مع اشتداد سباق التسلح في مجال الذكاء الاصطناعي، بدأت غالبية الشركات، وبخاصة العملاقة منها، العمل بجدية للّحاق بالسباق وأخذ مقعد بارز على طاولة المنافسة؛ ومن ضمنها شركة أمازون التي بدأت وفقاً لتقارير عدة في اختبار نموذجها اللغوي الكبير على أمل تحدي النماذج التي ظهرت بالفعل؛ ولكن الهدف الأهم هو الحصول على نصيبها من الأرباح الواعدة التي تجلبها سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي الآخذة في الارتفاع.
وفي حين أن هذه ليست المرة الأولى التي تدخل فيها شركة أمازون في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي؛ حيث أصدرت في سبتمبر/أيلول من العام الحالي نموذجاً لغوياً كبيراً يسمَّى "تيتان" (Titan)؛ إلا أنه من المرجح أن يكون نموذجها الجديد الذي أطلقت عليه اسم "أوليمبوس" (Olympus) أكبر إصدار لها حتى الآن.
إليك كل ما يجب أن تعرفه عن النموذج اللغوي الكبير الذي تخطط شركة أمازون لإطلاقه، وكيف سيتنافس مع النماذج اللغوية الكبيرة الموجودة الآن، وما أبرز نقاط قوته وتطبيقاته المحتملة.
ما الذي نعرفه عن النموذج اللغوي الكبير أوليمبوس الذي تطوره شركة أمازون؟
مع تحول الذكاء الاصطناعي إلى أحد أكبر فرص التدفق النقدي في وادي السليكون، فإن بعض أكبر شركات التكنولوجيا؛ بما فيها ميتا ومايكروسوفت وجوجل، بدأت المنافسة والسباق الفعلي لتأمين هيمنتها في صناعة الذكاء الاصطناعي التوليدي.
لذا مع احتدام المنافسة؛ ليس من المستغرب أن تتطلع شركة أمازون إلى تأمين حصتها في السوق أيضاً، فوفقاً لتقرير من موقع إذي إنفورميشن (The Information) نقلاً عن أشخاص مطلعين؛ فإن شركة أمازون بدأت إنفاق ملايين الدولارات لتدريب نموذجها اللغوي الكبير الذي يحمل الاسم الرمزي "أوليمبوس" (Olympus) أملاً في تحدي النماذج التي تطورها شركتا أوبن أيه آي وجوجل.
وبحسب التقرير نفسه؛ فإن النموذج اللغوي الكبير الخاص بشركة أمازون من المتوقع تدريبه على 2 تريليون معلمة، وهو أكبر بمرتين من المقدار الذي تدرب عليه نموذج جي بي تي 4 (GPT-4) الذي تطوره شركة أوبن أيه آي، وقد يكون أحد أكبر النماذج اللغوية الكبيرة التي أُنشئت على الإطلاق؛ ما يجعله أكثر مهارة في فهم السياق وأقل احتمالية لارتكاب الأخطاء.
ومن المتوقع أن يُسْتَخْدَم النموذج اللغوي الجديد أوليمبوس من أمازون لتشغيل الميزات الجديدة في متجر البيع بالتجزئة عبر الإنترنت، والمساعد الصوتي أليكسا (Alexa) عبر أجهزة إيكو (Echo) الخاصة بها، ووحدة السحابة التابعة إلى شركة أمازون ويب سيرفيسز (Amazon Web Services، اختصاراً أيه دبليو إس AWS).
بالإضافة إلى ذلك، ووفقاً لعدة تقارير؛ من المتوقع أن يُطَوَّر النموذج أوليمبوس ويُوفَّر لعملاء الشركات بالكيفية نفسها التي تقوم بها شركتا مايكروسوفت وأوبن أيه آي بتوفير خدماتهما؛ حيث توفران خطة اشتراك مدفوعة على مستوى المؤسسات مثل تشات جي بي تي إنتربرايز (ChatGPT Enterprise) ومايكروسوفت كوبايلوت (Microsoft Copilot).
وبحسب المطلعين على أعمال الشركة؛ فإن أمازون تريد التركيز على بناء نماذج لغوية كبيرة خاصة بها لجعل عروضها أكثر جاذبية، لجذب عملاء المؤسسات الذين يرغبون في الوصول إلى النماذج العالية الأداء بدلاً من استضافة نماذج الشركات المنافسة لها عبر خدمتها السحابية أيه دبليو إس (AWS).
اقرأ أيضاً: كيف أدّت خوارزمية أمازون السرية إلى التلاعب بالأسعار وسحق المنافسين؟
كيف تُمكن مقارنة النموذج اللغوي أوليمبوس مع نموذج جي بي تي 4؟
وفقاً للمطلعين والمتابعين؛ فإن هدف شركة أمازون من تطوير نموذجها اللغوي الكبير هو التنافس مباشرةً مع النماذج المتوفرة حالياً التي تدعم بوتات الدردشة مثل تشات جي بي تي وبارد، وأول ملامح المنافسة عزمُ الشركة على تدريب النموذج على نحو 2 تريليون معلمة من البيانات، وهو ما يعادل تقريباً ضعفَيّ عدد المعلمات التي دُرّب عليها نموذج جي بي تي 4 (GPT-4) الذي يُعد على نطاق واسع أفضل نموذج لغوي كبير موجود في السوق حتى الآن.
جدير بالذكر أن شركة أوبن أيه آي أعلنت مؤخراً عن نموذج لغوي جديد يُسمى "جي بي تي 4 تربو" (GPT-4 Turbo)، ومن المتوقع أن يوفر نافذة سياق أكبر بكثير، وأكثر معرفة بالأحداث العالمية حتى أبريل/نيسان 2023 مقارنة بالنموذج السابق جي بي تي 4 (GPT-4).
وعلى الرغم من أنه لم يُعْلَن عن أي معلومات أكثر تفصيلاً بخصوص عدد المعلمات (Parameters) التي سيتدرب عليها النموذج الجديد، فإنه مع قيام شركة أوبن أيه بزيادة المعلمات مع كل ترقية جديدة لنموذجها اللغوي الكبير، من المرجح جداً أن تكون منافستها مع نموذج شركة أمازون قريبة جداً وأكثر ضراوة.
ومع ذلك، فبحسب المطلعين؛ ليس من الواضح متى ستنتهي شركة أمازون من تطوير نموذج أوليمبوس، أو متى سيُشَغَّل عبر الإنترنت على نحو أساسي؛ ولكن من المتوقع، على نحو كبير، أن يُعلَن عن النموذج اللغوي الكبير الجديد رسمياً في حدث الشركة أيه دبليو إس ري: إنفينيت 2023 (AWS re: Invent 2023) والمقرر في نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
اقرأ أيضاً: هل سنتمكن من استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بدون إنترنت؟
أمازون تضاعف جهودها في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي
في حين أن إطلاق شركة أمازون للنموذج اللغوي الكبير أوليمبوس من المقرر أن يكون أكبر إنجاز لها في مجال الذكاء الاصطناعي حتى الآن؛ إلا أنها ليست المرة الأولى التي تخوض فيها الشركة سباق الذكاء الاصطناعي.
ففي شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الحالي، أطلقت الشركة أداة الذكاء الاصطناعي بيدروك (Bedrock) التي تعمل على نحو أساسي بوصفها متجراً شاملاً لنماذج الذكاء الاصطناعي؛ حيث تتيح إنشاء تطبيقات الذكاء الاصطناعي المنتجة وتوسيع نطاقها، وهي أداة موجهة للشركات التي ترغب في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحسين منتجاتها وخدماتها وعملياتها.
كما أصدرت الشركة مؤخراً نظام تيتان (Titan) لدعم مجموعة متنوعة من حالات الاستخدام؛ مثل إنشاء النص والتلخيص والبحث الدلالي والتوليد المعزز للاسترجاع، وهو نظام يشبه بيدروك؛ لكنه يوفر تخصيصاً أكبر قليلاً عبر البنية التحتية للخدمة السحابية أمازون ويب سيرفيسز (Amazon Web Services).
وعلاوة على ذلك، أعلنت الشركة في شهر سبتمبر/أيلول من العام الحالي عن استثمار 4 مليارات دولار في شركة أنثروبيك (Anthropic) العاملة في مجال سلامة أبحاث الذكاء الاصطناعي التوليدي؛ ما يمنح الموظفين والعملاء سهولة الوصول إلى تكنولوجيا الشركة ومساعدة أمازون على اكتساب النفوذ في سوق الذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضاً: الوجه الآخر للذكاء الاصطناعي التوليدي: تقرير من شركة سعودية عن مخاطر الذكاء الاصطناعي
إذا كانت تقارير الأرباح الأخيرة الصادرة عن شركات مثل جوجل ومايكروسوفت تمثل أي دلالة بخصوص استثمارات أمازون الأخيرة في الذكاء الاصطناعي، فمن المرجح أن تؤتي جهود الشركة ثمارها. ومع ذلك، من المهم وضع التكلفة الأوسع للتطوير السريع للذكاء الاصطناعي والسباق المحموم بين الشركات في الاعتبار، وبخاصة مع اتفاق الشخصيات البارزة في السياسة والتكنولوجيا مؤخراً في قمة سلامة الذكاء الاصطناعي على المخاطر التي يمكن أن تشكلها هذه التكنولوجيا.