هل تعرف لماذا اشترى إيلون ماسك منصة تويتر؟ أحد الأسباب المهمة التي ذكرها هو تحويلها إلى "إكس"؛ تطبيق كل شيء. قد يبدو هذا السؤال بعيداً عن عنوان المقالة، لكن الواقع أن هذا النوع من التطبيقات موجود بالفعل بشكل ما. وعلى الرغم من أن أكثر من مليار شخص يستخدمونه يومياً، فإنه غير معروف في معظم أنحاء العالم، لأن معظم هؤلاء المستخدمين يتركزون في الصين فقط. هذا التطبيق هو "وي تشات" (WeChat)، وهو في طريقه الآن لترسيخ سمعته أكثر كتطبيق لكل شيء.
اقرأ أيضاً: الهدف مليار مستخدم: ما هو تطبيق «كل شيء» الذي يسعى إيلون ماسك إلى تطويره انطلاقاً من تويتر؟
تكنولوجيا "وي تشات" الجديدة
قبل إتمام صفقة استحواذ ماسك على تويتر، عبّر الملياردير المثير للجدل دائماً عن إعجابه الشديد بـ"وي تشات". وخلال اجتماع مع موظفي تويتر في يونيو الماضي، قال ماسك إنه لا يوجد مكافئ لـ"وي تشات" خارج الصين، مضيفاً: "ببساطة، أنت تعيش في الصين على وي تشات، لأنه مفيد للغاية لحياتك اليومية. وأعتقد أنه إذا تمكنا من تحقيق ذلك، أو حتى اقتربنا من ذلك على تويتر، فسيُعد هذا نجاحاً هائلاً".
ولكن لماذا يحب ماسك هذا التطبيق؟ لأن "وي تشات" -الذي تديره شركة تينسنت (Tencent) الصينية العملاقة- يُتيح لمستخدميه عدداً لا يحصى من الخدمات، منها على سبيل المثال لا الحصر: "إرسال الرسائل القصيرة، والتواصل الاجتماعي ومشاركة مقاطع الفيديو، والتسوّق عبر الإنترنت، وممارسة الألعاب الإلكترونية، والدفع في كل مكان تقريباً من المتاجر الكبرى إلى أصغر الباعة، بل يمكنك حتى استدعاء سيارات الأجرة عن طريقه".
يسعى "وي تشات" حالياً بهدوء إلى استحداث "تكنولوجيا دفع كبيرة" قد تُتيح للمستخدمين الدفع باستخدام "بصمة الكف" (Palm Print). وقد تصدرت هذه التكنولوجيا التي لا تزال في طور التجربة عناوين الصحف الصينية، منتصف الشهر الماضي، بعدما أثارت شكوك المواطنين بشأن ما إذا كان تداول البيانات الخاصة بقياساتهم الحيوية آمناً بالفعل.
اقرأ أيضاً: الحديث عن احتجاج في بكين يكلّف مستخدمي وي تشات حساباتهم فهل سينفعهم التوسل إلى تينسنت؟
مقاطع الفيديو الصينية تكشف الاختبارات العملية
الفكرة نفسها ليست جديدة تماماً، حيث ظهرت تقارير مماثلة العام الماضي حول محاولة تينسنت التعرف على بصمة الكف، بعدما سجلت الشركة علامة تجارية جديدة للدفع بهذه الطريقة تحت اسم وي بالم (WePalm)، كما تقدمت بعدة طلبات للحصول على براءات اختراع مرتبطة بها. إحدى هذه البراءات -التي تمت الموافقة عليها في ديسمبر الماضي- تضمنت استخدام كاميرات يمكنها التعرف على "نوعين على الأقل من المعلومات المحددة للهوية، بما في ذلك رموز الاستجابة السريعة والمعلومات الخاصة بكل من بصمة الكف وأوردة راحة اليد".
على الرغم من أن الشركة قالت حينها إنه مجرد مشروع بحثي داخلي ولا توجد خطة لتطبيقه في الحياة الواقعية، فإن تقريراً استقصائياً أعده الصحفي المتخصص في الشأن الصيني، زيي يانج، لمنصة "إم آي تي تكنولوجي ريفيو"، كشف أن تينسنت جادة على ما يبدو في تطبيق هذه التكنولوجيا على نطاق واسع.
اقرأ أيضاً: تطبيق وي تشات يراقب محادثات مستخدميه الخاصة ويحذف أجزاء منها بشكل آلي
ولأنه من الصعب معرفة ما يدور في الصين من الخارج، لجأ يانج إلى مواقع التواصل الاجتماعي الصينية، مثل دوين (المقابل الصيني لتطبيق تيك توك)، للتأكد مما إذا كان شخص ما قد وثّق اختبار تينسنت لهذه التقنية فعلاً في الواقع. وقد عثر بالفعل على بعض مقاطع الفيديو التي تثبت أن أجهزة الدفع ببصمة الكف بنظام وي تشات باي (WeChat Pay) تم اختبارها في المقاهي والمخابز ومتاجر التجزئة منذ شهر يوليو الماضي على الأقل. ويبدو أن التجارب تتركز في مدينتين هما شينزين، حيث يقع المقر الرئيسي لتينسنت، وقوانغتشو، وهي مدينة ضخمة تقع على بعد نحو 100 كيلومتر منها. ولإغراء المستخدمين باستخدام التكنولوجيا الجديدة، يقدم "وي تشات" خصماً صغيراً للعملاء للتجربة وتقديم بيانات بصمات الكف الخاصة بهم واستخدامها للدفع.
بمجرد تنزيل التطبيق المصغر وي تشات بالم بايمنت (WeChat Palm Payment) والتسجيل في الخدمة، يمكن للمستخدمين بعد ذلك إجراء المدفوعات عن طريق "تمرير" راحة يدهم فوق جهاز "وي تشات باي" الموجود في نقطة البيع. وقد تم تجهيز جهاز الدفع بشاشة عرض وجزء للتعرف على بصمة الكف.
وبما أن هذه التكنولوجيا، التي طوّرتها شركة تن باي بايمنت (Tenpay Payment) التابعة لتينسنت، تحت شعار "راحة يدك تمثلك"، لا تحتاج إلى لمس الجهاز مباشرة، فإنها قد تكون أكثر ملاءمة من طرق الدفع التقليدية القائمة على استخدام كلمة المرور أو بصمة الإصبع. كما أنها تهدف إلى تنويع نظم الدفع بالنسبة للمستخدمين، لا سيما في الأسواق غير المتصلة بالإنترنت مثل المطاعم والمتاجر.
وتشير تقارير صحفية صينية وأميركية إلى أن الأمر سوف يستغرق بعض الوقت قبل التمكن من تطبيق هذه التكنولوجيا على نطاق واسع.
أمازون وان
بعيداً عن الصين وعلى الضفة الأخرى من المحيط الهادئ، تختبر شركة أمازون الأميركية، منذ أواخر عام 2020، تقنية مشابهة للدفع باستخدام مسح راحة اليد. يمكن للعملاء في متاجر هول فودز (Whole Foods) بمدينة سياتل، حيث يقع مقر أمازون، استخدام نظام يُسمى أمازون وان (Amazon One)، للدفع بمجرد التلويح باليد فوق جهاز مخصص لمسح القياسات الحيوية. وبدأت الشركة في التوسع في استخدام هذه التكنولوجيا مؤخراً في العديد من المتاجر الأخرى التابعة لها مثل "أمازون جو".
لاستخدام نظام "أمازون وان"، لا يتوجب على العميل سوى التسجيل، بإدخال بطاقة الدفع الخاصة به وتحريك راحة يده فوق الجهاز لمسحها ضوئياً. وتقول أمازون إن هذه العملية تستغرق أقل من دقيقة وإن "آلاف المعجبين" قد اشتركوا بالفعل في النظام، مضيفة أن الخوارزميات تبني خريطة لراحة يدك، ثم يتم تشفير الصور وإرسالها إلى "منطقة آمنة للغاية" في السحابة، لإنشاء بصمة الكف.
وعلى الرغم من أن أمازون تدعي أن تكنولوجيا التعرف على راحة اليد توفر خصوصية أكبر من تكنولوجيا التعرف على الوجوه، حيث لا يمكن التحقق من الهويات بناءً على بصمة اليد فقط، فقد أثار تخزين الشركة لبصمات العملاء العديد من الانتقادات والمخاوف بشأن الخصوصية، مستشهدين بانتهاكات سابقة للبيانات، وغياب المساءلة القانونية لحماية بيانات القياسات الحيوية للأشخاص.