ليدار (Lidar) هي اختصار لعبارة (Light detection and ranging)، والتي تعني "اكتشاف الضوء وتحديد المدى"، وهي تقنية تستخدم ضوء الليزر لقياس المسافة وبُعد الأشياء، وتعمل بطريقة مماثلة لعمل الرادار (Radar) المستخدم في الطائرات، والسونار (Sonar) المستخدم في الغواصات.
آلية عمل تقنية الليدار بسيطة للغاية، حيث يقوم جهاز بإصدار شعاع ليزر باتجاه الجسم المراد قياس بُعده، ثم يتم التقاط الشعاع المنعكس عن هذا الجسم. ومن خلال معرفة سرعة الضوء وتحديد الوقت الذي استغرقه الشعاع ليعود إلى مصدره، يمكن إجراء عملية حسابية وتحديد بعد الجسم عن نظام الليدار.
اقرأ أيضاً: نظام تعلم آلي جديد يساعد السيارات ذاتية القيادة على التنبؤ بحركة ما حولها
ممَّ يتكون نظام الليدار؟
يتكون كل نظام ليدار عادةً من مصدر لضوء الليزر وجهاز استشعار لالتقاط الضوء المنعكس عن الأجسام.
يرسل مصدر الليزر ضوء الليزر باتجاه الأجسام المراد قياس بعدها، فيما يقوم جهاز الاستشعار بالتقاط الضوء المنعكس عن هذه الأجسام.
متى بدأ استخدام الليدار؟
منذ بداية القرن العشرين، كانت هناك عدة محاولات لاستخدام الأشعة الضوئية من أجل قياس المسافات، لكن أول استخدام ناجح كان عام 1962، حين قام ويليام هيويت وديفيد باينز في معهد إم آي تي الأميركي بإرسال شعاع ليزر باتجاه القمر وقياس المدة التي استغرقها للعودة، وسمح لهما هذا بحساب المسافة بين الأرض القمر.
اقرأ أيضاً: أول رادار كمومي في العالم: كيف يعمل؟ وما أهم ميزاته؟
استخدامات تقنية الليدار
تُستخدم تقنية الليدار على نطاق واسع في مجموعة كبيرة من التطبيقات بمختلف الصناعات، وتتضمن بعض الاستخدامات الأساسية ما يلي:
السيارات ذاتية القيادة
الليدار تقنية مهمة للسيارات ذاتية القيادة، لأنها تتيح للسيارة إدراك وفهم بيئتها في الوقت الفعلي. تلتقط المستشعرات أشعة الليزر التي ترتد على الأجسام الموجودة في بيئة السيارة، ويتم قياس الوقت الذي استغرقه الضوء، ثم إنشاء خريطة ثلاثية الأبعاد للمنطقة المحيطة. يستخدم نظام القيادة في السيارة ذاتية القيادة هذه الخريطة للتنقل وتجنب المركبات الأخرى والمشاة.
عادة ما يتم تركيب أنظمة الليدار أعلى أو أمام السيارة ذاتية القيادة، ويمكن أن يصل مداها إلى عدة مئات من الأمتار. بذلك يمكنها توفير خريطة عالية الدقة للبيئة، وتصل هذه الدقة إلى عدة سنتيمترات، حتى في الظروف الصعبة مثل الإضاءة المنخفضة أو المطر.
الروبوتات
الليدار هي تقنية أساسية للروبوتات أيضاً، لأنها تسمح لها بإدراك وفهم بيئتها في الوقت الفعلي. بالطريقة نفسها لعمل أنظمة الليدار في السيارات ذاتية القيادة، يتم إنشاء خريطة ثلاثية الأبعاد للمنطقة المحيطة بالروبوت، واستخدام هذه الخريطة ليتمكن الروبوت من التنقل وتجنب العقبات.
في معظم الحالات، يتم تركيب نظام الليدار على جسم الروبوت، ويمكن أن يصل مداه إلى عدة أمتار.
اقرأ أيضاً: كروز تستحوذ على شركة ألمانية تصنع رادارات السيارات ذاتية القيادة
المسح ورسم الخرائط
تسمح تقنية الليدار بإنشاء خرائط تفصيلية للتضاريس، بما في ذلك شكل الأرض وارتفاعها، بالإضافة إلى مواقع المباني والطرق وغيرها. يتم رسم الخرائط عن طريق تثبيت نظام الليدار على السيارات أو القوارب أو الطائرات.
لذلك تستخدم هذه التقنية بشكل شائع في تطبيقات الخرائط مثل رسم الخرائط الطبوغرافية، ويمكن استخدامها في عدة مجالات مثل الهندسة المدنية والتعدين وتخطيط المدن والطرقات.
علم الآثار والهندسة المعمارية
في علم الآثار، يستخدم الليدار لإنشاء خرائط مفصلة للمواقع القديمة، مثل الأهرامات والمعابد والمقابر. يسمح هذا للباحثين بدراسة تخطيط وهيكل هذه المواقع دون الحاجة إلى حفرها والمخاطرة بتخريبها، كما يمكّنهم من اكتشاف الهياكل التي قد تكون مدفونة وغير مرئية بالعين المجردة.
في الهندسة المعمارية، يتم استخدام الليدار لإنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد مفصلة للمباني والهياكل التي سيتم بناؤها، ما يسمح للمهندسين المعماريين بدراسة تصميم هذه الهياكل وتقييمها. يمكن استخدام الليدار أيضاً لمسح وتقييم المباني القائمة، وتوفير سجل مفصل لحالة المبنى وأي أضرار قد تكون حدثت فيه بمرور الوقت.
الغابات والزراعة
في الغابات، تساعد تقنية الليدار في قياس دقيق لعدد الأشجار وكثافتها، وتُستخدم هذه المعلومات لمجموعة متنوعة من الأغراض، مثل إدارة الغابات وحفظها، والتعامل مع حرائق الغابات والدراسات البيئية. يمكن أيضاً استخدام التقنية لاكتشاف التغييرات الطفيفة في الغابة، مثل وجود أنواع جديدة من الأشجار والأضرار الناجمة عن الآفات، والذي يمكن أن يساعد الكشف المبكر عنها في إداراتها.
في مجال الزراعة، يتم استخدام الليدار لإنشاء خرائط مفصلة ثلاثية الأبعاد لحقول المحاصيل، ما يسمح بالتنبؤ بكمية المحاصيل، فضلاً عن معدل نموها وصحتها.
اقرأ أيضاً: هل يمكن للتعلم الآلي وأجهزة الاستشعار أن يُسهما في زيادة المحاصيل الزراعية؟
خدمات الطوارئ
في خدمات الطوارئ، يتم استخدام الليدار لإنشاء خرائط مفصلة للمناطق المتأثرة بالكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل والانهيارات الأرضية. تُستخدم هذه المعلومات لتحديد مناطق الضرر وتقييم الضرر، ما يسمح بنشر أكثر فعالية وكفاءة لموارد الطوارئ.
يمكن أيضاً استخدام الليدار لاكتشاف التغيرات الطفيفة في التضاريس، مثل الشقوق في الأرض أو علامات عدم الاستقرار، والتي يمكن أن تساعد في الكشف المبكر عن المخاطر المحتملة وتوقع الكوارث قبل حدوثها.
في عمليات البحث والإنقاذ، يمكن استخدام الليدار لتحديد موقع الضحايا والناجين، كما يمكن اكتشاف الأشخاص العالقين تحت الأنقاض والركام.
علم المحيطات
يمكن استخدام الليدار لقياس خصائص الماء، مثل عمق المياه في البحار والمحيطات وكمية وحجم الملوثات الموجودة فيها. يمكن أن يستخدم أيضاً لدراسة حركة الماء، مثل الأمواج والتيارات، وتأثير ذلك على مناخ الأرض. بالإضافة إلى قياس تركيز العوالق النباتية والجزيئات الأخرى في الماء، وهو أمر مهم لفهم دورها في دورة الكربون.
اقرأ أيضاً: نظام تصوير بسيط ثلاثي الأبعاد يستطيع تصوير الأجسام المتحركة بسرعة تبلغ 500,000 لقطة في الثانية
الأرصاد الجوية
في علم الأرصاد الجوية، يمكن استخدام الليدار لقياس خصائص الغلاف الجوي، مثل درجة الحرارة والرطوبة وسرعة الرياح. تُستخدم هذه المعلومات لدراسة حركة الرياح والتنبؤ بحالة الطقس والأحداث المتطرفة مثل العواصف، يمكن أيضاً استخدامها لقياس تركيز الملوثات في الهواء، وهو أمر مهم لتقييم جودة الهواء وتغيّر المناخ.
هذه مجرد أمثلة قليلة عن العديد من الطرق التي تُستخدم بها تقنية الليدار اليوم. مع التقدم في هذا المجال، من المحتمل أن يتم استخدامها في المزيد من المجالات.