يعمل الذكاء الاصطناعي على تغيير العديد من الصناعات والمهن، بما في ذلك البرمجة. مؤخراً، ظهرت بوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي يمكنها فهم اللغة الطبيعية للبشر وتوليد المحتوى وكتابة التعليمات البرمجية، مثل البوت الشهير تشات جي بي تي (ChatGPT) الذي طوّره مختبر أبحاث الذكاء الاصطناعي الأميركي أوبن أيه آي (OpenAI).
لكن ما مدى دقة وموثوقية بوتات الدردشة هذه؟ وما الذي يعنيه ذلك بالنسبة لمستقبل مهنة البرمجة؟
في هذه المقالة، سنتحدث عن بعض بوتات الدردشة التي يمكنها كتابة التعليمات البرمجية، وأدوات الذكاء الاصطناعي الأخرى التي يمكن أن تساعد المبرمجين على عملهم، ورأي الخبراء حول مستقبل البرمجة.
اقرأ أيضاً: ما القصة الحقيقية لتطوير تشات جي بي تي؟
بوتات الدردشة ليست دقيقة في كتابة التعليمات البرمجية
يعد تشات جي بي تي من أكثر بوتات الدردشة إثارة للإعجاب، حيث يمكنه توليد محتوى بناء على أي طلب، مثل رسائل البريد الإلكتروني والمقالات والقصائد والقوائم وغير ذلك. يستطيع تشات جي بي تي أيضاً كتابة التعليمات البرمجية بلغات مختلفة، مثل بايثون (Python) أو جافا (Java) أو جافا سكريبت (JavaScript) أو إتش تي إم إل (HTML)، يمكنك ببساطة أن تطلب منه كتابة الكود من خلال وصف ما تريد القيام به أو إعطائه أمثلة على ما تحتاج إليه.
لكن ما مدى دقة الكود الذي يكتبه تشات جي بي تي؟
يعتمد ذلك على مدى تعقيد طلبك، فتشات جي بي تي ليس مبرمجاً محترفاً، ولا يمكنه الوصول إلى مصحح أخطاء أو مترجم للكود من أجل اختباره، إنه يعتمد على قاعدة بياناته الضخمة تضم عينات من التعليمات البرمجية التي كتبها المبرمجون.
في بعض الأحيان، يمكن أن يكتب كوداً صحيحاً ومنطقياً، وفي أحيان أخرى يمكن أن يكتب كوداً غير مكتمل أو غير صحيح أو لا معنى له.
الخلاصة هي أن تشات جي بي تي لا يمكن في الوقت الحالي أن يكون بديلاً عن المبرمجين، فهو أداة ذكية ومتطورة يمكنها أن تساعد المبرمج على توليد الأفكار أو اقتراح حلول للمشكلات أو كتابة التعليمات البرمجية البسيطة.
اقرأ أيضاً: ما الوظائف الأكثر عرضة لاستيلاء الذكاء الاصطناعي عليها؟
تشات جي بي تي ليس الأداة الوحيدة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي يمكنها كتابة التعليمات البرمجية، فهناك بوتات دردشة أخرى وأدوات يمكنها كتابة التعليمات البرمجية مثل جوجل بارد (Google Bard)، وهو بوت دردشة أطلقته شركة جوجل بعد فترة قصيرة من نجاح تشات جي بي تي.
أدوات الذكاء الاصطناعي التي تساعد المبرمجين
يستطيع المبرمجون الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي عن طريق استخدامها كمساعد لهم، وليس كبديل أو منافس.
من بعض أدوات الذكاء الاصطناعي التي يمكن للمبرمجين استخدامها:
- غيت هاب كوبايلوت (GitHub Copilot): أداة طوّرتها شركة مايكروسوفت الأميركية يمكنها إكمال كتابة التعليمات البرمجية، تساعد المبرمج على كتابة الكود بشكلٍ أسرع، وتقترح سطوراً كاملة بناء على احتياجاته.
- تاب ناين (Tabnine): أداة لإكمال التعليمات البرمجية، تستخدم خوارزميات التعلم العميق، وتدعم العديد من لغات البرمجة مثل جافا وبايثون وسي بلس بلس وغيرها، وهي مفتوحة المصدر ومجانية وتستخدمها شركات التكنولوجيا الكبرى مثل ميتا وجوجل.
- أمازون كود ويسبرر (Amazon CodeWhisperer): أداة طوّرتها شركة أمازون الأميركية، يمكنها تحليل التعليمات البرمجية التي يكتبها المبرمج والعثور على الأخطاء ونقاط الضعف ومشكلات الأداء فيها، كما تقترح عليه أفضل الخيارات الممكنة لجعل الكود أفضل.
- أوبن أيه آي كود إكس (OpenAI Codex): هي أداة تعتمد على تشات جي بي تي، وتم تدريبها على مليارات السطور من التعليمات البرمجية، وهي جيدة في أكثر من 12 لغة برمجة.
- ديب كود (DeepCode): هي أداة لتحليل الكود تقوم بمسح المشروع وتحليله، يستخدمها عدد كبير من المبرمجين لاكتشاف الأخطاء وتصحيحها.
- ألفا كود (Alpha Code): هي أداة أخرى مفيدة للمبرمجين، وقد نشر الدكتور محمد قاسم مقدم سايوير بودكاست، تغريدة على تويتر تظهر كيف تستطيع هذه الأداة فهم وتحليل طلبات المبرمج باللغة الإنجليزية ثم كتابة التعليمات البرمجية بسرعة.
الذكاء الاصطناعي ألفاكود يستطيع برمجة الكمبيوتر. بإمكانه قراءة السؤال باللغة الإنجليزية وتحليله ثم برمجة الحل. وصل إلى مستوى 54٪ بالمقارنة مع البشر. أي أنه متوسط. تخيل السنوات القادمة. لا أشك أن الكمبيوتر سيتفوق على الإنسان في البرمجة. pic.twitter.com/Iuo8CsYM2Q
— Dr. Mohamed Qasem د. محمد قاسم (@mqasem) February 3, 2022
اقرأ أيضاً: على طريقة مايكروسوفت: كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي طريقة العمل ويرفع الإنتاجية؟
هل ستختفي لغات البرمجة ونكون قادرين على البرمجة باللغة الطبيعية؟
أحد أكثر الأسئلة إثارة للاهتمام حول مستقبل البرمجة هو ما إذا كانت لغات البرمجة ستختفي وسنكون قادرين على البرمجة باللغة الطبيعية. بمعنى آخر، هل سنكون قادرين على إخبار الحواسيب بما نريده منها باللغة الإنجليزية أو أي لغة أخرى بدلاً من كتابة التعليمات البرمجية؟
الجواب ليس معروفاً. من ناحية، البرمجة باللغة الطبيعية ستجعل أي شخص قادراً على البرمجة بسهولة وهذا أمر رائع، لكن من ناحية أخرى قد تكون البرمجة باللغة الطبيعية عرضة للأخطاء، لأنها تعتمد على طريقة شرح كل شخص لما يحتاج إليه وطريقة فهم الحاسوب لما هو مطلوب.
ربما سيكون مستقبل لغات البرمجة هو إيجاد توازن أو نظام هجين بين اللغات الطبيعية التي يفهمها البشر ولغات البرمجة التي تفهمها الحواسيب.
اقرأ أيضاً: كيف نطوّر الذكاء الاصطناعي المسؤول الذي ينفع المجتمع؟
من غير المرجّح أن تختفي لغات البرمجة أو أن يحل الذكاء الاصطناعي محل المبرمجين البشر في أي وقت قريب، إذ ما زالت هناك حاجة إلى المبرمجين من أجل كتابة التعليمات البرمجية وتصحيح الأخطاء فيها.