استهلاك المياه لتبريد مراكز البيانات: مشكلة عالمية تبحث عن حلول

3 دقائق
استهلاك المياه لتبريد مراكز البيانات: مشكلة عالمية تبحث عن حلول
حقوق الصورة: shutterstock.com/WIROJE PATHI

تعد مراكز البيانات العمود الفقري لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فهي توفر تخزين البيانات ومعالجتها ونقلها لمختلف التطبيقات والخدمات، مثل الحوسبة السحابية والألعاب عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي. لكن مراكز البيانات لها تأثير بيئي واجتماعي كبير، خاصة فيما يتعلق باستهلاكها للمياه.

يشكل استهلاك المياه في مراكز البيانات تحديات ومخاطر كبيرة على البيئة والمجتمع، ويتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وابتكارات لتحقيق الاستدامة. فالمياه مورد ثمين، وتوفرها وجودتها مهددان بسبب تغير المناخ والنمو السكاني.

اقرأ أيضاً: كيف يؤثّر تآكل إطارات السيارات الكهربائية في صحة البشر والحياة البرية؟

كيف تستخدم مراكز البيانات الماء ولماذا؟

تستخدم مراكز البيانات المياه بشكل أساسي للتبريد، فهي تولد الكثير من الحرارة من الخوادم والأجهزة الأخرى.

يُستخدم الماء بطرق مختلفة لتبريد مراكز البيانات، بعض الطرق الشائعة هي:

  • أنظمة التبريد الهوائية: تستخدم هذه الأنظمة مراوح لضخ الهواء البارد إلى الخوادم، وإخراج الهواء الساخن للخارج. يُستخدم الماء لتبريد الهواء قبل دخوله، أو لترطيب الهواء ومنع انتشار شحنات الكهرباء الساكنة والتآكل. يُستخدم الماء أيضاً لتبريد مولدات الطاقة.
  • أنظمة التبريد المائية: تستخدم هذه الأنظمة الماء أو خليطاً من الماء ومضاد للتجمد ينتقل عبر الأنابيب المرتبطة بالخوادم، يؤدي ذلك لنقل الحرارة إلى برج التبريد أو المبادل الحراري. يُستخدم الماء لتبريد هذا البرج أو المبادل، ولتعويض الماء المفقود بسبب التبخر أو التسرب.
  • أنظمة التبريد بالغمر: تستخدم هذه الأنظمة سائلاً عازلاً، وهو سائل غير موصل للكهرباء، لغمر الخوادم في خزان أو حاوية محكمة الغلق. يمتص السائل الحرارة من الخوادم ثم ينقلها إلى نظام التبريد. يُستخدم الماء لتبريد السائل، ولتعويض السائل الذي يتبخر مع مرور الوقت.

اقرأ أيضاً: طريقة جديدة لفلترة المياه باستخدام البكتيريا الزرقاء المعدّلة وراثياً

لماذا تحتاج مراكز البيانات إلى التبريد؟

تحتاج مراكز البيانات إلى التبريد لأنها تولد الكثير من الحرارة نتيجة تشغيل الخوادم. تنتج هذه الحرارة بسبب المقاومة الكهربائية للمكونات، واحتكاك الأجزاء المتحركة، وعدم كفاءة تحويل الطاقة.

يمكن أن تؤثر الحرارة على أداء مركز البيانات، وقد تشكل خطراً على سلامة الموظفين وراحتهم، ويمكن أن تؤدي إلى إتلاف الأجهزة، ما يتسبب في حدوث أعطال أو نشوب حرائق.

يختلف نطاق درجة الحرارة الأمثل لمراكز البيانات اعتماداً على نوع المعدات وتصميمها، ولكنها وفقاً للجمعية الأميركية لمهندسي التدفئة والتبريد وتكييف الهواء (ASHRAE)، تتراوح بين 18 و27 درجة مئوية.

اقرأ أيضاً: تحلية مياه البحر: شريان الحياة لمراكز البيانات في دول الخليج

كمية المياه التي تستهلكها مراكز البيانات حول العالم

تستهلك مراكز البيانات حول العالم الكثير من المياه، ومن المتوقع أن يزداد الاستهلاك مستقبلاً، وذلك بسبب الطلب المتزايد على البيانات وارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ.

من الصعب تقدير الكمية الدقيقة للمياه التي تستهلكها مراكز البيانات، إذ لا توجد بيانات موحدة أو شاملة متاحة حول استخدام المياه وكفاءة مراكز البيانات المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، يعتمد استهلاك المياه على عوامل مختلفة، مثل حجم مركز البيانات وموقعه ونوعه وتصميمه وتشغيله، فضلاً عن الظروف الجوية ومصادر المياه.

في تقرير مايكروسوفت البيئي الذي أصدرته شهر سبتمبر/أيلول 2023، كشفت الشركة الأميركية أن استهلاكها العالمي للمياه ارتفع بنسبة 34% في الفترة من 2021 إلى 2022 ليصل إلى نحو 6.4 مليار لتر، أي أكثر من 2500 حوض سباحة أولمبي، وهي زيادة كبيرة مقارنة بالسنوات السابقة، ربطها باحثون بنمو قطاع الذكاء الاصطناعي الذي تتبناه الشركة.

اقرأ أيضاً: هل بالإمكان فعلاً عزل الكربون باستخدام الأعشاب البحرية؟

الذكاء الاصطناعي يزيد استهلاك مراكز البيانات للمياه

أسهم الذكاء الاصطناعي في زيادة استهلاك المياه في مراكز البيانات، لأنه يتطلب الكثير من موارد الحوسبة لمعالجة كميات كبيرة من البيانات، يعني ذلك الحاجة إلى المزيد من الطاقة والتبريد.

يتطلب الذكاء الاصطناعي أيضاً أجهزة أكثر تطوراً، مثل وحدات معالجة الرسومات (GPUs)، التي تولد المزيد من الحرارة وتحتاج إلى تبريد أكثر من الأجهزة التقليدية. يتطلب الذكاء الاصطناعي أيضاً تدريباً واختباراً أكثر وأطول، ما يزيد من مدة التشغيل والعمل الذي ينعكس على شكل زيادة في الإنتاج الحراري لمركز البيانات.

اقرأ أيضاً: هل يمكن أن يمثّل الأمونيا وقوداً نظيفاً لمركبات المستقبل؟

الحلول المقترحة لمشكلة استهلاك المياه في مراكز البيانات

يعتبر استهلاك المياه في مراكز البيانات مشكلة خطيرة وملحة، لأنها تهدد توافر المياه للبيئة والمجتمع، كما أنها تؤدي إلى تفاقم آثار تغير المناخ. لذلك، يجب اتخاذ إجراءات لتقليل البصمة المائية لمراكز البيانات. يتمثل بعض الحلول المقترحة في:

استخدام طرق تبريد أخرى

وهي طرق تبريد لا تعتمد على الماء أو تستخدم كمية أقل من الماء. على سبيل المثال، تستخدم بعض مراكز البيانات نظام التبريد الهوائي الذي يستخدم المراوح لتدوير الهواء وطرد الحرارة من الخوادم، لكنه أقل كفاءة من تبريد الماء.

نقل مراكز البيانات إلى الأماكن الباردة

تم بالفعل إنشاء بعض مراكز البيانات في بلدان الشمال الأوروبي، مثل السويد وفنلندا وآيسلندا، حيث يمكنها الاستفادة من درجات الحرارة المنخفضة هناك. تستخدم هذه المراكز التبريد المجاني، الذي يعتمد على الهواء الطبيعي البارد والرطب دون الحاجة إلى أنظمة تبريد.

استخدام مياه البحار والمحيطات

يستخدم بعض مراكز البيانات أنظمة التبريد بمياه البحر، التي تضخ مياه البحر المالحة وتستخدمها للتبريد. هذه الأنظمة تقلل الحاجة إلى المياه العذبة، لكن لها بعض العيوب، مثل التآكل الذي قد تتعرض له مكونات نظام التبريد بسبب الأملاح.

اقرأ أيضاً: الإنفاق العالمي على الطاقة الشمسية يتجاوز الإنفاق على إنتاج النفط

إنشاء مراكز البيانات تحت الماء

تعتمد هذه الطريقة على غمر مراكز البيانات في مياه البحر أو المحيط، بحيث يمكنها استخدام المياه المحيطة للتبريد. يمكن لهذه المراكز أيضاً أن تقلل مساحة الأراضي التي تشغلها، لكنها تواجه تحديات عديدة مثل الصيانة والاتصال وقابلية التوسع.

المحتوى محمي