هل سيقضي الذكاء الاصطناعي على مهنة التصوير الفوتوغرافي؟

3 دقائق
هل سيقضي الذكاء الاصطناعي على مهنة التصوير الفوتوغرافي أمْ أنه سيجعلها أكثر احترافية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Jzea

أثارت برامج توليد الصور المعتمدة على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي مؤخراً الخوف عند العاملين في مهنة التصوير الفوتوغرافي، إذ باتوا يخشون استبعاد الذكاء الاصطناعي لهم، وأن يحل محلهم. فهل هذه المخاوف حقيقية؟ وهل يمكن أي يقضي الذكاء الاصطناعي على وظيفة المصور الفوتوغرافي حقاً؟

هل سيقضي الذكاء الاصطناعي على وظيفة المصور الفوتوغرافي؟

يقدّم الذكاء الاصطناعي صوراً مبهرة للناظرين، وتُثير إعجاب المستخدمين بالتأكيد، خاصةً وأنه يمكن لأي شخص تصميم صور احترافية، حتى لو كان بعيداً كل البعد عن مجال الفن. 

لكن ما تفتقد له الصور المولَّدة بالذكاء الاصطناعي هو العمق والإبداع البشري والرسالة التي وُجد من أجلها الفن، والأهم من ذلك، الارتباط الشخصي بين كل صورة أو عمل فني بصاحبه، مثلاً، لا يمكن للذكاء الاصطناعي إنتاج صور تُظهر مشاعر عروس في ليلة زفافها.

من ناحية أخرى، دائماً ما يعمل المصورون على تقديم مجموعات فريدة من الصور تحمل اسماً وعنواناً مشتركاً، تصنع اسم صاحبها، وتميّزه عن غيره من المصورين، فيكون المصور وأعماله جزءاً لا يتجزأ، وهذا غير ممكن مع برامج الذكاء الاصطناعي التي يتم تدريبها بالأساس على صور التقطها آلاف المصورين مسبقاً. 

اقرأ أيضاً: نظام ذكاء اصطناعي يفيض خيالاً من أوبن إيه آي بدأ يتعلّم توليد الصور

هل مخاوف المصورين الفوتوغرافيين طبيعية؟

أجل، طبيعية جداً، فمنذ قيام الثورة الصناعية، يتم استبدال العديد من العاملين في مجالات مختلفة بالآلات والروبوتات، والذكاء الاصطناعي مؤخراً. لكن ما يجب أن يدركه المصورون هو أنه عندما يُغلق أحد الأبواب، يفتح آخر. فبينما ألغى الذكاء الاصطناعي بعض المهن، أوجد مهناً جديدة. وما على المصور الفوتوغرافي الآن سوى التفكير خارج الصندوق، وعدم التركيز على فكرة استبداله بالذكاء الاصطناعي. 

على سبيل المثال، يمكن العمل في التقاط صور مخصصة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المولّدة للصور، وكسب المال من هذا العمل، فهذه النماذج تحتاج إلى صور جديدة باستمرار لتتدرب عليها وتطور من نفسها.

الذكاء الاصطناعي والفوتوشوب

لتوضيح الأمور أكثر، يمكن مقارنة ما تقدمه تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بما قدمه برنامج الفوتوشوب لمهنة التصوير الفوتوغرافي. فعند ظهور هذا البرنامج في تسعينيات القرن الماضي، اشتكى بعض المصورين من أن البرنامج يغيّر من صورهم الملتقطة، لكن ذلك لم يدُم طويلاً، بل أصبح الفوتوشوب رفيقاً لكن مصوّر، وفتح الأبواب على مصراعيها لملايين المبدعين الذين يستخدمون البرنامج لصالحهم، ولإنتاج أعمال تصويرية مبهرة، ما كانت لتكون لولا الفوتوشوب. 

بطريقة مماثلة، يمكن النظر إلى الذكاء الاصطناعي على أنه أداة يمكنها تطوير مهنة التصوير الفوتوغرافي، وفتح إمكانات جديدة لها.

اقرأ أيضاً: تعرف على الفنان الأشهر في توليد الأعمال الفنية باستخدام الذكاء الاصطناعي

كيف يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة للمصور الفوتوغرافي؟ 

بالنظر إلى الجانب الممتلئ من الكوب الآن، يمكننا مناقشة كيف لك أن تجعل الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة لك في عملك كمصور فوتوغرافي في تحرير الصور ومعالجتها، سواءً باستخدام الذكاء الاصطناعي المدمج بالكاميرات، أو برامج الذكاء الاصطناعي المخصصة.

إصلاح الخلفيات الضبابية

يُعدّ التقاط الصور ليلاً، أو في ظروف إضاءة منخفضة تحدياً للمصوّر، إذا يتطلب الكثير من التركيز يدوياً، وهو أمر مزعج ويستغرق وقتاً طويلاً كي لا تظهر الصورة ضبابية. ساعد الذكاء الاصطناعي المدمج في الكاميرات أو تطبيقات الصور على التخلص من هذه المشكلة، إذ يمكنه العمل على إصلاح خلفيات الصور تلقائياً وجعلها أكثر وضوحاً، وبذلك يمكن للمصور الآن التركيز على التقاط صورة مثالية. 

ضبط توازن اللون تلقائياً 

مشكلة أخرى كبيرة يواجهها المصورون هي ضبط توازن الألوان، وقد ساعد الذكاء الاصطناعي على ضبطها تلقائياً، إذ يمكنه اكتشاف الألوان في الصورة، والتعرف على اللون غير المتوازن، ثم ضبطه. مثلاً، في صورة زرقاء للغاية، يمكن للذكاء الاصطناعي تقليل اللون الأزرق تلقائياً لجعل الصورة أكثر توازناً.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي في قفص الاتهام: تلاعب بصور الناس وانتهاك للخصوصية

زيادة وضوح الصور تلقائياً

تؤدي ظروف التصوير أحياناً إلى التقاط صور بدقة منخفضة، ما يتطلب من المصور العمل على تعديلها عبر برامج مخصصة، وقد يتطلب هذا التعديل وقتاً طويلاً. الآن، يساعد الذكاء الاصطناعي على التحسين التلقائي لمثل هذه الصور بسرعة واحترافية تجعل الصور أجمل.

بالإضافة إلى ذلك، فإن قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل كميات كبيرة من بيانات الصور وفرزها بسرعة وسهولة يمكن أن تكون مفيدة جداً في مجالات مثل التصوير الصحفي والبحث العلمي، والقدرة على إنشاء تركيبات فريدة ومبتكرة باستخدام الصور التي تم إنشاؤها بواسطة الحاسب.

مساوئ استخدام الذكاء الاصطناعي في التصوير الفوتوغرافي

من جهة أخرى، يحمل الذكاء الاصطناعي بعض السلبيات، فقد يؤدي إلى ضياع اللمسة الشخصية وإبداع المصور الذي يعتمد على هذه التقنيات، توجد أيضاً مخاوف تتعلق بالخصوصية والأمان عند استخدام الصور التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، فضلاً عن المخاوف الأخلاقية بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في التلاعب بالصور والتزييف العميق.

ختاماً، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي لن يقضي على مهنة التصوير الفوتوغرافي، فهي مهنة تتطلب مهارات عالية لربط الفن بجمهوره، وهذا دور لا يستطيع تأديته سوى البشر، لكنه قد يقضي على المصورين غير القادرين على التكيّف مع الواقع الجديد.  

المحتوى محمي