بعد شهر من المحاولات الفاشلة للدخول إلى بيانات المستخدم الخاصة بي، وجدت نفسي على وشك ارتكاب جريمة احتيال لاسترجاع معلومات المستخدم والصور ومقاطع الفيديو من إنستغرام (Instagram).
لم يسبق لي الذهاب إلى قاعدة فورت إروين العسكرية في كاليفورنيا، في صحراء موهافي، حيث يتم إجراء تدريبات افتراضية لقتال الأعداء (باستخدام المحاكاة الرقمية) استعداداً للحرب. ولكن، وبعد أن تركت الجيش الأميركي بثلاث سنوات، كنت أبحث هناك عن عناوين يمكنني الادعاء بأنها تخصني.
لقد بدأت رحلتي إلى القاعدة، على الأقل من الناحية الرقمية، عندما تم إيقاف حسابي على إنستغرام منذ بضعة أشهر. وفجأة، ومن دون سابق إنذار، فقدت إمكانية الوصول إلى جميع الصور والبيانات الأخرى التي قمت بتحميلها على التطبيق على مدى سنوات كاملة. ولكن الوصول إلى موادي الخاصة لبناء نسخة احتياطية كان أصعب مما تخيلت، إلى درجة أنه لم يبق أمامي خيار آخر سوى الانتقال رقمياً إلى موهافي، وذلك حتى أستطيع ادعاء الإقامة في كاليفورنيا، وأحصل على معلوماتي باللجوء إلى قوانين الحقوق الرقمية لهذه الولاية.
اقرأ أيضاً: الحديث عن احتجاج في بكين يكلّف مستخدمي وي تشات حساباتهم فهل سينفعهم التوسل إلى تينسنت؟
أهمية الموقع الفيزيائي في خصوصية البيانات
إن التساؤل حول شرعية هذه الطريقة المريبة كان كافياً لمنعي من المضي قدماً في استخدامها، ولكن هناك أشخاصاً آخرين، الذين استوحيتها منهم، لم تكن لديهم مثل هذه المخاوف. ففي حقبة من قدرات الاتصال غير المحدودة، ما زال الموقع الفيزيائي فائق الأهمية عندما يتعلق الأمر بخصوصية البيانات وقدرة المستخدمين على الوصول إلى بياناتهم. وهو بالغ الأهمية إلى درجة تدفع بالبعض إلى الكذب في محاولة للحصول على الحماية التي تقدمها مجموعة صغيرة من الولايات والدول. فإذا كان مجرد وصول المستخدم إلى بياناته متعلقاً بموقعه الجغرافي، فماذا يعني هذا بالنسبة للأسئلة الأكثر إثارة للقلق حول كيفية استخدام هذه البيانات؟
عندما تم إيقاف الحساب أول مرة، أبلغني تطبيق إنستغرام بإمكانية الاعتراض على القرار، وهو ما قمت به. وفي نهاية المطاف، فقدت حتى القدرة على الاعتراض. ولهذا، قمت باستخدام الوسائل المتعددة التي اقترحتها منصة إنستغرام للاعتراض على قرار إيقاف الحساب، والذي اعتقدت أنه غلطة. وعلى مدى عدة أشهر، حاولت تلبية كل طلباتهم، مثل إرسال صورة رخصة قيادة السيارة الخاصة بي، والتقاط صورة سيلفي مع قطعة من الورق تحمل رمزاً فريداً عليها، وغير ذلك. وفي نهاية المطاف، قررت أنه إذا كان من المستحيل إعادة تفعيل الحساب، فيمكن على الأقل تنزيل نسخة من البيانات باستخدام الأداة المخصصة من قبل إنستغرام لهذا الغرض، والمتاحة لمن لا يستطيعون الوصول إلى حساباتهم.
اقرأ أيضاً: كيف تحمي بريدك الإلكتروني من رسائل التصيد الاحتيالي؟
فقدان وصول غير مبرر إلى حساب إنستغرام
وعلى الرغم من أنني لم أقم بنشر أي محتوى مسيء أو أي شيء غير عادي، فقد تلقيت ببساطة رسالة تفيد بأنني انتهكت شروط الخدمة، بشكل ما. وبناء على شروط الخدمة لدى إنستغرام، يحق للمنصة إيقاف الحساب بهذه الطريقة، وهو أمر من ضمن صلاحيات المنصة بوصفها موقعاً خاصاً.
ولكن إيقاف الحساب يختلف عن حذفه. ما زال حسابي موجوداً مع بياناته، ومن المفترض أن هذه البيانات مستخدمة من قبل شركة ميتا (Meta) في نموذج أعمالها، ولكنني لا أستطيع تسجيل الدخول إليه بأي طريقة، أو حتى استخدام ميزة تنزيل البيانات في إنستغرام.
وعندما تمكنت أخيراً من استخدام الأداة لطلب الحصول على بيانات المستخدم من إنستغرام، على أمل الحصول على الملفات التي رفعتها إلى المنصة على الأقل، حصلت على أول استجابة بشرية. فقد أعلمني قسم الخصوصية أنهم لا يستطيعون إعطائي بياناتي إلا إذا قمت بتسجيل الدخول. وعندما أجبتهم باستحالة الدخول إلى الحساب للوصول إلى البيانات، كان رد ممثلي الشركة بأنهم "غير قادرين على تقديم أي مساعدة إضافية بناء على المعلومات التي زودتهم بها"، وأنهم يعتبرون المسألة منتهية.
وبعدها، قاموا بإغلاق صفحة المساعدة. وبعد عدة أشهر، ما زال الوصول إلى بياناتي مستحيلاً.
اقرأ أيضاً: ما الذي يحدث إذا حاولت الادعاء على إنستقرام بأن عمرك يقارب 150 عاماً؟
بدأت أبحث على الإنترنت للعثور على المزيد من المعلومات حول حالتي هذه، والاستعلام عن وجود آخرين تعرضوا إلى نفس الاستجابة بالحرمان من الوصول إلى معلوماتهم. وانتهى بي المطاف على مجموعة فرعية غير رسمية يتعلق موضوعها بإنستغرام على موقع ريديت (Reddit)، حيث وجدت عدة منشورات من مستخدمين وجدوا أنفسهم غير قادرين على تسجيل الدخول واسترجاع بياناتهم. بل إن بعضهم حاول حتى دفع الأموال للوصول إلى بياناتهم وحساباتهم، وشراء إعلانات على منصة فيسبوك (Facebook) للأعمال، وذلك للحصول على ميزة دعم الدردشة الخاصة بالأعمال.
ولم يكن نجاح أي طريقة مضموناً، باستثناء الانتقال الافتراضي إلى موهافي. وقرأت منشوراً في ريديت يقول إنه إذا رفضت ميتا إعطاءك بياناتك على إنستغرام، فإن أفضل خيار هو تقديم استمارة شكوى مستهلك إلى مكتب المدعي العام في كاليفورنيا. وعلى ما يبدو، فإن السكن خارج الولاية لم يكن مسألة ذات أهمية، فقد قال منشور ريديت إنه يمكن ببساطة استخدام أي عنوان شارع عشوائي من كاليفورنيا في الشكوى. وقد أثبتت هذه الطريقة نجاحها. فقد ادعى آخرون في هذا الموضوع على ريديت نفس الشيء، كمثال على فعالية قوانين خصوصية البيانات المتفاوتة.
فوفقاً لقانون كاليفورنيا، يحق للمستهلكين في الولاية معرفة معلوماتهم الشخصية التي قامت الشركات بجمعها واستخدامها ومشاركتها وبيعها، بما في ذلك معلومات وبيانات شخصية محددة. ويعني حق المعرفة هذا أنه يمكنك طلب الحصول على بياناتك على وجه التحديد من المنصات. في الوقت الحالي، تعتبر كاليفورنيا الولاية الأميركية الوحيدة التي تتضمن قوانين شاملة لخصوصية البيانات بشكل يتجاوز القوانين الفيدرالية المحدودة والموجودة من قبل. كما قامت ولايات يوتاه وكولورادو وكونيكتيكت وفيرجينيا بفرض قوانين مماثلة، ولكنها لن تدخل حيز التنفيذ قبل مواعيد مختلفة ضمن العام 2023. وبالتالي، لو كنت من سكان كاليفورنيا، فإن ميتا ملزمة قانونياً بإعطائي هذه المعلومات.
وينطبق هذا على بعض البلدان الأخرى أيضاً. وعلى سبيل المثال، قام الاتحاد الأوروبي في 2018 بفرض إجراءات صارمة لحماية الخصوصية في إطار النظام الأوروبي العام لحماية البيانات، الذي تمت صياغته لتعزيز التوافق بين قوانين حماية الخصوصية للدول الأعضاء، وتقديم درجة أعلى من الحماية للأفراد. فإذا قامت إنستغرام بتعليق حسابك، وأنت تعيش في الاتحاد الأوروبي، فأنت محمٍ وفق المادة 15 من قانون نظام حماية البيانات، وتستطيع طلب الحصول على معلوماتك.
اقرأ أيضاً: هل سيتم إيقاف خدمات فيسبوك وإنستقرام في أوروبا؟
قوانين مبهمة من شركة ميتا
أما إذا كنت تعيش في ولاية أو دولة ليس فيها قوانين للخصوصية، فليس من الواضح ما هي حقوقك. تنص شروط الخدمة الحالية في فيسبوك على أنك "تحتفظ بحقوق الملكية الفكرية لأي محتوى تقوم بصنعه ونشره على فيسبوك وغير ذلك من منتجات شركة ميتا". وتنص الشروط الحالية أيضاً على أنه "إذا قمت بحذف حسابك، أو قمنا بإيقافه، فهذه الشروط ستلغي الاتفاق القائم بينك وبيننا، ولكن البنود التالية ستبقى سارية المفعول: 3, 4.2-4.5".
القسم 4.2 هو حرفياً القسم الذي يتضمن هذا النص، ما يعني أنه يستشهد بنفسه. القسم 4.5 غير موجود. وباستثناء النص حول حقوق الملكية الفكرية للشخص، فإن القسم 3 لا يقول أي شيء عن اعتبارات الخصوصية والوصول إلى البيانات، سوى ما يتعلق بإعدادات الخصوصية للمستخدم. وفي هذه الأثناء، تنص سياسة الخصوصية في فيسبوك ببساطة على أن المستخدمين قادرون على طلب الحصول على بياناتهم في أي وقت. ولكن، ومرة أخرى، إذا قامت فيسبوك بإيقاف حساب شخص ما على إنستغرام، فيمكن أن يفقد هذا الشخص إمكانية الوصول إلى كافة البيانات التي جمعتها الشركة عنه، من دون أي ضمانة لاستعادتها. (حاولتُ التواصل مع ميتا للحصول على تعليق حول سياساتهم للوصول إلى البيانات، ولكني لم أحصل على أي رد).
ونظراً لعدم وجود قانون وطني ينظم الوصول إلى البيانات والخصوصية في الولايات المتحدة، فإن حرمان أي شخص من الوصول إلى بياناته على أي موقع تواصل اجتماعي لا يمثل من الناحية الفيدرالية سبباً يدعو إلى أي إجراء قانوني في الوقت الحالي. حالياً، تركز هيئة التجارة الفيدرالية على مسائل اختراق البيانات، وكشف بيانات المستخدمين الخاصة بسبب الممارسات المعتمدة من قبل الشركة في مجال الحماية والأمن. ومن الحوادث الشهيرة المماثلة حادثة اختراق بيانات شركة إكويفاكس (Equifax) التي أعلنت عنها في 2017، والتي أثرت على 147 مليون شخص.
وسألت الأستاذة المساعدة في مدرسة هوسمان للصحافة والإعلام في جامعة نورث كارولاينا في مدينة تشابيل هيل، والمختصة في قانون الإعلام، توري إكستراند، حول وضعي، وقالت لي: "إن الولايات المتحدة متأخرة عن البلدان الأخرى فيما يتعلق بتشكيل هيكلية متكاملة لحماية خصوصية البيانات". ولحظت وجود عدة مشاريع قوانين قيد العمل والصياغة في الكونغرس الأميركي، خصوصاً القانون الأميركي لحماية البيانات وخصوصيتها. وسينص القانون على "واجب الولاء" لفرض قاعدة أساسية على الشركات بعدم جمع البيانات أو معالجتها أو نقلها ما لم تكن الشركات في حاجة إليها بشكل معقول لتوفير المنتجات والخدمات للمستهلكين الحاليين. ولن تتمكن الشركات من رفض تقديم الخدمة أو تعديل السعر لأي فرد يرفض التخلي عن حقوق بياناته. وأخيراً، سيفرض هذا القانون حق وصول المستهلكين إلى المعلومات والبيانات، ويلزم الشركات بإتاحة هذا الوصول عند الطلب، بما فيها هوية الأطراف الخارجية (الأطراف الثالثة) التي تم منح بيانات المستخدم لها.
تقول إكستراند: "بوجود ولايات تفرض قوانينها الخاصة مثل كاليفورنيا، توجد بعض المخاوف لدى المشرعين وعلماء البيانات بسبب المقاربة المجزأة والمفتتة في تنظيم الخصوصية الرقمية".
في الوقت الحالي، تم تجميد التصويت على القانون الأميركي لحماية البيانات وخصوصيتها. ويبدو أن الناطقة باسم مجلس النواب، نانسي بيلوسي، تفكر بنفس طريقة إكستراند: فهي تشعر أن مشروع القانون لا يتضمن إجراءات كافية لحمايات البيانات، كما يمكن أن يضعف قانون كاليفورنيا.
دور تصاميم مواقع التواصل الاجتماعي الحديثة في ضعف الخصوصية
تقول إكستراند: "لم تأخذ تصاميم مواقع التواصل الاجتماعي الحديثة مسائل الخصوصية بعين الاعتبار، ويمكن أن ننظر إلى دعم الخصوصية على أنه يشبه التغييرات التي تم فرضها على الأبنية بعد إقرار القانون الأميركي الخاص بالمصابين بإعاقات جسدية في 1990".
إن فوائد خصوصية البيانات والسيطرة عليها ستصل أولاً إلى أكثر المعرضين للأخطار، كما حدث عندما فرض قانون الإعاقة الجسدية إضافة المصاعد إلى جميع الأبنية الجديدة، وتركيبها على الأبنية القديمة أيضاً. وهذه الفوائد ستنتقل لاحقاً إلى الآخرين الذين لم يكن القانون مخصصاً لمساعدتهم في بادئ الأمر، كما حدث عندما استخدمنا جميعاً تلك المصاعد التي فرضها قانون الإعاقة الجسدية.
ومن يدري؟ فقد أتمكن يوماً ما من استعادة صوري ومقاطع الفيديو القديمة الخاصة بي بنفس الطريقة.