أحدثت تكنولوجيا الواقع المعزز (Augmented Reality)، اختصاراً (AR) ثورة في عدة قطاعات مثل قطاع الألعاب والخدمات الترفيهية، ومع ذلك فإن القطاع الأكثر تأثراً هو قطاع البيع بالتجزئة؛ حيث أسهم في إحداث تغيير كبير حول تجارب التسوق من خلال قدرة العملاء على التفاعل مع المنتجات وتخصيصها، ما ساعدهم في اتخاذ قرارات الشراء الصحيحة.
فقد بدأ قطاع المنتجات الاستهلاكية وتجارة التجزئة في الاستثمار بكثافة في تكنولوجيا الواقع المعزز لتحسين قدراتها التشغيلية والتسويقية، وبناء وتقديم أفضل التجارب التسويقية، حيث بلغت قيمة تكنولوجيا الواقع المعزز في قطاع البيع بالتجزئة بحسب تقرير حديث لشركة تحليلات السوق بي آر نيوز واير (prnewswire) 2 مليار دولار عام 2021 وحده، ويُقدر أن تصل إلى 61 مليار دولار بحلول عام 2031.
ويعود السبب إلى زيادة انتشار الهواتف الذكية التي تسهم بشكل أساسي في تعزيز نمو تكنولوجيا الواقع المعزز العالمي في سوق التجزئة، بالإضافة إلى ذلك فإن الفوائد الفعّالة من حيث التكلفة للحلول القائمة على تكنولوجيا الواقع المعزز والواقع الافتراضي تؤثر بشكل إيجابي على نمو السوق، فكيف تسهم هذه التكنولوجيا في شركات البيع بالتجزئة بشكل خاص وقطاع التجارة الإلكترونية بشكل عام في زيادة مشاركة العملاء وثقتهم؟
لماذا تعتبر تكنولوجيا الواقع المعزز مهمة في قطاع البيع بالتجزئة؟
يعتبر جيل الألفية المتسوقين الأساسيين اليوم، وهم بحاجة إلى الخدمات في متناول أيديهم، حيث إن الوقوف في طوابير طويلة من أجل شراء المنتجات أمر غير مألوف بالنسبة لهم، بدلاً من ذلك فإنهم أكثر ميلاً للشراء عبر الإنترنت، وهذا ما يوفره لهم إدماج تكنولوجيا الواقع المعزز في قطاع البيع بالتجزئة.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن للصيانة التنبؤية المدعومة بالتعلم الآلي أن تفيد قطاع تجارة التجزئة؟
وذلك لأنهم أكثر استعداداً لتقبل تجارب التسوق عبر الإنترنت المتطورة التي توفرها لهم تكنولوجيا الواقع المعزز، حيث يمكنهم تجربة العناصر فعلياً وتخصيص المنتجات والتفاعل معها بشكل أفضل، والتي تساعدهم في اتخاذ قرارات شراء سريعة وذكية، حيث إن الحصول على الرضا الكامل عن التسوق عبر الإنترنت يزيد من ثقة العملاء بالعلامة التجارية إلى حد كبير ما يساعد في نمو المبيعات.
بالإضافة إلى ذلك، وفق دراسة من شركة الاستشارات ماكنزي (Mckinsey)، فإن عملاء اليوم يتوقعون تجربة شخصية عند التسوق والتي توفر للعلامات التجارية ليس فقط تمييز نفسها، ولكن أيضاً اكتساب ميزة تنافسية مستدامة، ومن ثم تسمح تكنولوجيا الواقع المعزز للعلامات التجارية وتجار البيع بالتجزئة بتطوير تجارب ذكية للبيع تؤثر على قرارات الشراء لدى عملائها، من خلال جعل البيع عبر الإنترنت أسهل وأكثر راحة.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن لعربات التسوق الذكية أن تشكل مستقبل تجارة التجزئة؟
على سبيل المثال، يقوم قطاع البيع بالتجزئة حالياً بتطوير تجارب تسوق فريدة من نوعها باستخدام تكنولوجيا الواقع المعزز، من خلال إنشاء محاكاة افتراضية للمستخدمين للتفاعل مع أحد المنتجات، بطريقة مشابهة تماماً للتجربة في المتجر الفعلي، حيث يمكن للعميل ارتداء نظارة الواقع المعزز وزيارة المتجر المفضل لديه وتجربة الملابس والأحذية وإجراء المقارنات دون مغادرة المنزل فعلياً.
أبرز استخدامات تكنولوجيا الواقع المعزز في قطاع البيع بالتجزئة
تعمل تكنولوجيا الواقع المعزز بطرق مختلفة دون أن تجعلك تتخطى العالم الحقيقي، حيث يمكن تجربة ذلك من خلال الكثير من أجهزة الواقع المعزز التي تعمل عبر الإنترنت، مثل أجهزة الحاسوب المحمولة والهواتف الذكية والمرايا الرقمية ونظارات الواقع المعزز، بحيث يمكن للعميل أن يصبح جزءاً من التجربة بشكل فعلي. وتتمثل أهم استخدامات تكنولوجيا الواقع المعزز في قطاع البيع بالتجزئة فيما يلي:
- تجربة محسّنة في المتجر: يمكن للعملاء الآن الوصول بسرعة إلى تفاصيل المنتج، وتجربة ألوان متنوعة من المنتجات المطلوبة، واتخاذ قرارات الشراء بشكل أسرع دون تجربة كل منها فعلياً.
- تسوق المنتجات الكبيرة: تستخدم العلامات التجارية للأثاث والإلكترونيات الآن الواقع المعزز بشكل كبير لتحسين نقاط البيع من خلال السماح لعملائها بمشاهدة حجم المنتجات ولونها ومظهرها في المساحة المحددة.
- التجربة قبل الشراء: تتيح التجارب الافتراضية المدعومة بالواقع المعزز للعملاء تجربة المنتجات دون زيارة المتاجر فعلياً والنظر إلى المنتجات المختلفة من المنزل مباشرة قبل شرائها.
- التسويق التجريبي: تمكّن ميزات التصور التفاعلي للواقع المعزز تجار التجزئة من جذب المستهلك من خلال التفكير في المنتج إلى شراء المنتج من خلال التسويق التجريبي (Experiential Marketing).
- كتالوجات شراء تفاعلية: يمكن لبائعي التجزئة إنشاء كتالوجات منتجات تفاعلية تعرض كل منتج بتنسيق رقمي يمكن للعملاء استكشافه، ما يسمح لهم بإضفاء الطابع الشخصي على منتجاتهم على نطاق واسع.
- متاجر الواقع الافتراضي: بعكس عمليات التسوق أو الشراء عبر تطبيقات التسوق المختلفة، تتيح لك تكنولوجيا الواقع المعزز التجول في المتاجر فعلياً واختيار العناصر من الرفوف، وإضافتها إلى سلة الشراء الخاصة بك.
- تقليل حالات إرجاع المنتجات: عادةً عند شراء أي منتج من منصات التجارة الإلكترونية، فإن فرص إرجاعها تكون عالية جداً حيث لا يمكن معرفة حقيقة المنتج إلا بمجرد لمسه وتجربته، ومع ذلك عند استخدام تكنولوجيا الواقع المعزز يمكن دائماً تجربة العنصر نفسه قبل شرائه، ومن ثم فإن فرص إرجاع المنتج ستكون منخفضة أو معدومة بالكامل.
- أخذ فكرة عامة حول المنتج: يسمح استخدام الواقع المعزز للعميل بمعرفة المواصفات العامة لمنتج معين وتكوين فكرة عامة عن المنتج الذي على وشك شرائه، ويتضمن ذلك التحقق من الشكل والجودة والألوان أو الأشكال المختلفة إن وجدت.
- تحسين الحملات الإعلانية: يمكن لتكنولوجيا الواقع المعزز ترقية الطريقة التي تعلن بها العديد من العلامات التجارية للبيع بالتجزئة عن نفسها. على سبيل المثال، يمكن أن تتضمن الإعلانات جولات افتراضية لمحلات البيع بالتجزئة، وكتالوجات المنتجات التي يمكن للعملاء الوصول إليها عبر الإنترنت.
اقرأ أيضاً: بحلول نهاية هذا العقد سيصبح كل ما حولك ذكياً
ختاماً، من المؤكد أن مستقبل قطاع البيع بالتجزئة سيتطور إلى ما وراء الاستخدامات والتطبيقات المذكورة أعلاه، لأن عالم التكنولوجيا لا يتوقف أبداً عن التطور، حيث تعتبر صناعة البيع بالتجزئة قطاعاً واسعاً يعتمد على التجربة والابتكار، ومن المتوقع أن تدفع تكنولوجيا الواقع المعزز هذا القطاع بعيداً عن قيودها وأطلالها التقليدية وتحولها إلى مستقبل أفضل ومشرق.