أثبت بوت الدردشة تشات جي بي تي (ChatGPT) أنه ذكي وقادر على فهم أي لغة واستيعاب الأسئلة التي يكتبها البشر ثم الإجابة عنها بطريقة مفهومة، فهو قادر على كتابة جمل واضحة تبدو وكأنها مكتوبة من قبل شخص متعلم. لكن ما مدى دقة الإجابات التي يقدمها وهل تكون صحيحة دائماً؟
يبدو أن تشات جي بي تي وغيره من بوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي غير واعية ولا تفهم ما تكتبه، لكنها تدربت على بيانات ملايين النصوص المكتوبة مسبقاً من قبل البشر وتعلمت كيفية تقليدها، أي أنها تشبه الببغاء الذي يتكلم لغة البشر لكنه لا يفهم ما يقول وما تعنيه.
اقرأ أيضاً: إجابة خاطئة من بوت الدردشة «بارد» تكلّف جوجل 100 مليار دولار
اختبار تشات جي بي تي في الفيزياء
لتحديد ما إذا كان بوت تشات جي بي تي قادراً على تقديم إجابات صحيحة، قام خبير التكنولوجيا توم هارتسفيلد بتجربة طرح أسئلة متنوعة عليه في مجال الفيزياء، تراوحت هذه الأسئلة من المواضيع البسيطة إلى المواضيع المتخصصة والمعقدة.
بحسب الخبير، فشل تشات جي بي تي في الإجابة بشكلٍ صحيح عن أسئلة الفيزياء، لأنه يشبه طالباً متوسطاً في المدرسة.
على الرغم من ذلك، شبّه هارتسفيلد تشات جي بي تي بطالب مجتهد يحفظ جيداً ويبذل قصارى جهده من أجل اجتياز الامتحان، لكنه لا يفهم المادة.
اقرأ أيضاً: كيف سيحدث بوت الدردشة تشات جي بي تي ثورة في مجال الأعمال؟
الإجابة عن الأسئلة البسيطة
عند طرح هارتسفيلد أسئلة بسيطة في مجال الفيزياء على بوت الدردشة تشات جي بي تي، أعطى البوت إجابات عامة تتكون من ثلاث أو أربع نقاط، وهذا مثير للإعجاب. تحتوي بعض النقاط على إجابات صحيحة، لكنها أحياناً قد تتضمن إجابات خاطئة، وأحياناً تحتوي على تفاصيل دخيلة لا علاقة لها بنص السؤال، وحقائق قد تكون ذات صلة بالموضوع لكنها ليست مفيدة للإجابة عن السؤال. بالإضافة إلى ذلك، يحاول البوت تقديم تعريفات لمصطلحات ليست ذات صلة بالسؤال.
على سبيل المثال، إذا سألنا شخصاً عادياً "ما هو سبب الظلام في الغرفة؟"، ستكون إجابته بكل بساطة "لأن الضوء مطفأ"، هذه الإجابة صحيحة ولا داعي لمزيد من التفاصيل.
لكن تشات جي بي تي يجيب عن السؤال بكثير من التفاصيل، ويقدم تعاريف لمصطلحات ليست ذات صلة بالسؤال، مثل تعريف الضوء أو كيفية قياس سرعة الضوء أو الألوان التي تشكل الضوء.
اقرأ أيضاً: بوت تشات جي بي تي مبدع وسهل الاستخدام لكن مخاطره كثيرة
الإجابة عن الأسئلة المعقدة
حين نطرح أسئلة معقدة على تشات جي بي تي، يقدم لنا إجابات مبالغ فيها باستخدام الكثير من الكلمات التي لا تعتبر مفيدة. تذكرنا هذه الطريقة في الإجابة بطالب في المدرسة لا يفهم المادة ويحاول الإجابة عن الأسئلة فقط من أجل كسب مزيد من الدرجات في الامتحان.
كانت إجابات تشات جي بي تي عن الأسئلة المعقدة تتراوح بين الإجابات الصحيحة والإجابات الصحيحة جزئياً مع تفاصيل وأجزاء غير صحيحة، كما ذكر في بعض الحالات معلومات غير منطقية لم تكن مفيدة في شرح أي شيء، وقدم بعض المعلومات الصحيحة لكنها ليست ذات صلة بنص السؤال، ما يدل على أن البوت لم يتمكن من فهم السؤال جيداً.
يقول هارتسفيلد إن بعض إجابات تشات جي بي تي عن الأسئلة المعقدة كانت مجرد مضيعة للوقت وكلام غير مفهوم لا معنى له.
بناء على هذا الاختبار، يقول هارتسفيلد إنه يستطيع أن يعرف متى يمكن أن يقدم الذكاء الاصطناعي إجابات صحيحة أو إجابات خاطئة. إنه يعطي إجابات صحيحة عن الأسئلة البسيطة والواضحة والمفهومة التي لا تتضمن الكثير من التفاصيل، لكنه يعطينا إجابات غير منطقية وخاطئة في كثير من الحالات إذا كانت الأسئلة معقدة.
اقرأ أيضاً: هل ستحل بوتات الدردشة مكان محركات البحث والموسوعات؟
مخاطر الاعتماد على تشات جي بي تي
على الرغم من عدم قدرته على تقديم إجابات صحيحة عن الكثير من أسئلة الفيزياء، يبدو أن تشات جي بي تي لا يزال يحظى بإشادة كبيرة من قبل الكثيرين. يعود السبب في ذلك إلى قدرته على كتابة النصوص بشكل جيد والتي تبدو وكأنها مكتوبة من قبل البشر.
هذا الأمر مثير للقلق، حين تقرأ النصوص التي يكتبها تشات جي بي تي، تعتقد أنها مكتوبة من قبل خبير يفهم جيداً ما يقوله، لكنها في الحقيقة إجابات خاطئة ويمكن أن تضلل الناس وخاصة الطلاب في المدارس والجامعات الذين يعتمدون على تشات جي بي تي في كتابة واجباتهم المدرسية أو التحضير للامتحانات.
اقرأ أيضاً: 10 استخدامات لبوت الدردشة تشات جي بي تي توفر عليك ساعات من العمل
ليس التحذير الأول
تحذيرات توم هارتسفيلد من الإجابات الخاطئة التي يقدمها تشات جي بي تي ليست الأولى من نوعها، ففي مذكرة صدرت يوم 22 فبراير/ شباط 2023، سلّط البنك الاستثماري الأميركي مورغان ستانلي الضوء على أوجه قصور تشات جي بي تي، حيث ذكرت مجموعة من المحللين في البنك بقيادة شون كيم أن تشات جي بي تي يمكن أن يختلق حقائق في بعض الحالات تبدو عند قراءتها مقنعة للغاية، لكنها لا تمت للواقع بصلة.
وقال المحللون في المذكرة: "في هذه المرحلة، تتمثل أفضل الممارسات في أن يقوم المستخدمون ذوو التعليم العالي باكتشاف الأخطاء، واستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليفية لتعزيز العمالة الحالية بدلاً من استبدالها".
ما يقصده هؤلاء المحللون هو أن الذكاء الاصطناعي على الرغم من تقدمه، فإنه لا يمكن في الوقت الحالي أن يحل محل البشر في كثير من الأعمال.