كيف ستغيّر التقنيات الحديثة طرق التعليم في المستقبل؟

3 دقائق
كيف ستغيّر التقنيات الحديثة طرق التعليم في المستقبل؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ elenabsl

حمل التعليم صورة نمطية ثابتة لقرون طويلة؛ تتمثل في محاضر يلقن المعلومات لمجموعة من الطلاب في صفوف أو مدرجات ويمليها عليهم، بينما ينكب الطلاب على كراساتهم لتسجيل الملاحظات، وآخرون يكتفون بالاستماع، وقد تبدو علامات الملل على وجوه بعضهم. اليوم، وكسائر جوانب الحياة كان للتكنولوجيا أثرها على التعليم أيضاً. إذ عوضاً عن أن يحمل الطالب كتابه ودفتره، فإنه ينظر إلى جهازه اللوحي أو هاتفه الذكي، وقد يستمع لمدرِّسه من غرفة نومه. 

مع تكنولوجيات مثل الذكاء الاصطناعي أو التعلّم الآلي أو الواقع الافتراضي، يتغير شكل التعليم بشكل مستمر. فكيف سنتعلم في المستقبل وما الشكل الذي ستتخذه العملية التعليمية بوجود هذه التكنولوجيات؟

كيفية تأثير التكنولوجيا الحديثة على التعليم

مع توافر شبكة الإنترنت في أي مكان تقريباً حول العالم، ومع الانتشار الواسع للأجهزة الذكية وتنوعها، انتشر مفهوم جديد في التعليم وهو "التعليم في أي وقت وفي أي مكان". فمع اقتران التعليم بالتكنولوجيا تغيرت الطريقة التي نتعلم بها، ومن أهم تأثيرات التكنولوجيات الحديثة على عملية التعليم:

زيادة الوصول إلى المعلومات: التعليم في أي مكان وفي أي وقت

في التعليم التقليدي القديم، كنت تضطر للبحث عن الكتب وشرائها ومطالعتها، لإيجاد المعلومات وإنشاء ورقة بحثية. كانت الكتب مكلفة ونادرة، أما اليوم تتيح شبكة الإنترنت للجميع الحصول على المعلومات عبر الكتب الإلكترونية والبودكاست والمدونات ومقاطع الفيديو وغيرها من أشكال المحتوى التعليمي التفاعلي. علاوة على ذلك، يمكن للطلاب الحصول على درجة علمية من خلال التسجيل في أحد برامج ومنصات الشهادات المرخصة عبر الإنترنت.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن للمؤسسات التعليمية الاستفادة من البيانات الضخمة؟

التعليم التعاوني

التعليم التعاوني هو التعلم القائم على المحادثات والتفكير والتعاون بين شخصين أو أكثر لحل المشكلات. بوجود أجهزة الحاسوب المحمولة والهواتف الذكية، تسهّل مهمة التعليم التعاوني وتفاعل الطلاب عبر الإنترنت وخارج الفصل الدراسي. على سبيل المثال، تعزز العديد من الموارد التعلم التعاوني وتشجّعه مثل جوجل درايف (Google Drive)، ودروب بوكس (Dropbox)، وحتى الشبكات الاجتماعية وبرامج المراسلة الفورية.

اقرأ أيضاً: 10 فوائد للحوسبة السحابية في التعليم

أدوار المعلمين

في التعليم التقليدي يأخذ المعلم دور "الحكيم على المسرح" باعتباره المصدر الرئيسي للمعلومات، ويتلقاها الطلاب بشكل يكون للطلاب فيه دور المتلقي لا الفاعل. ولكن مع زيادة توافر المعلومات وأساليب الحصول عليها تحول دور المعلم إلى "دليل على الجانب" أو موجه ومرشد، حيث يتحمل الطلاب المزيد من مسؤولية التعلم الخاص باستخدام التكنولوجيا وأدواتها.

تحسين القدرة على تلبية الاحتياجات الخاصة

في إطار الفصل الدراسي الثابت يلمع نجم بعض الطلاب، لكن البعض الآخر قد يعاني من عوائق خاصة ومتطلبات غير مستوفاة تمنعهم من اكتشاف قدراتهم ومواهبهم، مثل ضعف في السمع أو البصر أو النطق أو عدم القدرة على مغادرة المنزل، إلا أنه مع التكنولوجيا الحديثة يمكن لمَن يعاني من صعوبات في التعليم أو إعاقات تطورية الاستفادة من التطور التكنولوجي من خلال تعزيز القدرة على التواصل.

كيف تشكّل التكنولوجيا مستقبل التعليم؟

إن التحديث المستمر لما يتعلمه الطلاب وكيف يتعلمونه أصبح قضية حاسمة بالنسبة للمدارس والكليات. ومن الأدوات التي قد ترسم شكل التعليم مستقبلاً:

الفصول الدراسية

أشار نحو 1400 مدرس في إحدى الدراسات الاستقصائية التي أجرتها شركة البرمجيات (كالتورا) (Kaltura)، إلى أن التعليم في المستقبل سيتمحور حول التعليم الذاتي والشخصي، ما يمنح الطلاب حرية اختيار أهدافهم التعليمية بناءً على اهتماماتهم الشخصية وتوجيهها باستخدام الذكاء الاصطناعي وروبوتات المحادثة والتعلم المستند إلى الفيديو.

اقرأ أيضاً: ما هي أبرز استخدامات التكنولوجيا الحديثة في التعليم؟

الذكاء الاصطناعي

عادة ما يهدف الذكاء الاصطناعي إلى تصميم منهج خاص بكل طالب وفقاً لما يعرفه وما لا يعرفه. على سبيل المثال، أظهرت دراسة لفعالية تطبيق منصة دولينغو (Duolingo) لتعليم اللغات، والتي تعمل بالذكاء الاصطناعي، أن قضاء 34 ساعة على التطبيق يعادل فصلاً دراسياً جامعياً كاملاً لتعليم اللغات. يوضح هذا النجاح لواحد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي النمو الممكن مستقبلاً في هذا القطاع، حيث توقع الخبراء في تقرير "الذكاء الاصطناعي والتعليم العالمي 2019"، أن تصل إيرادات سوق الذكاء الاصطناعي في التعليم إلى 6 مليارات دولار بحلول عام 2025.

اقرأ أيضاً: أهم تطبيقات واستخدامات الذكاء الاصطناعي في التعليم

روبوتات الدردشة

تعد روبوتات الدردشة إحدى وسائل التعليم المستقبلية الأساسية نظراً لما تقدمه للطلاب من فوائد، بما في ذلك:

  • التعلم بفواصل زمنية متباعدة: إذ تستخدم الخوارزميات والتكرار لتحسين الحفظ.
  • الملاحظات الفورية: يتفوق روبوت الدردشة على المعلمين بسرعة تصنيف الأوراق، وبدقة تصل حتى 92%.
  • التعلم الذاتي: يمكن لروبوتات الدردشة تتبع أداء الطالب وتوجيهه وفقاً لاحتياجاته الفردية.

التعليم بالفيديو

قد لا يرى البعض في الفيديوهات التعليمية وسيلة مبتكرة كالذكاء الاصطناعي أو روبوتات الدردشة، إلا أنها تعد عنصراً حيوياً في عملية التعليم بالنسبة لكل من المعلمين والطلاب معاً، حيث يوفر الفيديو للمعلمين العناصر التالية:

  •  مواد لتكليف الطلاب بها.
  • تحديد الملاحظات على الواجبات.
  • تمارين التعليمات المعكوسة (التعلم المدمج).

الفصول الدراسية التفاعلية: التعليم بالواقع الافتراضي

تخيل أنك تستطيع تجربة الدرس في بيئة كاملة بزاوية 360 درجة، أو أن تعيش مع الديناصورات في حقبتها الزمنية لتتعرف عليها، هذا ما يوفره الواقع الافتراضي، إذ يعد الجيل التالي من التعلم التفاعلي في الفصول الدراسية.

ما التقنيات الحديثة التي ستستمر طويلاً وما وسائل التعليم الجديدة التي ستظهر مستقبلاً؟ تبقى الإجابة عن هذه الأسئلة مبهمة وغير واضحة، إلا أن ما هو مؤكد أن التعليم هو أساس الوجود والتقدم، ووسيلة بناء مواطني المستقبل، لذا لا بُدّ أن يكون مرناً ومتاحاً وسهلاً.

المحتوى محمي