شرايين الاتصالات العالمية: تعرّف إلى الكابلات البحرية والمخاطر التي تتعرض لها

4 دقيقة
شرايين الاتصالات العالمية: تعرّف إلى الكابلات البحرية والمخاطر التي قد تتعرض لها
حقوق الصورة: shutterstock.com/Vismar UK

تنتقل البيانات في عالم اليوم بسرعة الضوء وتربط بين الأشخاص والشركات والدول، وأصبح هذا التبادل السريع للمعلومات ممكناً بفضل شبكة معقدة من البنية التحتية تحت سطح البحر هي الكابلات البحرية (Submarine Cable).

تشكّل الكابلات البحرية العمود الفقري للاتصالات، وتحمل كميات هائلة من البيانات. هذه الكابلات مسؤولة عن نقل نحو 95% من البيانات العالمية، بما في ذلك بيانات الإنترنت والمكالمات الهاتفية.

وبدءاً من منتصف عام 2023، أصبح هناك أكثر من 550 كابلاً بحرياً في العالم، منها 485 قيد الخدمة و70 كابلاً من المخطط تشغيلها، تمتد هذه الكابلات جميعها مسافة نحو 1.3 مليون كيلومتر.

اقرأ أيضاً: كابلات الألياف الضوئية تحت الماء ترصد فوالق غير معروفة في قاع المحيط

ما هي الكابلات البحرية؟

الكابلات البحرية هي كابلات ألياف ضوئية عالية السعة، وهي بمثابة الشرايين الرئيسية للاتصالات الدولية؛ فهي تُتيح تبادل البيانات عبر الإنترنت والهاتف بين البلدان والقارات. توضع هذه الكابلات في قاع المحيطات وتمتد آلاف الكيلومترات.

يتكون الكابل البحري عادة من:

  • النواة: تحتوي النواة على ألياف ضوئية تحمل البيانات على شكل إشارات ضوئية.
  • الكسوة: طبقة تحيط بالنواة وتعكس الضوء إلى داخل النواة لمنع فقدان الإشارات الضوئية.
  • الطبقة العازلة: تحمي النواة والكسوة من الرطوبة والضغط.
  • الغلاف الخارجي: الطبقة الواقية النهائية التي تحمي الكابل من البيئة البحرية القاسية.
  • عناصر الدعم: لتثبيت الكابلات في مكانها وتوفير الاستقرار الهيكلي.

صُمِمت الكابلات البحرية لنقل كميات هائلة من البيانات في زمن قصير، ما يجعلها أكثر فاعلية للاتصالات من الوسائل الأخرى كالأقمار الصناعية. إن موثوقيتها وقدراتها كبيرة، لهذا السبب لا تزال العمود الفقري للاتصالات.

اقرأ أيضاً: كيف يساعد تطوير الكابلات البحرية على استشعار أمواج التسونامي بكفاءة أعلى؟

كيف تُنشر الكابلات البحرية؟

تُمد الكابلات البحرية باستخدام سفن متخصصة مجهزة لهذه المهمة. تتضمن العملية عادة عدة خطوات هي:

  • المسح: قبل مد الكابل، يُمسح المسار لتجنب المخاطر الطبيعية وتقليل الأضرار المحتملة الناجمة عن الأنشطة البشرية.
  • تحميل الكابل: يُحمّل الكابل على سفينة مد الكابلات، والتي يمكنها حمل آلاف الكيلومترات من الكابلات الملتفة.
  • المد: تفك السفينة الكابل الملتف ببطء وتضعه على طول المسار المخطط له في قاع البحر. تعتمد سرعة المد على نوع الكابل وظروف البحر.
  • الدفن: في المياه الضحلة، يُدفن الكابل لحمايته من أنشطة الصيد والمراسي وغيرها من الأضرار المحتملة.
  • الاختبار: بمجرد مد الكابل، يُختبر للتأكد من أنه يعمل بشكلٍ صحيح قبل وضعه في الخدمة.

تتطلب العملية برمتها تنسيقاً دقيقاً وأحدث التقنيات لضمان وضع الكابل بشكلٍ صحيح وآمن.

اقرأ أيضاً: جوجل تتمكن من توقع الزلازل قبل 5 دقائق وعلى بعد 2,000 كيلومتر باستخدام كابلاتها البحرية الضخمة

مَن يملك الكابلات البحرية؟

عادة ما تكون الكابلات البحرية مملوكة لاتحاد من شركات الاتصالات، التي تتقاسم تكاليف ومسؤوليات مد وصيانة هذه الكابلات. لكن في السنوات الأخيرة، حدث تحول كبير في الملكية. حيث استثمرت شركات التكنولوجيا الكبيرة مثل جوجل وميتا وأمازون ومايكروسوفت، بشكلٍ متزايد في الكابلات البحرية.

لقد أدركت هذه الشركات الأهمية الاستراتيجية لامتلاك البنية التحتية التي تشغل خدماتها، ما أدّى إلى زيادة مشاريع الكابلات البحرية الممولة منها. وفي حين تواصل شركات الاتصالات التقليدية أداء دور مهم، لكن تأثير شركات التكنولوجيا يُعيد تشكيل مشهد ملكية الكابلات البحرية، وقد أدّى إلى خفض التكاليف وتسريع مد الكابلات الجديدة لتلبية الطلب المتزايد على نقل البيانات.

إن ملكية الكابلات البحرية هي أمر بالغ الأهمية لأنه يمنح المالك السيطرة على جزء كبير من تدفق البيانات وتشغيل خدمات الإنترنت. بناءً على ذلك، لم تعد ملكية وإدارة الكابلات البحرية مجرد مسألة تقنية وتجارية، بل أصبحت مسألة أمن قومي للدول أيضاً.

اقرأ أيضاً: اليابان تكسر رقمها القياسي السابق في سرعة نقل بيانات تتجاوز شبكة الجيل الخامس

ما المخاطر التي قد تتعرض لها الكابلات البحرية؟

على الرغم من دورها الحاسم في الاتصالات العالمية، تواجه الكابلات البحرية العديد من المخاطر التي يمكن أن تؤدي إلى انقطاعها أو توقفها عن العمل، من أبرز هذه المخاطر:

  • المخاطر الطبيعية: يمكن للزلازل وأمواج التسونامي والانهيارات الأرضية تحت الماء أن تقطع الكابلات أو تدفنها تحت الرواسب.
  • الأنشطة البشرية: يمكن للمراسي وشباك الصيد أن تصطدم بالكابلات وتقطعها عن طريق الخطأ. غالباً ما تُخطط طرق الكابلات لتجنب ممرات الشحن المزدحمة ومناطق الصيد للتخفيف من هذه المخاطر.
  • التآكل: يمكن أن تؤدي مياه البحر والحركة المستمرة لقاع البحر إلى تآكل الكابلات بمرور الوقت.
  • الكائنات البحرية: قد تقوم بعض الكائنات البحرية مثل أسماك القرش بعضّ الكابلات. هذه الكائنات ربما تنجذب إلى المجالات الكهرومغناطيسية فيها.
  • التخريب المتعمد: يُعدُّ القطع المتعمد للكابلات لأسباب سياسية أو اقتصادية تهديداً نادراً ولكنه خطير للغاية.
  • تحديات الصيانة: يُعدُّ إصلاح الكابلات عملية معقدة ومكلفة، وتتطلب سفناً ومعدات متخصصة.

اقرأ أيضاً: هل البيانات هي نفط المستقبل؟

كيف يمكن تجنب مخاطر الكابلات البحرية وإصلاحها؟

يمكن التخفيف من المخاطر التي تتعرض لها الكابلات البحرية من خلال مزيج من التدابير الوقائية وتدابير الإصلاح السريعة الاستجابة:

التدابير الوقائية

تهدف هذه التدابير إلى تجنب المخاطر التي قد تتعرض لها الكابلات البحرية، وهي تشمل:

  • تخطيط المسار: اختيار مسار الكابل الذي يتجنب المخاطر المعروفة مثل ممرات الشحن المزدحمة ومناطق الصيد.
  • دفن الكابلات: دفن الكابلات في خنادق في قاع البحر لحمايتها من أنشطة الصيد والمراسي وغيرها من الأضرار المحتملة.
  • التدريع: إضافة طبقات حماية للكابلات لحمايتها من الكائنات البحرية والمخاطر تحت الماء.
  • التعاون الدولي: اتباع أفضل الممارسات والمبادئ التوجيهية التي وضعتها الهيئات الدولية مثل اللجنة الدولية لحماية الكابلات (ICPC) لتعزيز تطوير وحماية الكابلات البحرية.

تدابير الإصلاح

تهدف هذه التدابير إلى التصرف بشكلٍ عاجل في حال تعرض الكابلات لأي ضرر، وهي تشمل:

  • المراقبة: المراقبة المستمرة للكابلات للكشف عن الأعطال على الفور.
  • تحديد مكان العطل: استخدام التكنولوجيا لتحديد الموقع الدقيق للعطل وإجراء الإصلاحات بسرعة.
  • تجهيز سفن الصيانة: نشر السفن المجهزة خصيصاً للصيانة والإصلاح والتي تكون على أهبة الاستعداد للتوجه إلى موقع الإصلاح.

اقرأ أيضاً: كيف يُستخدم الحمض النووي لتخزين البيانات؟

هل يمكن الاستغناء عن الكابلات البحرية؟

الكابلات البحرية هي العمود الفقري للبنية التحتية للاتصالات في أنحاء العالم كافة، وهي تحمل الجزء الأكبر من البيانات بكفاءة كبيرة. وعلى الرغم من أن التقنيات البديلة مثل الاتصالات عبر الأقمار الصناعية والشبكات اللاسلكية تبدو واعدة للمستقبل، فإنها تعمل حالياً كمكملة وليست بديلة للشبكة الواسعة من الكابلات البحرية. ومع استمرار نمو احتياجات العالم للبيانات بشكلٍ كبير، تزداد أهمية هذه الكابلات وتزداد الحاجة إلى حمايتها وصيانتها.

بشكلٍ عام، ستظل الكابلات البحرية ضرورية ولا غنى عنها في المستقبل المنظور لضمان بقاء العالم متصلاً في العصر الرقمي.

المحتوى محمي