الرئيس الأميركي ترامب ينضم إلى مجموعة منتقدي أحلام فيسبوك بعملتها الرقمية الجديدة

2 دقائق
مصدر الصورة: أسوشييتد برس

من المرجح أن ديفيد ماركوس، رئيس مبادرات البلوك تشين في فيسبوك، توقع أنه سيتخذ الكثير من المواقف الدفاعية بعد أن كشفت فيسبوك عن خطتها لإنشاء عملة رقمية، ولكن من المستحيل على أي شخص أن يستعد فعلياً لمواجهة نقد لاذع من رئيس الولايات المتحدة الأميركية.

تحمل العملة الرقمية الجديدة اسم ليبرا، وقد وصفها ترامب في تغريدة نشرها مؤخراً أنها "لن تتمتع بشيء يستحق الذكر من السمعة أو الموثوقية"، وأضاف أنه أيضاً "ليس من المعجبين ببيتكوين وغيرها من العملات المشفرة، التي لا تُعد بمنزلة مالٍ، وتتصف بقيمة كثيرة التقلب ومبنية على الأوهام".

غير أن هذا ليس موقف ترامب فقط، فمنذ 18 يونيو، عندما كشفت فيسبوك للمرة الأولى عن ليبرا، اضطر ماركوس للتعامل مع سيل لا ينتهي من الانتقادات والتدقيق من جميع أنحاء العالم. فقد قال وزير الشؤون الاقتصادية الهندي سوبهاش جارج لبلومبيرج إن "تفاصيل تصميم العملة الرقمية الجديدة من فيسبوك لم تُشرح بشكل كامل"، وعلى الرغم من هذا، فإن الهند "لا تشعر بالارتياح" إزاء فكرة العملات التابعة للقطاع الخاص.

وتشترك الصين معها في هذا الموقف، فقد قال وانج شين، مدير مكتب الأبحاث في البنك الشعبي الصيني، أنه إذا انطلقت ليبرا فعلياً فقد تدعم الدولار بطرق تضر بالمصالح الصينية. وقد قال مو تشانجتشون، نائب مدير قسم الدفعات في البنك، إن ليبرا "لن تصمد من دون دعم وإشراف البنوك المركزية".

وفي تلك الأثناء، قال مسؤولون لم يكشفوا عن أسمائهم من بنك اليابان مؤخراً لموقع نيكاي إن ليبرا قد لا تمثل خطراً على الاستقرار المالي وحسب، بل قد "تعتمد بشكل مجاني على نظام مالي يتحمل نفقات باهظة" لمواصلة العمل. كما قال بينوا كوري، وهو عضو مجلس تنفيذي في البنك الأوروبي المركزي، لبلومبيرج إنه "لا يمكن على الإطلاق" السماح للشركات التكنولوجية الكبيرة "بأن تتطور ضمن فراغ قانوني لنشاطات خدماتها المالية؛ لأن الأمر -ببساطة- خطير للغاية. ويجب أن نتحرك بسرعة أكبر مما تمكنا من تحقيقه حتى الآن". وهو ما يتوافق مع تحذير من بنك التسويات الدولية يقول بأن الشركات التكنولوجية الكبيرة قد "تهيمن" على الخدمات المالية بسبب تأثيرها الشبكي.

وهذه عينة من الانتقادات الخارجية. أما في الولايات المتحدة نفسها، فإن التحفظات لا تقتصر على الرئيس ترامب؛ حيث قال جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي للكونجرس إن ليبرا تثير "مخاوف حقيقية". كما أن عضوة الكونجرس الأميركي ماكسين ووترز، رئيسة لجنة الخدمات المالية في الكونجرس، دعت من جهتها شركة فيسبوك إلى تجميد المشروع لمنح الكونجرس مزيداً من الوقت لدراسة "التحدي الذي قد يمثله بالنسبة للدولار".

أما السيناتور شيرود براون، أعلى الممثلين الديمقراطيين مكانة في لجنة البنوك في مجلس الشيوخ، فقد أرسل مؤخراً رسالة إلى رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي يقول فيها: "لا يمكن أن نسمح للشركات العملاقة بترسيخ نفوذها على البنى التحتية العامة الحساسة. ويجب على الاحتياطي الفدرالي أن يتخذ المبادرة المسبقة لضمان بقاء نظام الدفع خاضعاً للمسؤولية أمام العامة". وستعقد كلتا اللجنتين جلسات استماع حول ليبرا قريباً، وسوف يُستدعى ماركوس للشهادة أمامهما.

ومن المؤكد أن فيسبوك هي التي جلبت كل هذا الضجيج لنفسها، فقد أطلقت ادعاء كبيراً بأنها تبني "بنية تحتية مالية" جديدة لدعم المليارات من الأشخاص حول العالم، ولكنها لم تكشف الكثير من التفاصيل حتى الآن حول طريقة تحقيق هذا الأمر بالضبط. غير أن شدة الانتقادات التي أطلقها السياسيون والمسؤولون الماليون الحكوميون حول ليبرا تشير إلى أنهم يعتقدون أن هذه الرؤية -أو ما يشبهها- ممكنة التحقيق. وفي المحصلة، يبدو أن ليبرا تحولت إلى إنذار للجميع. وحتى لو لم تحقق النجاح، فمن المرجح أن تحققه عملة ما لشركة تكنولوجية أخرى في نهاية المطاف، ويبقى الأمر المهم أن الكثير من صانعي السياسات ومسؤولي البنوك المركزية بدؤوا بتقبل هذا الواقع.

يبدو إذن أن العملات الرقمية لن تُقابَل بالتجاهل بعد الآن.

المحتوى محمي