كيف يمكن تحسين إنتاج طاقة الرياح؟

4 دقائق
كيف يمكن تحسين إنتاج طاقة الرياح؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ PixelDarkroom

بينما لا يوجد مصدر طاقة متجدد مثالي ليكون الحل لجميع احتياجاتنا من الطاقة، إلا أن طاقة الرياح لها سماتها وميزاتها الفردية التي تجعلها تتفوق على بقية مصادر الطاقة المتجددة الأخرى، فهي واحدة من أقدم مصادر الطاقة التي استغلها البشر، كما تعتبر اليوم مصدر الطاقة المتجدد الأكثر رسوخاً وكفاءة. ومع ذلك، فإن تقلبات الرياح تتسبب في قيود شديدة على تصميم توربينات الرياح ما يقلل من إنتاجها الفعّال للطاقة. فكيف يمكن تحسينها من أجل إنتاج أفضل للطاقة؟

ما الذي يجعل طاقة الرياح أفضل مصادر الطاقة المتجددة؟

على عكس أشعة الشمس نجد أن الرياح تنتشر في كل مكان طوال الوقت، ونتيجة لذلك فإن طاقة الرياح هي مصدر موثوق به في إنتاج الطاقة المتجددة، حيث إنه لا ينتج تلوثاً كبيراً مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى ولا ينضب، ويقلل من استخدام الوقود الأحفوري الذي يعتبر المصدر الأول لغازات الدفيئة التي تسبب الاحتباس الحراري.

بالإضافة إلى ذلك، تعتبر طاقة الرياح طاقة متوفرة عملياً في كل مكان، ما يسهم في تقليل تكاليف واردات الطاقة وخلق الثروة والعمالة المحلية، كما تعتبر مصدراً مهماً وفعّالاً في إنتاج الكهرباء النظيفة التي تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها اتفاقية باريس للمناخ عام 2015.

اقرأ أيضاً: هل سنشهد تزايد تبني طاقة الرياح في المستقبل؟

وهو ما يفسّر أنها ثاني أسرع مصادر الطاقة المتجددة نمواً في العالم، حيث تجعل ميزاتها الباحثين والعلماء يعملون على معالجة التحديات التقنية والاجتماعية والاقتصادية من أجل استخدامها في دعم مستقبل إنتاج الكهرباء الخالي من الكربون، ومن ضمن هذه المزايا:

  • خلق وظائف جيدة الأجر: يوجد الآن أكثر من مليون شخص يعملون في صناعة طاقة الرياح في جميع أنحاء العالم. ووفقاً لمكتب إحصاءات العمل الأميركي، فإن وظيفة فني خدمة توربينات الرياح تعتبر ثاني أسرع الوظائف نمواً في الولايات المتحدة، ومن ثم فإن صناعة طاقة الرياح لديها القدرة على توفير ملايين الوظائف الإضافية في السنوات القليلة القادمة.
  • مصدر طاقة نظيف ومتجدد: يتم استخدام توربينات الرياح لتوليد الطاقة من الرياح بتحويل الطاقة الميكانيكية لتدوير المولد وتوليد الكهرباء، حيث إن الرياح ليست فقط مصدراً وفيراً ولا ينضب، ولكنها توفر أيضاً الكهرباء دون حرق أي وقود أو تلويث الهواء، وتساعد طاقة الرياح في تجنب ما يصل إلى 340 مليون طن متري من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون سنوياً.
  • تنمية المجتمعات المحلية: يمكن للمجتمعات التي يتم إنشاء وتطوير مشاريع طاقة الرياح في أراضيها استخدام الإيرادات الإضافية وتخصيصها لميزانيات أكثر احتياجاً مثل المدارس، ومعالجة مشاريع البنية التحتية المحلية.
  • فعالية من حيث التكلفة: توفر توربينات الرياح القائمة على الأرض وعلى البحر تكلفة أقل، بالإضافة إلى ذلك ومع التقدم في علوم وتكنولوجيا طاقة الرياح، من المتوقع أن تستمر القدرة التنافسية لتكلفة طاقة الرياح في التحسن والانخفاض أكثر مقارنة بباقي المصادر الأخرى.
  • العمل في بيئات مختلفة: من خلال إمكانية إنشاء مشاريع طاقة الرياح بسهولة في المناطق الريفية أو النائية، مثل المزارع أو المجتمعات الساحلية والجزرية، حيث توجد في هذه الأماكن غالباً موارد رياح عالية الجودة.

اقرأ أيضاً: ما الصعوبات التي تواجه استغلال طاقة الرياح في توليد الكهرباء؟

كيف يمكننا تحسين إنتاج طاقة الرياح؟

يمكن تحسين إنتاج طاقة الرياح من خلال استخدام العديد من التكنولوجيات، والتي تشمل الجانب البرمجي والتصميمي من أجل إنتاج طاقة أعلى، ومن ضمن هذه الطرق ما يلي:

 تقليل تكلفة تشغيل وصيانة توربينات الرياح

تعتبر توربينات الرياح من أهم الأجزاء التي يجب أن تتم صيانتها بشكل دوري للحفاظ عليها من التآكل مع تقدم عمرها، وهذا يمكن أن يتم بعدة طرق منها:

  • استخدام التقنيات التنبؤية لتعزيز الأداء وتقليل تكلفة صيانة توربينات الرياح القديمة، من خلال استخدام تكنولوجيات مثل أنظمة مراقبة الحالة (CMS) التي تتيح التنبؤ بفشل المكونات، ما يؤدي إلى تقليل تكاليف التشغيل والصيانة.
  • ترقية المكونات الكهربائية لزيادة الموثوقية وتقليل تكاليف العمليات والصيانة، من خلال تثبيت أنظمة المراقبة عن بُعد لمراقبة حالات أداء المكونات المختلفة لتوربينات الرياح مثل الشفرات والمولد والعاكس والمكابح والبرج.
  • استخدام أنظمة دعم الصيانة المحوسبة والقائمة على التطبيقات مثل حلول شركة إس كي إف (SKF) التي توفر لمشغلي التوربينات بيانات في الوقت الفعلي حول أداء وموثوقية الماكينات، ما يتيح للمشغلين الانتقال من التحليل التناظري وتقارير الصيانة إلى طرق جمع البيانات عبر الإنترنت، التي تكون أكثر دقة وكفاءة.

اقرأ أيضاً: توربينات الرياح العائمة قد توفر طاقة متجددة بشكل دائم

نمذجة التحكم في الوحدات الفردية

في الوقت الحالي يتم التحكم في جميع توربينات الرياح في العالم بطريقة واحدة فردية قائمة بذاتها، حيث إن الغالبية العظمى هي جزء من منشآت أكبر لمزارع الرياح تضم عشرات أو حتى مئات التوربينات، والتي يمكن أن يؤثر عملها في الوقت نفسه على بعضها بعضاً، خاصة عندما تكون بالقرب من بعضها بشكلٍ كبير.

من أجل حل هذه المعضلة عمل باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا على إيجاد الأسلوب المثالي لتعظيم إجمالي إنتاج الطاقة عن طريق فصل التوربينات عن بعضها قدر الإمكان بدون الحاجة إلى زيادة التكاليف المرتبطة، حيث طوروا نموذج تدفق جديداً يتنبأ بإنتاج الطاقة لكل توربين في المزرعة اعتماداً على الرياح العارضة في الغلاف الجوي واستراتيجية التحكم لكل توربين.

اقرأ أيضاً: تعرف على مشروع طاقة الرياح «دومة الجندل» في السعودية

ووفقاً للبحث الذي نُشر في مجلة نيتشر إنيرجي (Nature Energy)، يتعلم النموذج من بيانات مزرعة الرياح التشغيلية لتقليل الخطأ التنبؤي وعدم اليقين، دون تغيير أي شيء عن مواقع التوربينات المادية وأنظمة الأجهزة لمزارع الرياح الحالية. حيث استخدموا النمذجة القائمة على الفيزياء والمعتمدة على بيانات التدفق داخل مزرعة الرياح وإنتاج الطاقة الناتجة لكل توربين، من خلال البحث عن الاتجاه الأمثل لكل توربين في لحظة معينة اعتماداً على ظروف الرياح المختلفة، وبهذه الطريقة تتم زيادة الإنتاج من المزرعة بأكملها، وليس فقط التوربينات الفردية.

استخدام توربينات الرياح ذات المحور الرأسي

بينما تعد توربينات الرياح ذات المحور الأفقي هي أكثر التوربينات شيوعاً واستخداماً حول العالم، إلا أن توربينات الرياح ذات المحور الرأسي (Vertical Axis Wind Turbines) اختصاراً (VAWT)، تعمل بشكلٍ أفضل في ظروف الرياح غير المتسقة حيث إن تصميمها يجعلها أكثر مرونة وكفاءة.

فقد قامت شركة وورلد وايد ويند (World Wide Wind) النرويجية الناشئة بإنشاء توربينات ذات محور رأسي باستطاعة قصوى قدرها 40 ميغاوات، أي أكثر بمقدار 2.5 مرة من التوربينات الأكبر حالياً، حيث وُجد أن الدوران المحوري لهذه التوربينات يضاعف السرعة النسبية ما تنتج عنه طاقة أكبر في ظل الظروف نفسها، كما أنه يعمل على استقرار التوربين ما يجعله يدوم لفترة أطول ويقلل من تأثيره على البيئة المحيطة.

شفرات قابلة لإعادة التدوير

تعد القدرة على تحمل التكاليف جانباً مهماً لتعظيم إنتاج طاقة الرياح من خلال بناء شفرات التوربينات من مواد قابلة لإعادة التدوير، حيث يؤدي استخدام المواد المعاد تدويرها إلى خفض تكاليف إنتاج الشفرات وإتاحة المزيد من إعادة التدوير في المستقبل ما يخفض النفقات.

على سبيل المثال، بدلاً من استخدام الألياف الزجاجية والصلب، يتجه المصنّعون إلى خشب البلسا والزجاج المعاد تدويره وراتنجات اللدائن الحرارية الجديدة، ما يجعل من الممكن تفكيك المكونات لإعادة تدويرها في المستقبل. بالإضافة إلى خفض التكاليف فإن إعادة التدوير ستساعد في تحسين التأثير البيئي العام للتوربينات.

المحتوى محمي