أطلق كريستوفر راي مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (FBI)، تحذيرات قوية بشأن إمكانية استغلال التقنيات الجديدة من المركبات ذاتية القيادة إلى الذكاء الاصطناعي في شن هجمات إرهابية. وأكد راي أن المكتب شهد زيادة في الهجمات الإلكترونية الروسية منذ اندلاع حربها مع أوكرانيا العام الماضي، كما هاجم الصين بسبب برنامجها للذكاء الاصطناعي "غير المقيد بسيادة القانون".
تشويه خوارزميات المركبات ذاتية القيادة
تطرق راي في حديثه يوم الخميس الماضي خلال حلقة نقاشية حول الأمن القومي في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، إلى العديد من التقنيات التي يرى أنها تخلق فرصاً متزايدة ومخاطر أمنية جديدة. ومن بين هذه التقنيات، ركّز راي بشكلٍ خاص على القلق من إمكانية التلاعب بالمركبات ذاتية القيادة بطرق تتضمن تشويش أو تشويه خوارزمياتها. كما حذر من أن التوسع في استخدام السيارات ذاتية القيادة يفتح طرقاً جديدة للإرهابيين لإيذاء المواطنين الأميركيين.
وأوضح أن مكتب التحقيقات الفيدرالي ينظر إلى المركبات ذاتية القيادة على أنها أداة محتملة للتسبب في ضرر جسدي ومصدر محتمل للبيانات الشخصية التي يمكن أن تصبح هدفاً. وتابع: "عندما تتحدث عن المركبات ذاتية القيادة، فمن الواضح أنها شيء نشعر بالحماس تجاهه، تماماً مثل أي شخص آخر. لكن هناك أضراراً يجب أن نحذّر منها وهي أضرار واضحة تماماً".
اقرأ أيضاً: أحد رواد السيارات ذاتية القيادة يواجه تُهماً بسرقة أسرار من جوجل
وأضاف راي: "أفكر في قصة سمعتها منذ وقت قريب عن الباحثين الذين تمكنوا من خداع خوارزمية سيارة ذاتية القيادة من خلال وضع قطعة من شريط أسود فوق علامة (توقف). لقد تسببت في تسارع السيارة بنحو 50 ميلاً في الساعة (80 كيلومتراً) أو شيئاً من هذا القبيل". واعتبر أن هذا كان مثالاً بسيطاً، لكنه يظهر بعض الأضرار التي يتعين علينا الاحتراز منها. وقال إن هذه التهديدات المحتملة "تدور في أذهاننا كثيراً" في الحكومة الفيدرالية.
يذكر أن حجم السوق العالمي للسيارات ذاتية القيادة بلغ ما يقرب من 106 مليارات دولار في عام 2021. ومن المتوقع أن يصل إلى أكثر من 2.3 تريليون دولار عام 2030. ويتوقع معهد التأمين للسلامة على الطرق السريعة (IIHS-HLDI) أن تكون هناك 3.5 مليون سيارة ذاتية القيادة على الطريق في الولايات المتحدة بحلول عام 2025.
الذكاء الاصطناعي الصيني "غير المقيد"
وفي حديثه، أوضح راي أن الولايات المتحدة قلقة بشكل خاص بشأن برامج الذكاء الاصطناعي في الصين وقدرتها على اختراق الدول الأخرى، معتبراً أن الذكاء الاصطناعي هو مثال كلاسيكي على التكنولوجيا التي تخلق فرصاً ومخاطر على حد سواء.
وقال إن "الحكومة الصينية تمتلك أكبر برنامج قرصنة في العالم، وبرنامج الذكاء الاصطناعي الخاص بها لا يتقيد بنفس القيود المفروضة في الغرب". في إشارة إلى قيود الخصوصية التي تمنع جمع بعض أنواع البيانات التي تستخدم لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة وأوروبا.
كان مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي قد هاجم التكنولوجيا الصينية عدة مرات على مدى الشهور الماضية، مشيراً إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي. وحذّر بشكل أساسي من خطر قيام الحكومة الصينية بتسخير تطبيق مشاركة الفيديو "تيك توك" للتأثير على المستخدمين أو التحكم في أجهزتهم. وقال إن المخاطر تشمل "إمكانية أن تستخدم الحكومة الصينية التطبيق للتحكم في جمع بيانات ملايين المستخدمين أو التحكم في خوارزمية التوصية، التي يمكن استخدامها في عمليات التأثير"، بالإضافة إلى إمكانية استخدامه "للتحكم في برمجيات ملايين الأجهزة"، ما يمنح بكين الفرصة "للتغلب على هذه الأجهزة تقنياً".
اقرأ أيضاً: تيك توك يغير من شكل وجوه بعض الأشخاص دون إذن مسبق
وفي حديثه الأسبوع الماضي، عبّر راي عن اعتقاده أن طموحات الصين في مجال الذكاء الاصطناعي "بُنيت فوق مجموعة ضخمة من الحقوق الفكرية والبيانات الحساسة التي سرقوها على مر السنين". وقال إنه إذا تُركت بكين دون رادع، فسيمكنها استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز عمليات القرصنة وسرقة الملكية الفكرية وقمع المعارضين داخل البلاد وخارجها. وأضاف: "هذا شيء نشعر بقلق عميق تجاهه. وأعتقد أن كل شخص هنا يجب أن يشعر بقلق عميق".
تهديدات روسية جديدة
كما تطرق مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى زيادة التهديدات السيبرانية الروسية منذ العام الماضي، قائلاً إن المكتب أوقف بشكل استباقي هجوماً سيبرانياً روسياً لاستكشاف ومراقبة البنية التحتية الأميركية في بداية الحرب مع أوكرانيا. وأغلق شبكة روبوتات تديرها المخابرات العسكرية الروسية، موضحاً: "لم نرغب في الانتظار لنرى ما هي نواياهم".
ويرى راي أن حرب روسيا ضد أوكرانيا تمنح مسؤولي الأمن القومي الأميركيين أمثلة جديدة على كيفية تطور الهجمات السيبرانية، كما أنها أظهرت كيف يمكن أن يكون نشاط المراقبة المبكر مقدمة لهجوم سيبراني. وعبّر عن تزايد القلق في واشنطن من أن "نشاط المراقبة -سواء المسح أو البحث أو النشاط التحضيري- يمكن أن يكون شيئاً واحداً، ويمكن أن يكون مؤشراً على شيء أكثر خطورة".