تقول دراسة جديدة إن سيارة واحدة ذاتية القيادة تخفف من حدة الازدحام المروري

2 دقائق

هل سمعت عن الازدحام المروري الشبحي أو الوهمي؟ إنه ظاهرة تحدث عندما تتباطأ حركة المرور لدرجة التوقف التام -وأحياناً لمدة طويلة- دون سبب حقيقيّ مبرَّر مثل حادث أو شيء يعترض الطريق. وفي هذا النموذج الذي يحاكي ازدحاماً مرورياً شبحياً يمكن لسيارة واحدة فقط ذات قيادة ذاتية محدودة (ممثلة في السيارة الرياضية فضية اللون هنا) أن تزيل الاحتقان الذي تعاني منه عشرون سيارة أخرى.

يعتقد البعض أن المنافع المستدامة للسيارات ذاتية القيادة -مثل جعل طرقنا أكثر أماناً- لن تظهر بارزة للعيان حتى تشكل السيارات ذاتية القيادة حصة الأغلبية في الحركة المرورية على الطرقات. وإلى أن يحدث ذلك، ستظل الحركة المرورية تحت رحمة كتل اللحم -التي ندعوها بشراً- والتي لا نستطيع التنبؤ بسلوكياتها، كالتسبب في الحوادث مثلاً. إلا أنه في الآونة الأخيرة، لاح بصيص أمل يتمثل في دراسة جديدة من جامعة إلينوي في أوربانا شامبين يشير إلى أن إضافة عدد صغير فقط من السيارات ذاتية القيادة من شأنه تخفيف حدة الاحتقان المروري على الطرقات.

ومن الوارد أنه سبق لك وأن رأيت عرضاً مرئياً يمثل ازدحاماً مرورياً شبحياً تمضي فيه السيارات على مسار دائري لمحاكاة تأثير وجود سيارة واحدة بطيئة على طريق يعجّ بالحركة المرورية. يحدث الازدحام المروري الشبحي عندما يضغط سائق إحدى السيارات على المكابح فجأة دون سبب وجيه، لينتشر هذا التباطؤ على امتداد الحركة المرورية. أما الآن فقد أظهرت دراسة جامعة إلينوي -التي قادها دانيال وورك- أن إدراج سيارة واحدة فقط ذاتية القيادة في إحدى هذه النماذج المحاكية للحركات المرورية الدائرية من شأنه تخفيف حدة آثار الازدحامات المرورية الشبحية.

وتُظهر النتائج التي خلُص إليها فريق البحث أنه بإدراج سيارة ذاتية القيادة تضبط سرعتها بذكاء عندما يبدأ الازدحام المروري الشبحي بالانتشار، من شأنه تقليص عدد المكابح التي تُضغط في السيارات التي تشكّل الحركة المرورية. والأرقام التي أسفر عنها البحث لافتة للانتباه حقاً؛ إذ تبين أن وجود سيارة واحدة ذاتية القيادة من شأنه تقليص الانحراف المعياري (وهو مقياس لمدى تحرك متغير على مرِّ الزمن بعيدًا عن متوسطه) لسرعة كافة السيارات التي تشارك في الاحتقان المروري بنحو 50%، فيما ينخفض عدد الضغطات الحادة على المكابح من تسعة ضغطات لكل سيارة في كل كيلومتر واحد تقطعه إلى حوالي 2.5 ضغطة، وفي بعض الأحيان يتقلص حتى ينعدم تماماً.

ونظراً لأن السيارات تستهلك كمية أكبر من الوقود عندما تبطئ سرعتها وتندفع مجدداً، فإن من البديهي أن يساهم وجود سيارة ذاتية القيادة في الاحتقانات المرورية في تقليص كمية الوقود المُستهلَك أيضاً. ووفقاً للحسابات التي أجراها فريق الدراسة، فإن السيارة ذاتية القيادة تساهم في توفير نسبة كبيرة من الوقود قدرها 40% عندما نحسب متوسط ما تم توفيره في كافة السيارات التي تشكل التدفق المروري.

والأمر اللافت الآخر هو أنه يمكننا أن نجني هذه الفوائد بمشاركة سيارة واحدة فقط من السيارات ذاتية القيادة في حركة مرورية تتكون من 20 سيارة أخرى. وحريٌّ بالذكر أن مستوى "القيادة الذاتية" المطلوب في السيارة المعنية لا يجب أن يكون بالمستوى الذي تسعى شركات مثل شركة "وايمو" أو "أوبر" أو غيرها لتطويره، بل هو مستوى لا يختلف كثيراً عن "الضابط الآلي للسرعات" (cruise control) الذي تتمتع به بالفعل العديد من السيارات المتطورة الحالية.

ومع أننا قد ننتظر لفترة أطول من الزمن حتى نشهد كافة آثار القيادة الذاتية بارزة للعيان، إلا أن من الوارد أن نستفيد من قدرتها على تخفيف حدة الازدحامات المرورية في وقت أقرب مما كنا نتوقع.

المحتوى محمي