لماذا لا ينتج عن تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي الرائعة نمو ورخاء واسع النطاق؟

2 دقائق
نمو الإنتاجية في الولايات المتحدة يشهد بطئا

تحتاج البلاد، لتصبح أكثر ثراءً، إلى نمو قوي في الإنتاجية —أي الناتج من السلع أو الخدمات من مدخلات معينة مثل اليد العاملة ورأس المال. يعتقد الكثيرون - من الناحية النظرية على الأقل - أن زيادة الإنتاجية تعني توقع ارتفاع الأجور وغزارة في فرص العمل.

شهدت معظم الدول الغنية في العالم نمواً ضعيفاً في الإنتاجية منذ حوالي عام 2004.  لكن الأمر المزعج تحديداً هو الوتيرة البطيئة لما يسميه الاقتصاديون الإنتاجية الإجمالية لعوامل الإنتاج — الجزء الذي يبين مساهمات الابتكار والتكنولوجيا. كيف يمكن في عصر فيسبوك، والهواتف الذكية، والسيارات ذاتية القيادة، وأجهزة الكمبيوتر التي تستطيع التغلب على شخص في أي لعبة من ألعاب اللوحات، أن يكون المقياس الاقتصادي الرئيسي للتقدم التكنولوجي ضعيفاً بهذا الشكل؟ قد أطلق الاقتصاديون على هذه الظاهرة اسم "مفارقة الإنتاجية".

يعتقد البعض أن ذلك يعود إلى أن التكنولوجيا الحديثة ليست رائعة كما نعتقد. يرى روبرت غوردون أستاذ الاقتصاد في جامعة نورثوسترن والمؤيد الرئيس لهذا الرأي، أنه بالمقارنة مع بعص الإنجازات مثل السباكة الداخلية والمحرك الكهربائي، فإن تطورات اليوم متواضعة وذات فائدة اقتصادية محدودة. ويعتقد آخرون أن الإنتاجية تزيد بالفعل لكننا ببساطة لا نعرف كيف نقيس أشياء مثل القيمة التي يقدمها جوجل وفيسبوك، لا سيما عندما تكون الكثير من المزايا "مجانية".

ربما يسيء وجهتا النظر تفسير ما يجري في الواقع، إذ يحتمل أن الكثير من التكنولوجيات الجديدة تستخدم ببساطة لتحل محل العمال وليس لخلق مهام ووظائف جديدة.  فضلاً عن ذلك، فإن التكنولوجيات التي قد أن يكون لها أكبر الأثر لا تستخدم على نطاق واسع. على سبيل المثال، لا تزال المركبات ذاتية القيادة غير موجودة على معظم الطرق، كما أن الروبوتات غبية نوعا ما ويندر وجودها خارج المصانع كما يعد الذكاء الاصطناعي غامضاً بالنسبة لمعظم الشركات.

وقد رأينا ذلك من قبل، ففي عام 1987 قال الاقتصادي بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا روبرت سولو، الفائز بجائزة نوبل في ذات العام بفضل عمله المتعلق بتحديد دور الابتكار في النمو الاقتصادي، لصحيفة نيويورك تايمز مازحاً " تستطيع أن ترى عصر الحاسوب في كل شيء إلا في الإحصاءات الإنتاجية". ولكن في غضون بضع سنوات تغير الأمر مع ارتفاع الإنتاجية طيلة منتصف وأواخر التسعينيات.

يقول إيريك برينجولفسون وهو اقتصادي آخر بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إن ما يحدث الآن قد يكون "تكراراً لأواخر الثمانينات"، فإنجازات التعلم الآلي والتعرف على الصور "مذهلة"، لكن التأخير في تنفيذها يعكس فقط كم يستلزم الأمر من تغيير. " وهذا بدوره يعني التحول الى الذكاء الاصطناعي وإعادة النظر في أعمالك، وقد يحتاج الأمر لنماذج عمل جديدة تماماً.

 ووفقا لهذا الرأي، فإن الذكاء الاصطناعي هو ما يعتبره المؤرخون الاقتصاديون "تكنولوجيا للأغراض العامة"، أي مثل اختراعات كالمحرك البخاري، والكهرباء، ومحرك الاحتراق الداخلي، التي غيرت في نهاية المطاف أسلوب حياتنا وعملنا، لكن كان لا بد من إعادة النظر في الأعمال، وإنشاء تقنيات مكملة أخرى لاستغلال هذه الإنجازات، الأمر الذي استغرق عقوداً.

يصف سكوت ستيرن من كلية سلون لإدراة الأعمال بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في محاولة لتفسير احتمالية كون الذكاء الاصطناعي تكنولوجيا للأغراض العامة، بأنه "أسلوب لنهج اختراع جديد". يمكن لخوارزمية الذكاء الاصطناعي أن تبحث في كميات هائلة من البيانات لتعثر على أنماط خفية وتتنبأ باحتمالات تتعلق على سبيل المثال بدواء أفضل أو مادة أكثر كفاءة للخلايا الشمسية. وأردف قائلا بأن لديها: "القدرة على تغيير كيف نبتكر".

لكنه يحذر أيضا من توقع ظهور مثل هذا التغيير في قياسات الاقتصاد الكلي قريباً. إذ قال في هذا الصدد "إذا قلت لكم أننا نشهد طفرة كبيرة في الابتكارات، فارجعوا إلى مرة أخرى في عام 2050 وسأوضح لكم الآثار"، مضيفاً تستغرق تقنيات الأغراض العامة "وقتاً طويلاً للتكيف معها".

يقول جون فان رينين، وهو اقتصادي بريطاني في كلية سلون "حتى مع ظهور هذه التكنولوجيات، تكون مكاسب الإنتاجية الكبيرة غير مضمونة، مشيراً إلى أن أوروبا تخلفت عن ركب الزيادة الإنتاجية النابعة عن ثورة تكنولوجيا المعلومات، ويرجع ذلك إلى حد كبير الى أن الشركات الأوروبية، على عكس نظيرتها في الولايات المتحدة، تفتقر إلى مرونة التكيف.

المحتوى محمي