تعرف على تجارب أفضل 10 دول في إدارة الخدمات الحكومية في العصر الرقمي

11 دقيقة
10 دول قدمت أفضل نماذج الإدارة الحكومية في العصر الرقمي
حقوق الصورة: shutterstock.com/ 13_Phunkod

كشف تقرير دليل الخدمات الحكومية العالمية الذي صدر هذا العام 2023، من إعداد "التجربة الحكومية" (GX) وهي منصة لرصد الابتكار في الخدمات الحكومية على مستوى العالم، أن ما يشغل المتعاملين في العالم هو "مدة العملية" التي تتم بها الخدمة الحكومية، و"طلب معلوماتها لمرة واحدة"، كما اتفقت الآراء التي جرى استطلاعها في 29 دولة أنه كلما زادت الحاجة لزيارة المتعامل لمراكز الخدمة كان ذلك سبباً في عدم الرضا، وهو ما يدفع الدول للدخول بشكل أكثر جرأة للعصر الرقمي في تقديم الخدمات.

الدليل الذي تم إعداده بالشراكة مع مجموعة من الخبراء من جميع أنحاء العالم، وأُنتج بالشراكة بين "التجربة الحكومية" التابعة لمكتب رئاسة مجلس الوزراء في دولة الإمارات العربية المتحدة وشركة "دينار ستاندرد"، وهي شركة استشارات عالمية في مجال الابتكار الحكومي، يقدّم أيضاً الممارسات الفضلى في عددٍ من دول العالم المميزة في خدمات أو مبادرات معينة والتي نسلّط الضوء عليها تعميماً للفائدة. 

اقرأ أيضاً: كيف يضمن الشمول الرقمي مستقبلاً أفضل لسكان العالم؟

1- الإمارات العربية المتحدة: الخدمات الاستباقية ونبض المتعامل

تتخذ الإمارات العربية المتحدة خطوات واسعة وسريعة لتحقيق رؤيتها بأن تكون أفضل حكومة في العالم في الخدمات الحكومية. وتهدف إلى رفع تنافسية الدولة في تقديم الخدمات مع التركيز على رؤيتها للأعوام الخمسين القادمة (مئوية الإمارات 2071). وقد عيّنت رئيساً للخدمات الحكومية، وأطلقت "استراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية" لتقديم الخدمات الحكومية على منصة موحدة، تتضمن 90% من الخدمات الحكومية، حيث تحقق حالياً نسبة استخدام ورضا من قبل المتعاملين بنسبة تفوق 90%. 

وتعتمد هذه الاستراتيجية على ثلاثة محاور رئيسية هي: التصميم الذي يرتكز على المتعامل، والكفاءة من خلال التعاون الحكومي لتقليل تكرار الجهود، والاستفادة من التقنيات المتطورة لخدمة المتعاملين بشكل استباقي. 

وبهدف القياس اللحظي لتأثير الخدمات الحكومية والرضا عنها، تم إطلاق تطبيق قياس "نبض المتعامل" عبر المنصات الرقمية ومراكز الخدمة لرصد انطباعات المتعاملين ورضاهم بصورة فورية عند تقديم الخدمات الحكومية في أماكن مختلفة. كما يتيح التطبيق للمتعاملين مشاركة ملاحظاتهم عن الخدمات الحكومية، وتقييم رحلة الحصول على الخدمات في دولة الإمارات العربية المتحدة. 

اقرأ أيضاً: 8 من أهم المدن الذكية حول العالم

تم ربط نبض المتعامل بـ 32 جهة حكومية اتحادية وأكثر من 1400 خدمة إلكترونية و300 مركز خدمة و25 تطبيقاً ذكياً.

ويتم استلام ما يقارب 5 ملايين تقييم بشكل سنوي من جميع قنوات تقديم الخدمة، حيث تتابعها إدارة الخدمات الحكومية وتحدد مجالات التحسين التي تحتاج المؤسسات الحكومة إلى التركيز عليها.

ويقول محمد بن طليعة، رئيس الخدمات الحكومية لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة: "اجتزنا مراحل التخطيط وخطط التطوير طويلة المدى. أصبحت النظرة اليوم للحكومة مختلفة وأصبح تفاعلنا مع المتعامل بشكل فوري وسريع. وبإطلاقنا نبض المتعامل، أصبحنا نستشعر مواطن التحسين والتطوير للخدمات، ونعمل بشكل فوري لصناعة حلول مبتكرة تسهّل حياة الإنسان".

كما عملت دولة الإمارات على تسهيل عملية الدخول للخدمات الإلكترونية عبر هوية رقمية وطنية (UAE PASS)، والتي يمكن استخدامها للخدمات الحكومية للتصويت في انتخابات المجلس الوطني الاتحادي، وللسفر داخل دول مجلس التعاون الخليجي، ولإنجاز الإجراءات بسرعة في مطارات الإمارات. 

ومن خلال الهوية الرقمية التي تعمل بتقنية التعرف على الوجه وبطاقة الهوية الإماراتية، يمكن للمقيمين استخدام الهاتف الذكي بسهولة للوصول إلى أكثر من 6,000 خدمة حكومية وخاصة حتى الآن، وتتيح الهوية الرقمية للمستخدم التوقيع رقمياً على المستندات والمعاملات، كما توفّر ميزة المخزن الرقمي الذي يُتيح للمستخدمين طلب بيانات الاعتماد والمستندات الصادرة عن الحكومة وتخزينها ومشاركتها للمعاملات المتكررة. 

وتسجل حكومات دول الخليج، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة، زيادة اعتماد المقيمين على الخدمات المتاحة عبر الإنترنت بنسبة 30% مقارنة بالمتوسط العالمي.

2- سنغافورة: خطة الدولة الذكية 

تشكّل الحكومة الرقمية جزءاً من أجندة الحكومة الذكية في سنغافورة. وفي عام 2014، وضعت الحكومة برامج للتعاون مع القطاع الخاص لتنفيذ التحول الرقمي. 

واليوم، أصبحت أكثر من 90% من الخدمات الحكومية رقمية من البداية إلى النهاية، بحسب هيئة سنغافورة للتكنولوجيا الرقمية.

وأعرب 99% من المتعاملين عن رضاهم عن الجودة الشاملة للخدمات الحكومية الرقمية، مع نسبة 85% من الراضين جداً، و97% راضون جداً عن الحلول الرقمية استجابة لجائحة كوفيد-19.

بدأت سنغافورة في تأسيس قواعد الخدمات الحكومية في التسعينيات، بما في ذلك بنيتها التحتية الرقمية والبيانات المفتوحة وتحولها إلى ثقافة مبتكرة. 

واليوم، تؤسس سنغافورة لخدمات استباقية من خلال الدمج الاستباقي لخدماتها الحكومية بما يواكب "أحداث الحياة اليومية" وتوفير تسجيل دخول موَّحد آمن باستخدام "Singpass"، وهو المعرف الرقمي الوطني لكل متعامل.

اقرأ أيضاً: الحكومات الرقمية: بين تعزيز جهود التنفيذ وضمان استدامة الأثر الإيجابي للتحول الرقمي في الشرق الأوسط

ويقول تشان شيو هوي، الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا الرقمية في سنغافورة: "بدأت سنغافورة في تأسيس قواعد الخدمات الحكومية منذ 30 عاماً، بدءاً من الهوية الرقمية الوطنية وصولاً إلى استخدام الحوسبة السحابية وبنية البيانات الخاصة بنا، ومن دون هذه العناصر التأسيسية، كان من الصعب للغاية إحراز أي تقدم نظراً لأنه كان دائماً كل خطوة إلى الأمام تقابلها خطوتان للخلف". وفي عام 2014، أعلن رئيس وزرائنا أن سنغافورة ستصبح "دولة ذكية"، فتعاون القطاعان الحكومي والخاص لتحويل سنغافورة إلى بيئة رقمية، وتم تفويض وكالة التقنيات الحكومية بتقديم التقارير إلى رئيس الوزراء مباشرةً بدلاً من الوزارات الأخرى. 

واليوم، يمكن إنجاز 95% من خدماتنا الحكومية رقمياً من البداية إلى النهاية.

3- الدنمارك: جمع البيانات من المواطنين بالطريقة الصحيحة

تبرز تجربة الدنمارك كواحدة من أفضل دول الاتحاد الأوروبي من حيث الرقمنة، حيث تقدمت إلى المركز الأول في مؤشر الاقتصاد الرقمي والمجتمع لعام 2021. 

وتمتلك الدولة بوابة مركزية للمتعاملين لإنجاز الخدمات الحكومية (www.borger.dk)، والتي يتم تنظيمها وفقاً لاحتياجات "الحياة اليومية". 

وقررت الدنمارك في وقت مبكر أن تستثمر في جمع البيانات الصحيحة من مواطنيها وشركاتها، وربط هذه البيانات بالخدمات الحكومية المختلفة، ما خفف العبء على مواطنيها، حيث تم وضع السياسات والقوانين الداعمة لهذه الجهود، كما ساعد ذلك أيضاً على تجنب التناقضات الناجمة عن وجود بيانات متضاربة للمتعاملين، مثل تحقيق التوافق بين بيانات البطالة وبيانات المعلومات الضريبية وما شابه ذلك.

وتتبع الدنمارك نهج دراسة الجدوى عند تحديد الخدمات الحكومية الجديدة، ودراسة العائد على الاستثمار مالياً وكذلك القيمة الاجتماعية للمتعاملين. فعلى سبيل المثال، تستخدم الحكومة أنواعاً مختلفة من تحليل البيانات لتقييم وإزالة مخاطر الاحتيال أو الخطأ الناجمة عن مزايا الرعاية الاجتماعية، فعند اكتشاف ذلك في وقت مبكر، تعود الفائدة على المواطنين حتى لا يضطروا إلى إعادة مبالغ طائلة للدولة.

4- إستونيا: مساعد افتراضي يساعد على تقديم الخدمات بالنيابة عن المتعاملين

إستونيا هي واحدة من أسرع البلدان نمواً في مجال التحول الرقمي، وتفتخر بإنشاء مركز واحد للمعلومات الحكومية والخدمات الرقمية (Eesti.ee)، ما يتيح للمواطنين الحصول على أي خدمة تقريباً عبر الإنترنت. ومن ذلك على سبيل المثال، إثبات شخصيتهم وتقديم القضايا عبر النظام القضائي الإلكتروني في الدولة. 

وتعد واحدة من أوائل الحكومات التي تعمل على توفير مساعد افتراضي يمثّل الجيل الثاني للخدمات الحكومية باسم "Bürokratt"، والذي سيُتيح لأي شخص الحصول على كل ما يحتاجه باستخدام جهاز واحد وقناة واحدة لتقديم الخدمة، وفي جلسة واحدة من خلال تقنية التفاعل الصوتي. 

كما يمكن في المستقبل ربط هذا المساعد بهاتفك وسيارتك وثلاجتك وغيرها من الأجهزة، دون الحاجة للكتابة أو استخدام جهاز يمكن ارتداؤه أو استخدام فأرة الكمبيوتر.

اقرأ أيضاً: 5 أسباب تجعل التحول الرقمي ضرورياً لنمو الأعمال

كما تربط منصة تبادل البيانات X-Road في إستونيا بين العديد من أنظمة المعلومات المختلفة، وتقدم أكثر من 3,000 خدمة إلكترونية، وتضم 52,000 مؤسسة، وتنجز 1,5 مليار معاملة سنوياً، كما توفر المنصة برنامج الإقامة الإلكترونية الخاص بالدولة، فضلاً عن الخدمات العابرة للحدود وتبادل البيانات للمتعاملين الذين يتنقلون ذهاباً وإياباً بين الدول. 

ويتم توقيع جميع البيانات الصادرة رقمياً وتشفيرها، إضافة إلى توثيق البيانات الواردة كافة وتسجيلها.

ويقول سيم سيكوت، الرئيس التنفيذي السابق لتقنية المعلومات في إستونيا: "لا يتعلق الأمر بالموارد، ولا بكون الدولة غنية أم لا، بل يتعلق ببذل الجهد والالتزام بالعمل من أجل مصلحة المتعامل عند تقديم الخدمات الحكومية، والتركيز على هذه المهمة وتحقيقها. كما يتميز تقديم الخدمات الحكومية بأنه جهد مشترك يكون أسهل عندما تمنحه القيادة العليا الأولوية، وبعد ذلك تساعد الموارد على توفير الأموال والشراكات والتعلم والمواهب وغيرها، ويأتي بعد ذلك كله إصلاح الحوكمة فيما يتعلق بكيفية اتخاذ القرارات واستخدام الموارد".

5- نيوزيلندا: تجربة وزير للخدمات الرقمية الحكومية

تتميز نيوزيلندا باعتبارها دولة رائدة في تقديم الخدمات الحكومية. ووفقاً لاستطلاع يقيس ثقة النيوزيلنديين في الخدمات العامة، أشار 69% من المواطنين إلى ثقتهم بالخدمات العامة، مقارنة بنسبة 51% في العام السابق، وأكد 81% منهم ثقتهم بالخدمات العامة في نيوزيلندا بناء على تجاربهم الشخصية، كما تتبوأ الخدمات العامة النيوزيلندية مرتبة متقدمة في العالم من حيث الأداء الأفضل في مكافحة كوفيد-19.

ومنذ عام 2019، نشرت الحكومة النيوزيلندية استراتيجية الخدمة العامة الرقمية، وحددت عدداً من المجالات الرئيسية التي يجب تحديث طرق تقديم الخدمات العامة فيها. وتعمل نيوزيلندا حالياً على دمج مواقعها الثلاثة الرئيسية للحكومة الإلكترونية (digital.govt.nz وgovt.nz وict.govt.nz) لتعزيز سهولة حصول السكان على الخدمات، كما تم تعيين وزير للخدمات الرقمية الحكومية، ومسؤول حكومي رئيسي للخدمات الرقمية، ومسؤول حكومي رئيسي للبيانات، ومسؤول حكومي رئيسي لأمن المعلومات، بالإضافة إلى الشراكة الحكومية الرقمية. 

وأصدرت الحكومة عام 2022 أحدث ممارساتها في مجال الأمن السيبراني واستثمرت 52 مليون دولار أميركي لتعزيز الأمن السيبراني في أنظمة الصحة والإعاقة، فلم يعد المواطنون بحاجة إلى التقدم بطلب للحصول على المساعدات الاجتماعية، ما يوفر ساعات طويلة لكلٍّ من المتعاملين وموظفي الخدمات العامة. 

اقرأ أيضاً: البنية التحتية الذكية الجديدة تَعِد بمكاسب على مستوى الترابط لكن مع مخاطر على مستوى الأمن السيبراني

كما أطلقت الحكومة أداة SmartStart التي تُتيح للأبوين الجدد الوصول إلى مجموعة واسعة من الخدمات الحكومية باستخدام موقع إلكتروني واحد. إضافة إلى ذلك، عقدت نيوزيلندا العديد من الشراكات مع القطاع الخاص، وتشارك في الكثير من منتديات الأطراف المعنية المتعددة المخصصة لتطوير الحكومة الإلكترونية، وتولي الحكومة أهمية كبيرة لدمج الأطراف المعنية غير الحكومية في المناقشات حول مستقبل الاقتصاد والشمولية الرقمية.

6- كوريا الجنوبية: مقابلة المسؤولين والشكاوى عبر "ميتافيرس سيؤول"

تعتبر كوريا الجنوبية إحدى الدول البارزة في تقديم الخدمات الإلكترونية، حيث يتم تحديث استراتيجيات الحكومة الرقمية الكورية كل خمس سنوات، من خلال خطط متعددة مثل الخطة الرئيسية للحكومة الإلكترونية 2020 لضمان اعتماد السياسة على العلوم الحديثة والأدلة البحثية الجديدة، وكذلك الخطة الرئيسية للحكومة الذكية والبيانات وخطة التيسير الاقتصادي للذكاء الاصطناعي من أجل استخدام الذكاء الاصطناعي والبيانات في الخدمات الحكومية التي تركز على المستخدمين، إضافة إلى الخطة الرئيسية لتطوير قطاع البلوك تشين، واستراتيجية تنفيذ المدن الذكية، وخارطة الطريق الجديدة للقطاعين الصناعي والتكنولوجي.

تستخدم حكومة جمهورية كوريا منصات إلكترونية للمشاركة (e-People: epeopledata.) والبيانات المفتوحة والمشتريات الإلكترونية (go.kr) وتحرص على حماية بيانات المتعاملين الشخصية والأمان الرقمي والهوية الرقمية من خلال إطار قانوني. 

وأطلقت الحكومة مؤخراً "ميتافيرس سيؤول"، وهي منصات افتراضية يمكن للمتعامل عبرها مقابلة الشخصيات الرمزية لمسؤولي مجلس المدينة وتقديم الشكاوى في عالم الميتافيرس. كما أشير إلى أن الحكومة ستوفر "العديد من الخدمات للفئات الخاصة، بمن في ذلك أصحاب الهمم، وسيتم تدريب المواطنين الأكبر سناً على استخدام خدمات العالم الافتراضي".

7- المملكة المتحدة: العلوم السلوكية لتسهيل الخدمات الحكومية

تتميز المملكة المتحدة بالريادة في تقديم الأدوات الحكومية التي يتمحور تصميمها حول المواطن في الجهات الحكومية داخل المملكة المتحدة وعلى الصعيد الدولي أيضاً. 

ويعمل مجتمع التصميم الحكومي المكون من 800 شخص على تصميم تجربة المستخدم التي تركز على الإنسان. 

كما تعد حكومة المملكة المتحدة رائدة في استخدام العلوم السلوكية والاستفادة من التحفيز لتغيير سلوك المواطنين. 

وقد قامت حكومة المملكة المتحدة أيضاً بتبسيط الخدمات لتمكين المواطنين من العثور على المعلومات بطرق أبسط وأوضح وأسرع من خلال منصة واحدة (www.gov.uk)، ما قلل عدد المواقع الحكومية الإلكترونية من 300 موقع إلكتروني إلى موقع واحد فقط، وتطلب من 312 جهة ومؤسسة حكومية نقل مواقعها الإلكترونية إلى المنصة الجديدة، كما يستخدم المواطنون موقع (parliament.uk) لتقديم الطلبات عبر الإنترنت.

اقرأ أيضاً: نظرة شاملة إلى الحكومة الرقمية: التفكير بشكل رقمي في كافة مكونات وأقسام الحكومات

وأطلقت حكومة المملكة المتحدة مفهوم "الرقمية هي الأساس" الذي يتطلب أن تكون المنصات الرقمية سهلة الاستخدام ومريحة بحيث تكون قناة التفاعل الأساسية مع معظم المتعاملين. وفي عام 2019، نشرت حكومة المملكة المتحدة إرشادات حول استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع العام.

فعلى سبيل المثال، يساعد بوت الدردشة (Amelia) في المملكة المتحدة المقيمين على تعبئة نماذج الطلبات والتنقل بين مواقع المجالس المحلية. إضافة إلى ذلك، ركّزت المملكة المتحدة على الاستفادة من مزايا الذكاء الجماعي، فعلى سبيل المثال تم إنشاء منصة عالمية لتوظيف وإدارة 750 ألف متطوع في معاهد الصحة الوطنية للمساعدة على توفير الرعاية الأساسية للأشخاص الذين يعيشون في العزل المنزلي بسبب جائحة كوفيد-19. 

8- كندا: تشجيع موظفي الخدمات الحكومية على التجارب بهدف المزيد من الابتكار

توفّر هيئة الخدمات الكندية (www.canada.ca) للكنديين منصة موحدة تتضمن مجموعة واسعة من الخدمات الحكومية عبر الوزارات المختلفة. وتشمل هذه المنصة البرامج الأكبر والأكثر استخداماً مثل طلبات رقم التأمين الاجتماعي، وبرنامج التأمين على العمل، وبرنامج ضمان الشيخوخة، وخطة المعاشات التقاعدية الكندية، وطلبات الحصول على جوازات السفر الكندية من خلال مراكز الخدمة الخاصة بها. 

كما تتوفر أداة Benefits Finder المفيدة لتساعد المواطنين في العثور على فرص عمل أو بدء مشروع تجاري أو البرامج الصحية أو الصحة النفسية أو العائلية أو الإسكان التي قد يكونون مؤهلين للحصول عليها. 

وكان الهدف من إنشاء هذا الموقع الإلكتروني هو خفض تكلفة العمليات الحكومية من خلال بناء شبكة للخدمات تستهدف توفير 3 مليارات دولار على مدى خمس سنوات. ومع زيادة الكفاءات، تمكنت الحكومة من التخلص من 4,000 وظيفة تساعد على معالجة الخدمات. 

وتتوفر مواقع خدمات موحدة مماثلة على مستوى المقاطعات، وتتضمن ابتكارات الخدمة العامة في كندا مبادرة "Experimentation Works" للحلول التجريبية، حيث كرّست الحكومة الكندية نسبة ثابتة من أموال البرنامج لتجربة مناهج جديدة لحل المشكلات الحالية وكيفية الالتزام بتنفيذها. 

وتقدّم هذه المبادرة تجارب صغيرة الحجم، وتشجّع الموظفين الحكوميين على دمج التجريب في مهاراتهم وممارستهم لتصميم المحتوى وتصميم البرامج والتصميم المرئي وتصميم الرسائل، كما تستخدم منصتي GCconnex وGCcollab الحكوميتين للتواصل ومشاركة المعلومات والتعاون في مجموعة من القضايا مع الأطراف المعنية الداخلية والخارجية. وتقدّم الحكومة الكندية مبادرات وجوائز لدعم الابتكار الاجتماعي عبر مبادرة (Impact Canada). 

وأعلنت كندا استراتيجية الحكومة الرقمية، التي نشرت تحت عنوان "بناء كندا المستقبلية اليوم"، وتركز على أربعة أهداف، هي: تحديث طريقة استبدال أنظمة تقنية المعلومات الرئيسية عبر الجهات ومناهج بنائها

وإدارتها، وتوفير الخدمات للمستخدمين متى وأينما احتاجوا إليها، واتباع نهج منسق للعمليات الرقمية، ما يُتيح تعاوناً أفضل بين الجهات الحكومية وعلى الصعيد الدولي، وتغيير طريقة عمل الخدمات الحكومية، ليس فقط على مستوى تقنية المعلومات، ولكن أيضاً بإحداث تغيير ثقافي على المستوى الداخلي. 

9- جنوب إفريقيا: كيف يتم تطبيق مبدأ "الناس أولاً" الذي أطلقه مانديلا في العصر الرقمي؟

ما زالت جنوب إفريقيا تعلن أنها تعتمد حتى اليوم مبدأ "الناس أولاً" (Batho Pele)، الذي أدخلته إدارة نيلسون مانديلا لأول مرة عام 1997 للتأكيد على تقديم أفضل المنتجات والخدمات للجمهور.

واليوم، تُتيح جنوب إفريقيا لمواطنيها سهولة الوصول وإكمال خطوات الحصول على العديد من الخدمات الحكومية عبر موقع (www.gov.za/services)، حيث عمدت الحكومة على تفصيل إجراءات العديد من الخدمات الحكومية بطريقة سهلة الفهم، بما في ذلك التعليم والقيادة وترتيبات المعيشة وتصدير البضائع واستيرادها. 

ويمكن إنجاز بعض المعاملات الحكومية عبر الإنترنت، مثل حجز اختبار الحصول على رخص القيادة والتقدم بطلب للحصول على بطاقة هوية ذكية وتقديم الإقرارات الضريبية إلكترونياً، والتعرف على نتائج الامتحانات المدرسية وتقديم تقرير المساواة في التوظيف وتسجيل الشركة. 

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن تسهم التقنية المالية في إدارة المخاطر في المؤسسات المالية؟

ويستطيع سكان جنوب إفريقيا الوصول إلى الخدمات الإلكترونية الحكومية مباشرةً من خلال بوابة الحكومة الإلكترونية www.eservices.gov.za، بعد التسجيل على الموقع باستخدام رقم الهوية أو رقم جواز السفر. وتشمل الخدمات الإلكترونية طلبات معالجة المنتجات الزراعية، وشكاوى المستهلكين من الممارسات الاحتيالية أو غير العادلة، وتصاريح العمل عبر الحدود، وترخيص الشركات الصغيرة وتمويلها، وتصاريح البيئة واستخدام الأراضي، وخدمات التعليم العالي.

وتعيد الخطة الاستراتيجية 2020-2025 التركيز على مبدأ "الناس أولاً"، وتسعى لتعزيز الثقة في تقديم الخدمات العامة والحوكمة من خلال مشاركة المواطنين والتعاون في تحديد معايير الحوكمة، وتحديث عمليات تقديم الخدمات لصالح المواطنين. ويمثّل "مركز مابونيا ثوسونج للخدمات" أحد المبادرات الرئيسية في جنوب إفريقيا، حيث يقام بشكل عام في المناطق الفقيرة التي تعاني من مستويات عالية للغاية من البطالة، وتهدف إلى منح المجتمعات الفقيرة والأقل حظاً إمكانية الوصول إلى المعلومات عن الخدمات الحكومية. 

ويزور ما يقرب من 22,000 متعامل شهرياً هذا المركز للحصول على الخدمات الحكومية، التي تتضمن تقديم طلبات وثائق الهوية ومعلومات مفيدة لرواد الأعمال والباحثين عن فرص العمل.

10- البرازيل: منصة حكومية للشكاوى ضد البيروقراطية وتتبع تنفيذها

أطلقت البرازيل بوابة الخدمات الرقمية (www.brazil.gov.br)، بهدف تحسين الوصول إلى البيانات والمعلومات العامة. 

وعلى الرغم من أن العديد من دول المنطقة في أميركا اللاتينية لا تزال تفتقر إلى الاتصال عريض النطاق بالإنترنت، فقد نفذت البرازيل خطة Plano Nacional de Banda Larga لإنشاء شبكة عريضة النطاق ذات أسعار معقولة تمتد بطول 25,000 كيلومتر إلى مختلف المدن الأقل نمواً. 

وفي السنوات القليلة الماضية، شهدت البرازيل تأسيس أكبر عدد من الشركات الناشئة في مجال التقنيات الحكومية على مستوى قارة أميركا اللاتينية، ما يوفّر بنية تحتية تقنية واعدة للشركات الناشئة من خلال إتاحة البيانات المفتوحة وعوامل التمكين التقني.

وعلى الصعيد الداخلي، طرحت الحكومة والخدمات العامة في البرازيل مبادرات مختلفة لدعم وتشجيع وتسهيل الابتكار في القطاع الحكومي، عبر جوائز الابتكار وفعاليات ومختبرات الابتكار، والتدريب، وتطوير القادة، والتشريعات الجديدة. 

وكانت البرازيل من أوائل الدول التي أنشأت جائزة وطنية للابتكار في القطاع الحكومي وأدخلت نظام التصويت الإلكتروني. وتسعى البرازيل حالياً بجهد كبير لضمان أمان وشفافية النظام وتعزيز إمكانية التحقق من ذلك من خلال إضافة تقنيات التعرف على الوجه والبصمة لتحديد هوية الناخبين. 

وتستعد الدولة لإجراء اختبارات ميدانية ومحاكاة للعملية الانتخابية في جميع المدن، وكذلك للمواطنين البرازيليين في الخارج والمكفوفين والصم بمشاركة الجامعات ومكتب الادعاء العام ووكالة الاستخبارات البرازيلية الوطنية. 

وهناك ابتكار آخر يشمل التدريب الموحد عبر الإنترنت للموظفين الحكوميين، والتحول الرقمي للخدمات الحكومية. 

وتساعد الأدوات البرمجية في رقمنة الخدمات، وحلول تسجيل الدخول الموحد، وإعداد نموذج تكاليف وفوائد الرقمنة، وتوفير أدوات لمساعدة الجهات على تبسيط خدماتها ورقمنتها، مثل التفكير التصميمي. 

وتقدّم المدرسة الوطنية البرازيلية للإدارة العامة "ENAP" اليوم أيضاً دورات عبر الإنترنت للحكومة في مجالات الابتكار والقيادة والحوكمة الرقمية والتفكير المرن في المشاريع وإنشاء الحلول واختبارها والحكومة المفتوحة.

اقرأ أيضاً: ما هو أثر التحول الرقمي على خفض تكاليف العمليات في المؤسسات؟

وفي عام 2019، أصدرت البرازيل لائحة تشريعية للحد من البيروقراطية وتصنيف الجهات الحكومية وفقاً للشكاوى ومستويات رضا المستخدمين. 

وتم إطلاق منصة "Simplifique" للتغلب على التحديات البيروقراطية. وتُتيح هذه المنصة الرقمية المفتوحة لأي فرد من الشعب تقديم شكاوى بشأن العمليات البيروقراطية، وتتلقى الحكومة الطلبات مركزياً ثم تنقلها إلى الجهة المناسبة لتقييمها واتخاذ القرارات. 

وتتاح للجهة الاتحادية مهلة من 30 إلى 60 يوماً للرد رسمياً، مع توضيح إجراءات التبسيط التي تعتزم الحكومة اتخاذها. ويتم نشر جميع الشكاوى علناً، ويمكن لمقدمي الشكاوى تتبع التقدم الذي تحرزه شكواهم. وبفضل هذه المنصة، تم ربط أنظمة المعلومات بشكل أفضل، ما أدى إلى تقليل المستندات المطلوبة للحصول على جوازات السفر بشكل كبير.

المحتوى محمي