كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي صناعة السينما؟

3 دقائق
كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي صناعة السينما؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Gearstd

في عام 1893، قام توماس إديسون ببناء استوديو بلاك ماريا في ولاية نيو جيرسي الأميركية، لقد كان من أوائل استوديوهات الصور المتحركة في العالم، استمر هذا الاستوديو في العمل لمدة 17 عاماً وأنتج مئات الأفلام.

لقد أدى هذا الاستوديو دوراً كبيراً في تأسيس صناعة السينما، والتي تحولت إلى صناعة عالمية تدر مئات مليارات الدولارات كل عام.

اليوم، تشهد صناعة السينما ثورة ناجمة عن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إنتاج الأفلام، فكيف ذلك؟

اقرأ أيضاً: تقنيات رقمية تتيح للممثلين إكمال مسيرتهم المهنية حتى بعد الموت

الذكاء الاصطناعي في السينما

يتزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة الأفلام لتحسين الجوانب المختلفة لعملية إنتاج الأفلام، وذلك من مرحلة ما قبل الإنتاج إلى مرحلة الإنتاج وصولاً إلى ما بعد الإنتاج، يساعد الذكاء الاصطناعي صانعي الأفلام في إنشاء أفلام أكثر واقعية ومذهلة بصرياً بمعدل أسرع وأكثر كفاءة وأقل تكلفة.

مرحلة ما قبل الإنتاج

قبل إنتاج أي فيلم، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بنجاح الفيلم، كما يمكن استخدامه لتحليل النص وتقييم تأثيره وحتى إنشاء نص جديد أو تعديل النص المكتوب.

تستطيع خوارزميات الذكاء الاصطناعي أيضاً تحليل بيانات الأفلام السابقة والتنبؤ بنجاح الفيلم وردود الفعل من قبل الجمهور والنقّاد، ويساعد هذا أيضاً الاستوديوهات وشركات الإنتاج في اتخاذ قرارات مستنيرة حول الأفلام التي يجب إنتاجها.

مرحلة الإنتاج

أحد أكثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي استخداماً في صناعة الأفلام خلال مرحلة الإنتاج هو إنشاء التأثيرات المرئية والبصرية، حيث يمكن استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لإنشاء تأثيرات مفصلة وواقعية للغاية، فقد كان إنشاء هذه التأثيرات في الماضي صعباً جداً ويستغرق وقتاً طويلاً.

على سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء حشود من البشر وحيوانات ذات مظهر واقعي وعناصر أخرى يصعب أو يستحيل تصويرها. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء شخصيات افتراضية واقعية، من الأمثلة على هذه الشخصيات التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي شخصية جونيور (Junior) في فيلم جيميني مان (Gemini Man).

اقرأ أيضاً: كيف استفاد الممثل الأميركي فال كيلمر من الذكاء الاصطناعي لإنشاء صوته في فيلم Top Gun؟

في مجال الدبلجة، قامت شركة فلاوليس (Flawless) بتطوير برنامج يستغل قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي لتغيير الحوار المصور. البرنامج قادر على دبلجة أي فيلم إلى أي لغة مستخدماً صوت الممثل الحقيقي، ويجعل شفاه الممثلين تتحرك بشكلٍ يوحي أنها تتكلم اللغة الأصلية كي لا تبدو المشاهد مدبلجة، وتأكيداً على أهمية هذا البرنامج، منحت مجلة تايم (Time) الأميركية هذا البرنامج لقب أفضل الاختراعات عام 2021.

مرحلة ما بعد الإنتاج

يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي أيضاً لتحسين عملية التحرير والمونتاج بعد تصوير الفيلم، وذلك عن طريق خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تحلل اللقطات وتحدد أفضلها، ما يجعل عملية التحرير أسرع وأكثر كفاءة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء انتقالات أكثر سلاسة بين اللقطات، ما يجعل تسلسل المشاهد في الفيلم أفضل بكثير.

أيضاً، تعتمد الكثير من شركات إنتاج الأفلام على الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات واستهداف العملاء المحتملين بإعلانات مخصصة لهم، ما يجعل التسويق لأفلامها أكثر فعالية.

هل يهدد الذكاء الاصطناعي بعض المهن في مجال السينما؟

يمتلك الذكاء الاصطناعي القدرة على تهديد بعض المهن في مجال السينما، لا سيما في المجالات التي يمكن للذكاء الاصطناعي فيها أتمتة المهام التي يقوم بها البشر. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي في إنشاء التأثيرات المرئية أو عملية التحرير إلى تقليل عدد الوظائف المتاحة لفناني المؤثرات المرئية والمحررين. وقد يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بنجاح نص الفيلم إلى تقليل عدد الوظائف المتاحة لمحللي النصوص.

من المهم التأكيد على أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يكون بديلاً عن الإبداع البشري في السينما، فبينما يمكنه أتمتة مهام معينة، لن يكون قادراً على استبدال مهارات الإبداع والفن التي يملكها البشر.

يمتلك الذكاء الاصطناعي أيضاً القدرة على تهديد مهنة التمثيل في السينما، لا سيما في المجالات التي يمكن أن يخلق فيها شخصيات افتراضية واقعية للغاية. على سبيل المثال، يمكن إنشاء ممثلين افتراضيين بغرض تقليل الحاجة إلى الممثلين والنجوم الذين يتقاضون مبالغ طائلة، أو من أجل أداء المشاهد الصعبة والخطرة.

ومع ذلك، من المهم التأكيد على أن الذكاء الاصطناعي لن يكون بديلاً للممثلين البشر في كل الأفلام. فبينما يمكنه إنشاء شخصيات افتراضية واقعية للغاية، لن يكون قادراً على تكرار العمق العاطفي والمشاعر التي يمكن أن يقدمها الممثلون الحقيقيون.

اقرأ أيضاً: تطور برامج التمثيل الصوتي المعتمدة على الذكاء الاصطناعي يثير قلق الممثلين الصوتيين

أخيراً، عندما نتحدث عن الوظائف التي يهددها الذكاء الاصطناعي في صناعة السينما، علينا أن نكون منصفين ونتحدث عن فرص العمل الجديدة التي قد يوفرها، مثل وظائف مهندسي الذكاء الاصطناعي ومحللي البيانات، كما يمكن أن يسهم في خلق وظائف جديدة ليست موجودة في يومنا هذا.

المحتوى محمي