يمكن لنظام جديد لتعليم الروبوتات أداء مهمة منزلية في 20 دقيقة تقريباً أن يساعد مجال الروبوتات في التغلب على أحد أكبر التحديات التي يواجهها، وهو نقص بيانات التدريب.
يحمل النظام المفتوح المصدر اسم "دوب-إي" (Dobb-E)، وقد دُرِّب باستخدام بيانات جُمِعَت من منازل حقيقية. ويمكن أن يساعد في تعليم روبوت كيفية فتح مقلاة هوائية، أو إغلاق باب، أو تعديل وسادة، إضافة إلى مهام أخرى.
بماذا تختلف بيانات تدريب الروبوتات عن تلك المخصصة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى؟
وعلى حين تُدَرب أنواع أخرى من الذكاء الاصطناعي، مثل النماذج اللغوية الكبيرة، باستخدام مخزونات ضخمة من البيانات التي جُمِعت من الإنترنت، لا يمكن تطبيق الطريقة نفسها على الروبوتات، لأن هذه البيانات يجب أن تُجمَع فيزيائياً. وهو ما يجعل بناء قواعد بيانات مخصصة للتدريب وتوسيع حجومها عملية أصعب بكثير.
وبالمثل، قد يكون من السهل نسبياً تدريب الروبوتات على تنفيذ المهام داخل المختبر، غير أن هذه الظروف لا تنطبق بالضرورة على البيئة العشوائية وغير القابلة للتنبؤ للمنزل الحقيقي.
لمواجهة هذه المشاكل، توصل الفريق إلى طريقة بسيطة، ويمكن تكرارها بسهولة، لجمع البيانات المطلوبة لتدريب دوب-إي، وذلك باستخدام هاتف آيفون متصل بعصا التقاط، من النوع المستخدم عادة في التقاط القمامة. وبعد ذلك، ضبط الباحثون هاتف آيفون لتسجيل مقاطع فيديو لما كان يحدث.
وبعد ذلك، نفذ متطوعون في 22 منزلاً في مدينة نيويورك مجموعة من المهام باستخدام العصا، بما فيها فتح الأبواب والأدراج وإغلاقها، وتشغيل الإضاءة وإطفاؤها، ووضع المناديل الورقية المستعملة في سلة القمامة. وقد استُخدِمت أنظمة الليدار ومستشعرات الحركة والجيروسكوبات الموجودة في هواتف الآيفون، في تسجيل البيانات التي تخص الحركة والعمق والدوران، وهي معلومات مهمة بالنسبة لتدريب الروبوت على محاكاة حركات معينة بنفسه.
وبعد جمع كمية إجمالية بلغت 13 ساعة من التسجيلات وحسب، استخدم الفريق البيانات لتدريب نموذج ذكاء اصطناعي كي يعلم روبوتاً كيفية أداء هذه المهام. وقد استخدم النموذج تقنيات التعلم الخاضعة للإشراف الذاتي، التي تعلّم الشبكات العصبونية كيفية تحديد الأنماط في مجموعات البيانات بنفسها، دون أي استرشاد بمساعدة أمثلة مصنفة.
اقرأ أيضاً: تعرّف إلى أوبتيموس 2: أحدث روبوت من شركة تسلا
تتضمن الخطوة التالية إجراء اختبار على الروبوت المتوفر تجارياً الذي يحمل اسم "ستريتش" (Stretch)، والذي يتكون من وحدة مزودة بعجلات وعمود طويل وذراع قابلة للطي، لدراسة موثوقيته وقدرته على تنفيذ هذه المهام بالاعتماد على نظام الذكاء الاصطناعي. وقد ثُبِّت هاتف آيفون محمول في قاعدة مصنعة بالطباعة الثلاثية الأبعاد على ذراع ستريتش لمحاكاة نظام العصا.
تنفيذ المهام المنزلية من قبل الروبوت
واختبر الباحثون الروبوت في 10 منازل في نيويورك على مدى 30 يوماً، وتمكن من تنفيذ 109 مهام منزلية بالكامل بمعدل نجاح بلغ 81%. احتاج دوب-إي عموماً إلى 20 دقيقة تقريباً لتعلم كل مهمة، 5 دقائق من العرض التوضيحي الذي يظهر فيه شخص بشري يستخدم العصا مع جهاز آيفون مثبت عليها، متبوعة بـ 15 دقيقة من الضبط الدقيق، حيث يقارن النظام تدريبه السابق مع العرض التوضيحي الجديد.
وبعد انتهاء عملية الضبط الدقيق، تمكن الروبوت من تنفيذ مهام بسيطة، مثل صب سائل من كوب، وفتح ستائر النوافذ والحمام، وسحب صناديق الألعاب اللوحية من على رف. تمكن الروبوت أيضاً من تنفيذ عدة مهام متتالية بسرعة، مثل وضع علبة في كيس لإعادة التدوير، ورفع الكيس بعد ذلك.
لكنه لم ينجح في تنفيذ المهام كلها. فقد كان النظام يصاب بالارتباك بسبب السطوح العاكسة، مثل المرايا. ونظراً لانخفاض مركز ثقل الروبوت، فقد تبين أن المهام التي تتطلب سحب شيء ثقيل ومرتفع، مثل فتح أبواب الثلاجة، أعمال محفوفة بالمخاطر للغاية.
اقرأ أيضاً: هيكل خارجي روبوتي يساعد العدّائين على الجري بسرعة أكبر
عناصر تطوير مفتوحة المصدر
يمثل هذا البحث تقدماً ملموساً في مجال الروبوتات المنزلية، كما يقول المؤسس المشارك في شركة الروبوتات هيلو روبوت (Hello Robot) والأستاذ المساعد السابق في معهد جورجيا للتكنولوجيا، تشارلي كيمب. وعلى الرغم من أن فريق دوب-إي استخدم الروبوت المخصص للأبحاث لدى شركة هيلو روبوت، فإن كيمب لم يشارك في المشروع.
يقول كيمب: "لا شك في أن مستقبل الروبوتات المنزلية قادم إلينا حقاً. ولم يعد مجرد حلم جنوني". ويضيف قائلاً: "لطالما كان توسيع نطاق البيانات أحد أبرز التحديات في مجال الروبوتات، وهذه طريقة ذكية ومبتكرة للغاية لحل هذه المشكلة".
حتى الآن، ما يزال النجاح في مجال الروبوتات المنزلية يقتصر على روبوت رومبا (Roomba) وغيره من المكانس الكهربائية الروبوتية، وفقاً للأستاذ المساعد المختص بعلم الحاسوب في جامعة ستانفورد، جياجون وو، الذي لم يشارك في البحث. يتسم عمل روبوتات رومبا بدرجة أعلى من السهولة لأنها لا تتفاعل مع الأجسام، بل إن هدفها في الواقع هو تفادي هذه الأجسام. أما تطوير الروبوتات المنزلية القادرة على تنفيذ نطاق واسع من المهام فهو أصعب بكثير، وهو ما يمكن أن يساعد هذا البحث في تحقيق تقدم فيه.
صمم الفريق البحثي من جامعة نيويورك عناصر المشروع كلها بحيث تكون مفتوحة المصدر، ويأملون بأن الآخرين سيحصلون على الرموز البرمجية من الإنترنت ويساعدون على توسيع نطاق المهام التي تستطيع الروبوتات التي تعتمد على دوب-إي تنفيذها.
اقرأ أيضاً: 4 أنواع من الروبوتات الحديثة تسهل حياتك اليومية
يقول الباحث المختص بعلم الحاسوب في جامعة نيويورك، ليريل بينتو، الذي عمل على المشروع: "نأمل بالحصول على المزيد من البيانات، والوصول إلى مرحلة تتيح لنظام دوب-إي التعامل مع أي منزل جديد دون الحاجة إلى المزيد من الأمثلة.
نسعى إلى الوصول إلى مرحلة لا نضطر عندها إلى تعليم الروبوت أي مهام جديدة، لأنه يعرف مسبقاً المهام المطلوبة كلها في معظم المنازل".