الحياة قد لا توجد على عدد كبير من الكواكب كما كنا نعتقد سابقاً

3 دقائق
أدريان بيليتيه | أنسبلاش

عندما تم إطلاق مرصد كبلر الفضائي في عام 2009، بدأ بالعثور على كواكب حول النجوم الأخرى بمعدل أثار ذهول الفلكيين. أدت هذه البيانات إلى تقديرات تفيد بأن مجرتنا يجب أن تحتوي على حوالي 40 مليار كوكب من الكواكب الشبيهة بالأرض التي تدور في المناطق الصالحة للحياة للنجوم الشبيهة بالشمس ونجوم الأقزام الحمراء.

وتعدّ المنطقة الصالحة للحياة هي المنطقة المحيطة بالنجم حيث يمكن أن يتواجد الماء السائل على سطح الكوكب. وذلك مهم لأن الأدلة الموجودة على الأرض تشير إلى أن الماء السائل هو أمر حاسم للحياة. وإذا كانت الحياة يمكن أن تبدأ بسهولة على كواكب شبيهة بالأرض، فإن الأرقام الصادرة عن مرصد كبلر تشير إلى أن مجرّتنا يجب أن تعجّ بالحياة. ولذلك يحتدم السباق للعثور على أدلة بشأن ذلك. ويتم تصميم مختلف التلسكوبات الفضائية للبحث عن الإشارة الطيفية الفريدة التي يجب أن تنتج عن الحياة.

ولكن التحدي الرئيسي هو العثور على أفضل الأهداف، أي الكواكب التي تبدو فيها الظروف أكثر ملاءمةً للحياة المعقدة. وبدأ علماء البيولوجيا الفلكية يشيرون إلى أن الماء السائل وحده لا يكفي. فإذا كانت الأرض هي المثال الذي يجب أن نقارن به، فإن نسبة الجزيئات الأخرى مهمة أيضاً. فعلى سبيل المثال، يؤدي وجود الكثير من ثاني أكسيد الكربون أو أول أكسيد الكربون إلى القضاء على الحياة المعقدة كما نعرف.

ويقوم الآن إدوارد شويترمان من معهد البيولوجيا الفلكية التابع لناسا في مدينة ريفرسايد بولاية كاليفورنيا وعدد قليل من زملائه بمراجعة تعريف المنطقة الصالحة للحياة لأخذ مستويات أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون بالاعتبار. ونتيجة لذلك، فإنهم يقولون بأن المنطقة الصالحة للحياة المعقدة يجب أن تكون أصغر إلى حد كبير، أي حوالي ربع ما يسمح به التعريف السابق. ويقول شويترمان وزملاؤه: "إن النتائج التي توصلنا إليها تحتوي على عدد من التأثيرات الهامة للبحث عن الإشارات الحيوية للكواكب والحياة المعقدة خارج نظامنا الشمسي".

لنتحدث أولاً عن بعض المعلومات الأساسية. يعدّ حساب حجم المنطقة الصالحة للحياة أمراً صعباً لأن درجات الحرارة السطحية تعتمد على عمليات التغذية المرتدة المختلفة في الغلاف الجوي، مثل تأثير الاحتباس الحراري. إن التعريف التقليدي للمنطقة الصالحة للحياة يعرّف الغلاف الجوي بأنه يحتوي على النيتروجين وثاني أكسيد الكربون والماء، والذي يستقر بنفس عملية التغذية المرتدة للكربونات والسيليكات الموجودة على الأرض.

وتعتبر دورة الكربونات والسيليكات عملية طويلة الأمد تتفاعل فيها صخور السيليكات مع الماء وثاني أكسيد الكربون لتكوين صخور كربونية، والتي يتم تحويلها مرة أخرى إلى صخور سيليكات وغاز ثاني أكسيد الكربون بواسطة درجات حرارة وضغوط عالية من خلال النشاط البركاني. وهذا يؤدي إلى حلقة تغذية مرتدة تحافظ على الاستقرار النسبي لمستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، مما يسمح لظاهرة الاحتباس الحراري بزيادة درجات الحرارة السطحية.

عند الحافة الداخلية للمنطقة الصالحة للحياة، يمكن للمستويات المنخفضة نسبياً من ثاني أكسيد الكربون أن تؤدي إلى درجات حرارة عالية بما يكفي لجعل المياه سائلة. كما اختلفت مستويات ثاني أكسيد الكربون الضرورية على الأرض عبر التاريخ من عشرات إلى مئات الأجزاء بالمليون.

يقول شويترمان وزملاؤه: "ولكن بالنسبة للمناطق الوسطى والخارجية من المنطقة الصالحة للحياة، يجب أن تكون تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي أعلى بكثير للحفاظ على درجات حرارة مواتية للمياه السطحية السائلة".

فعلى سبيل المثال، يُعتقد بأن كوكب كبلر 62 إف (الذي يتواجد خارج النظام الشمسي) مرشح جيد للحياة خارج كوكب الأرض. تبلغ كتلة هذا الكوكب ثلاثة أضعاف كتلة الأرض ويدور حول نجمه في كوكبة القيثارة على بعد نفس مسافة كوكب الزهرة تقريباً. ولكن نظراً لأن نجمه أقل سطوعاً من الشمس، فإن كوكب كبلر 62 إف يتلقى نفس كمية ضوء الشمس التي يتلقاها المريخ، لذا فهو يقع على الحافة الخارجية للمنطقة القابلة للحياة.

يمكن بسهولة لتأثير الاحتباس الحراري أن يجعل كوكب كبلر 62 إف دافئاً بما يكفي لجعل المياه سائلة. لكن شويترمان وزملاءه قدّروا بأنه يتطلب ثلاثة إلى خمسة بار من ثاني أكسيد الكربون للقيام بهذا الأمر. وهذا يعادل 1000 ضعف الضغط الذي سبق وأن وُجد على الأرض خلال تاريخ الحياة المعقدة.

ويشير الفريق إلى أن هذه المستويات من ثاني أكسيد الكربون سامة لمعظم أنواع الحياة المعقدة الموجودة على الأرض اليوم، كما يُعتقد بأن المستويات المتزايدة في الماضي كانت عاملاً هاماً في الانقراض الجماعي. لا بد من مراعاة الحدود الفسيولوجية لمستويات ثاني أكسيد الكربون التي يمكن للحياة أن تتحمّلها عند تعريف المناطق الصالحة للحياة. وبالتالي، قد لا يكون كوكب كبلر 62 إف مرشحاً جيداً لذلك.

كما أن أول أكسيد الكربون يهدّد الحياة المعقدة أيضاً. إذ يقدّر شويترمان وزملاؤه بأن الكواكب التي تدور حول النجوم الباردة من المرجح أن تحتوي على مستويات أعلى من أول أكسيد الكربون لأن الظروف الكيميائية الضوئية أكثر ملاءمةً لإنتاجها. وهذا يضع قيداً آخر على المناطق الصالحة للحياة.

وتتمثل الحسابات النهائية للفريق في تحديد كيفية تغيير هذه القيود لفهمنا الحالي لحجم المنطقة الصالحة للحياة. ويقول شويترمان وزملاؤه: "أحد الآثار المترتبة على ذلك هو أننا قد لا نتوقع العثور على علامات على وجود حياة ذكية أو إشارات تقنية على كواكب تدور حول نجوم الأقزام الحمراء أو على كواكب صالحة للحياة بالقرب من الحافة الخارجية لمناطقها الصالحة للحياة".

سيكون لذلك تأثير كبير على عمليات البحث المستقبلية عن الإشارات الحيوية من الكواكب الأخرى. وقد يقرر علماء الفلك التركيز على النجوم الأكثر دفئاً والشبيهة بالشمس حيث تكون الظروف أكثر ملاءمةً للحياة المعقدة.

ولكن لا يحتاج مصممو التلسكوبات الفضائية المستقبلية لأن يخافوا من قلة الأهداف. فحتى لو كانت المنطقة الصالحة للحياة أصغر بكثير مما كان يعتقد سابقاً، فهناك احتمال بوجود مئات الملايين من الكواكب المرشحة في مجرتنا فقط. وينبغي لذلك أن يكون أكثر من كافٍ بالنسبة للبعثات المخطط لها حالياً.

المحتوى محمي