تعد مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية معقدة وغير موثوقة بسبب الظروف الجوية المتغيرة باستمرار، ولكن عند استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا القطاع، فإن التوقعات عالية جداً لتحقيق أعلى كفاءة ممكنة، ما يساعد في إزالة العقبات وإطلاق كامل الإمكانات لصناعة الطاقة الشمسية، مثل معالجة المشكلات المعقدة لتصميم محطات الطاقة الشمسية، ما يؤدي إلى توفير التكاليف وتحسين الكفاءة، والذي بدوره يؤدي إلى عوائد استثمار أفضل.
كيف يمكن للذكاء الاصطناعي دعم إنتاج الطاقة الشمسية؟
في السنوات الأخيرة، أدى توفر البيانات الهائل وقوة الحوسبة إلى تمكين خوارزميات التعلم الآلي من تقديم حلول أفضل للمشكلات التي تعترض إنتاج الطاقة الشمسية، حيث نجد أن صناعة الطاقة المتجددة على وجه الخصوص هي التي تعيد ابتكار نفسها باستمرار، وتتبنى البحث والابتكار للتكيّف مع الطلب المتزايد، لذا فهي في موقع ممتاز لتبني ابتكارات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بنجاح وتكيّفها مع احتياجاتها الخاصة، حيث يتم الآن بالفعل تنفيذ مجموعة من الابتكارات التي أسهمت بشكل كبير في حل جزء من المشكلات في هذه الصناعة، من ضمنها:
التنبؤ القائم على الذكاء الاصطناعي
تستخدم نماذج التعلم الآلي على نطاق واسع لتحسين عملية التنبؤ وتحقيق الاستقرار في إنتاج الطاقة الشمسية، على سبيل المثال دخلت العديد من مزارع الطاقة الشمسية في شراكة مع شركة سول كاست (Solcast)، وهي بائع أسترالي في قطاع الطاقة الشمسية يقدم نموذجاً يتميز بشبكة عصبونية اصطناعية (ANN)، للتنبؤ بتوليد الطاقة الشمسية كل ساعة لوحدة كهروضوئية معينة.
يكتشف نظام التنبؤ الآني للأقمار الصناعية التابعة للشركة خصائص الطقس من خلال الرموز الجغرافية وضوابط الجودة وتقديرات الإشعاع الشمسي، ثم تتم تغذية بيانات الطاقة الشمسية في الوقت الفعلي، وصور السماء الأرضية للتغطية السحابية المحلية، ما يؤدي إلى إنتاج أكثر من 600 مليون عملية تنبؤ محسوب في الساعة تتم مشاركتها مع العملاء في غضون ثوانٍ.
اقرأ أيضاً: 6 طرائق لزيادة كفاءة الطاقة الشمسية في الشتاء
صيانة الألواح الشمسية
عادةً تتطلب صيانة المزارع الشمسية فريقاً من العمال الذين يفحصون الألواح الشمسية يدوياً، في هذه الحالة يمكن أن تصبح العملية مملة ومكلفة وغير مضمونة الجودة، من أجل ذلك اتجه المشغلون إلى الطائرات المسيرة لتسريع عمليات فحص الألواح الشمسية ومراقبتها، لتقليل تكاليف عمليات الصيانة اليدوية والمراقبة.
تؤدي الطائرات المسيرة بالفعل دوراً رئيسياً في عمليات فحص الألواح الشمسية، وذلك لقدرتها على جمع البيانات أسرع بـ50 مرة من الطرائق اليدوية مع تحسين سلامة العمليات، والقدرة على تحديد المشكلات في الألواح الشمسية من خلال جمع البيانات عبر الكاميرات الحرارية الخاصة المثبتة فيها، ثم يتم تحليل هذه البيانات بواسطة أنظمة قائمة على الذكاء الاصطناعي للتعرف على الخلايا المعيبة في اللوحة الشمسية.
حلول ذكية لتخفيف أثر التلوث
الطقس الغائم ليس السبب الطبيعي الوحيد الذي يمكن أن يعيق إنتاج الطاقة الشمسية، فالتلوث الذي يحدث عندما يتراكم الغبار وفضلات الطيور على خلايا الألواح الشمسية يمكن أن يعيق امتصاص ضوء الشمس وقد يؤدي أحياناً إلى إتلاف اللوحة الشمسية كُلياً. في هذه الحالة، عادةً يلجأ مشغلو المزارع الشمسية إلى جهات خارجية لحل مشكلات نظافة اللوحات الشمسية ما يؤدي إلى دفع تكاليف مالية غير ضرورية، بدلاً من ذلك يمكن للمنصات المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي يتم ربطها بالمزارع الشمسية الاستفادة من تدفقات البيانات الهائلة التي تنتجها الألواح الشمسية لتحديد متى وكيف ينبغي تنظيف الألواح الشمسية للمساعدة في زيادة الكفاءة وتقليل التكاليف.
اقرأ أيضاً: إليك أساليب الاستفادة من الطاقة الشمسية
تحسين شبكات الطاقة ووحدات التخزين
مع تزايد عدد محطات توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أصبح من المهم أن يتفاعل توليد الطاقة بذكاء مع الاستهلاك (والعكس صحيح)، حيث يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تقييم وتحليل ومراقبة بيانات مختلف المشاركين (المستهلكين والمنتجين ومرافق التخزين) المتصلين ببعضهم بعضاً عبر الشبكة، مثل تجهيز شبكات الطاقة بأجهزة استشعار متعددة لجمع كمية كبيرة من البيانات، وعند تحليلها بواسطة خوارزميات الذكاء الاصطناعي يمكن أن توفر بيانات قيمة لمشغلي الشبكات لتوفير قدر أكبر من التحكم والمرونة.
على سبيل المثال، يمكن الجمع بين أنظمة التحكم في تدفق الطاقة والمعدات الصناعية الكبيرة، مثل وحدات تكييف الهواء والأفران، لإغلاقها تلقائياً عند انخفاض الطاقة، كما يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين عمليات التخزين، من خلال إنشاء نماذج ذكية تستند إلى البيانات التي تم جمعها مسبقاً في إدارة هذه التدفقات وتخزين الطاقة الزائدة لتجنب الحمل الزائد على الشبكة، وتنسيق أعمال الصيانة وتحديد الأوقات المثلى لصيانة الشبكات والأنظمة الفردية، ما يساعد في تقليل التكاليف المالية، والاضطرابات في تشغيل الشبكة.
اقرأ أيضاً: كيف تساعدنا الطاقة الشمسية في مواجهة الكوارث المناخية؟
مساعدة الموردين على التوسع في السوق
يمكن لقطاع الطاقة المتجددة الاستفادة بشكل غير مباشر من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي للتوسع في السوق، من خلال الاستفادة من المعلومات التي يوفرها الذكاء الاصطناعي عن استهلاك الطاقة في مساعدة الموردين على تحسين خدماتهم وتطوير نماذج أعمال جديدة، وفي الوقت نفسه، يمكن لتجار التجزئة استخدام هذه المعلومات لاستهداف مستهلكين جدد.
كما يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي أيضاً في المراقبة والتحليل التلقائي للتداول في أسواق الطاقة، ما يجعل اكتشاف ومنع عمليات التداول غير القانونية أو غير المصرح بها ممكناً.
استهلاك الطاقة بذكاء
يمكن للمستهلكين المتصلين بشبكة الطاقة الذكية المساهمة في شبكة كهرباء مستقرة ومستدامة، من خلال استخدام حلول المنزل الذكي، مثل العدادات الذكية (Smart Meters)، إذ يمكن لهذه الأجهزة المتصلة بشبكة الطاقة التفاعل مع الأسعار في سوق الكهرباء، والتكيّف مع أنماط الاستخدام المنزلي من أجل توفير الكهرباء وتقليل التكاليف، على سبيل المثال، يمكن لأنظمة تكييف الهواء المتصلة بالشبكات الذكية التفاعل مع الأسعار في سوق الكهرباء من خلال زيادة الإنتاج عندما تكون الكهرباء وفيرة ومنخفضة التكلفة.
اقرأ أيضاً: ما كمية الطاقة الكهربائية التي تولدها الألواح الشمسية؟
تحديات دمج الذكاء الاصطناعي في صناعة الطاقة المتجددة
تعد حماية بيانات المستهلكين وأمن شبكة الطاقة واحدة من أكبر النقاط الشائكة التي تعترض عمليات دمج نماذج الذكاء الاصطناعي المختلفة في صناعة الطاقة المتجددة، فالكثير من المستهلكين المتصلين رقمياً بشبكات الطاقة يضطرون للتخلي عن الكثير من بياناتهم الشخصية التي تكون عرضة للهجمات السيبرانية التي تستهدف شبكات الطاقة نفسها أو الأجهزة الذكية التي يستخدمها المستهلكون. وهذا هو السبب في أن الأمن السيبراني أصبح أكثر أهمية اليوم وفي المستقبل من أجل حماية شبكات الطاقة المتصلة من الهجمات السيبرانية.
أظهرت دراسة نُشرت في مجلة سينس دايركت (Sciencedirect) أن أكبر عائق لاستخدام العدادات الذكية هو الخوف من الكشف عن المعلومات الخاصة دون معرفة كيفية استخدامها بالضبط، وهي مخاوف لها ما يبررها، ولا توجد حتى الآن قوانين متفق عليها تنظم كيفية التعامل مع هذه البيانات الحساسة، وهو أمر مهم لقطاع الطاقة مستقبلاً، خاصة أن جانب القابلية لتفسير أي قانون يصدر سيصبح أكثر صعوبة مع أنظمة الذكاء الاصطناعي الأقوى وذاتية التطوير. لذا من أجل منح صناعة الطاقة وخاصة المستهلكين النهائيين مزيداً من الثقة في أنظمة الذكاء الاصطناعي، يجب الكشف بوضوح عن كيفية استخدام البيانات ومن قِبل من ستُستخدم.
اقرأ أيضاً: كيف تتحول الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية بوجود منظومة الطاقة الشمسية؟
بالإضافة إلى ذلك، ينتقد الكثيرون أيضاً استهلاك أنظمة الذكاء الاصطناعي للطاقة بكثافة من أجل تشغيلها، حيث تستهلك معالجة كميات كبيرة من البيانات قدراً كبيراً من الكهرباء، ولمعالجة هذه المشكلات يقترح الخبراء أنه من الضروري أيضاً تحليل كيفية تصميم مراكز البيانات نفسها لتكون موفرة للطاقة قدر الإمكان.
حيث تشمل الحلول الممكنة لهذه المعضلة القرب المادي لمراكز البيانات ومحطات توليد الطاقة المتجددة، وتأجيل عمليات الحوسبة كثيفة الطاقة إلى الأوقات التي يتوفر فيها قدر كبير من الطاقة، واستخدام أجهزة تكنولوجية أكثر كفاءة في استخدام الطاقة، أو الخوارزميات التي تتطلب القليل من الحوسبة قدر الإمكان.