كيف يمكن الاستغناء عن الوقود الأحفوري لصالح الطاقة المتجددة؟

3 دقائق
كيف يمكن الاستغناء عن الوقود الأحفوري لصالح الطاقة المتجددة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Virrage Images

لن يستغني العالم عن الوقود الأحفوري بالكامل لصالح الطاقة المتجددة والنظيفة بين عشية وضحاها، لكن الحاجة لهذا التحول تزداد إلحاحاً، والجهود العالمية وجهود الناشطين والعلماء تسرّع من وتيرة هذا الانتقال، خاصة مع زيادة إدراك البشر لأضرار الوقود الأحفوري التي يُلحقها بالمناخ والصحة. ويبقى السؤال كيف يمكن الاستغناء عن النفط واستخدام تقنيات الطاقة النظيفة في المستقبل؟ وما العوائق التي تقف في وجه هذا الانتقال؟

كيفية الاستغناء عن النفط واستخدام تقنيات الطاقة النظيفة في المستقبل

الاستغناء عن النفط والغاز الطبيعي وغيرها من أشكال الوقود الأحفوري ليس سهلاً، ويتطلب تحركات وتغيرات حكومية واسعة، ويجب على المعنيين المساهمة فيما يلي:

إلغاء إعانات الوقود الأحفوري وتحديد سعر الكربون

إن خفض الدعم عن إنتاج الوقود الأحفوري واستهلاكه يؤدي إلى تقليل الاعتماد عليه، وهذا ما فعلته العديد من الدول اليوم، ويساعد تسعير الكربون في ذلك أيضاً، ما يعود بإيرادات مالية على الحكومات. فقد أظهرت الأدلة الاقتصادية أن ذلك لا يبطئ النمو الاقتصادي، بل يرسل إشارة واضحة وثابتة للأعمال والصناعة والمستهلكين لتغيير المسار. ستساعد هذه التدابير في الكشف عن القيمة المقترحة لمصادر الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وتكافؤ فرص الاستثمار.

تكثيف الاستثمار في كفاءة الطاقة

التمويل الصحيح من أهم الأمور التي يجب التركيز عليها لتحسين كفاءة الطاقة في المباني، وهو ما يعزز النمو الاقتصادي، ويزيد الرغبة في الانتقال للطاقة المتجددة.

بالإضافة إلى التمويل، فإن وضع معايير كفاءة المباني والأجهزة، والمشتريات العامة الأفضل، والاستفادة من الشراكات بين القطاعين العام والخاص، يسهم في تسريع وتيرة الانتقال من الوقود الأحفوري، ويوفر استهلاك الطاقة والتكاليف.

تهيئة الظروف للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري

الانتقال من اقتصاد يعتمد على الوقود الأحفوري إلى الاعتماد على الطاقة المتجددة ليس سهلاً، ويحتاج إلى تهيئة الظروف المناسبة، خاصة للعمال، لأن ذلك يعني أنهم يخسرون وظائفهم. لذلك، تقيم بعض الحكومات مبادرات مصممة لتحقيق انتقال عادل. على سبيل المثال، أنشأت الصين صندوقاً بقيمة 15 مليار دولار لإعادة التدريب وإعادة التخصيص والتقاعد المبكر لما يقدّر بنحو 5-6 ملايين شخص سيتم تسريحهم بسبب قطاع الفحم أو الصلب. 

يمكن للشركات أيضاً أن تؤدي دوراً استباقياً، وهذا ما فعلته شركة إينيل ENEL الإيطالية، فهي تحاول الابتعاد عن الفحم، لكنها في المقابل تعمل على توفير فرص العمل للمتضررين، وإعادة توزيع القوى العاملة داخل الشركة. 

اقرأ أيضاً: لماذا يمثل الهيدروجين الأخضر بديلاً جذاباً للوقود الأحفوري؟

تحسين الوصول إلى الكهرباء وطرق الطهي النظيفة

بحلول عام 2030، من المتوقع أن يؤدي النمو السكاني المقترن بالسياسات والفجوات المالية إلى ترك ما يقرب من 700 مليون شخص دون كهرباء، وأكثر من 2 مليار شخص دون طرق طهي نظيفة، وهنا تكمن أهمية الوصول الشامل إلى الطاقة النظيفة لتحقيق فوائد اقتصادية وصحية هائلة. فطرق الحصول على الطاقة الشمسية والإضاءة والأجهزة عالية الكفاءة تعمل على خفض تكاليف الكهرباء المنزلية، ويؤدي الوصول الشامل إلى طرق الطهي النظيفة إلى تجنب 1.8 مليون حالة وفاة مبكرة سنوياً بحلول عام 2030، وتوفير مليارات الساعات التي يتم قضاؤها في الطهي أو جمع الحطب، وتحسين سبل العيش لمئات الملايين من النساء.

اقرأ أيضاً: هذه الألواح الشمسية المرنة قد تقربنا إلى التخلص من الوقود الأحفوري

العوائق أمام استخدام الطاقة المتجددة 

معظم العوائق التي تحول دون الخروج من عصر الوقود الأحفوري سياسية وليست عملية، وهذه أبرزها: 

التكلفة الأولية المرتفعة

العائق الأكثر وضوحاً والأكثر انتشاراً أمام الطاقة المتجددة هو التكلفة الأولية اللازمة لبناء وتركيب مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وعلى الرغم من أن تكلفة تشغيلها وصيانتها ضئيلة للغاية، فإن التكاليف الأولية المرتفعة تعد سبباً مهماً لابتعاد المؤسسات والشركات عن تبني هذه التكنولوجيا. بينما بالنسبة لمحطات الغاز الطبيعي والوقود الأحفوري الأخرى، يدفع المستهلك الجزء الأكبر من التكلفة.

ومع ذلك، إذا تم أخذ التكاليف على مدى عمر مشاريع الطاقة في الاعتبار، فإن طاقة الرياح والطاقة الشمسية على نطاق المرافق يمكن أن تكون أقل مصادر توليد الطاقة تكلفة، خاصةً وأن تكاليف رأس مال الطاقة المتجددة قد انخفضت بشكل كبير منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ومن المرجح أن تستمر في ذلك. 

دخول السوق

تسيطر شركات الوقود الأحفوري والغاز الطبيعي على الأسواق في معظم دول العالم، وأصبحت المصدر الموثوق للطاقة لدى أغلب البشر، لذلك تواجه شركات الطاقة المتجددة صعوبة في دخول السوق، أي أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والموارد المتجددة الأخرى تحتاج إلى التنافس مع الصناعات الأكثر ثراءً التي تستفيد من البنية التحتية والخبرات والسياسات القائمة. 

تواجه مصادر الطاقة المتجددة صعوبة أيضاً في إقناع المستثمرين بكفاءتها في الأوقات التي لا تتوفر فيها الرياح أو الطاقة الشمسية الكافية، وهذا أحد الأسباب التي تؤخر انتشار مصادر الطاقة هذه.

النفوذ غير المتكافئ

لا توجد صناعة تعود بأرباح بمليارات الدولارات دون أن تكون لها نفوذ سياسية ضخمة، والوقود الأحفوري أحد هذه الصناعات، وما زالت الحكومات تنفق مليارات الدولارات على دعم الوقود الأحفوري كل عام، وتقدم إعانات وإعفاءات ضريبية وغيرها مما يسهم في تمويل البحث والتطوير في الصناعة والتعدين والحفر وتوليد الكهرباء، وقد قيّد ذلك نمو الطاقة المتجددة. تستخدم صناعة الوقود الأحفوري أيضاً نفوذها لنشر معلومات خاطئة أو مضللة حول تغيّر المناخ الذي يعد الدافع الأساسي في الانتقال نحو مصادر طاقة منخفضة الكربون مثل الرياح أو الطاقة الشمسية.

اقرأ أيضاً: تعرّف على سيارات الميثانول: البديل الذي تراهن عليه الصين ليحل محل محركات الوقود الأحفوري

لتخطي هذه العقبات، والاستغناء عن الوقود الأحفوري لصالح مصادر الطاقة المتجددة في المستقبل يجب أن يعمل العلم جنباً إلى جنب مع سياسات الحكومات لإقناع الجميع بأهمية الانتقال السريع نحو الطاقة النظيفة.

المحتوى محمي