كيف يمكن تسريع اكتشاف الأدوية الجديدة باستخدام طريقة تلوين الخلايا؟

3 دقائق
كيف يمكن تسريع اكتشاف الأدوية الجديدة باستخدام طريقة تلوين الخلايا؟
بإذن من اتحاد شركات جيه يو إم بي لتلوين الخلايا.

تتمثل إحدى المراحل الأولى في عملية اكتشاف الأدوية الجديدة بتعريض الخلايا للمركب الكيميائي المدروس في الأطباق بالمختبرات وفحص الصور الملتقطة للخلايا باستخدام المجاهر لتحديد تأثير المركب فيها. يركّز علماء الأحياء الذين يقومون بهذا العمل عادة على بعض الميزات المحددة التي يمكن أن تبين أن الدواء فعال، مثل تجمعات البروتينات التي وسمت باستخدام المواد المتألقة، أو انخفاض في عدد الخلايا المنقسمة. هذه الطريقة شاقّة وتستغرق وقتاً طويلاً، كما أنها تفشل في أغلب الأحيان لأن الباحثين لا يعلمون بالضبط ما العلامات التي يجب أن يلاحظوها وأين يمكن أن يلاحظوها في الخلايا.

دراسة فعالية الأدوية عن طريق تلوين الخلايا

والآن، بدأ بعض الباحثين في اتباع نموذج عمل جديد ينطوي على إجراء قياسات شاملة ثم التدقيق فيها لاحقاً. يطبّق الباحثون في مختبرٍ تابع لجامعة هارفارد ومعهد برود (Broad Institute) التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا هذا النهج، وقد قاموا بتطوير طريقة لتوليد كمية كبيرة من المعلومات المتعلقة بآليات العمل الداخلية للخلايا التي يستطيعون دراستها على مدى سنوات بعد جمعها. أثارت هذه الطريقة، التي تحمل اسم تلوين الخلايا (Cell Painting)، إعجاب العلماء في العديد من شركات الأدوية لدرجة أنهم قاموا بإنشاء اتحاد شركات وجمعوا الموارد، واستخدموا طريقة تلوين الخلايا لإنشاء مجموعة بيانات ضخمة بدؤوا في إصدارها للجمهور في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.

اقرأ أيضاً: أصغر من النملة بمليوني مرة: أنابيب نانوية يمكنها توصيل الأدوية إلى مناطق محددة بدقة داخل الخلايا

يأمل القائمون على هذا الاتحاد الذي يحمل اسم اتحاد شركات جيه يو إم بي لتلوين الخلايا (JUMP–Cell Painting Consortium)، في أن يسرّع استخدام قاعدة البيانات الجديدة عملية اكتشاف الأدوية من خلال مساعدة الباحثين على تحديد المركبات التي قد تكون فعالة وفهم تأثيراتها بشكل أفضل وتحديد آثارها الجانبية المحتملة قبل اختبارها على الحيوانات أو البشر.

يتم استخدام ما يصل إلى 6 أصباغ متألّقة في طريقة تلوين الخلايا لإضاءة المكونات الرئيسية في الخلايا مثل النوى والمتقدّرات. يستخدم الباحثون بعد ذلك المجاهر لالتقاط صورٍ للبقع المختلفة، ويقيس برنامجٌ حاسوبي السمات المورفولوجيّة مثل الحجم والشكل والملمس والترابط ثم يصمم توصيفاً مبنياً على الصور للعينة. تقول عالمة الأحياء المختصة في علم الأحياء المحوسب التي تقود مختبر معهد برود بالاشتراك مع عالم الحاسوب، شانتانو سينغ (Shantanu Singh)، آن كاربنتر (Anne Carpenter): "هذا هو أبسط تحليل صوري يمكننا إجراؤه. تمثّل هدفنا في اختيار الأصباغ الأقل تكلفة والأسهل استخداماً". 

اقرأ أيضاً: التخلُّص من الخلايا الهَرِمة قد يكون مفيداً للدماغ

كمية كبيرة من البيانات 

بالإضافة إلى سهولة تطبيق طريقة تلوين الخلايا، تكمن فعاليتها في الكمية الكبيرة من البيانات التي يمكن جمعها من تجربة واحدة. تحتوي قاعدة البيانات التي تم إصدارها حديثاً على صور لخلايا تستجيب لأكثر من 140 ألف عامل يحفّز الاضطراب، وهي إما علاجات دوائية وإما تعديلات كيميائية أخرى تزيد من نشاط المورثات أو تثبّطها. اكتشفت كاربنتر وزملاؤها باستخدام مجموعة البيانات هذه 12 نوعاً من المركبات الكيميائية التي يبدو أنها تؤثر في البنية نفسها التي تتأثر بمورثة بالغة الأهمية تتعلق بأحد أنوع مرض السرطان العضلي سريع النمو. توصّل باحثو معهد برود إلى قائمة الأدوية هذه منذ عدة سنوات من خلال كتابة اسم هذه المورّثة (الجينة) في قاعدة البيانات والبحث عنها، بدلاً من اختبار مئات العينات على مراحل عديدة في المختبرات التجريبية. 

اقرأ أيضاً: دواء جديد قد يكمن سرّه في جيناتك

تقول عالمة الأحياء في جامعة بنسلفانيا، كارين آيسنجر (T.S. Karin Eisinger) ، التي تدرس مرض السرطان العضلي السابق الذكر: "طريقة تلوين الخلايا مختلفة تماماً وتتضمن عدداً أقل من الخطوات كما أن تكلفتها أقل بكثير". عمل فريق آيسنجر مع فريق كاربنتر على التأكد من فاعلية المركبات المكتشفة في اختبارات أجريت في مختبرات تجريبية، وستقوم العالمتان بتأسيس شركة لتطوير المركبات التي تبدو واعدة أكثر من غيرها. أحرزت شركات أخرى تقدماً أكبر في هذا المجال؛ إذ بدأت شركة ريكورجن فارماسوتيكالز (Recursion Pharmaceuticals)، وهي شركة أدوية مقرها مدينة سولت ليك الأميركية وتعمل كاربنتر في مجلسها الاستشاري، بإجراء 5 تجارب سريرية لاختبار الأدوية المرشحة التي اكتشفها الباحثون باستخدام أحد أشكال طريقة تلوين الخلايا.

اقرأ أيضاً: الطب الشخصي يثبت كفاءته في علاج طفلة مصابة بمرض لم يكتشف له دواء من قبل

تستعد الشركات الأعضاء في اتحاد شركات جيه يو إم بي بعد الانتهاء من العمل لإصدار قاعدة البيانات للتعاون مع معهد العلوم الصحية والبيئية الذي مقره مدينة واشنطن العاصمة لاكتشاف ما إذا كان بالإمكان إقران نتائج طريقة تلوين الخلايا ببيانات أخرى للتنبؤ بمدى سمية الأدوية والمواد الكيميائية الزراعية (مثل المبيدات الحشرية والأسمدة وما إلى ذلك).

المحتوى محمي