استطاع باحثون من معاهد فينشتاين للأبحاث الطبية في نورثويل هيلث إعادة الإحساس باللمس والحركة لمريض مصاب بالشلل الرباعي باستخدام 5 غرسات دماغية والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا تحفيز جديدة.
نجح الباحثون في الطب الإلكتروني من مهندسين وجراحين في تجربة سريرية هي الأولى من نوعها، زرعوا فيها الشرائح الدقيقة في دماغ رجل يعاني من الشلل وطوّروا خوارزميات الذكاء الاصطناعي لإعادة ارتباط دماغه بجسمه عبر الحبل الشوكي، بآلية تُعرف باسم الالتفاف العصبي المزدوج، والتي شكّلت جسراً إلكترونياً يسمح بتدفق الإشارات العصبية مرة أخرى من دماغ الرجل إلى جسده، وبالتالي استعادة الحس والحركة.
من أين بدأت القصة؟
في 18 يوليو/ تموز 2020، تعرّض كيث توماس البالغ من العمر 45 عاماً لحادث غوص أدّى إلى إصابة فقرات عموده الفقري، ما أفقده القدرة على الحركة والشعور من مستوى الصدر إلى الأسفل.
بقي في المستشفى لأكثر من 6 أشهر قبل أن يعرض عليه تشاد بوتون، الأستاذ في معهد الطب الإلكتروني الحيوي في معاهد فينشتاين، ونائب رئيس الهندسة المتقدمة في نورثويل هيلث، مطوّر التكنولوجيا والباحث الرئيسي في التجربة السريرية، المشاركة في تجربته السريرية.
اقرأ أيضاً: ما حقيقة الشرائح الإلكترونية التي تُزرع في الدماغ؟
زرعات الدماغ من خلال جراحة دماغ مفتوح
في البداية، عمل الباحثون عدة أشهر على رسم خرائط دماغ توماس بالتصوير بالرنين المغناطيسي للمساعدة على تحديد المناطق المسؤولة عن حركة الذراع والإحساس باللمس في يده.
خضع المريض لجراحة دماغ مفتوح استمرت نحو 15 ساعة في التاسع من مارس/ آذار 2023 في مستشفى جامعة نورث شور، أدخل فيها الجراحون شريحتين في المنطقة المسؤولة عن الحركة وثلاث شرائح أخرى في جزء الدماغ المسؤول عن اللمس والشعور بالأصابع.
بقي المشاركون في الدراسة متيقظين خلالها، وحرصوا على إعطاء الجراحين ملاحظات في الوقت الفعلي. وفي أثناء فحص أجزاء من سطح دماغ توماس، كان يخبرهم بالأحاسيس التي كان يشعر بها في يديه، ما ساعدهم على معرفة مكان وضع غرسات الدماغ بدقة، وأعلنوا عن نجاح الجراحة بعد أربعة أشهر.
زرعة دماغية مدعومة بـ #الذكاء_الاصطناعي تُعيد الإحساس لرجل مشلول!#فيديو pic.twitter.com/1ZYWW8mOxm
— إم آي تي تكنولوجي ريفيو (@TechReviewAR) August 15, 2023
اقرأ أيضاً: غرسة روبوتية توفّر علاجاً لمرضى الصرع
آلية عمل الشرائح الدماغية
يبرز من رأس السيد توماس مَنفَذان، يصلان دماغه بحاسوب يستخدم الذكاء الاصطناعي لقراءة أفكاره وتفسيرها وترجمتها إلى أعمال، وهذا ما يُعرف بالعلاج المدفوع بالتفكير وأساس نهج الالتفاف العصبي المزدوج.
يشرح الأستاذ بوتون أنه عندما يفكر المريض في تحريك ذراعه أو يده، يتم تحفيز الحبل الشوكي والدماغ والعضلات للمساعدة على إعادة بناء الروابط، وتوفير ردود فعل حسية، وتعزيز التعافي.
يوضّح الباحثون آلية عمل الشرائح الدماغية بمثال، ويقولون إنه عندما يفكر المريض في الضغط على يده، ترسل إشارات كهربائية إلى الحاسوب الذي يُرسل إشارات إلى بقع قطب مرنة للغاية وغير جراحية يتم وضعها فوق عضلات العمود الفقري واليد الموجودة في الساعد لتحفيز وتعزيز الوظيفة والتعافي. تُرسل أجهزة الاستشعار الصغيرة معلومات اللمس والضغط إلى المنطقة الحسية في دماغه لاستعادة الإحساس. يشكّل هذا الجسر الإلكتروني الالتفاف العصبي المزدوج الجديد الذي يهدف إلى استعادة الحركة والشعور باللمس.
يستطيع السيد توماس الآن تحريك ذراعيه حسب رغبته ويمكنه أن يشعر بما تلمسه يده للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات.
يمكن لهذه الآلية عكس بعض الضرر إلى الأبد، فقد بدأت تزداد قوة ذراعه وبدأ بتجربة أحاسيس جديدة في الساعد والمعصم، حتى عندما يكون النظام مغلقاً.
اقرأ أيضاً: امرأة تخضع لتجربة غرسة دماغية ترسل نبضات كهربائية عندما تشعر بالاكتئاب
يهدف الباحثون من استخدام هذه التكنولوجيا إلى منح الأشخاص الذين يعانون من الشلل القدرة على عيش حياة أكثر استقلالية، كما يساعد هذا البحث على فهم الآليات الجزيئية للمرض والصلة بين الجهاز العصبي والجهاز المناعي، ويسهم في كشف الأهداف العصبية التي يمكن تنشيطها أو تثبيطها باستخدام أجهزة التعديل العصبي بفاعلية، ومنها التهاب المفاصل وارتفاع ضغط الدم الرئوي ومرض كرون وأمراض التهاب الأمعاء والسكري والسرطان وأمراض المناعة الذاتية.