كيف ستغيّر شبكات الجيل الخامس صناعة التسويق إلى الأبد؟

في الماضي، جعلت القيود التكنولوجية بما في ذلك شبكات الاتصال البطيئة غير الموثوق بها تجارب التسويق والإعلان الرقمية صعبة للغاية، حيث واجه المعلنون صعوبة بالغة في توصيل الرسائل الإعلانية للعملاء، لذلك، ليس من المستغرب أن أكثر من 90% من محترفي التسويق في جميع أنحاء العالم يتوقعون أن يكون لشبكات الجيل الخامس (5G) تأثير كبير على صناعتهم خلال العقد القادم.

شبكات الجيل الخامس ودورها في تغيير مشهد الإعلان والتسويق

على الرغم من أن شبكات الجيل الخامس ليست منتشرة ومتاحة على نطاق واسع حتى الآن، فإنه من الصعب إنكار أنه عندما تكون متاحة أن تكون لها القدرة على تحسين التجربة الرقمية بطرق لا تعد ولا تحصى، مثل تقديم تجارب تسويقية أكثر تخصصاً، حيث تشير تقديرات دراسة أجرتها رابطة النظام العالمي للاتصالات المتنقلة (GSMA) إلى أن 15% من مستخدمي الهواتف المحمولة في العالم، أو 1.4 مليار جهاز سيكون متصلاً بشبكات الجيل الخامس بحلول عام 2025

بالإضافة إلى ذلك، تشير الأبحاث التي أجرتها خدمات معالجة المعلومات (IHS) إلى أنه من المتوقع أن تسهم تكنولوجيا اتصال الجيل الخامس بنحو 12 تريليون دولار من الناتج الاقتصادي العالمي بحلول عام 2035، حيث تُبين هذه الأرقام نظرة ثاقبة للتأثير الكبير الذي سيجلبه إدخال شبكات الجيل الخامس على الاقتصاد، وتأثيره على الحياة اليومية في جميع أنحاء العالم.

علاوة على ذلك، من المتوقع أن تعزز شبكات الجيل الخامس عمليات الشركات بشكلٍ كبير، لأن شبكات الجيل الخامس -بحسب شركة كوالكوم- موجهة أكثر للشركات والمؤسسات بدلاً من التركيز على المستهلك نفسه، حيث ستمكّن سرعته العالية تطبيقات الأعمال من العمل بسلاسة أكبر، ما يولد المزيد من النشاط والاستخدام، وينتج بيانات مستخدم محدثة أكثر دقة.

على سبيل المثال، يمكن لمعلني نموذج من الأعمال إلى الأعمال (Business to business)، اختصاراً (B2B) إنشاء المزيد من التقنيات والتكتيكات والوظائف المحسّنة والهادفة في التطبيقات والمساحات المتصلة الأخرى إلى حجم قابل للتطوير من البيانات، ما يُمكّن محترفي الأعمال وصناع القرار في مجال الأعمال اتخاذ قرارات أكثر منطقية وتنفيذ حملات تسويقية أكثر نجاحاً.

كيف ستغيّر شبكات الجيل الخامس صناعة الإعلان والتسويق

يتوقع الخبراء أن شبكات الجيل الخامس ستغيّر الكثير من طرق الإعلان والتسويق عند نشرها بشكل كامل، حيث من المتوقع أن تأثيرها سيكون هائلاً بعدة طرق، من ضمنها:

انتشار إعلانات الفيديو

يعد الفيديو أكثر أنواع المحتوى شيوعاً على الإنترنت، ومن ثم نظراً إلى شبكات الجيل الخامس فإن ميزتها الأساسية هي تقليل وقت تحميل المحتوى وستزيد من استهلاك الفيديو، فوفقاً لتقديرات مؤشر شركة سيسكو (Cisco) للشبكات المرئية نُشرت في عام 2022، فإن حركة مرور المحتوى المرئي شكّلت 82% من إجمالي حركة مرور الويب، وأن ما يقرب من نصف جميع الأجهزة والتوصيلات أصبحت قادرة على تشغيل محتوى الفيديو.

كما تُقدر شركة الأبحاث إي ماركتير (eMarketer) أن إعلانات فيديو الهواتف المحمولة ستكون المحرك الأساسي لنمو إيرادات إعلانات الفيديو الرقمية بسبب شبكات الجيل الخامس، حيث ستوفر للمستهلكين مشاهدة مقاطع الفيديو عالية الجودة في وقت قياسي، ما يتطلب من المعلنين والمسوق ابتكار طرق إبداعية للاستفادة من السرعة العالية التي توفرها شبكات الجيل الخامس في تنفيذ حملاتهم الإعلانية.

سرعات تحميل أسرع

ما يجعل لشبكات الجيل الخامس تأثيراً كبيراً على صناعة الإعلان والتسويق هو سرعة تحميل البيانات الأسرع، حيث إن السرعات الأسرع توفر عرض المزيد من المحتوى (صفحات الويب والتطبيقات والألعاب وغيرها)، وهذا يعني المزيد من فرص الإعلان على مختلف الأجهزة، بما فيها الأجهزة المحمولة التي ستكون المستهدف الأكبر بالإعلانات الرقمية.

علاوة على ذلك وجدت الأبحاث التي أجرتها شركة هوت سبوت (HubSpot) أن أحد أكبر الأسباب التي تجعل الأشخاص يستخدمون أدوات منع الإعلانات مثل أد بلوك (Ad Block) هو أن الإعلانات تبطئ وقت تحميل الصفحة، لكن مع سرعة شبكات الجيل الخامس لن يضطر المستخدمون إلى استخدام هذه الأدوات، حيث من المتوقع أن تؤدي أوقات التحميل الأسرع إلى إنشاء علاقة أكثر إيجابية بين العلامات التجارية والعملاء على المدى الطويل.

تجارب إعلانية محسّنة

باستخدام شبكات الجيل الخامس هناك الكثير من الإمكانات لتحسين جودة الإعلان وتسليمه للمستهلك في الوقت الفعلي، والذي من شأنه أن يؤدي إلى تحسين تجربة المستخدم. على سبيل المثال يعاني الإعلان على الأجهزة الجوّالة من فترات التأخير ووقت الاستجابة الذي أثر لفترة طويلة على تحميل أجزاء من الثانية لكل من محتويات الصفحة والإعلانات المقصودة.

وفي عصر يتنقل فيه الأشخاص باستمرار، فإن أوقات التحميل البطيئة ستحرم المعلنين من فرصة التواصل مع المستهلك المناسب في الوقت المناسب، لذا فإن عاملاً بسيطاً مثل تحميل إعلان في الوقت المناسب وفقاً للحدث الجاري يمكن أن يحسّن تجربة المستخدم بشكل كبير في التعرف على العلامات التجارية بشكل أفضل.

إضفاء الطابع الشخصي على التسوق

في كثير من الأحيان، من أجل معرفة المزيد عن العملاء فإن الأمر يعتمد بشكل أساسي على البيانات التي يتم جمعها عنهم، ومن ثم مع انتشار شبكات الجيل الخامس من المرجح أن يتحسّن جمع البيانات بشكل كبير، وبفضل السرعات التي ستوفرها من المتوقع أن تصبح التجارب الشخصية الفائقة التي تدمج بيانات العملاء التفصيلية مع التحليلات في الوقت الفعلي ممكنة.

من خلال قدرة الأجهزة المتصلة على توليد كمية هائلة من البيانات، بفضل الاتصال السلس والمستمر، والذي من شأنه أن تقدم رؤى عالية الجودة للشركات والمعلنين عن قاعدة عملائها بالإضافة إلى كل عميل على حدة، على سبيل المثال قد يتمكن العملاء من الوصول إلى تجارب أكثر تخصيصاً في الحياة الواقعية، حيث قد تسمح شبكات الجيل الخامس للمعلنين بجمع مجموعة من المعلومات والبيانات عنهم، ما يوفر لهم تجربة تسوق ثرية ومخصصة.

نمو سوق إعلانات الأجهزة المحمولة

وفقاً لتقرير من شركة الأبحاث إي ماركتير (eMarketer)، فقد شكّل الإعلان عبر الهاتف المحمول نحو 73% من إجمالي مبيعات التجارة الإلكترونية بقيمة مالية تصل إلى أكثر من 3 تريليونات دولار خلال عام 2021 وحده، هذا يعني أن ما يقرب من ثلاثة من كل أربعة دولارات يتم إنفاقها على عمليات الشراء عبر الإنترنت تأتي من الهواتف المحمولة، ومن المتوقع أن تزداد هذه الأرقام مع اكتمال نشر شبكات الجيل الخامس عبر العالم في الخمس سنوات القادمة.

حيث يعمل اتصال شبكات الجيل الخامس على حل مشكلة زمن الوصول والذي يعتبر مشكلة رئيسية تواجه مستخدمي الهاتف المحمول عند التسوق عبر الإنترنت، حيث إن تقليل أو اختفاء زمن الوصول سيتيح للعلامات التجارية إنشاء تجارب أكثر فعالية من أجل تحسين تجربة العملاء.

نمو سوق الإعلانات التفاعلية

من خلال سرعات شبكات الجيل الخامس العالية يمكن أن يصبح المحتوى الإعلاني أكثر إثارة للمستهدفين، حيث يمكن للعلامات التجارية بث الإعلانات التفاعلية القابلة للتشغيل، مثل لعب الألعاب وتجربتها قبل تنزيلها، كما من المتوقع أن ينمو الإعلانات المدعومة بتكنولوجيا الواقع المعزز التي ستوفر تجارب تسويقية فائقة التخصيص وغامرة للغاية.

ختاماً، من المتوقع أن يتأثر مستقبل التسويق الرقمي والإعلان مع نشر شبكات الجيل الخامس بشكل كبير، حيث يمكننا أن نتوقع رؤية الكثير من التغييرات في الطريقة التي يتفاعل بها الأشخاص مع أجهزتهم والإنترنت، ما يؤدي إلى توفير العديد من الفرص الجديدة للمسوقين الرقميين، والذي سيسمح بدوره للمسوقين بالوصول إلى المزيد من الأشخاص وتقديم تجارب أكثر تخصيصاً، وسيجعل من الممكن للمسوقين استخدام محتوى شديد الصلة لجماهيرهم المستهدفة، وهذا بدوره سيسهّل عليهم تحويل العملاء المحتملين إلى عملاء دائمين.