خلال مناظرة أقيمت في سان فرانسيسكو في يونيو 2018 وبُثّت على الهواء مباشرة، قام برنامج للذكاء الاصطناعي وعلى نحو مثير للدهشة بتقديم حجة مقنعة مفادها أنه ينبغي دعم مساعي استكشاف الفضاء. وإذا قام أحد الأشخاص بتقديم رأي مخالف، كان البرنامج يرد عليه بحجة مناقضة.
هذه المناظرة التي جرت بين برنامج حاسوبي من شركة آي بي إم يحمل اسم "بروجيكت ديبيتر" (مُناظِر المشروع) وعدد من المشاركين البشر، تُعدّ أحدث برهان على أن الآلات التي تتمتع بالذكاء الاصطناعي تحرز تقدماً من حيث المهارات التي كانت حكراً على البشر فيما مضى، والتي تتعلق بالنقاش والمجادلة في هذه الحالة.
خلال هذا الحدث، قام البرنامج والشخص المشارك بشكل متناوب فيما بينهما بتقديم الحجج المتعلقة بموضوع معين، والحجج المناقضة، وإضافة الخلاصة النهائية. وفي مناظرة ثانية، قدم البرنامج الحاسوبي حججاً تدعو إلى زيادة استخدام التطبيب عن بعد، في حين قام الشخص المشارك بتقديم حجج مناقضة لهذه الدعوة.
تعمل شركة آي بي إم منذ سنوات عديدة على برنامج للذكاء الاصطناعي، والذي يقوم بالتنقيب ضمن عدد كبير من النصوص قبل أن يبني حجة تتعلق بموضوع معين. وقد أقامت الشركة هذه المناظرة في مساء ذلك اليوم للترويج لهذه التكنولوجيا.
لا يحاول البرنامج بروجيكت ديبيتر بناء الحجة بالاعتماد على فهمه للموضوع المطروح، وإنما يبني الحجة ببساطة من خلال الجمع بين عناصر الحجج السابقة، إضافة إلى بعض المعلومات ذات الصلة من ويكيبيديا.
تعترف رانيت أهارونوف بأنه برنامج محدود الإمكانات، وهي باحثة ساهمت في تطوير المشروع. حيث تقول: "لا يزال أمامنا طريق طويل قبل أن يتمكن من إتقان اللغة". ومع ذلك، يعتقد أهارونوف أن التكنولوجيا قد يكون لها طيف من الاستخدامات العملية. فقد تساعد أحدهم على اتخاذ قرار حاسم، على سبيل المثال، عبر تقديم مجموعة من الحجج "المؤيدة" أو الحجج "المناهضة".
بلا شك، يمكن لنظام الذكاء الاصطناعي القادر على المجادلة أن يكون له استخدامات شريرة، بما في ذلك تشغيل المزيد من البوتات (روبوتات برمجية) الخبيثة على وسائل التواصل الاجتماعي وما هو سواها. ولكن مساعدة أهارونوف، نعوم سلونيم، تقلل من شأن هذا الخطر، حيث تقول: "يبقى احتمال الخطر قائماً على الدوام، وفي الواقع أعتقد أن قيمته محدودة أكثر في هذه الحالة مقارنة بالتقنيات الأخرى".
أما كريستيان هاموند، البروفيسور في جامعة نورث ويسترن ومؤسس شركة "ناريتف ساينسز" المختصة بتوليد التقارير الإخبارية وغيرها من المحتوى بصورة تلقائية، يقول إن هذه التكنولوجيا قد تثبت جدواها. ولكنه يؤكد أن برنامج آي بي إم يردد ببساطة ما يقوم باستخراجه.
يقول هاموند: "ليس هناك مرحلة يمكن للنظام فيها أن يعرف ما الذي يتحدث عنه. أما نحن البشر، فننظر إلى ذلك على أنه منطق متحذلق في المحاججة".