تقنية تحصد الماء من الضباب وتُخلّصه من الملوثات يمكن تطبيقها في المغرب وعمان

2 دقائق
تقنية تحصد الماء من الضباب وتُخلّصه من الملوثات يمكن تطبيقها في المغرب وعمان
حقوق الصورة: shutterstock.com/Prabhjit S. Kalsi

بتقنية بسيطة ومعدات متوفرة وتكلفة زهيدة، يجمع السكان المياه العذبة من الضباب المتشكل في بعض المناطق التي يسكنون فيها، لكنهم يواجهون مشكلة وجود الملوثات فيها، لذلك توصل الباحثون من جامعة "إي تي إتش زيوريخ" (ETH Zurich) لطريقة يمكن عبرها جمع المياه من الضباب ومعالجتها للتخلص من الملوثات العضوية، وهي طريقة يمكن تطبيقها في دول عربية مثل عمان والمغرب.

حصاد المياه من الضباب 

ينتشر جمع المياه من الضباب في بلدان مثل تشيلي والبيرو، وبعض الدول العربية التي تعاني من التصحر وقلّة مياه الشرب، خاصة في جنوب المغرب وسلطنة عمان، ويُطلقون على الطريقة اسم "حصاد الضباب"، وتحتاج إلى ظروف مناخية مواتية، مثل الرياح الموسمية، كي يتمكن السكان من جمع كمية وفيرة من الماء، وتعد مصدراً بديلاً للمياه العذبة في هذه المناطق الجافة.

التقنية بسيطة للغاية، وهي عبارة عن شبكات بسيطة ومسطحة ومستطيلة من النايلون أو البولي بروبيلين مدعومة بعمود من كلا الطرفين ومرتبة بشكلٍ عمودي على اتجاه الرياح السائدة. قد تكون المجمعات عبارة عن هياكل أكثر تعقيداً، وتتكون من سلسلة من لوحات التجميع المجمعة معاً. يعتمد عدد الوحدات المختارة وحجمها على التضاريس المحلية وجودة المواد المستخدمة فيها.

عندما يتجمع الماء على الشبكة، تتجمع القطرات لتشكّل قطرات أكبر تقع تحت تأثير الجاذبية في حوض أو مزراب في الجزء السفلي منها، ومن ثَمَّ تُنقَل إلى خزان أو صهريج، وإذا سمحت تضاريس الموقع، يمكن أيضاً نقل المياه المخزنة عن طريق الجاذبية إلى نقطة الاستخدام. يمكن جمع ما يصل إلى عدة مئات من اللترات من الماء يومياً باستخدام شبكة ضباب لا تزيد مساحتها على بضعة أمتار مربعة.

اقرأ أيضاً: هل تعلم مدى ندرة المياه العذبة على سطح الأرض؟

تقنية تُخلّص الماء المحصود من الضباب من ملوثاته

من مخاطر طريقة حصاد الضباب، وجود الملوثات والمواد الضارة في الغلاف الجوي، والتي تلتقطها قطرات الماء الموجودة الضباب، خاصة في المدن ذات الكثافة السكانية المرتفعة، وبالتالي لن يكون الماء المجمع نظيفاً وصالحاً للشرب دون معالجة. وهي مشكلة يعاني منها أيضاً كل من سكان المغرب وسلطنة عمان.

لحل هذه المشكلة، أوجد الباحثون من إي تي إتش زيورخ طريقة لجمع الماء من الضباب وتنقيته في وقتٍ واحد. تعتمد الطريقة على تصميم شبكة مغلقة الأسلاك المعدنية المطلية بمزيجٍ من البوليمرات المختارة خصيصاً وثاني أوكسيد التيتانيوم. 

تعمل البوليمرات على جمع قطرات الماء بكفاءة على الشبكة، ثم تتساقط بأسرع ما يمكن في خزان قبل أن تتطاير بفعل الرياح. أمّا ثاني أوكسيد التيتانيوم فيعمل محفزاً كيميائياً، يكسِّر جزيئات العديد من الملوثات العضوية الموجودة في القطرات لتصبح صالحة للشرب.

اقرأ أيضاً: 8 إجراءات قائمة على التكنولوجيا يمكن أن تضمن استدامة المياه في المستقبل

ميزات التقنية

تتميز التقنية بأن المعدات لا تحتاج إلى صيانة إلّا نادراً، ولا تتطلب طاقة كهربائية، بل تحتاج إلى نسبة ضئيلة جداً من الطاقة، يمكن الحصول عليها من الأشعة فوق البنفسجية عند التعرض لضوء الشمس لمدة نصف ساعة لإعادة تنشيط أوكسيد التيتانيوم لمدة 24 ساعة أخرى، حتى بوجود الظلام، وذلك بفضل خاصية تُعرف باسم الذاكرة التحفيزية الضوئية. وتبرز أهمية هذه الخاصية في مناطق الضباب بشكلٍ خاص لأنها تتعرض لضوء الشمس لمدة قصيرة.

اختبر الباحثون التقنية في المختبر وفي مصنع تجريبي صغير في زيوريخ، وأظهروا في دراستهم المنشورة في دورية نيتشر أنهم تمكنوا من جمع 8% من الماء في الضباب الاصطناعي وتفكيك 94% من المركبات العضوية التي أضافها الباحثون إلى الضباب الاصطناعي، وهي ملوثات منتشرة في الجو مثل قطرات الديزل الدقيقة للغاية والمادة الكيميائية المُسمّاة بيسفينول أ، وهو عامل نشط هرمونياً.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن نمنع تلوث الماء؟

بالإضافة إلى حصاد مياه الشرب من الضباب، يمكن استخدام هذه التقنية لاستعادة المياه المتبخرة في أبراج تبريد محطات الطاقة، حيث يتم تبريد المحطات بالمياه العذبة التي سيكون من المفيد إعادة جمعها بهذه التقنية.

يرى الباحثون أن التقنية بالغة الأهمية، وسيكون من المفيد تطويرها واستخدامها في تطبيقات قابلة للتسويق، واستغلال الضباب كمصدر مهم المياه، خاصة في المناطق التي يندر فيها. 

المحتوى محمي