ليس خيالاً علمياً: الذكاء الاصطناعي صار قادراً على قراءة أفكارك

شاهدنا في بعض أفلام الخيال العلمي برامج قادرة على قراءة أفكار البشر، لكن ماذا لو عرفت أن هذا ممكن في الحقيقة!

يمكننا القول إن ذلك أصبح واقعاً بفضل جهود بعض العلماء الأميركيين الذين تمكنوا من تطوير خوارزميات ذكاء اصطناعي قادرة على تحويل الأفكار إلى كلمات مكتوبة.

تستطيع الخوارزميات تحليل نشاط دماغ الإنسان وفهمه، وقد تم اختبارها بالفعل وحققت نتائج جيدة، لكنها تتطلب المزيد من العمل والتطوير والتدريب حتى نتمكن من استخدامها لقراءة الأفكار بدقة وتفصيل.

تحويل موجات الدماغ إلى كلمات

في عام 2020، قام علماء من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو بتطوير خوارزمية قادرة على ترجمة الموجات الدماغية وقراءة ما يدور في عقول الناس، ونشروا نتائج عملهم في مجلة نيتشر نيروساينس (Nature Neuroscience).

تكمن خصوصية هذا النوع من الخوارزميات في أنها لا تحتاج إلى الاستماع للكلام أو قراءة النصوص، يمكنها قراءة الأفكار بفضل أجهزة الاستشعار يتم وضعها على رأس الشخص. تلتقط أجهزة الاستشعار الموجات الكهربائية في القشرة المخّية، وتتبع تحركات هذه الموجات عبر أجزاء القشرة المخية.

خلال التجارب، تمكنت الخوارزمية من ترجمة موجات دماغ المشاركين وتحويلها إلى كلمات دقيقة إلى حد ما. حيث بلغت درجة الدقة التي أبلغ عنها العلماء نحو 97%. لذلك، يمكننا القول إن الخوارزمية دقيقة وموثوقة.

هذه لم تكن أول خوارزمية تم تطويرها لتحليل وترجمة موجات الدماغ البشري، فقد سبقتها خوارزميات أخرى، لكنها جميعاً كانت بطيئة للغاية ولا تستطيع تقديم نتائج بمعدل الكلام الطبيعي.

للتغلب على هذه المشكلة، قام علماء جامعة كاليفورنيا بدمج ذكاء اصطناعي قادر على التنبؤ بالكلمات التي يمكن أن ينطقها الشخص، وكان معدل الخطأ منخفضاً للغاية ولا يتجاوز 3%.

تخمين ما يشاهده الناس

قامت مجموعة من الباحثين ممولين من المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة الأميركية بتدريب الذكاء الاصطناعي على ربط الصور والفيديوهات مع نشاط الدماغ. لتحقيق ذلك، قضت ثلاث نساء 11.5 ساعة يشاهدن 972 مقطع فيديو قصيراً، وخلال المشاهدة، قاس جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي نشاط القشرة الدماغية البصرية وأماكن أخرى من القشرة الدماغية للنساء الثلاث.

بعد هذه التجربة، تمكن نظام الذكاء الاصطناعي من التنبؤ بدقة تصل إلى 50% بما كانت النساء الثلاث تشاهده، وحين تم اختباره على امرأة جديدة، تمكن النظام من التنبؤ بدقة تصل إلى 25%.

بالإضافة إلى ذلك، استطاع النظام تشكيل ما رأته إحدى المشاركات جزئياً، من خلال تحويل نشاط الدماغ إلى وحدات بكسل، لكن الصور الناتجة كانت غير دقيقة ولا يمكن فهمها بوضوح.

يأمل الباحثون أن يؤدي عملهم إلى إعادة تشكيل الصور الذهنية، ما يسمح لنا بنقل أفكارنا وأحلامنا للحواسيب أو لأشخاص آخرين دون الحاجة إلى شرح هذه الأفكار والأحلام من خلال الكلام.

ما الفائدة من قراءة أفكار البشر؟

في الأفلام والروايات وقصص الخيال العلمي، يتم استخدام تكنولوجيا قراءة الأفكار لأغراض شريرة، لكن في الحقيقة يمكن أن تكون هذه التكنولوجيا مفيدة للغاية.

مثل هذه التكنولوجيا يمكن أن تستخدم لقراءة أفكار الأشخاص الذين فقدوا القدرة على الكلام بسبب مرض ما. فكر فقط في الأشخاص الذين عانوا من سكتة دماغية وأصبحوا مقعدين على سرير أو كرسي متحرك ولا يمكنهم الحركة أو الكلام.

ليس هذا فقط، يمكن استخدام تكنولوجيا قراءة الأفكار لنقل المعلومات إلى الحواسيب والهواتف الذكية بسرعة ودون الحاجة للوحة مفاتيح أو فأرة أو أوامر صوتية.

مجال آخر يمكن أن تساعد فيه قراءة الأفكار هو البحث العلمي والابتكار، فهناك الكثير من الأفكار الموجودة في ذهن البعض والتي لا يستطيعون شرحها أو التعبير عنها. في هذه الحالة، يمكن نقل الأفكار الإبداعية إلى الحواسيب لتقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي بإنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد تحاكي هذه الأفكار.

على الرغم من هذه الاستخدامات المفيدة الواعدة، قد تكون لتكنولوجيا قراءة الأفكار نتائج سلبية إذا تم استخدامها على نطاق واسع دون علم الناس. لذلك، يجب علينا من الآن وضع معايير واضحة تجعل قراءة أفكار أي أحد دون علمه انتهاكاً للخصوصية.