في عالم لا يخلو من المشكلات الاقتصادية والسياسية، وظواهر مناخية متطرفة واضطرابات اجتماعية وكوارث طبيعية لا يمكن التنبؤ بها، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي وتطبيقه لتقييم المخاطر وتوفير خدمات البحث والإنقاذ، ما يجعل الاستجابة للكوارث والاضطرابات أكثر مرونة.
الذكاء الاصطناعي كحليف في حالات الطوارئ
يساعد الذكاء الاصطناعي في ثلاثة مجالات تتعلق بالكوارث هي:
1. توقع الكوارث قبل حدوثها
بفضل توفر كمية كبيرة من البيانات التي يتم جمعها من مصادر مفتوحة وقواعد البيانات وأجهزة الاستشعار والأقمار الاصطناعية، يمكن توفير سيناريوهات في الوقت الفعلي للكوارث المتوقعة.
يساعد ذلك المنظمات والمؤسسات في التحضير لأي كارثة قد تحصل، واتخاذ قرارات قد تسهم في حماية سلامة وصحة الناس. فالسؤال هنا، هو ليس ما إذا كانت الكارثة ستحدث، بل يجب أن نكون قادرين على توقعها من خلال نهج يعتمد على البيانات التي يقوم بتحليلها الذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضاً: كيف تسهم التكنولوجيا في الوصول للمنكوبين وإدارة الكوارث الطبيعية؟
يمكن أن تتيح البيانات القدرة على توقع المخاطر وإصدار التنبيهات والإحاطات فيما يتعلق بما يلي:
- الهجمات السيبرانية (مثل الهجمات على البنية التحتية والمؤسسات الحيوية بواسطة برامج الفدية).
- التهديدات التي من صنع الإنسان (مثل الهجمات المسلحة).
- الكوارث الطبيعية (مثل الفيضانات والظواهر المناخية المتطرفة والبراكين والزلازل والحرائق).
أي توقع لإحدى هذه الكوارث ولو كان قبل دقائق أو حتى ثوانٍ، يمكن أن يترجم إلى قرارات عملية قد تنقذ حياة الكثير من الناس.
على سبيل المثال، إذا تمكن الذكاء الاصطناعي من تحليل بيانات أجهزة الاستشعار وتوقع ثوران بركاني في منطقة ما، تستطيع السلطات المحلية تنبيه السكان وإخلاء المناطق المعرضة للخطر.
اقرأ أيضاً: خوارزمية تعلم عميق يمكنها كشف الزلازل بفلترة ضجيج المدينة
2. إدارة أنظمة الإنذار
إذا تمكن الذكاء الاصطناعي من توقع كارثة ما، فإن هذا التوقع لن يكون مفيداً إذا لم يتم تنبيه السلطات والمؤسسات المعنية والسكان وإعلامهم بالخطر، يتطلب ذلك وجود نظام إنذار مبكر سريع الاستجابة ويعمل طوال الوقت.
يمكن أن تكون أنظمة الإنذار المبكر المدعومة بالذكاء الاصطناعي مفيدة للغاية، فهذه الأنظمة يمكنها الاستجابة للبيانات التي تم تحليلها بسرعة ومعرفة أين ومتى يتم إرسال التنبيهات، كما تساعد في تجنب الإنذارات الكاذبة أو الخاطئة الناجمة عن الأخطاء البشرية والتي قد تسبب إرباكاً كبيراً.
اقرأ أيضاً: كيف تعمل أنظمة الإنذار المبكر بالزلازل؟ ومتى تكون فعالة؟
3. الاستجابة الفورية للكوارث
إن التعاون الفعّال بين رجال الإنقاذ ذوي الخبرة ومطوري الذكاء الاصطناعي وعلماء الجيولوجيا والمسؤولين والوكالات الحكومية والمنظمات غير الحكومية وشركات الاتصالات وغيرها من الجهات الفاعلة الخاصة والعامة هو أمر بالغ الأهمية، إذ نعلم أن كل نوع من الكوارث فريد من نوعه وأن لكل سلطة محلية نقاط ضعف ومستويات مختلفة من القدرة على الصمود.
هناك العديد من نماذج الذكاء الاصطناعي التي تستخدم للاستجابة الفعّالة للكوارث. على سبيل المثال، أطلقت ماكنزي أند كومباني (McKinsey & Company) مؤخراً مبادرة تسمى نوبل إنتليجنس (Noble intelligence)، الهدف من هذه المبادرة هو إشراك المنظمات غير الحكومية ومراكز الأبحاث والمبتكرين كجزء من حركة عالمية لاستخدام التكنولوجيا بشكل مسؤول لصالح المجتمع والبيئة.
بفضل هذه المبادرة، تم تطوير خوارزميات تقلل الوقت المستغرق لتقييم الأضرار التي لحقت بالمباني بشكل كبير. تستخدم هذه الخوارزمية مجموعة من البيانات التي توفرها الأقمار الصناعية ووكالات الأرصاد الجوية وأجهزة الاستشعار على أرض الواقع، يمكن بعد ذلك استخدام هذه المعلومات لتحديد أفضل الأماكن لإقامة خيام مؤقتة للمتضررين ومعرفة الأماكن التي يجب إعطاؤها الأولوية لأعمال الإنقاذ والترميم وإعادة الإعمار.
اقرأ أيضاً: كيف تساعد الطائرات المسيَّرة في الاستجابة للكوارث؟
الذكاء الاصطناعي في الاستجابة لزلزال تركيا وسوريا 2023
بعد الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا في 6 فبراير/ شباط 2023، بدأت وزارة الدفاع الأميركية باستخدام نظام مدعوم بالذكاء الاصطناعي يطلق عليه اسم إكس فيو 2 (xView2). على الرغم من أنه لا يزال في مراحل تطويره الأولى، لكنه ساعد بالفعل في تحديد متطلبات الاستجابة للكوارث ومهمات الإنقاذ في تركيا.
إكس فيو 2 هو مشروع مفتوح المصدر طوّرته وحدة الابتكار الدفاعي في وزارة الدفاع الأميركية بالتعاون مع معهد هندسة البرمجيات بجامعة كارنيغي ميلون الأميركية عام 2019، كما شارك في تطويره كل من شركة مايكروسوفت وجامعة كاليفورنيا بيركلي.
يستخدم النظام خوارزميات التعلم الآلي جنباً إلى جنب مع صور الأقمار الصناعية التي توفرها الشركات الخاصة والحكومية لتحديد الأضرار التي لحقت بالمباني والبنية التحتية في منطقة الكارثة، وتصنيف شدة الضرر بشكل أسرع بكثير من الطرق الأخرى.
اقرأ أيضاً: كيف تجني صناعة الذكاء الاصطناعي الأرباح من الكوارث؟
مستقبل الذكاء الاصطناعي في الاستجابة للكوارث
على الرغم من التوقعات الكبيرة، ينبغي أن نبالغ في الدور الذي يمكن أن يؤديه الذكاء الاصطناعي في الكوارث الطبيعية، فلن يستطيع حالياً ولا في المستقبل القريب التنبؤ بالكوارث كافة التي قد تحدث. لذلك، يجب ألا يقتصر عمل الباحثين على تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي للتنبؤ فقط، بل يجب العمل على تطوير أنظمة للتعامل مع الكوارث وتحسين قدرة فرق الإنقاذ على إغاثة السكان في مناطق الكوارث.