لماذا يجب أن نتغلب على مخاوفنا من تطوير الذكاء الاصطناعي؟

شهدنا مؤخراً قلقاً متزايداً بشأن تطور الذكاء الاصطناعي، حيث يعتقد البعض أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي إلى تقدمٍ كبيرٍ ضمن العديد من مجالات العلوم والقطاعات الصناعية. من ناحية أخرى، يشعر آخرون بالقلق حيال إمكانية سوء استخدام الذكاء الاصطناعي أو حتى الوصول إلى مستقبل بائس حيث تتحكم الآلات بالبشر.

ينبغي ألّا أن نبطئ أو نجهض عملية التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك لعدة أسباب وجيهة وأبرزها ما يلي:

تعزيز النمو الاقتصادي

للذكاء الاصطناعي القدرة على زيادة الإنتاجية والكفاءة في مجموعة متنوعة من القطاعات، ما يسهم في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي. فمن خلال تعزيز العمليات وتطوير المنتجات والخدمات المبتكرة، يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الشركات في قطاعات متعددة تشمل التصنيع والرعاية الصحية والتمويل، ومساعدتها لتصبح أكثر كفاءة وإنتاجية، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى الازدهار وتحقيق النمو الاقتصادي.

من خلال القدرة على تحليل كميات هائلة من البيانات، يوفّر الذكاء الاصطناعي أيضاً رؤى قيمة للشركات وصانعي السياسات. وباتخاذ قرارات أكثر استنارة بناءً على هذه الرؤى، يمكن للمؤسسات تحسين عملياتها وتخصيص الموارد بشكلٍ أكثر فاعلية، ما يؤدي إلى نتائج أفضل وعوائد أعلى.

القضاء على وظائف وتوفير أخرى جديدة

في حين أن الذكاء الاصطناعي سيأخذ على الأرجح بعض وظائفنا، إلّا أنه سيمنحنا أدواراً جديدة تتطلب مهارات متخصصة، مثل مهندسي الذكاء الاصطناعي وعلماء البيانات ومدربي الذكاء الاصطناعي والقائمين على أخلاقيات الذكاء الاصطناعي ومهندسي روبوتات الدردشة واستراتيجيي أعمال الذكاء الاصطناعي ومتخصصي التعلّم الآلي وغيرهم الكثير. على مرّ التاريخ، كان التحول إلى مجالات جديدة خلال الثورات الصناعية أمراً لا مفر منه. ومع ذلك، هذه المرة يحدث هذا التحول بسرعة غير مسبوقة.

التصدي للتحديات العالمية

يمكن للحلول الطبية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي تحسين نتائج المرضى وتقليل تكاليف الرعاية الصحية، حيث يساعد الذكاء الاصطناعي على تطوير علاجات جديدة للأمراض التي قد تكون بعيدة عن متناول الأبحاث الطبية التقليدية. يمكن للتكنولوجيا الزراعية المدعومة من قِبل الذكاء الاصطناعي أن تساعد المزارعين على زيادة غلة محاصيلهم أو تقليل النفايات أو حتى زراعة المحاصيل في المناخات القاحلة مثل دول مجلس التعاون الخليجي، وبالنتيجة تتمكن المنطقة من الوصول إلى حلولٍ عملية لتحقيق الأمن الغذائي. على صعيد آخر، يمكن أن تساعد أدوات التعليم المدعومة بالذكاء الاصطناعي على سد الفجوة التعليمية، وتمكين المزيد من الناس من الوصول إلى التعليم السليم أو تحقيق الحرية المالية.

خفض تكاليف العمّال وتعزيز الكفاءة

من خلال استبدال الوظائف التي تتطلب مهاماً متكررة مثل إدخال البيانات أو خدمة العملاء، باستطاعة الذكاء الاصطناعي الحد من تكاليف العمّال وتعزيز السرعة المطلوبة لتنفيذ عمليات معينة. ويمكن لذلك أن يفيد الشركات بشكلٍ كبير من خلال توفير فرصة التركيز على الأنشطة ذات القيمة الأعلى مع الحفاظ على مستويات الإنتاج التنافسية.

إطلاق العنان للإبداع البشري

يساعد الذكاء الاصطناعي في تحرير البشر من المهام الروتينية والمتكررة، ما يمنحهم القدرة على استكشاف المساعي الإبداعية التي قد تؤدي إلى الابتكار في مجال العلوم والتكنولوجيا. ومع وجود عددٍ أقل من العمليات الروتينية في جدول أعمالنا، يمكننا تحويل تركيزنا نحو الابتكار والتجارب. ونتيجة لذلك، يمكننا الوصول إلى تقنيات جديدة تجعل حياتنا أسهل أو تؤدي إلى ظهور صناعات جديدة كُلياً.

تعزيز القدرات البشرية

يمكن للتكنولوجيا مثل واجهات الدماغ الحاسوبية، دمج الأدمغة البيولوجية مع الذكاء الاصطناعي، ما يمكّن البشر من الوصول إلى قدرات معرفية غير مسبوقة. ومن خلال التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، يمكن للبشر اكتساب قدرات معززة مثل تحسين الذاكرة أو اتخاذ قرارات أفضل أو حتى العيش فترة أطول وبصحة أفضل.

لا مجال بعد الآن لوقف مسيرة الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي هو بمثابة طائرة على وشك الإقلاع ولا يمكن عرقلة مسارها، ومحاولة تقييد نمو الذكاء الاصطناعي ستبوء بالفشل، إذ أي نوع من العراقيل يمكن تجاوزه بسهولة من قِبل جهات تطور الذكاء الاصطناعي الخبيث، الذي يختلف عن مفهوم "الذكاء الاصطناعي ذو النوايا الحسنة" اختلافاً كبيراً، وذلك بحسب القيم والأهداف التابعة للدول أو المنظمات القائمة عليه. لذا يجب أن تُبذل جهود السيطرة على تطوير الذكاء الاصطناعي بحذرٍ شديدٍ، ويجب علينا تجنب العواقب غير المقصودة التي قد تسيء إلى القيم التي نسعى إلى حمايتها بأي ثمن.

الشؤون التنظيمية حول الذكاء الاصطناعي

على الرغم من المخاطر المحتملة والمرتبطة بتقدم الذكاء الاصطناعي، فمن الخطأ إبطاء أو إيقاف تطور هذه الثورة التكنولوجية. وينبغي لنا أن نحتضنها ونستثمر فيها من أجل تحسين أحوال البشرية. ولكن ينبغي لنا أيضاً إيجاد سبل لتنظيم التنمية في مجال الذكاء الاصطناعي.

قد يشير أولئك الذين يؤيدون فكرة التنظيم إلى مخاوف بشأن التحيز الخوارزمي وفقدان الوظائف والمخاطر الأمنية. وفي الوقت نفسه، قد يجادل معارضو التنظيم بأن مثل هذه الجهود الحكومية قد تقتل الابتكار أو تبطئ التقدم في هذا المجال. الوقت وحده كفيل بإثبات الكيفية التي من المتوقع أن يحقق بها صانعو السياسات وقادة الصناعة وغيرهم من أصحاب المصلحة التوازن الصحيح.