أليكسا بحاجة إلى جسم روبوتي للهروب من قيود الذكاء الاصطناعي الحالية

3 دقائق

"أليكسا، لماذا لست أكثر ذكاء؟"

إنه سؤال يطرحه روهيت براساد -وهو العالم الرئيسي في مجموعة أليكسا للذكاء الاصطناعي في أمازون- على نفسه باستمرار. كما أنه لغز يخبرنا عن مدى التقدم الفعلي الذي أحرزه الذكاء الاصطناعي، وكم بقي أمامه أيضاً. تحدث براساد عن الخطوط العريضة للتكنولوجيا التي يقوم عليها المساعد الرقمي اليكسا، والحدود "الفكرية" للمساعدات الرقمية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي بشكل عام، وذلك في مؤتمر إيمتيك ديجيتال الذي نظمته إم آي تي تكنولوجي ريفيو. لم يكن المساعد الرقمي الظريف من أمازون عملاً فاشلاً على الإطلاق. فقد أطلقت الشركة أليكسا في 2014 - بصوت أنثوي يتسم بالصبر والابتهاج الدائم- للسماعة الذكية إيكو، وهي جهاز يوضع على الطاولة، ويسمع صوتك عبر الغرفة حتى يستجيب للاستعلامات والأوامر المنطوقة.

باعت الشركة أكثر من 100 مليون قطعة من منتجات إيكو منذ 2014، وإثر هذا النجاح هذه المنتجات سارعت جوجل وآبل إلى المنافسة. والآن، أصبحت المساعدات الافتراضية متوافرة على المئات من الأجهزة المختلفة، بما فيها أجهزة التلفاز والسيارات والسماعات وأنظمة مراقبة الأطفال... بل وحتى المراحيض.

تمثل هذه الشعبية دليلاً على قدرة البرمجيات على الاستجابة للأوامر البسيطة، حيث أن المستخدمين لا يبدون الكثير من الصبر إزاء المساعدات الافتراضية البليدة. ولكن عند إمضاء ما يكفي من الوقت مع هذه البرامج، تصبح عيوب التكنولوجيا أكثر وضوحاً، حيث يرتبك أليكسا بسهولة عند التعرض لسؤال متابعة، أو لدى سماع صوت في غير محله، ولا يستطيع بطبيعة الحال أن يخوض حواراً حقيقياً لأن اللغة تمثل أمراً غامضاً بالنسبة له.

قال براساد أن سبب تعثر أليكسا هو أن الكلمات التي نستخدمها تحوي من المعنى أكثر مما ندرك في أغلب الأحيان. ففي كل مرة تقول شيئاً ما لشخص ما، يجب أن يستخدم هذا الشخص فهمه المسبق للعالم حتى يقوم بتركيب معاني ما سمعه منك. وقد قال براساد في مقابلة قبل المؤتمر: "إن اللغة بطبيعتها معقدة وغامضة، ولا يمكن أن نستخدمها بدون المنطق والسياق".

يتفوق أليكسا على الدماغ العادي في بعض النواحي، مثل إمكانية الوصول إلى موسوعة هائلة من المعلومات المفيدة. وبالبحث في هذه المعلومات، يمكن لأليكسا أن يحدد ما إذا كنت تتحدث عن شخص أو مكان أو منتج ما. غير أن هذه القدرة هي أقرب إلى حيلة تكنولوجية منها إلى ذكاء حقيقي. فهناك الكثير من الأوضاع المختلفة التي يكون فيها معنى الجملة غير واضح، بل إن سؤالاً بسيطاً مثل: "ما درجة الحرارة؟" قد يتطلب من أليكسا بعض التفكير، فقد يكون قصدك السؤال عن درجة حرارة الطقس في الخارج، أو قراءة من مقياس حرارة أو فرن متصل بالإنترنت.

شرح براساد أن أليكسا تتمتع ببعض الأساليب التي يمكن تجربتها لحل هذه المعضلة، حيث أنه يعرف مكانك، والساعة خلال النهار، كما يستطيع الوصول إلى جميع أسئلتك السابقة، إضافة إلى أسئلة من آخرين في نفس المدينة. فإذا طلبت منه تشغيل أغنية معينة مثلاً، فقد يقدّر أنك ترغب بسماع نسخة لفنان آخر بدلاً من النسخة الأصلية، إذا كان عدد كبير من الأشخاص القريبين منك يستمعون إليها أيضاً.

ولكن هذا الأسلوب في استخدام المعلومات السياقية له حدوده أيضاً. ويتطلب فهم بعض الجمل معرفة أكثر عمقاً بالعالم، وهي ما نسميه عادة "المنطق السليم".

يعمل بعض الباحثين الآن على أساليب تسمح للحواسيب ببناء وتطوير مصدرها الخاص للمنطق السليم، ويعتقد العديد من العاملين في هذا المجال أن الآلات لن تتقن اللغة ما لم تتفاعل مع العالم.

قد يعني هذا أن أليكسا سيعيش يوماً ما ضمن شيء أقرب للروبوت، مع أعين وأطراف وطريقة للتنقل، كما قال براساد: "إن الطريقة الوحيدة لجعل المساعد الذكي ذكياً حقاً هو منحه عينين حتى يستكشف العالم بهما". صممت أمازون نسخاً من أليكسا مع كاميرا، كما تعمل شركات أخرى على تطوير روبوتات شخصية قادرة على الاستجابة للاستعلامات المنطوقة، وتقول الإشاعات إن أمازون تعمل على روبوت منزلي أيضاً.

على الرغم من أن براساد لم يعلق على هذه المعلومة بشكل واضح، فإن تعليقاته تظهر عمق تفكير أمازون بالذكاء الاصطناعي الذي يقوم عليه مساعدها الصوتي. وبالفعل، إذا اتخذت المساعدات الرقمية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي شكلاً مادياً، فقد يؤدي هذا إلى حلقة تغذية خلفية مفيدة، ويمكن بالجمع بين قدرات مختلفة –مثل الكلام والرؤية والحركة الفيزيائية- تصميم برامج ذكاء اصطناعي تتمتع بمهارات لغوية أفضل بكثير، كما قد يجعل هذا من الروبوتات أكثر ذكاء وفائدة.

إذن، يبدو أن السؤال الذي يجب أن نطرحه هو التالي: "أليكسا، إلى أي درجة سيزداد ذكاؤك؟"

المحتوى محمي