نظرة عامة على استراتيجية المملكة العربية السعودية للمدن الذكية

المدن الذكية هي مناطق حضرية تستخدم التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات من أجل تحسين نوعية حياة السكان. في المملكة العربية السعودية، اكتسب مفهوم المدن الذكية زخماً خلال السنوات الأخيرة،

في هذا المقال، سنلقي نظرة سريعة على استراتيجية المملكة العربية السعودية لجعل مدنها ذكية، والمبادرات القائمة لبناء مدن ذكية جديدة.

لماذا تريد السعودية بناء مدن ذكية؟

أولاً، تقوم المملكة العربية السعودية ببناء مدن ذكية لعدة أسباب، أهمها التنمية الاقتصادية والاستدامة وتحسين نوعية حياة السكان، حيث يعد بناء المدن الذكية عنصراً أساسياً في جهود تنويع اقتصاد المملكة، فلطالما اعتمدت السعودية على صادرات النفط كمصدر أساسي للإيرادات، وتتطلع الحكومة الآن إلى الابتعاد عن هذا الاعتماد من خلال الاستثمار في الصناعات والتكنولوجيا. توفر المدن الذكية فرصاً لجذب الاستثمارات وخلق وظائف جديدة في مجالات مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والعقارات.

ثانياً، يمكن للمدن الذكية أن تساعد في تعزيز الاستدامة وتقليل البصمة الكربونية للبلاد، فمن خلال استخدام التكنولوجيا لإدارة الطاقة والموارد، يمكن للمدن الذكية تقليل الانبعاثات الكربونية وزيادة كفاءة استهلاك الطاقة. على سبيل المثال، سيتم إمداد مدينة نيوم بالكامل بالطاقة من مصادر متجددة، ما يدل على التزام الدولة بالاستدامة.

ثالثاً، يمكن للمدن الذكية تحسين نوعية حياة سكانها، فمن خلال استخدام التكنولوجيا، يمكن تقديم خدمات أفضل مثل الرعاية الصحية والنقل والأمن. على سبيل المثال، يمكن لأنظمة إدارة حركة المرور الذكية أن تقلل من الازدحام والحوادث المرورية، في حين أن أنظمة الرعاية الصحية الذكية يمكن أن توفر رعاية طبية أكثر كفاءة.

مشاريع المدن الذكية في السعودية

فيما يلي أبرز مشاريع المدن الذكية في المملكة العربية السعودية، ويمكننا تقسيم هذه المشاريع إلى نوعين؛ مشاريع المدن الذكية التي يتم بناؤها من الصفر، ومشاريع تطوير مدن المملكة لتصبح مدناً ذكية.

مدن ذكية من الصفر

مدينة نيوم

يعد مشروع مدينة نيوم (Neom) من أكثر المشاريع طموحاً في المملكة العربية السعودية. تم الإعلان عن هذا المشروع الضخم عام 2017 من قبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

ستشمل نيوم عدة تجمعات سكانية ستغطي مساحة تزيد على 26,500 كم مربع، وأهم ما يميزها هو أن الطاقة التي تحتاجها تلك التجمعات سيتم توليدها بنسبة 100% من مصادر الطاقة المتجددة، ما سيجعلها واحدة من أكثر المناطق استدامة في العالم. هناك خطط لإضافة العديد من وسائل الترفيه والراحة مثل الحدائق والشواطئ وممرات للدراجات الهوائية.

من المتوقع أن تكون نيوم جاهزة بكامل طاقتها خلال عدة سنوات، وستكون نموذجاً للمدن الذكية الأخرى في المنطقة والعالم.

مدينة ذا لاين

ذا لاين (The Line) هي مدينة ذكية سيتم بناؤها في منطقة نيوم، أعلن عنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في شهر يناير 2021.

من المخطط أن تكون المدينة خطية، أي على شكل خط يمتد لمسافة 170 كيلومتراً، وستكون نموذجا جديداً ومستداماً للتنمية الحضرية، مع عدم وجود سيارات وانبعاثات كربونية صفرية. فبدلاً من الاعتماد على طرق النقل التقليدية، ستعطي ذا لاين الأولوية للمشي وركوب الدراجات.

مثل مدينة نيوم، سيتم تشغيل المدينة بالطاقة المتجددة بنسبة 100%، مع التركيز على استخدام المواد المستدامة في البناء وتعزيز كفاءة استهلاك الطاقة، كما ستعطى الأولوية لرفاهية السكان، من خلال التركيز على المساحات الخضراء والهواء النقي والرفاهية، وسيتم تصميم المدينة لتوفير فرص متساوية لجميع سكانها، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي أو مستوى دخلهم.

تحويل المدن السعودية إلى مدن ذكية

بالإضافة إلى المدن التي يتم بناؤها من الصفر، يتم تطوير العديد من المدن السعودية ودمج التكنولوجيا فيها. على سبيل المثال، تشهد مدينة جدة تحولاً كبيراً لتصبح مدينة ذكية، حيث استثمرت المدينة في تقنيات جديدة، مثل أنظمة إدارة المرور الذكية لتقليل الازدحام وتحسين تدفق حركة المرور، وتعمل المدينة أيضاً على تطوير نظام شبكة كهرباء ذكية لتحسين كفاءة الطاقة وموثوقيتها. بالإضافة إلى ذلك، تستثمر جدة في البنية التحتية الخضراء، مثل الحدائق ومسارات الدراجات، لتحسين نوعية الحياة لسكانها.

في العاصمة الرياض، تم إدخال نظام ذكي لإدارة النفايات يستخدم أجهزة الاستشعار والتعلم الآلي لتحسين جمع النفايات والتخلص منها.

وفي مدينة الخُبر، يجري العمل على تنفيذ إنارة الشوارع الذكية التي تعدل سطوعها بناءً على تواجد المشاة والمركبات على الطرقات.