كيف سيغيّر الميتافيرس مستقبل العمل والمجتمع؟

5 دقائق
كيف سيغيّر الميتافيرس مستقبل العمل والمجتمع؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/naratrip

يُعد ظهور الابتكارات في مجال التكنولوجيا أمراً طبيعياً ويجرى بوتيرة كثيفة للغاية، ومع ذلك، نجد أن الكثير منها سرعان ما يختفي، ولكن منها ما يظهر ليبقى ومن ضمنها تكنولوجيا الميتافيرس (Metaverse) التي على الرغم من أن الضجيج حولها قد خفت قليلاً، فإن الشركات ما زالت تنظر إليها على أنها التحول الكبير القادم، حيث لا تزال الابتكارات المرافقة لها مثل نظارات الواقع الافتراضي والمعزز وبناء العوالم الافتراضية تُجرى على قدمٍ وساق، وتحقق خطوات أكبر وتتطور بشكلٍ أسرع.

ما الدور الذي ستؤديه عوالم الميتافيرس في مستقبل العمل؟

منذ أن أعلن مارك زوكربيرغ في شهر أكتوبر/ تشرين الأول عام 2021 خطته الطموحة لمستقبل شركته فيسبوك -ميتا حالياً- لتصبح مزوداً للتجارب الرقمية والافتراضية من المستوى التالي بدلاً من عائلة من التطبيقات الاجتماعية المترابطة، بدأ الجميع استكشاف هذا التطور التكنولوجي الجديد كل حسب مجاله.

فبعد أن أصبح العمل عن بُعد والتواصل عبر الإنترنت أمراً طبيعياً بشكلٍ متزايد، قد يتضمن مستقبل العمل شيئاً أبعد بكثير من تطبيقات مؤتمرات الفيديو، حيث تشير الاستثمارات الكبيرة في تكنولوجيا الميتافيرس إلى تحول من شأنه أن يفتح إمكانية ظهور أشكال جديدة من العمل تُسمَّى المكتب اللامتناهي (Infinite Office) ستُعيد تشكيل الاقتصاد الرقمي.

فالتكنولوجيات الناشئة أتاحت للقوى العاملة العديد من البدائل الملائمة للعمل التقليدي. على سبيل المثال، نجد أن منصة زووم (Zoom) لمؤتمرات الفيديو قد أحدثت تحولاً في بيئة العمل عن بُعد والمختلط، ولكن ظهور تكنولوجيا الميتافيرس يمكن أن يكون هو التغيير النهائي لقواعد اللعبة.

اقرأ أيضاً: 5 من أبرز التكنولوجيات الناشئة التي ستشكّل مستقبل الميتافيرس

ولهذا السبب تُسارع الشركات في الاستثمار في هذه المجال وعلى رأسها شركة ميتا نفسها، التي كانت وما زالت من أوائل الشركات التي تبتكر في تطوير منتجات وعوالم الميتافيرس. على سبيل المثال، عام 2021، أطلقت منصة هورايزون وورك روومز (Horizon Workrooms) وهي مساحة اجتماعات افتراضية ستسمح للمستخدمين بالعمل معاً في الغرفة الافتراضية نفسها، والتعاون مع الآخرين على السبورة البيضاء، وتدوين الملاحظات، والتفاعل مع زملاء العمل الذين يعقدون مؤتمرات عبر الفيديو في الغرفة الافتراضية، بغض النظر عن المسافة المادية بين الجميع.

اقرأ أيضاً: كيف أدخل عالم الميتافيرس؟

كيف ستربح الشركات في عالم الميتافيرس؟

حتى الآن، كانت نقطة الدخول الأكثر سهولة للوصول إلى عوالم الميتافيرس غالباً من خلال ألعاب الفيديو متعددة اللاعبين، ولكن بحسب مؤسس شركة ميتا، في المستقبل سيكون العمل معاً من الطرق الرئيسية التي يستخدم بها الأشخاص الميتافيرس.

فوفقاً للرئيس التنفيذي ومؤسس شركة مؤتمرات الفيديو زووم إريك يوان (Eric Yuan)، فإن الرغبة التي تسارع بها شركات التكنولوجيا لملء هذه الحدود الرقمية من شأنها أن تغيّر مستقبل العمل ومكان العمل تماماً، ويُضيف: "أعتقد أن الواقع المعزز والواقع الافتراضي سيؤديان دوراً كبيراً في مستقبل العمل، وخاصة العمل عن بُعد".

كما أن المنفعة التي سيجلبها الميتافيرس متعددة. على سبيل المثال، عرضت القمة العالمية للموارد البشرية التي أُقيمت عام 2020 كيف يمكن للتكنولوجيات الغامرة أن تمكن التحول الرقمي، حيث تضمن الحدث الذي استمر ثلاثة أيام 50 متحدثاً يرتدون سماعات رأس افتراضية.

بينما كان للحاضرين الافتراضيين خيار استخدام سماعات الرأس الخاصة بهم أو استخدام أجهزة الكمبيوتر المحمول، حيث تم شحن سماعات الرأس للمتحدثين الخمسين جميعهم، ولوحظ أن التكاليف كانت أقل بكثير من تكاليف نقل المتحدثين، وتوفير أماكن الإقامة، والنفقات الأخرى المتعلقة بالمؤتمر.

اقرأ أيضاً: ما مخاطر عالم الميتافيرس؟ وكيف يمكن الاستعداد لمواجهتها؟

كيف سيغيّر الميتافيرس مستقبل العمل؟

وفقاً لدراسة أجرتها شركة تحليلات السوق بي دبليو سي (PWC)، فإنه من المتوقع في أقل من 10 سنوات أن تُستخدم تكنولوجيا الواقع الافتراضي والمعزز في 23 مليون وظيفة في أنحاء العالم كافة، وأن تتعاظم القدرة على تعزيز الاقتصاد العالمي بما يقرب من تريليوني دولار بحلول عام 2030؛ حيث إن التفاعل الجديد بين الإنسان والتكنولوجيا بحسب الدراسة ستكون لديه القدرة على خلق قيمة مضافة مباشرة للشركات وأيضاً ميزة تنافسية.

من المتوقع أن يُعيد الميتافيرس تشكيل مستقبل العمل بأربع طرق رئيسية على الأقل، هي:

  • أشكال غامرة جديدة للتعاون الجماعي: سيُتيح الميتافيرس طرقاً جديدة للعمل معاً، مثل الاجتماعات الافتراضية والتعاون عن بُعد، والتي ستكون أكثر كفاءة وانسيابية وملاءمة للموظفين وأصحاب العمل على حدٍ سواء.
  • ظهور زملاء رقميين جدد: سيقدّم الميتافيرس زملاءً رقميين جدداً مدعومين بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ويمكنهم المساعدة في مهام روتينية مثل الجدولة وتحليل البيانات وخدمة العملاء.
  • تسريع عملية التعلم واكتساب المهارات: من خلال تقنيات المحاكاة الافتراضية والألعاب سيوفّر الميتافيرس فرصاً جديدة للتعلم واكتساب المهارات، ما سيمكّن القوى العاملة من تعلم مهارات جديدة بسرعة وكفاءة أكبر من أي وقتٍ مضى.
  • صعود اقتصاد الميتافيرس: من المتوقع أن يخلق الميتافيرس اقتصاداً جديداً بمؤسسات وأدوار عمل جديدة تماماً، حيث من المرجح أن تصبح العملة المشفرة والرقمية هي طريقة المعاملات الرئيسية في هذا الاقتصاد.

اقرأ أيضاً: تعرف على تاريخ الميتافيرس: عن تكنولوجيات سبقت ما نعرفه بكثير

ما الذي يجب أن تتوقعه القوى العاملة من تكنولوجيا الميتافيرس؟

من المتوقع أن تساعد أفكار أسلوب تكنولوجيا الميتافيرس القوى العاملة على تنظيم عملها بطريقة أكثر إنتاجية، حيث إن المعايير والبروتوكولات المشتركة التي تجمع العوالم الافتراضية المتباينة والحقائق المعززة في عالم واحد مفتوح يمكن أن تساعد الناس على العمل معاً وتقليل ازدواجية الجهود.

يمكن للعمال أن يتوقعوا الكثير من تكنولوجيا الميتافيرس، بما في ذلك:

طرق جديدة للعمل والتعاون

في الميتافيرس سيتمكن الموظفون من الالتقاء والعمل معاً في مكاتب افتراضية، وحضور المؤتمرات الافتراضية والدورات التدريبية، وحتى التعاون في المشاريع في الوقت الفعلي، بغض النظر عن موقعهم، وهذا يمكن أن يؤدي إلى ممارسات عمل أكثر كفاءة وإنتاجية، فضلاً عن فرص أكبر للتعاون بين الناس من مختلف الثقافات والخلفيات.

فرص عمل جديدة

سيعمل الميتافيرس على خلق فرص عمل جديدة في مجالات مثل تطوير العالم الافتراضي، والتصميم، والصيانة، وسيؤدي أيضاً إلى أنواع جديدة من الوظائف في خدمة العملاء والمبيعات والتسويق.

طرق جديدة للتعلم والتعليم

يمكن استخدام الميتافيرس لإنشاء تجارب تعليمية غامرة وتفاعلية أكثر جاذبية وفاعلية من الأساليب التقليدية. على سبيل المثال، يمكن للعمال التعرف على مهارات أو منتجات جديدة من خلال استكشاف عمليات المحاكاة الافتراضية.

طرق جديدة للتواصل الاجتماعي والتفاعل

يمكن أن يوفّر الميتافيرس طرقاً جديدة للعاملين للتواصل الاجتماعي والتفاعل مع بعضهم بعضاً. على سبيل المثال، يمكن للعاملين حضور الأحداث الافتراضية، أو يمكنهم الاجتماع مع زملائهم في المساحات الافتراضية للتواصل الاجتماعي أو التعاون في المشاريع.

اقرأ أيضاً: التجارة في عالم الميتافيرس: كيف تحقق مبيعات في هذا العالم الافتراضي؟

تحديات استخدام الميتافيرس في مجال العمل

مع استخدام الواقع الافتراضي، من المتوقع أن تتحول الطريقة التي نعمل بها، حيث لن نضطر بعد الآن إلى الاختيار بين العمل عن بُعد أو الذهاب إلى المكتب لأن المكتب سيكون متاحاً في أي مكان، ومع ذلك لا يزال يواجه الصناعة العديد من التحديات التي تحتاج إلى المعالجة والإصلاح قبل أن تصبح سائدة في مجال العمل.

على سبيل المثال، سيكون توفير نظارات الواقع الافتراضي للقوى العاملة بأكملها تحدياً مالياً كبيراً للشركات، بالإضافة إلى ذلك تحتاج الشركات المطورة إلى إدخال تصميمات جذرية لهذه النظارات التي لا يزال معظمها ثقيلة وضخمة.

علاوة على ذلك، نجد أن تكنولوجيا الميتافيرس ليست عملية للكثيرين مقارنة بإجراء مكالمة هاتفية أو عقد مؤتمر عبر الفيديو، حيث من المحتمل أن يعاني بعض المستخدمين الصداع والغثيان في أثناء استخدام نظارات الواقع الافتراضي.

كما لا تزال هناك أسئلة حول كيفية تعامل شركات التكنولوجيا مع قضايا السلامة والخصوصية في عوالم الميتافيرس، وكذلك ما إذا كان الناس يريدون بالفعل أن يعيشوا جزءاً كبيراً من حياتهم أو العمل داخل عملية محاكاة افتراضية غامرة، بالإضافة إلى ذلك لا تزال التكنولوجيا تحتاج إلى تطوير تقنيات ومعايير جديدة لتسهيل وصول الأشخاص إليها واستخدامه.

عموماً، تكنولوجيا الميتافيرس لديها القدرة على إحداث تأثير كبير على مستقبل العمل والمجتمع، ومع ذلك من المهم ملاحظة أن التكنولوجيا لا تزال في مراحل تطويرها الأولى، وهناك العديد من التحديات التي يجب معالجتها قبل أن تتمكن من تحقيق إمكاناتها الكاملة.

المحتوى محمي