تستخدم في المدن الذكية مجموعة واسعة من الأجهزة لجمع المعلومات والبيانات، حيث تُستخدم بشكل أساسي أجهزة إنترنت الأشياء المدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لجمعها ثم تحليلها لاحقاً واستخلاص المعلومات لإدارة الخدمات والموارد بكفاءة، وتحسين جودة حياة السكان وجعلها صديقة للبيئة، بالإضافة إلى أن تصبح المدينة الذكية أكثر ذكاءً.
وعلى الرغم أن هناك العديد من التعريفات للمدينة الذكية، فإنه بشكل عام يمكن توصيفها بأنها المدينة التي تستخدم أجهزة إنترنت الأشياء لربط المكونات والتي تشمل المباني الذكية والمرافق والبنى التحتية في جميع أنحاء المدينة مع بعضها بعضاً، حيث يتم تحليل البيانات من جميع هذه المكونات، ثم اشتقاق الأنماط من البيانات التي تم جمعها وتحليلها باستخدام نماذج الذكاء الاصطناعي المختلفة واستخدام المعلومات الناتجة لإدارة وتعزيز وتحسين الخدمات في المدينة.
اقرأ أيضاً: لماذا تنفر بعض المجتمعات من فكرة المدن الذكية؟ دراسة حالة في تورنتو
ما هي تكنولوجيات جمع البيانات للمدن الذكية؟
من أجل أي مدينة ذكية حقاً يجب جمع وتحليل البيانات الكبيرة والصغيرة من أجهزة إنترنت الأشياء المنتشرة، وأصول البنية التحتية وأجهزة الاستشعار الذكية. وتتضمن بعض البيانات التي يتم جمعها مدخلات من أجهزة استشعار حركة المرور ووقوف السيارات ومركبات النقل العامة، وتقارير الطقس والبيانات البيئية، وإحصاءات السكان ومعلومات التعداد.
بالإضافة إلى البيانات التاريخية من الدراسات الفنية، وإحصاءات الجريمة، وبيانات استهلاك الطاقة المنزلية، والبيانات الصغيرة من الأجهزة التي تدعم إنترنت الأشياء مثل الأجهزة القابلة للارتداء، وكل هذه البيانات يتم جمعها باستخدام مجموعة من الأساليب والتكنولوجيات، منها:
تكنولوجيا العقدة الحمراء (Nord Red)
العقدة الحمراء (Nord Red) هي عبارة عن أداة تتيح للمطورين تصور ودمج التدفقات من الأجهزة وواجهات برمجة التطبيقات والخدمات عبر الإنترنت، وإدارة هذه العقد من خلال واجهة مستخدم رسومية (GUI). في تطبيقات المدن الذكية يتم استخدام الأداة لربط النقاط بين مكونات النظام، لتوفير مجموعات من الوظائف، مثل: المعلومات الجغرافية المكانية، وجمع البيانات التاريخية، وإنشاء لوحات معلومات مخصصة لتخزين البيانات.
باستخدام العقدة الحمراء يمكن للمؤسسات مزج الميزات ومطابقتها، حيث تدعم العقدة الحمراء الموزعة (DNR) استخدام الحوسبة الطرفية لنشر تطبيقات المدن الذكية على نطاق واسع عبر مجموعة متنوعة من الأجهزة، من كاميرات المرور إلى خوادم تخزين البيانات.
نهج إي تي إل (ETL)
وهي اختصار لعبارات الاستخراج والتحويل والتحميل (Extract, Transform, Load)، حيث يُستخدم هذا النهج لجمع البيانات من مصادر متعددة، ويتم تخزينها في مستودع بيانات أو بحيرة بيانات أو أي نظام قاعدة بيانات آخر، ما يوفر لأقسام تكنولوجيا المعلومات الحصول على نظرة شاملة على البيانات عبر المؤسسة، والذي بدوره يدعم عملية صنع القرار التي يقوم بها أصحاب المصلحة من المطورين إلى المديرين.
تستخدم المؤسسات الكبيرة نهج إي تي إل (ETL) لتحليل البيانات التاريخية، مثل حركة المرور أو أنماط الشراء لإدارة الأصول بشكل أفضل، ومزامنة مشاركة البيانات مع الشركات والأقسام المختلفة، وأتمتة تكامل البيانات وإعداد التقارير، وتزويد سكان المدينة بإمكانية الوصول إلى خدمات تفاعلية من نافذة واحدة.
تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي
تستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتحليل كميات كبيرة من البيانات الضخمة لتوليد بيانات الإدخال والتنبؤ بالأحداث لتكنولوجيات المدن الذكية. على سبيل المثال، تُستخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتتبع السلوك المشبوه في الخلاصات من كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة (CCTV)، لتقييم حالة البنية التحتية للمدينة وتقديم اقتراحات حول برامج الصيانة، ولتتبع سلوكيات السكان مثل عادات إعادة التدوير التي تأتي بحلول أكثر صداقة للبيئة.
اقرأ أيضاً: كيف تساعد إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي في رسم ملامح المدن الذكية؟
نهج النمذجة الدلالية
النمذجة الدلالية (Semantic Modeling) هي طريقة لتنظيم البيانات تعكس المعنى الأساسي لعناصر البيانات والعلاقات فيما بينها، وبما أن البيانات التي يتم تجميعها للمدينة الذكية غير متجانسة بطبيعتها، فإن هذا النهج يستخدم لمشاركة ودمج البيانات بين الأنظمة المختلفة باستخدام لغة مشتركة، لمعالجة مسألة تمكين إمكانية التشغيل البيئي للمدينة.
اقرأ أيضاً: ما هي فرص السعودية في قيادة تطوير المدن الذكية في المنطقة؟
تكنولوجيا البلوك تشين
يتم استخدام تكنولوجيا البلوك تشين (Blockchain) في المدن الذكية لتخزين البيانات وتبادلها بطريقة لامركزية دون الاعتماد على أطراف ثالثة، وما يجعل هذه التكنولوجيا مهمة للمدن الذكية هو إمكانية استخدامها لإدارة الهويات الرقمية باستخدام التوقيعات الرقمية بناءً على تشفير المفتاح العام بدلاً من أنظمة كلمات المرور غير الآمنة. علاوة على ذلك، يمكن أن تساعد تكنولوجيا البلوك تشين المؤسسات في إعادة تصميم طريقة تقديم الخدمات وتقليل الإدارة المركزية.
خوارزميات زحف الويب
تبحث خوارزميات زحف الويب (Web Crawling) تلقائياً في صفحات الويب عن كلمات رئيسية معينة وتنشئ فهرساً للمعلومات. وفي تطبيقات المدن الذكية، قد تجمع خوارزميات زحف الويب معلومات من مصادر متنوعة، مثل مواقع التواصل الاجتماعي وتدفقات حركة المرور المباشرة.
اقرأ أيضاً: لماذا تنفر بعض المجتمعات من فكرة المدن الذكية؟ دراسة حالة في تورنتو
ختاماً، لكي تكون مدن المستقبل ناجحة، ستحتاج إلى الجمع بين الجوانب الاجتماعية والبيئية والاقتصادية المتكاملة مع دمج الحلول الرقمية الذكية والمتصلة بالشبكات والمرونة مع مفاهيم جمالية مبهجة يدعمها نظام حوكمة شامل. علاوة على ذلك، من المهم محو الأمية الرقمية ونشر الثقافة الرقمية في المجتمعات، واللذان يشكلان عاملاً رئيسياً في جعل المدن الذكية حقيقة وأكثر استدامة.