أنشأت جوجل ديب مايند (Google DeepMind) نظام ذكاء اصطناعي يُسمَّى ألفا جيومتري (AlphaGeometry)، يمكنه حل المسائل الهندسية المعقدة، ويتمتع بأداءٍ مماثلٍ لأداء طلاب الثانوية الحائزين الميدالية الذهبية في الأولمبياد الدولي للرياضيات.
ألفا جيومتري يحل مسائل الأولمبياد العالمي للرياضيات
يُعدُّ تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي القائمة على النصوص سهلاً نوعاً ما مقارنة بنماذج الرياضيات؛ وذلك بسبب ندرة بيانات التدريب في الرياضيات لأنها تعتمد على الرموز ومجالات محددة. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب حل المسائل الرياضية تفكيراً منطقياً، وهو أمر لا تتقنه معظم نماذج الذكاء الاصطناعي الحالية.
حسب الدراسة المنشورة في دورية نيتشر، يجمع نظام ألفا جيومتري بين نموذج لغوي مسؤول عن التفكير الإبداعي، ونوع من الذكاء الاصطناعي يُسمَّى "محرك استنتاج رمزياً" وهو مسؤول عن التفكير المنطقي، والذي يستخدم الرموز والقواعد المنطقية لإجراء استنتاجات. يتعرف النموذج اللغوي على الأنماط ويتنبأ بالخطوات اللاحقة في العملية. بينما يعتمد المحرك الرمزي بشكل كامل على المنطق والقواعد الدقيقة، وبالتالي يوجّه النموذج اللغوي نحو القرارات العقلانية.
يؤدي الجمع بين هذين الأسلوبين إلى حل المسائل الرياضية الصعبة بطريقة مشابهة لطريقة البشر في حل المسائل الهندسية، والجمع بين فهمهم الحالي والتجارب الاستكشافية.
لتعويض الندرة في بيانات التدريب الرياضية الهندسية، أنشأ الباحثون بيانات خاصة بهم، فأنتجوا ما يقرب من نصف مليار مخطط هندسي عشوائي وأدخلوها إلى المحرك الرمزي، والذي حلل بدوره كل مخطط وأنتج بيانات حول خصائصه، نُظِمت في 100 مليون دليل تركيبي لتدريب النموذج اللغوي.
بعد ذلك، اختبرت جوجل ديب مايند النظام في حل 30 مسألة هندسية من المسائل المطروحة في الأولمبياد الدولي للرياضيات، والمجموعة من عام 2000 إلى عام 2022، والأولمبياد الدولي للرياضيات هي مسابقة لأفضل طلاب الرياضيات في المدارس الثانوية.
اقرأ أيضاً: جوجل ديب مايند تستخدم نموذجاً لغوياً كبيراً لحل مسألة رياضية غير قابلة للحل
أنهى النظام حل 25 مسألة بطريقة صحيحة وفي الوقت المحدد، متجاوزاً النظام المماثل السابق، الذي طوّره عالم الرياضيات الصيني وين تسون وو عام 1978، والذي أكمل حل 10 مسائل فقط، وقريباً جداً مما يستطيع الطالب الحائز الميدالية الذهبية إنجازه، حيث يحل 25.9 مسألة.
كيف يعمل نظام ألفا جيومتري؟
عند تقديم مسألة هندسية لنظام ألفا جيومتري يبدأ بإنشاء دليل باستخدام المحرك الرمزي، وعندما لا يتمكن من حلها بمفرده يُضيف نموذج اللغة نقطة أو خطاً جديداً إلى الرسم التخطيطي. وهذا يفتح إمكانات إضافية للمحرك الرمزي لمواصلة البحث عن دليل. تستمر هذه الدورة، حيث يضيف نموذج اللغة عناصر مفيدة ويختبر المحرك الرمزي استراتيجيات إثبات جديدة، حتى يُعثر على حل يمكن التحقق منه.
قيّم إيفان تشين، مدرب الرياضيات والحاصل على الميدالية الذهبية في الأولمبياد سابقاً، مجموعة مختارة من حلول ألفا جيومتري، وقال إن نتائجه مثيرة للإعجاب، وإن نماذج الذكاء الاصطناعي السابقة كانت تقدّم مخرجات صحيحة في بعض الأحيان فقط وتحتاج إلى فحوصات بشرية، وهذا غير موجود لدى ألفا جيومتري، فحلوله لها بنية يمكن التحقق منها آلياً.
اقرأ أيضاً: كيف أدّت إسهامات الخوارزمي الرياضية إلى تطوير الذكاء الاصطناعي؟
أهمية النظام
تظهر أهمية هذا النظام في إكساب الآلات قدرات بشرية في حل المشكلات، ويمكن الاستفادة منه مستقبلاً في المجالات التي تعتمد على حل المشكلات الهندسية، مثل الرؤية الحاسوبية، والهندسة المعمارية، والفيزياء النظرية، فقد قال كووك في. لو، الباحث في جوجل ديب مايند وأحد مؤلفي البحث: "هذا مثال آخر يوضّح كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعدنا على تطوير العلوم وفهم العمليات الأساسية التي تحدد كيفية عمل العالم بطريقة أفضل".
وقبل الوصول إلى هذه المرحلة، يتطلب تطوير هذا النوع من الأنظمة لتصبح قادرة على التعامل مع المسائل المجردة والأكثر صعوبة، والتي يتعلمها طلاب الجامعات، وليس فقط المسائل التي يستطيع طلاب المدارس الثانوية حلها، والتي تدرب عليها ألفا جيومتري. لذلك جعلت جوجل ديب مايند كود ألفا جيومتري مفتوح المصدر لتفتح الباب أمام تطويره، وفتح إمكانات جديدة عبر الرياضيات والعلوم والذكاء الاصطناعي.