يشهد العالم حالياً ثورة في مجال الصناعة، لقد تطورت الروبوتات كثيراً وأصبح بإمكانها التعرف على بيئتها المحيطة بشكل جيد وإدراك ما حولها والعمل تماماً مثل البشر، وفي بعض الأحيان أفضل من البشر.
تسعى الشركات جاهدة إلى دمج الروبوتات في مصانعها، ومن المتوقع أن نرى روبوتات في كل المصانع مستقبلاً، وربما سنجدها في كل المنازل أيضاً، ما سيجعلها تسهم بشكل أساسي في الاقتصاد العالمي.
لكننا لم نختبر الجدوى الاقتصادية من ذلك على نطاق عالمي، ولا نعلم ما إذا كان ذلك سيكون مفيداً للاقتصاد أم لا. فعلى الرغم من أن الروبوتات تسهم في تحقيق المزيد من الدخل للشركات، فإنها ستؤدي بكل تأكيد لزيادة عدد العاطلين عن العمل، وهي مشكلة اقتصادية يصعب التعامل معها.
اقرأ أيضاً: هل يتسبب إدخال الروبوتات إلى المصانع بزيادة وفيات البشر؟
فوائد استخدام الروبوتات في الصناعة
على الرغم من المزايا التي توفرها الروبوتات في المصانع، لكن معظم هذه المزايا تخدم الشركات فقط وتحقق لها مزيداً من العائدات.
- بشكل عام، تستطيع الروبوتات أن تعمل في أي ظروف مهما كانت قاسية أو خطيرة، وهو أمر لا يستطيع العمال البشر القيام به دون توفير الظروف الآمنة أو المعدات الواقية.
- بإمكان الروبوتات أن تعمل لفترات طويلة، فبعضها يمكن أن يعمل لمدة 24 ساعة في اليوم دون توقف، على عكس البشر الذين يعملون لساعات محددة في اليوم ويحتاجون إلى الراحة.
- أثبتت الروبوتات كفاءتها وفعاليتها في تنفيذ المهمات الروتينية والمملة، حتى لو استمرت في العمل عليها لفترة طويلة جداً.
- تسهم الروبوتات في توفير التكاليف بالمصانع لأنها لا تطلب دفع راتب شهري أو توفير تأمين صحي أو طعام، كل ما تحتاجه هو مصدر طاقة وبعض التعليمات البرمجية لتشغيلها.
- تتمتع الروبوتات بقدرة كبيرة على التعلم بسرعة، على عكس البشر الذين يحتاجون إلى وقت طويل وتدريب ليتعلموا أو يكتسبوا مهارة، بدلاً من الحاجة لتدريبها، تحتاج الروبوتات فقط إلى إدخال التعليمات البرمجية الصحيحة لتعمل بالشكل الصحيح.
- لا تحتاج الروبوتات في المصانع إلى الرقابة، فهي تنفذ العمل المطلوب منها بدقة دون أي أخطاء، وبالتالي لا تكون هناك حاجة لتوظيف مراقبين ومشرفين على عملها.
- انخفضت أسعار الروبوتات وتطورت بشكل كبير، ويمكن للكثير من الشركات تحمل تكاليفها بعد أن كانت تكاليف إنتاج الروبوتات وتشغيلها كبيرة للغاية، حالياً تغيّر ذلك..
عند أخذ كل هذه الإيجابيات بعين الاعتبار، يمكن القول إن الاعتماد على الروبوتات في الصناعة هو أمر مجدٍ اقتصادياً للشركات، لأنه يساعدها على توفير التكاليف وزيادة الأرباح.
اقرأ أيضاً: مستقبل العمل: ما الذي يحمله لنا وكيف نستعد له؟
سلبيات استخدام الروبوتات في الصناعة
يشهد العالم سعياً نحو استغلال الروبوتات في الصناعة بشكل أكبر، لكن هناك الكثير من الأصوات التي تعترض على ذلك، أبرز تلك الأصوات تتحدث عن مشكلة البطالة التي يمكن أن تسببها الروبوتات إذا أخذت أماكن البشر في المصانع والشركات.
- يرى العديد من المحللين الاقتصاديين أن الفوائد التي توفرها الروبوتات للشركات ستنعكس بشكل سلبي على اقتصاد الدول نتيجة ارتفاع معدلات البطالة، فالبطالة تجعل الناس غير قادرين على إعالة أنفسهم وشراء السلع والبضائع، ما سيؤدي في المستقبل إلى انخفاض الاستهلاك بشكل كبير، وبالتالي لن تجد الشركات عملاء قادرين على شراء بضائعهم.
- يمكن أن تؤدي البطالة بهذه الطريقة إلى توقف عدد كبير من المصانع عن العمل وتدهور العديد من الصناعات، ويمكن أن تؤدي إلى انهيار اقتصاد بعض الدول نتيجة عدم قدرة الحكومة على توفير الدعم الكافي للعاطلين عن العمل.
- سيؤدي استبدال البشر في المصانع والشركات بالروبوتات إلى بداية لأزمات اقتصادية مستقبلية لا نعرف كيف يمكن مواجهتها والتعامل معها، فالاقتصاد العالمي قائم على قاعدة العرض والطلب، وإذا كان الناس عاطلين عن العمل وغير قادرين على الطلب، فإن الشركات لن تكون قادرة على العرض، وسيتوقف إنتاجها تدريجياً، ما سيؤدي لزعزعة استقرار السوق العالمي.
القلق من ذلك كبير للغاية لدرجة أن بعض المحللين الاقتصاديين يقترحون فرض ضرائب أعلى على الشركات التي تعتمد على الروبوتات في مصانعها، الهدف من ذلك هو أن تقوم الحكومة بجمع هذه الضرائب واستخدامها لتمويل إعانات للأشخاص العاطلين عن العمل ودعم المشاريع التي توفر فرص العمل لهم. بهذه الطريقة، يمكن أن تتحمل الشركات التي تعتمد على الروبوتات بعض العبء الذي سببته نتيجة التخلي عن العمال.
بالإضافة إلى ذلك، توجد معظم الشركات التي تعتمد على الروبوتات في مصانعها في الدول المتقدمة، هذا الأمر يجعل الصناعة في العالم غير عادلة، لأن الشركات في الدول المتقدمة ستكون قادرة على إنتاج السلع بكميات أكبر وطرحها في الأسواق بأسعار معقولة، ما سيجعل المصانع في الدول النامية غير قادرة على المنافسة.
اقرأ أيضاً: جيل جديد من روبوتات الذكاء الاصطناعي يكتسح المستودعات
النتيجة
كما هو الحال مع كل التكنولوجيا التي طورها البشر، هناك جوانب إيجابية وأخرى سلبية، ينبغي دائماً الموازنة ما بين السلبيات والإيجابيات قدر الإمكان.
نحن الآن في خضم ثورة صناعية جديدة تُعرف باسم الثورة الصناعية الرابعة، حيث يتم الاعتماد أكثر فأكثر على التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات في الإنتاج، هذه الثورة الحديثة لا يجب أن نركز فيها على فوائدها فقط، بل أيضاً في التحديات التي قد تسببها مستقبلاً.