استراتيجية جديدة لإبطاء الشيخوخة تجتاز أول اختبار لها هذا العام

3 دقائق

اجتازت استراتيجية مثيرة لمكافحة الشيخوخة أول اختبار لها بهدوء في وقت سابق من هذا العام بعد أن تلقى 14 متطوعاً أدوية تهدف إلى القضاء على الخلايا السامة الهرمة في أجسامهم.

ويتم وصف الدراسة الصغيرة التي أجريت على الأشخاص المصابين بأحد أمراض الرئة (والتي تم الإبلاغ عنها في شهر يناير) بأنها التجربة الأولى لأدوية السينوليتيك، أو استخدام الأدوية لإزالة الخلايا السامة الهرمة من أجسام الأشخاص. ويعتقد بعض الباحثين بأن هذه الاستراتيجية يمكن أن تستخدم في نهاية المطاف عند الأشخاص الأصحاء لتأخير الشيخوخة.

ويقول جيمس كيركلاند -الأستاذ في مستشفى مايو كلينيك والذي ساعد في الإشراف على التجربة التي تم إجراؤها في عيادات بولاية تكساس وفي جامعة ويك فورست منذ عام 2016: "يعطينا هذا الأمر الضوء الأخضر إلى حدّ ما للمضي قدماً في تجارب أكبر".

وقام المرضى بتناول نوعين من الحبوب التي يعتقد كيركلاند وزملاؤه بأنه يمكنهما التخلّص من الخلايا الهرمة بشكل انتقائي، وهما دواء داساتينيب المخصص لعلاج اللوكيميا والمكمّل الذي يُدعى كيرسيتين.

إنها الأيام الأولى للأدوية التي تهدف إلى إبطاء الشيخوخة، وقد تنفّس البعض الصعداء لأن المرضى المشاركين في هذه الدراسة الأولى لم يعانوا من آثار جانبية خطيرة بسبب الأدوية. وتقول جوديث كامبيسي -الأستاذة بمعهد باك لأبحاث الشيخوخة في مدينة نوفاتو بولاية كاليفورنيا: "ما يثير قلقي هو أنه لا ينبغي لنا أن نسرع كثيراً في هذا الأمر، لأنه إذا كان هناك خطأ أو شيء لا نفهمه، فمن الممكن أن يتراجع هذا المجال".

كانت هذه الدراسة تجريبية، ولم تكن حتى جزءاً من المرحلة الأولى من المراحل الثلاثة اللازمة للحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية. لذلك، فإنها لم تُظهر أي شيء أبداً عن الشيخوخة بشكل رسمي.

وكان كافة المرضى الأربعة عشر يعانون من مرض رئوي مميت يصعب علاجه ويسمى التليّف الرئوي مجهول السبب، وهو ما يفسر سبب استعدادهم للمشاركة في التجربة. ووجد الأطباء بأن تناول تسع جرعات من الدواءين على مدى ثلاثة أسابيع يبدو بأنه يحسّن قدرة المرضى على المشي لمسافة أبعد قليلاً خلال نفس الوقت، بالإضافة إلى تحسين العديد من المقاييس الأخرى للصحة.

وكانت فقاعة الإقبال التجاري تقوم على فكرة أن الشيخوخة يمكن تأجيلها أو تخفيف آثارها باستخدام العلاجات الدوائية. وتقوم شركة تدعى يونيتي بيوتكنولوجي أوف بريسبان Unity Biotechnology of Brisbane في ولاية كاليفورنيا بتطوير اثنين من أدوية السينوليتيك، أولهما في المرحلة الأولى من التجارب السريرية لالتهاب المفاصل، حيث يتم حقنه في ركبة المرضى. ويُذكر أن كامبيسي هي إحدى مؤسسي شركة يونيتي، كما يمتلك كيركلاند أسهماً في الشركة العامة، والتي تبلغ قيمتها في الوقت الحالي حوالي نصف مليار دولار.

تستهدف هذه الأدوية الخلايا الهرمة، والتي استنفدت قدرتها على الانقسام ولكنها لا تزال تمتلك القدرة على إنتاج مجموعة قوية من الإشارات الكيميائية. ويقول نيكولاس موسي -الذي شارك في الدراسة الجديدة ويدير معهد سام أند آن بارشوب لدراسات طول العمر والشيخوخة في جامعة تكساس في أوستين: "يُعتقد بأن هذه الخلايا والمواد التي تنتجها تشارك في عملية الشيخوخة. وتكمن الفكرة في أن إزالة هذه الخلايا قد يكون مفيداً لتعزيز التقدّم الصحي في العمر وأيضاً لمنع الأمراض المرافقة للتقدم في العمر".

تتراكم الخلايا الهرمة في الرئتين في مرض التليّف الرئوي مجهول السبب. وفي الاختبارات السابقة على الفئران، أظهر الجمع بين دواء داساتينيب ومكمّل الكيرسيتين (وهو مادة ملونة نباتية) بأنه يقضي على هذه الخلايا ويطيل الوقت الذي تظل فيه الحيوانات سليمة (على الرغم من أنه لم يجعلها تعيش لفترة أطول).

ويقول كيركلاند: "إنه يعطي فكرة غامضة لما يمكن أن يحدث عندما نقوم بنقل هذه العوامل إلى البشر". وهو يحذر الأشخاص المتحمّسين لمكافحة الشيخوخة من تناول الحبوب بأنفسهم (مكمّل كيرسيتين متوفر بالفعل في متاجر الإنترنت من بائعي المكمّلات بأسماء تجارية مثل لايف إكستنشن LifeExtension). يقول كيركلاند: "عندما ننتقل من الفئران إلى البشر، فقد نرى عندها بأن الأمور تسير بشكل خاطئ. ببساطة، يجب على الناس عدم تناول هذه الأدوية خارج سياق تجربة سريرية خاضعة للإشراف".

ولا تنطوي الخلايا الهرمة على الأمور السيئة فقط. إذ يُعتقد بأن هذه الخلايا وإفرازاتها مهمة أثناء نمو الأجنة وفي وقت المخاض وعلاج الجروح وتشكيل الأنسجة الندبية. وتقول كامبيسي: "لن ترغب أبداً في تطبيق أدوية السينوليتيك على المرأة الحامل. فقد أصبح من الواضح الآن الحاجة لهذه الإفرازات من أجل حدوث بعض الأمور الجيدة. وعندما تصبح هذه الإفرازات مزمنة بدلاً من أن تكون دورية أو عرضية، فعندها تبدأ بإثارة الأمراض".

يبدأ الباحثون اختباراتهم على الأشخاص المصابين بمرض خطير، ولكنهم يأملون في النهاية أن يعرفوا فيما إذا كان من الممكن إعطاء عوامل السينوليتيك إلى الأشخاص الأصحاء، بطريقة تشبه التنظيف نصف السنوي للأسنان لإزالة اللويحة الجرثومية. وتتخيل كامبيسي ذلك بقولها: "إنك تخفف من كمية الخلايا الهرمة، ولكنها لا يجب أن تصبح معدومة. ثم تتوقف عن أخذ الأدوية."

ويقول موسي بأنه بدأ مع كيركلاند وزملائهما بإجراء تجربة عند 15 مريضاً آخر يعانون من المرض الرئوي، كما يقوم الفريق في مستشفى مايو كلينيك باختبار الأدوية عند 20 مريضاً يعانون من مرض الكلى المزمن. ويقول كيركلاند: "إذا رأينا إشارات فعّالة ولم نواجه آثاراً جانبية سيئة جداً، فسنحاول تجربة الأدوية عند أشخاص يعانون من حالات أقل خطورة على الحياة. وذلك إذا سارت الأمور على ما يرام".

المحتوى محمي