أطلقت جوجل ديب مايند (Google DeepMind) أداة جديدة لإضافة العلامات المائية إلى الصور التي يولدها الذكاء الاصطناعي لتمييزها عن غيرها من الصور.
تحمل الأداة الجديدة اسم "سينث آي دي" (SynthID)، وستكون متاحة في البداية لمستخدمي مولد الصور الذي صممته جوجل فقط، المعروف باسم "إيماجين" (Imagen)، والذي تستضيفه جوجل كلاود (Google Cloud) على منصتها فيرتيكس (Vertex) للتعلم الآلي. سيتمكن المستخدمون من توليد الصور باستخدام إيماجين، ويختارون بعد ذلك ما إذا كانوا يريدون إضافة علامة مائية إليها أو تركها على حالها. تأمل الشركة بأن هذه الأداة ستساعد الناس على تمييز المحتوى المُوَلّد باستخدام الذكاء الاصطناعي عند محاولة تقديمه على أنه محتوى حقيقي، أو أنها ستساعد على حماية حقوق النشر.
الإشارات المائية لحماية حقوق الملكية الفكرية
في السنة الماضية، ترافقت الشعبية الهائلة التي حققتها نماذج الذكاء الاصطناعي مع الانتشار الواسع للمحتوى العميق التزييف المولد باستخدام الذكاء الاصطناعي، والمواد الإباحية التي أُنتِجت من دون موافقة الأشخاص الذين ظهروا فيها، وانتهاكات حقوق النشر. تقوم تقنية العلامات المائية على فكرة إخفاء إشارة أو نص أو صورة ضمن المحتوى للإشارة إلى أنه مولد بالذكاء الاصطناعي، وقد أصبحت إحدى أكثر الأفكار المطروحة شعبية للتخفيف من هذه المشاكل.
في يوليو/ تموز، أعلن البيت الأبيض أنه حصل على التزام طوعي من الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل أوبن أيه آي (OpenAI) وجوجل وميتا (Meta)، بتطوير أدوات للعلامات المائية في محاولة لمكافحة المعلومات المزيفة وإساءة استخدام المحتوى المولد بالذكاء الاصطناعي.
وفي مؤتمر آي أو (I/O) السنوي الذي عقدته جوجل في مايو/ أيار، قال رئيسها التنفيذي سوندار بيتشاي إن الشركة تعمل على إدماج أدوات العلامات المائية وغيرها من التقنيات في نماذجها منذ بداية عملية التصميم . والآن، أصبحت جوجل ديب مايند أول شركة تكنولوجية كبيرة تطلق أداة كهذه علناً.
اقرأ أيضاً: كيف ستسرع الخوارزمية الجديدة القائمة على الذكاء الاصطناعي من ديب مايند الرموز البرمجية؟
سينث آي دي SynthID: الأولى من نوعها لشركة تكنولوجيا كبرى
كانت العلامات المائية توضع على الصور، تقليدياً، بإضافة طبقة مرئية فوقها، أو إضافة معلومات إلى بياناتها الوصفية. لكن هذه الطريقة "ضعيفة"، ومن الممكن أن تزول العلامة المائية عند اقتطاع أجزاء من الصور، أو تغيير أبعادها، أو تعديلها، وفقاً لنائب الرئيس لشؤون الأبحاث في جوجل ديب مايند، بوشميت كولي.
بُنيت سينث آي دي باستخدام اثنتين من الشبكات العصبونية. تُلَقم الأولى بالصورة الأصلية، وتنتج صوراً أخرى تبدو شبه مطابقة لها لكن مع تعديل بعض البيكسلات على نحو غير ظاهر؛ وهو ما يؤدي إلى ظهور نمط مدمج وغير مرئي للعين المجردة. تستطيع الشبكة العصبونية الثانية كشف النمط، وستنبئ المستخدم باكتشافها لعلامة مائية، أو وجود اشتباه بوجود علامة مائية في الصورة، أو عدم وجود علامة مائية. يقول كولي إن سينث آي دي مصممة بطريقة تتيح كشف العلامة المائية حتى عند أخذ لقطة شاشة للصورة أو تعديلها، بتدويرها أو تغيير أبعادها على سبيل المثال.
ليست جوجل ديب مايند الشركة الوحيدة التي تعمل على تطوير هذه الأنواع من تقنيات العلامات المائية، وفقاً للأستاذ في جامعة شيكاغو، بين تشاو، الذي عمل على تصميم أنظمة خاصة لمنع أنظمة الذكاء الاصطناعي من تجميع الصور الخاصة بالفنانين. ثمة طرائق مماثلة موجودة من قبل، وهي مُستخدمة في النظام المفتوح المصدر لتوليد الصور بالذكاء الاصطناعي، ستيبل ديفيوجن (Stable Diffusion). أيضاً، أجرت ميتا بحثاً حول العلامات المائية، على الرغم من أنها لم تطلق بعد أي أدوات عامة للعلامات المائية.
ويزعم كولي إن العلامة المائية التي صممتها جوجل ديب مايند أكثر مقاومة للعبث والتلاعب من المحاولات السابقة لتصميم علامة مائية للصور، على الرغم من أن مناعتها ليست مثالية.
لكن تشاو يساوره الشك، ويقول: "إن العلامات المائية التي أثبتت مقاومتها العالية مع مرور الوقت قليلة للغاية، إن لم تكن معدومة". أثبتت المحاولات الأولى لتصميم علامات مائية للنصوص أنها سهلة الكسر، وعادة ما يحتاج هذا إلى عدة أشهر وحسب.
اقرأ أيضاً: لعبة ذكاء اصطناعي من ديب مايند تحطم رقماً قياسياً عمره 50 عاماً
العلامة المائية ليست الحل الأمثل
يضيف تشاو إن تعطيل العلامات المائية يصب في مصلحة الأطراف الخبيثة؛ حيث يتيح، على سبيل المثال، ادعاء صحة محتوىً عميق التزييف واعتباره دليلاً فوتوغرافياً صحيحاً على جريمة أو حَدَثٍ لم يقع فعلياً.
ويقول: "إن الطرف الخبيث الذي يسعى إلى الترويج لصحة صورة عميقة التزييف، أو إثبات زيف صورة حقيقية، يمكن أن يكسب الكثير عند تحقيق هذا الهدف، ولن تقتصر محاولاته على اقتطاع الصورة أو ضغطها على نحو يتيح إزالة جزء من معلوماتها أو تغيير ألوانها".
غير أن إطلاق جوجل ديب مايند لهذه الأداة يمثل خطوة أولى جيدة ويمكن أن تؤدي إلى تعزيز مشاركة المعلومات في هذا المجال حول التقنيات الناجعة وغير الناجعة، وفقاً لمديرة برنامج سلامة الذكاء الاصطناعي والوسائط في مشروع شراكة بشأن الذكاء الاصطناعي، كلير ليباويتش.
وتقول: "إن تعقيد هذه المسألة يجب ألا يكون سبباً لإصابتنا بالشلل وامتناعنا عن فعل أي شيء".
قال كولي لإم آي تي تكنولوجي ريفيو إن أداة العلامة المائية "تجريبية"، وقال إن الشركة تريد أن تراقب أسلوب الناس في استخدامها، وتدرس نقاط قوتها وضعفها، قبل إطلاقها على نطاق أوسع. وقد رفض الإفصاح عما إذا كان من المحتمل أن تجعل جوجل ديب مايند استخدام الأداة متاحاً للصور الأخرى التي لم يولدها إيماجين. ولم يفصح أيضاً عما إذا كانت جوجل ستضيف العلامة المائية إلى أنظمتها لتوليد الصور بالذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضاً: بوت دردشة جديد من ديب مايند يعتمد على عمليات بحث جوجل وعلى البشر لتقديم إجابات أفضل
قد يحد هذا من فائدة هذه الأداة، وفقاً لباحثة الذكاء الاصطناعي في الشركة الناشئة هاغينغ فيس (Hugging Face)، ساشا لوتشيوني. وتضيف لوتشيوني قائلة إن قرار جوجل بإبقاء استخدام الأداة محصوراً في نطاق أنظمتها الخاصة يعني أن جوجل ستكون الوحيدة القادرة على إضافة هذه العلامات المائية وكشفها أيضاً.
وتقول: "إذا أدمجت عنصراً لإضافة العلامات المائية في جميع أنظمة توليد الصور، سيؤدي هذا إلى تقليل المخاطر المشابهة للمحتوى الإباحي العميق التزييف".