حركة المرور على الطرق إلى سماعات الرأس الخاصة بالسائق عن بُعد.

أدوات الاستشعار عن بُعد

وتتضمن تكنولوجيا الرادار ونظام تحديد المواقع العالمي والكاميرات والليدار التي تُستخدم لإنشاء خريطة ثلاثية الأبعاد للبيئة.

شبكة اتصال

نقل بيانات أجهزة الاستشعار في الوقت الفعلي إلى مركز التحكم عن بُعد عبر شبكة اتصال آمنة.

تكنولوجيا الرؤية الحاسوبية

تُستخدم خوارزميات التعلم الآلي والشبكات العصبونية العميقة لتحليل بيانات الفيديو من الكاميرات الموجودة داخل السيارة، لتعقب عيون السائق وموضع رأسه وملامح الوجه الأخرى لتحديد مدى انتباهه واهتمامه بالطريق.

أدوات ضمان السلامة

توجد برامج طوارئ لضمان السلامة في حالة انقطاع التيار الكهربائي أو أي أحداث غير متوقعة أخرى.

تحديد مناطق التشغيل الآمنة

تُحدد حدود تكنولوجيا القيادة عن بُعد بوضوح لضمان نشر السيارات فقط في المناطق التي اختُبر فيها النظام، والتحقق من صحتها بدقة.

اقرأ أيضاً: ما هو نظام التوقف الذكي BOS؟ وكيف ينقذ حياتك؟

ما هي أبرز فوائد تكنولوجيا قيادة السيارات عن بُعد وعيوبها؟

تقدّم هذه التكنولوجيا العديد من الفوائد، أبرزها:

  • إمكانية الوصول: تمكّن الأشخاص من طلب السيارة وترك أمر ركن السيارة إلى السائق الموجود في مركز التحكم.
  • الاستخدام في البيئات الخطرة: يمكن استخدامها لتشغيل السيارات في المواقف الخطرة مثل مناطق التعدين أو مناطق الكوارث أو العمليات العسكرية، حيث يكون الوجود البشري المباشر محفوفاً بالمخاطر.
  • تحسين السلامة: من خلال إمكانية تعزيز السلامة مع مشغل عن بُعد يمكنه الحصول على رؤية أفضل للبيئة بشكلٍ عام مقارنة بالسائق داخل السيارة.

أمّا مخاطر استخدام هذه التكنولوجيا فأهمها:

  • مشكلات زمن الوصول: يمكن أن يؤدي التأخير في نقل بيانات الإشارة إلى مواقف خطيرة، وخاصة في الظروف التي تتطلب ردود فعل سريعة.
  • انقطاع الاتصال: يمكن أن يتعطل بسبب الطقس أو القيود الجغرافية.
  • مخاوف أخلاقية: من خلال تحديد الإجابة عن أسئلة حول مَن المسؤول في حالة وقوع حادث؛ المشغل عن بُعد أم السيارة نفسها.
  • تكلفة التنفيذ: قد يكون إعداد البنية التحتية والتكنولوجيا اللازمة للقيادة عن بُعد مكلفاً.
  • إرهاق المشغل: قد يكون الحفاظ على التركيز في أثناء جلسات القيادة عن بُعد الطويلة أمراً صعباً.
  • اللوائح التنظيمية: لا تزال اللوائح التي تُنظّم تكنولوجيا قيادة السيارات عن بُعد قيد التطوير وتختلف من دولة إلى أخرى.

اقرأ أيضاً: سيارات الأجرة الروبوتية ستملأ شوارعنا قبل ضبطها وتنظيمها

هل المستهلكون جاهزون لتكنولوجيا قيادة السيارات عن بُعد؟

مثلها مثل السيارات الذاتية القيادة، فإن تبني تكنولوجيا قيادة السيارات عن بُعد لا يزال في مراحله الأولى، وتنحصر حالياً في العمل كخدمة تأجير لمَن لا يريد استخدام إحدى وسائل النقل الأخرى، مثل خدمة التاكسي التقليدية أو خدمات شركات النقل التشاركية مثل أوبر. ومع ذلك، فإنه من المتوقع أن تجذب فئات واسعة من المستهلكين وفقاً لاستطلاع آراء نحو 1500 من مالكي السيارات في الصين وألمانيا والولايات المتحدة أجرته شركة ماكنزي آند كومباني، حيث وجد أنه من المتوقع لتكنولوجيا قيادة السيارات عن بُعد أن تصبح متاحة حتى قبل إطلاق المستوى الرابع من السيارات الذاتية القيادة.

وفقاً للاستطلاع، ذكر نحو 65% من المشاركين أنه من المحتمل أو من المحتمل جداً استخدام القيادة عن بُعد كخدمة، كما أعرب أكثر من نصف المشاركين عن وجهة نظر محايدة أو إيجابية تجاه تكنولوجيا قيادة السيارات عن بُعد. ولكن اختلفت المواقف حسب فئة السيارة، حيث ذكر نحو 65% من سائقي السيارات الفاخرة، أن لديهم نظرة إيجابية للقيادة عن بُعد مقارنة بنحو 43% من سائقي السيارات العادية.

أمّا عن الاستعداد للدفع، فإن متوسط قيمة الدفع والذي قُيم من خلال سؤال المستهلكين عن المبلغ الذي سيدفعونه مقابل 10 دقائق من القيادة عن بُعد، كان نحو 9 دولارات، وكان السائقون الذين يمتلكون السيارات الفاخرة على استعداد لدفع نحو دولار واحد أكثر من سائقي السيارات العادية، ما يُنبئ بأن الاستعداد العالي للدفع يمكن أن يساعد الشركات على زيادة الإيرادات بشكلٍ كبير.

كما أشارت نتائج الاستطلاع إلى أن الطلب على خدمات القيادة عن بُعد قد يظل قوياً حتى لو أصبحت السيارات الذاتية القيادة متاحة على نطاقٍ واسع، حيث ذكر 58% أنهم يفضّلون القيادة عن بُعد على المركبات الذاتية القيادة. وعند سؤالهم عن ميزات محددة مثل كفاءة التكلفة والقدرة على التعامل مع حالات الطوارئ، أعطى المشاركون في الاستطلاع تصنيفات أعلى للقيادة عن بُعد في معظم الحالات.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن تكون السيارات ذاتية القيادة أكثر أماناً على الطريق؟

كما أشار استطلاع آخر لمالكي السيارات الفاخرة في الولايات المتحدة والصين، أجرته شركة أوتوبيا (Ottopia) التي تعمل في مجال توفير حلول التحكم عن بُعد للسلال التجارية والدفاعية، إلى أن نحو 80% من المستطلعة آراؤهم والبالغين 650 شخص أرادوا استخدام تكنولوجيا القيادة عن بُعد، وعلى استعداد لدفع مبلغ 62 دولاراً على الأقل في الساعة مقابل الخدمة.

كما يرى ثُلث المستطلعة آراؤهم أن تكنولوجيا القيادة عن بُعد هي واحدة من أفضل ثلاث ميزات يبحثون عنها في سيارة جديدة لشعورهم براحة أكبر مع فكرة تقبل وجود شخص يقود السيارة فعلاً، حيث لديهم ثقة أكبر في السلوك البشري في حالات الطوارئ واتخاذ القرارات الأخلاقية البشرية والتعامل البشري مع السيناريوهات غير المتوقعة.

المحتوى محمي