انتشرت سمّاعات البلوتوث بشكل كبير في الآونة الأخيرة بعد أن توقفت شركات الهواتف المحمولة عن وضع منفذ للسمّاعات السلكية في الكثير من أجهزتها الحديثة، كما أن استخدامها أسهل خلال التنقّل والحركة وممارسة النشاطات اليومية. من خلال هذه التوجّه، ربما تفترض بأن سلامة تقنية البلوتوث قد تم إثباتها من زمن بعيد، ولكن هذا الافتراض غير صحيح. إذ عبّر بعض الخبراء في هذا المجال عن مخاوفهم من تأثيراتها الصحية.
وقامت مؤخراً مجموعة مؤلّفة من 250 عالماً من أكثر من 40 دولة بالتوقيع على عريضة مقدَّمة إلى الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية تُعرب فيها عن "قلقها الشديد" بشأن المخاطر الصحية المرتبطة بالحقول الكهرومغناطيسية المنبعثة من الأجهزة اللاسلكية، بما فيها سمّاعات البلوتوث.
تدعو العريضة البرنامج البيئي للأمم المتحدة إلى إنشاء لجنة مستقلة متعدّدة التخصّصات لتقييم بدائل للإجراءات الحالية والتي يمكنها أن تقلّل من التعرّض للحقول الكهرومغناطيسية. وتنصّ العريضة على أن "العديد من المنشورات العلمية الحديثة أظهرت بأن الحقول الكهرومغناطيسية تؤثّر على الكائنات الحية بمستويات أقل بكثير من المستويات المنصوص عليها في معظم المبادئ التوجيهية الدولية والمحلية". وذكرت بأن الأبحاث أظهرت ارتباط هذه الحقول بالسرطانات والاضطرابات العصبية وأضرار الحمض النووي. كما أشارت إلى النتائج التي توصلت إليها الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، والتي قرّرت بأن هذه الحقول الكهرومغناطيسية قد تكون "مسبّبة للسرطان" عند البشر. وعلى الرغم من أن منظمة الصحة العالمية قد اعتمدت هذا التصنيف، إلا أنها أكدت بأن هناك نقصاً في البيانات التي تدعم خفض حدود المستويات الآمنة للتعرّض.
يختلف خبراء آخرون مع العريضة ويقولون بأنه عند مراجعة وتحليل كافة الأبحاث المتعلّقة بالحقول الكهرومغناطيسية، فإن البيانات تشير بوضوح إلى عدم وجود أضرار. ويشير كينيث فوستر -أستاذ الهندسة الحيوية بجامعة بنسلفانيا والذي درس تأثيرات الإشعاعات اللاسلكية على صحة الإنسان- إلى أن منظمة الصحة العالمية وغيرها من منظمات الصحة العامة قد قامت بتحليل الأبحاث المنشورة حول تقنية البلوتوث وغيرها من التقنيات اللاسلكية ولم تجد "أي دليل واضح على المخاطر الصحية عند التعرّض لها بمستويات أقل من الحدود الدولية".
ومع ذلك، يشير علماء آخرون إلى إن التأثيرات الصحية المحتملة لهذه الأجهزة لا تعتمد فقط على شدّة الحقول الكهرومغناطيسية التي تُصدرها. فالنبضات الكهرومغناطيسية التي تتواجد في هذه الأجهزة وتساعدها على التواصل من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم المشكلة، حيث أظهرت الأبحاث أن الحقول ذات النبضات تكون أكثر نشاطاً من الناحية البيولوجية من الحقول التي تتساوى معها بالشدّة ولا تحتوي على نبضات.
سمّاعات AirPods من شركة آبل
قامت شركة آبل بإطلاق سمّاعات AirPods في عام 2016، وأصبحت شائعة جداً منذ ذلك الحين، حيث قامت الشركة ببيع أكثر من 45 مليون منها حتى الآن. تعتمد هذه السمّاعات على تقنية البلوتوث، وتتواصل السمّاعة الموضوعة في إحدى الأذنين مع الأخرى باستخدام حقل كهرومغناطيسي يمرّ عبر الدماغ. وعلى الرغم من أنّها تُصدر مستويات منخفضة من الإشعاعات من خلال هذا الحقل، إلا أن خطورتها تكمن في أنها توضع في مكان حسّاس في الجسم داخل قناة الأذن، ولا يوجد عظم يفصلها عن الأنسجة الدماغية، مما يعرّضها لمستويات أعلى من الإشعاعات اللاسلكية.
وفي حديثه إلى صحفة ديلي ميل حول المخاطر المحتملة لاستخدام سمّاعات البلوتوث التي توضع داخل الأذن كسمّاعات AirPods، قال أستاذ الصحة المجتمعية بجامعة كاليفورنيا في بيركلي الدكتور جويل موسكوويتس: "مع سمّاعات AirPods على سبيل المثال ... يميل البلوتوث لأن يكون منخفض الكثافة، وبالتالي يمكنه أن يفتح الحاجز الدموي الدماغي، والذي يتواجد لمنع الجزيئات الكبيرة من الدخول إلى الدماغ ... من وجهة نظر وقائية، أودّ أن أقول بأنه لا ينبغي عليك تجربة مثل هذه الأشياء مع دماغك."
وفي وقت سابق، قام المتحدث الرسمي لشركة آبل بالرد على المخاوف المتعلّقة بهذه السمّاعات مؤكّداً بأنها تتوافق مع إرشادات السلامة الحالية.
الخلاصة
قد لا تكون الأدلة العلمية حاسمة، ولكن إجماع 250 عالماً بارزاً على وجوب توخّي المزيد من الحذر عند استخدام التقنيات اللاسلكية -وخاصة عندما تكون قريبة من الدماغ- يجعل الحذر مبرّراً. على الأقل، قد يكون من الجيد تقليل استخدام السمّاعات اللاسلكية التي توضع داخل الأذن كسمّاعات AirPods. ولكي تكون أكثر أماناً، قد يكون الرجوع إلى السمّاعات السلكية هو الحل الأفضل. حتى وإن لم يكن هاتفك المحمول يحتوي على منفذ للسمّاعات، يمكنك استخدام محوّل صغير بكل بساطة لتجنّب المخاطر. وهناك جانب إيجابي للموضوع، وهو أنك ستوفّر عناء شحنها المتكرّر.