كيف يمكن للبلوك تشين أن تزيد من ذكاء شبكة الطاقة الكهربائية؟

3 دقائق
مصدر الصورة: أوسكار بولتون جرين

في شبكة الطاقة الكهربائية، لا يمكن التمييز بين الإلكترونات المولَّدة من الشمس والرياح وغيرها من المصادر المتجددة، وتلك المولَّدة من الوقود الأحفوري. ولتتبّع إنتاج الطاقة النظيفة، قامت الحكومات حول العالم بإنشاء أنظمة تعتمد على الشهادات القابلة للتداول.

غير أن المشكلة تكمن في سوء إدارتنا لهذه الشهادات، وهو ما يعيق الاستثمار في الطاقة المتجددة، وذلك وفقاً لجيسي موريس، وهو خبير في الطاقة في معهد روكي ماونتن. ويقول إنه يمكن إصلاح هذه المشكلة عن طريق نظام جديد مبني على البلوك تشين، التكنولوجيا التي تعتمد عليها البيتكوين وغيرها من العملات الرقمية.

يمثل تتبع شهادات الطاقات المتجددة أحد عشرات التطبيقات الممكنة لتكنولوجيا البلوك تشين، وهو الذي يمكن أن يحل مشاكل إدارة البيانات في قطاع الطاقة الكهربائية دون إعاقة مسائل الأعمال، وفقاً لموريس. ويعتقد مع الكثيرين أنه يمكن لهذه التكنولوجيا أن تساعد –على المدى الطويل- في تحويل بنية الشبكة نفسها.

ويُعرف البلوك تشين على أنه سجل مشترك مشفر يُحتفظ به ويُدار على شبكة من الحواسيب، وتقوم هذه الحواسيب بالتأكد من التعاملات، مثل نقل العملات المشفرة بين المستخدمين الأفراد في حالة البيتكوين. يمكن لكل مستخدم أن يصل إلى السجل، ولا توجد جهة واحدة تتحكم فيه. يقول مناصرو التكنولوجيا إنها قد تكون واعدة على الخصوص في الصناعات التي تتضمن شبكات من الأطراف المتقابلة –مثل منتجي ومستهلكي الكهرباء المتصلين بالشبكة- المعتمدين على مجموعة مشتركة من البيانات.

يمكنك أن تتعلم المزيد حول البلوك تشين واستخداماتها.

عندما تقوم محطة كهربائية تعتمد على الطاقات المتجددة بتوليد واحدة من الكهرباء حالياً، يقوم عداد بتوليد بيانات يتم تسجيلها في جدول. وبعد ذلك يُرسل الجدول إلى مزود سجل، حيث تُدخل البيانات إلى نظام جديد وتُصاغ شهادة جديدة. وتقوم مجموعة أخرى من الوسطاء بإدارة صفقات بين باعة ومشتري هذه الشهادات، ويقوم طرف آخر أيضاً بمصادقة هذه الشهادات بعد شرائها.

يؤدي هذا النظام المعقد إلى مراكمة تكاليف التعاملات، ويتيح المجال للكثير من مشاكل المحاسبة التي يمكن أن تتراوح بين أخطاء بريئة وعمليات احتيال مباشرة. كما أن نقص الشفافية يثير مخاوف الكثيرين ويدعوهم للابتعاد عن هذا المجال كلياً.

ولكن ماذا لو قام العداد بتسجيل البيانات مباشرة في البلوك تشين بدلاً من كل هذه التعقيدات؟ يقول موريس إن كل هذه المشاكل ستختفي دفعة واحدة.

وهذه ليست سوى البداية، حيث إن الكثيرين من خبراء الطاقة يثقون في أن تكنولوجيا البلوك تشين قد تؤدي إلى إطلاق تحول جذري في شبكات الطاقة العصرية.

وما زال قطاع الكهرباء -بشكل عام- مبنياً على محطات مركزية ضخمة تقوم بتوليد الطاقة وإرسالها إلى مسافات بعيدة عبر خطوط النقل والتوزيع. ولكن في السنوات الأخيرة، بدأت تتصل بالشبكة أعداد متزايدة من مولدات الطاقة وأنظمة التخزين "الموزعة" الأصغر، مثل الألواح الشمسية على سطوح المنازل وبطاريات السيارات الكهربائية.

ويواجه مالكو هذه الأنظمة صعوبة في زيادة قيمة إنتاجهم لأن فعالية هذه الأنظمة منخفضة للغاية، وذلك وفقاً لجيما جرين، رئيسة مجلس الإدارة وإحدى المؤسسين لباور ليدجر، وهي شركة ناشئة أسترالية تقوم بتطوير منصة مبنية على البلوك تشين تسمح للمنتجين بالتداول بالطاقة من طرف لطرف مع المستهلكين. وعلى سبيل المثال، فإن الدفع لمنتج الكهرباء يستغرق عادة ما بين 60 و80 يوماً، ولكن بوجود نظام يعتمد على البلوك تشين -كما تقول جرين- يمكن للمنتجين أن يحصلوا على قيمة إنتاجهم فورياً، مما يعني أنهم قادرون على إطلاق وتشغيل شركة لتوليد الكهرباء برأس مال أقل.

وبوجود نظام كهذا، يمكن للجيران ببساطة أن يتاجروا بالطاقة بين بعضهم البعض، وهي عملية أكثر فعالية من بيع الطاقة الكهربائية إلى الشبكة أولاً. وقد عرضت باور ليدجر منتجاً قادراً على تحويل مبنى سكني إلى شبكة مصغرة مبنية على نظام مشترك من الألواح الشمسية وبطاريات التخزين، على سبيل المثال. وقد قامت شركة أخرى (إل أو ثري إينرجي) بتجهيز أحد الأحياء السكنية بشبكة مصغرة في بروكلين.

المحصلة النهائية

ولكن النظام التقليدي "لم يتوصل بعد إلى طريقة لإدارة" هذا النوع من التعامل المحلي، وفقاً لجرين التي تساءلت: "كم يجب أن تدفع لقاء استخدام جزء محدد من الشبكة؟" تقول جرين إن منصة شركتها –وتكنولوجيا البلوك تشين عموماً- قادرة على "إضافة مستوى من التعقيد إلى السوق عن طريق إتاحة هذه التعاملات الصغيرة".

ولإطلاق إمكانات البلوك تشين في قطاع الطاقة، عمل فريق جيسي موريس في معهد روكي ماونتن مع الشركة الناشئة الأسترالية المختصة بالبلوك تشين جريد سينجولاريتي على تأسيس منظمة جديدة لا ربحية باسم إينرجي ويب فاونديشن. وقد أطلقت هذه المنظمة نظام البلوك تشين الخاص بها، الذي يقول موريس إنه "مصمم بشكل خاص لقطاع الطاقة". وقد خُصصت هذه الشبكة المبنية على إيثيريوم لاختبار حالات الاستخدام الواعدة. وللمصادقة على التعاملات خلال الاختبار، تعتمد المنظمة على عشر شركات كبيرة من قطاع الطاقة وقعت اتفاقيات معها للمشاركة في المشروع.

وعلى الرغم من أن الفريق بدأ بدراسة تطبيقات مثل تتبع شهادات الطاقة المتجددة، يتخيل موريس على المدى الأبعد عالماً تكون فيه المنازل والمباني مجهزة ببرمجيات تقوم تلقائياً بشراء وبيع الطاقة من وإلى الشبكة على أساس إشارات سعرية في الزمن الحقيقي.

المحتوى محمي