مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة، أصبح التسويق عبر المؤثرين أداةً قوية للعلامة التجارية للتواصل مع جمهورها المستهدف لدفع عجلة النمو وتطوير الأعمال. ووفقاً لتقرير أصدرته إنفلونسر ماركتينغ هاب، من المتوقع أن تنمو هذه الصناعة إلى ما يقارب 21 مليار دولار للعام 2023.
يُعرّف التسويق عبر المؤثرين على أنه تعاون بين مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي والعلامات التجارية وذلك بغرض الترويج لمنتجات أو خدمات هذه الشركات.
الذكاء الاصطناعي يغير قواعد اللعبة
يغير الذكاء الاصطناعي الطريقة التي تنظر بها العلامات التجارية إلى التسويق، وتكمن الميزة الحقيقية لتطبيق الذكاء الاصطناعي في صناعة التسويق عبر المؤثرين في سرعته ودقته التي تساعد في دفع الحملة التسويقية إلى مستوى لا مثيل له.
يستخرج الذكاء الاصطناعي القيمة الحقيقية من البيانات ويدرسها من عدة أوجه ووجهات نظر، مثل آلية عمل الخوارزميات والتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية للشركات ودراسة تأثير طرق التسويق المختارة على النتائج، ما يفيد في تحقيق النجاح في الحملات الإعلانية وبالتالي بلوغ أهداف الشركة.
اقرأ أيضاً: ما الدور الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في التسويق وصون سمعة العلامات التجارية؟
كيف تستثمر الشركات الذكاء الاصطناعي في التسويق عبر المؤثرين؟
مع زيادة اعتماد الذكاء الاصطناعي في الأعمال، تسعى الشركات لوضع سياسات استخدام للذكاء الاصطناعي لتحقيق استخدام هذه التكنولوجيا بشكل أخلاقي ومسؤول.
فيما يلي بعض الطرق التي يغيّر الذكاء الاصطناعي عملية التسويق هذه وحل التحديات التي تواجهها الشركات عند تبني هذه الاستراتيجية:
1. تحديد المؤثرين المناسبين
يتمثل أحد أكبر التحديات بالنسبة للشركات في العثور على المؤثرين المناسبين للعمل معهم، خصوصاً مع تزايد عمليات الاحتيال التي يقوم بها بعض الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي مثل شراء المتابعين الوهميين وبوتات المتابعة. ووفقاً للإحصاءات الصادرة عن إنفلونسر ماركتينغ هاب يقلق احتيال المؤثرين 67% من العلامات التجارية، وهنا يبرز دور الذكاء الاصطناعي في الكشف عن الاحتيال من خلال إجراء بحث شامل على ملف تعريف المؤثر وتحديد أي دلالات على وجود المتابعين المزيفين أو الاحتيال، وذلك عن طريق اكتشاف متى يكون للمؤثرين الذين يمتلكون عدداً كبيراً من المتابعين معدل مشاركة منخفضاً، وإذا كان هناك ارتفاع مفاجئ في عدد المتابعين في أي ملف تعريف بسبب شراء متابعين مزيفين، فسيكون الذكاء الاصطناعي قادراً على التقاطه.
اقرأ أيضاً: 10 تطبيقات للذكاء الاصطناعي في مجال التسويق الرقمي
2. التنبؤ بنجاح الحملات التسويقية
يساعد الذكاء الاصطناعي العلامات التجارية على اتخاذ قرارات أكثر استنارة حول المؤثرين الذين يجب العمل معهم من خلال التحليلات التنبؤية، ودراسة الحملات السابقة ونتائجها بالإضافة لتحديد المنتجات التي يجب الترويج لها، ومقدار الاستثمار في الحملة.
من جهة أخرى، يقدّم تحليل بيانات منصات التواصل الاجتماعي رؤى مستنيرة حول مدى الوصول والمشاركة والمبيعات الناتجة عن الحملة، ما يمكن أن يساعد العلامات التجارية على فهم عمل المؤثرين والمحتوى الأكثر فعالية، وتمكينهم من تكييف استراتيجياتهم وتعديلها بسرعة إذا كانت الحملة لا تعمل كما يجب.
3. إنشاء المحتوى
مؤخراً ساعد الذكاء الاصطناعي التوليدي في تقديم محتوى لحملات تسويق المؤثرين، وانتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي. إذ يمكن لبعض أدوات الذكاء الاصطناعي إنشاء تسميات توضيحية وعلامات تصنيف وحتى منشورات كاملة بناءً على دليل إرشادات العلامة التجارية وتفضيلاتها، وبالتالي توفير الوقت والموارد لكل من العلامة التجارية والمؤثر.
اقرأ أيضاً: إطلاق العنان لقدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي GenAI: بناء حلول مستقبلية مخصصة
أهم التحديات التي يجب أخذها بالاعتبار لعملية تسويق ناجحة من خلال المؤثرين
ينمو دور الذكاء الاصطناعي بعالم التسويق ككل بشكل مطرد، ولكن يتعيّن علينا أن نحدد متى علينا استخدامه ومتى نقف في صفوف المتفرجين، وفي بعض الأحيان تشكل التكنولوجيّات الحديثة تحديّاً حقيقياً بالنسبة للشركات وفي مجال التسويق عبر المؤثرين. إليك أهم التحديات التي علينا أخذها بعين الاعتبار:
1. لا شيء يضاهي الإبداع البشري
في عصر انتشار أدوات توليد المحتوى بالذكاء الاصطناعي، أصبح الإبداع والقدرة على الابتكار قضيّة جودة بالنسبة للشركات الباحثة عن المحتوى الأصلي لتقديمه لجمهورها المستهدف.
وتكمن المشكلة في أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي على الرغم من تطورها فإنها غير قادرة على توليد أفكار جديدة بشكل جذري، لأنها تعتمد على البيانات التي تم تدريبها عليها ومدخلات المستخدم. وعند استخدامها للتسويق تخاطر الشركات بالقضاء على التعبير الفني واللمسة البشرية الفريدة التي تعد جزءاً لا يتجزأ من عملية إنشاء المحتوى الذي يجذب الجمهور ويثير الاهتمام ويبني جسور التواصل بين العلامة التجارية والجمهور.
اقرأ أيضاً: لماذا هُزِم الذكاء الاصطناعي أمام هانز زيمر؟
2. منافسة شرسة
أدى الذكاء الاصطناعي إلى تبسيط إنشاء المحتوى، إذ لم يعد المؤثرون بحاجة إلى قضاء ساعات في البحث عن الأفكار والعصف الذهني لإنشاء المحتوى الفريد، وهذا ما مهّد لظهور منافسة بين المبدعين، خصوصاً أن المزيد من اليافعين يرغبون في أن يصبحوا مؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي.
3. القوانين والامتثال
تعد قضية حقوق النشر والملكية الفكرية واحدة من أصعب التحديات التي تواجهها أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي أصبحت منتشرة بشكل متزايد في الصناعات الإبداعية. على سبيل المثال، من سيكون لديه حقوق ملكية المحتوى الذي تم إنشاؤه من خلال أدوات الذكاء الاصطناعي أو العلامة التجارية أو المحتوى المولد بالذكاء الاصطناعي الذي يقدمه المؤثر؟ لذا يُنصح بالبحث في القوانين ولوائح الامتثال حسب البلد قبل البدء باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في أي مجالٍ كان.
اقرأ أيضاً: أداة جديدة تمنح الفنانين أفضلية في مواجهة الذكاء الاصطناعي
4. فقدان التفرد والأصالة
يمكن أن يؤدي الإفراط في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي إلى محتوى متكرر ومتشابه على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط، ما يؤدي إلى فقدان التفرّد والأصالة، ويضر المؤثرين والعلامات التجارية على المدى الطويل.
إلى جانب استخدام الذكاء الاصطناعي في صلب موضوع التسويق عبر المؤثرين مثل صناعة المحتوى المرئي والمكتوب وتحسين استراتيجيات التسويق واختيار المؤثرين بناءً على البيانات، انتشر نوع جديد من المؤثرين يُسمى المؤثرون الافتراضيون، وهم شخصيات تم إنشاؤها بواسطة الرسوم المتحركة والنمذجة ثلاثية الأبعاد والذكاء الاصطناعي. يتم استخدامها للترويج للعلامات التجارية والمنتجات على وسائل التواصل الاجتماعي تماماً مثل المؤثر العادي.
اقرأ أيضاً: ما أحدث الطرق وأفضلها لتصنيف نتائج الذكاء الاصطناعي؟
يعد المحتوى الذي يصل إلينا من خلال الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي مسؤولية الأفراد والشركات على حد سواء، ويجب أن تكون عملية التسويق عبر المؤثرين بأكملها أكثر شفافية مما هي عليه اليوم من خلال الامتثال لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي واحترام الخصوصية والقوانين.