في السنوات القليلة الماضية، رأينا أن كل تكنولوجيا تقريباً تحصل على تحول ذكي، حيث أصبحت معظم المنتجات والأدوات أكثر ذكاءً، وأصبحت الأجهزة التي لم ندرك أنها يمكن أو يجب أن يتم توصيلها بالإنترنت تستجيب فجأة لتطبيق على هاتفك، وبما أنه من الصعب العودة إلى الوراء بمجرد الاعتياد على المنتجات الذكية، فكان لزاماً التساؤل بجدية عن كيف ستبدو منازل المستقبل بما أنها من المتوقع أن تكون الوعاء الجامع لأيّ جهاز ذكي تقريباً؟
هل ستكون منازل المستقبل أكثر استدامة؟
من المتوقع أن تستفيد منازل المستقبل بشكلٍ متزايد من أنظمة الطاقة المستدامة الأكثر تقدماً، وتتميز بتخطيطات مرنة واستخدام التكنولوجيا المحسّنة لاتخاذ قرارات تلقائية بشأن التدفئة والأمن والمرافق، وهذا ما أظهره تقرير: المنزل الجديد في عام 2050 (The New Home In 2050)، من مؤسسة إن إتش بي سي (NHBC)، والذي يوفر البحث والتوجيه لدعم صناعة بناء المنازل؛ حيث توقع التقرير تعديلات جذرية لتصميم المباني السكنية في المستقبل، اعتماداً على ثلاثة عناصر رئيسية، هي:
- التكنولوجيات الجديدة.
- التحولات السكانية.
- تغيّر المناخ.
حيث يشير التقرير إلى أن التغيرات الديموغرافية، مثل الزيادة السريعة في عدد كبار السن وتفاقم مشكلة الشباب غير القادرين على مغادرة المنزل، ستؤدي إلى زيادة الطلب على سكن متعدد الأجيال، بحيث يتم تصميم المنازل بتخطيطات مرنة لتناسب الأجيال المختلفة، والتي يمكن تكيّفها مع تغير احتياجات العائلات.
اقرأ أيضاً:ما هو المنزل الذكي؟ وما أبرز التكنولوجيات التي تجعل منزلك ذكياً؟
بالإضافة إلى ذلك، ونظراً إلى الحاجة للمزيد من المساكن الحضرية في المناطق المكتظة بالسكان بالفعل، فإن التصميم المستقبلي سينتج منازل صغيرة في الحجم أفقياً، ولكن مع المزيد من الطوابق الرأسية، وقد يستمد المهندسون المعماريون الإلهام من تصميمات القوارب أو الكرفانات الحالية، لتصميم المزيد من خيارات المساكن الصغيرة المناسبة للأشخاص غير المتزوجين.
كما يتوقع التقرير أنه بحلول عام 2050، ستحوّل التكنولوجيا المنازل إلى مجمعات ومخازن للطاقة، والتي من المرجّح أن تُستخدم لتدفئة المنازل وإنتاج المياه الساخنة، وشحن السيارات الكهربائية. ونظراً إلى أن كفاءة الطاقة أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى، فإن الأفكار المستخدمة حالياً في أماكن العمل ستصبح السائدة في منازل المستقبل، مثل السماح للمعدات غير الأساسية بالتوقف تلقائياً عند عدم الحاجة إليها أو الارتفاع في استهلاك الكهرباء.
دور أجهزة إنترنت الأشياء في تشغيل منازل المستقبل
يشير مصطلح أجهزة إنترنت الأشياء (IoT) إلى التكنولوجيا التي تمكننا من تشغيل مكيفات الهواء قبل العودة إلى المنزل، وتهيئة المنزل ليناسب الحالة المزاجية من خلال إعدادات الإضاءة الملوّنة، ومعرفة مَن يطرق الأبواب دون النهوض من الأريكة، وغيرها. وبشكل عام قبل 5 سنوات، ربما كنت تفكر في أن الأشياء التي يمكن توصيلها بالإنترنت قد تشمل الهاتف الذكي والحاسوب فقط، ولكن توسعت هذه القائمة لتشمل العديد من الأدوات المنزلية، مثل جرس الباب أو الثلاجة أو المكنسة الكهربائية.
اقرأ أيضاً: مع بدء انتشارها حول العالم: ما أبرز سلبيات وإيجابيات المنزل الذكي؟
حيث أصبحت شركات التصنيع العاملة في مجال أجهزة إنترنت الأشياء أكثر تنافساً في دمج القدرات الذكية في منتجاتها، حيث تتيح لنا هذه الأدوات تشغيل المنتجات عن بُعد، والحصول على تقارير عن كفاءتها وأخطائها وإنقاذ أنفسنا من بعض الأعمال اليدوية، وهو ما يعتبر رهاناً أكثر أماناً في أن منازل المستقبل ستكون أكثر ذكاءً. وإليك ما يمكن أن نتوقع رؤيته في منازل المستقبل:
أمن المنزل الذكي
وهو اتجاه أصبح أكثر انتشاراً ويتواجد حالياً في كل مكان، حيث تعد صناعة أمن المنازل ثاني أكبر استخدام للأجهزة التي تدعم الإنترنت، بعد صناعة أدوات المرافق (عدادات المياه والكهرباء). وبعبارة أخرى، في منزل المستقبل توقع أن تتم مراقبتك في كل مرة تطأ فيها قدماً على ممتلكات شخص ما، كما ستمكّن تقنية التعرف إلى الوجوه أصحاب المنازل أيضاً من استخدام وجوههم لفتح الأبواب بدلاً من استخدام المفاتيح.
اقرأ أيضاً: أمازون تريد أن تجعل من روبوتها أسترو رقيباً على حياتك
التبريد والتدفئة
تسمح منظمات الحرارة الذكية التي تصنعها شركات مثل جوجل وأمازون لأصحاب المنازل بضبط درجة حرارة المنزل من هواتفهم، كما أنه قد لا يحتاج صاحب المسكن إلى التدخل اليدوي، حيث تأتي معظم هذه الأجهزة بإعدادات يمكن ضبطها مسبقاً لتنظيم درجة الحرارة بحسب الأشخاص الموجودين في الغرفة أو درجة الحرارة المحيطة، ما يجعل المنزل أكثر كفاءة في استخدام الطاقة.
اقرأ أيضاً: أفضل أجهزة المنزل الذكي لتوفير الطاقة وخفض الفواتير
تخزين الطعام والطهي
في الوقت الحالي يتم تركيب المزيد من الثلاجات والمخازن المزودة بشاشات ذكية حتى يتمكن أصحاب المنازل من طلب البقالة والبحث عن الوصفات دون مغادرة المطبخ، ويرى معظم الخبراء أن هذا النوع من الأجهزة في نمو كبير، حيث يتم دمجها مع نماذج الذكاء الاصطناعي، مثل النماذج التي تعمل بالصوت لمزيد من التحكم في المطبخ وأدواته الذكية.
التخلص من النفايات
أصبحت المراحيض الذكية في الوقت الحالي توجهاً ينمو بقوة، لكنها لم تستخدم على نطاق واسع بعد، حيث توفر هذه الأجهزة إمكانية استخدام الأوامر الصوتية لتسخين المقعد، وشطف المرحاض، وحتى وضع المقعد لأسفل، بالإضافة إلى قدرات التنظيف عالية التقنية.
اقرأ أيضاً: هل يمكن تنظيف المنزل حتى آخر نانومتر؟
استخدام الحلول الذكية
مع وصول عدد سكان العالم بالفعل إلى 8 مليارات نسمة، فمن المتوقع أن تتقلص مساحات المنازل في المستقبل لتكون أكثر صغراً وبحسب الطلب، ومع ذلك لا يزال من المتوقع أن تؤدي المنازل والشقق الأصغر نفس الوظائف، من حيث احتوائها على مساحات المطبخ والطعام والنوم والعمل، وهذا هو المكان الذي ستوفر فيه الآليات والتكنولوجيا الذكية الحلول، مثل سرير مورفاي (Murphy) الذي يتم تخزينه عمودياً عندما لا يكون قيد الاستخدام. كما من المتوقع أن تكون هناك طرق جديدة لاستخدام الأثاث والتجهيزات لتركيز الاستخدامات المتعددة في مساحة أصغر.
اقرأ أيضاً: منزل فضائي قابل للنفخ لمنح رواد الفضاء مساحة إضافية مريحة في المستقبل
نماذج لمنازل مستقبلية موجودة بالفعل اليوم
حتى الآن يوجد اختلاف كبير في تعريف منزل المستقبل، فهل هو المنزل الذي به مزيد من الأدوات التكنولوجية أم كفاءة عالية في استخدام الطاقة؟ أو تلك التي لديها فقط معالم غير مألوفة خيالية؟ حيث إنه أثناء البحث عن العديد من المنازل المستقبلية المختلفة، سواء تلك التي في مرحلة المفهوم أو تلك التي تم بناؤها بالفعل، قد يكون من الصعب العثور على شيء يمكنه تلبية المتطلبات الثلاثة، لكن هناك الكثير من المنازل بالفعل التي تلبي اثنين من الأسئلة المذكورة سابقاً، من ضمنها:
2260 صن ست بلازا (2260 Sunset Plaza)
يعرف هذا الهيكل الفولاذي والزجاجي والخراساني في مدينة لوس أنجلوس الأميركية أيضاً باسم القلعة، وهو عقار فاخر يحتوي على 7 غرف نوم و9 حمامات وبيت ضيافة ومنتجع صحي ضخم ومسبح وصالة رياضية ومسرح منزلي. وتكنولوجياً، توجد كاميرات ذكية من الداخل والخارج وأقفال إلكترونية للأبواب، وأنظمة إضاءة تعمل باللمس، وشاشات LCD وشاشات بلازما منتشرة في جميع أنحاء المنزل.
دوبلي كاسا (Dupli Casa)
تصفه العديد من القوائم بأنه (أكثر تصميمات المنازل المستقبلية روعة في العالم). وعلى الرغم من أن المنزل تكنولوجياً لا يضم الكثير، يصفه الكثيرون من الناحية المعمارية بأنه ما ينبغي أن تكون عليه منازل المستقبل، ويبدو المنزل كما لو كان مصبوباً في تل، ويحتوي على غرف نوم، تقع كل منها بزاوية مختلفة ولها نوافذ بزوايا غير عادية بحيث تكون لكل غرفة نوم إطلالة مختلفة.
منازل القبة المتجانسة (Monolithic Dome Homes)
تلبي هذه المنازل متطلبات وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية (FEMA) من أجل (الحماية شبه المطلقة) من الأعاصير والعواصف ذات الفئة الخامسة، كما أنها مقاومة للزلازل والحرائق. بالإضافة إلى ذلك، فهي موفرة للطاقة، حيث إن وجود هيكل من قطعة واحدة يعني عدم وجود طبقات لدخول الهواء أو تسربه، ويتم بناء هذه المنازل عادةً بقشرة خرسانية من الداخل وعزل رغوة البولي يوريثان بالخارج، والتي تعمل كمشتت حراري لتقليل تقلبات درجات الحرارة، كما تدعي الشركة المنفذة أنه يمكن للمنزل تقليل استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 75%.
اقرأ أيضاً: لماذا تنفر بعض المجتمعات من فكرة المدن الذكية؟ دراسة حالة في تورنتو
ختاماً، ستظل المنازل في المستقبل معروفة لسكانها اليوم، ولكن سيكون الاختلاف في التكنولوجيا المدمجة المخفية، وتوافر أكبر للأشياء التي نعتبرها من العناصر الفاخرة اليوم، حيث من المتوقع أن يكون المنزل المستقبلي حيث نعمل ونتواصل ونعيش ونستريح مركزاً أكثر أهمية وسيؤثر بشكلٍ مباشر على المجتمعات التي تقع فيها المنازل وستتطور ميزاته لتلبية هذه المتطلبات.
بالإضافة إلى ذلك، سنكون أكثر وعياً باستخدام الطاقة، مع بدء العدادات الذكية وحزم البطاريات المنزلية والألواح الشمسية الآن في إحداث تأثير حقيقي على تصميم المنزل، حيث في القريب العاجل سنفكر في منازلنا مثل المنتجات، والتي من المتوقع أن تصبح عاملاً مهماً عند شراء المنازل وبيعها.